Apr 10, 2021 7:21 AM
صحف

المحاولات فشلت.. عون والحريري قرّرا المواجهة

اذا كانت مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري تشكل الخيط الرفيع المتبقي الذي يمكن ان يعيد ربط الاطراف المتصارعة حكومياً، بالتفاهم الذي لا بد من بلوغه وتشكيل حكومة في اسرع وقت ممكن تُجنّب سقوط لبنان في الكارثة الكبرى، على حد تأكيد الرئيس بري، الا أنّ الصورة في المقابل تبدو في غاية التصعيد والتعقيد بين الرئيسين عون والحريري، اللذين تعكس الاجواء المحيطة بهما بأنهما اتخذا قرارهما بالمواجهة، ولكل منهما اسبابه. وكل منهما في ذروة تصلّبه ولا تنازل او تراجع امام الآخر.

فرئيس الجمهورية، ووفقاً لما يعكسه الوسطاء الذين تحركوا بين بعبدا وبيت الوسط، وكذلك وفقاً لاجواء المحادثات التي اجراها الموفدون العرب في بيروت خلال اليومين الماضيين، يعتبر ان الرئيس الحريري لا يريد ان يشكل حكومة، وانه سيبقى يماطل لأطول وقت ممكن. وهذا ما يفسّر من جهة هروبه المتواصل في سفرات متتالية الى الخارج، ومن جهة ثانية محاولة استئثاره بتأليف الحكومة والسعي لفرض اعراف جديدة وتحويلها قواعد للتأليف تتجاوز موقع رئيس الجمهورية وصلاحياته، وبمعنى آخر انه يحاول ان يستنزف العهد. واما الرئيس الحريري، بحسب هذه الاجواء، فهو قد وصل الى قناعة بأن رئيس الجمهورية يسعى الى إحراجه فإخراجه ودفعه الى الاعتذار عن عدم تشكيل الحكومة وانه بدأ وضع العصي في طريقه حتى ما قبل تكليفه وكذلك ما بعده، وبالتالي فإن الرئيس المكلف لا يرى امكانية للتفاهم في ظل هذا المنحى، وكذلك مع الطروحات التي يقدمها رئيس الجمهورية وفريقه السياسي والاساس فيها الثلث المعطل بقصد التحكم بالحكومة والامساك بقرارها.

ويعترف الوسطاء بحسب "الجمهورية" بأن كلّ المحاولات السابقة للتقريب بين عون والحريري وتدوير الزوايا الحادة بينهما قد فشلت، وكل المحاولات اللاحقة ستفشل حتماً، ذلك ان التباينات بينهما متشابكة بشكل رهيب وثمة صعوبة جدية وبالغة في تفكيكها، وخصوصا بعد دخول العامل الشخصي بطريقة شديدة الحدة بينهما، الى حد تبادل مشاعر حادة من نفور فما فوق، وهذا ما تمّ تلمّسه في المحادثات التي اجراها الوسطاء مع الطرفين والتي اظهرت هوّة شديدة العمق بينهما. فكلاهما على قناعة اكيدة بأنّ الآخر هو المعطّل للحكومة، وهو المصرّ على اشعال الازمة. وبالتالي، فإن ردم الهوّة بينهما بما يؤدي الى تشكيل حكومة، بات بحق يتطلّب معجزة. وحتى ولو حصلت هذه المعجزة وتشكلت الحكومة، فكيف يمكن لحكومة أن تقلّع وتحكم وتقوم بإصلاحات مع عقليتين متنافرتين؟

الى ذلك، وعلى الرغم من تأكيد المعنيين بالملف الحكومي على ان التعطيل الحكومي مرده الى اسباب داخلية مرتبطة بالرئيسين عون والحريري، فإنّ اوساطاً سياسية تخالف هذا التأكيد وتؤكد بدورها انها لا تستطيع ان تعزل تعطيل تشكيل الحكومة عن عامل خارجي، وتقول: فلننظر الى ما يجري في المنطقة، وتحديداً الى سوريا والعراق وايران واليمن واخيرا الى الاردن، كلها نقاط متفجرة، فهل ان لبنان معزول عما يجري. هناك بالتأكيد شظايا تصل الى لبنان من خارجه، وهناك انفجارات سياسية داخله، ولبنان كما دلت التجربة والوقائع والحقائق ارضه خصبة للصراعات اكثر مما هي ارض خصبة لإنتاج الحلول، لذلك ينبغي ان ندقق في ما يجري في النقاط المتفجرة تلك والبحث عن الخيوط التي تربط لبنان ببعض تلك النقاط وتمنع بلوغه حلولا لأزمته.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o