معركة الحكومة تنتقل الى "الدستور".. بعبدا تتهم الحريري بـ"ايذاء" الاستقرار
وبيت الوسط يحيلها الى كلام الحسيني...شكري يطير وزكي يغط: لا مبادرة
المستقبل والقوات يردان على "تدقيق" عون...تلقيح العسكريين ينطلق مع القائد
المركزية- يكاد قاموس اللغة العربية الفضفاض يفرغ من المصطلحات الممكن الاستعانة بها لوصف ما يدور على حلبة تشكيل الحكومة بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والمكلف سعد الحريري لكثرة ما استهلكا من وقت واستنفدا من اعصاب اللبنانيين في حرب التأليف المفتوحة. آخر معاركهما تدور على جبهة ما افرزته الزيارات العربية في ما خص الخوف على الدستور والاتهامات المتبادلة بالسعي الى نسفه وصولا الى المثالثة.
بعبدا تتهم : مصادر قصر بعبدا اكدت لـ"المركزية" ان صورة واضحة ارتسمت لديها عمّا يقوم به رئيس الحكومة المكلّف في جولاته الخارجية من بثّ أفكار تؤذي إستقرار لبنان، إذ تكرّرت على لسان مسؤولين وسفراء عرب زاروه عبارات الخوف على الدستور ووثيقة الوفاق الوطني التي تم توقيعها في الطائف عام 1989. واعتبرت ان إختلاق مخاوف غير موجودة هو في حد ذاته ضربٌ للطائف من بيت أبيه، لافتة الى ان إيهام الدول العربية بوجود خطر على الطائف هو بحدّ ذاته خطر على الدستور وعلى الميثاق، ومن شأنه أن يفتح الباب لما هو مرفوض منا أي البحث في تعديل الدستور بالإنتقال من المناصفة الى المثالثة، وهو للأسف ما يُظهره أداء الحريري وقيادات سياسية باصرارهم على نوع مرفوض من المثالثة في الصيغة الحكومية المطروحة.
وبيت الوسط يرد: اوساط بيت الوسط ردت بالقول نكتفي باحالتها الى كلام الرئيس الحسيني، وخصوصا:هذا المسار يُثبت بالوقائع أن نقطة ارتكاز الانقلاب المستدام على الدستور هو ميشال عون – الجنرال ثم الرئيس – الذي يتميّز عن الآخرين، كما يختم السيّد، بأنه "عدوّ معلن" للطائف، وإلاّ كان من واجبه بوصفه رئيساً للجمهورية "أن يحيل جبران باسيل الى النيابة العامة وأن يزجّه في السجن بتهمة الخيانة العظمى عندما وصف الدستور بـ"النتن". فرئيس الجمهورية هو الوحيد الذي يحلف اليمين على الدستور وعلى الإخلاص له واحترامه، ما يشبه الحَلَف بالله العظيم".
حدث خطير: ميدانيا، غادر وزير خارجية مصر سامح شكري بيروت بعد ان أظهر برودة حيال الفريق الرئاسي وحزب الله وتعاطيهما مع ملف التشكيل، ليصل اليها على وقع تلويح باريس بعقوبات على المعرقلين، الامينُ العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي، عارضا المساعدة في التقريب بين المتنازعين للاسراع في التأليف "لان الوضع ليس جديا ويجب تدارك الامور قبل فوات الاوان" على حد تعبيره، علما ان مصادر مطلعة نقلت عبر "المركزية" عن دبلوماسي غربي قوله ان "أقصى درجات الضغط بات ضروريا لان اذا لم تشكل حكومة سريعا في لبنان فان حدثا خطيرا سيحصل في هذا البلد".
تمسّك بالطائف: في بعبدا، رحّب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بأي مبادرة تقوم بها جامعة الدول العربية في حل الازمة اللبنانية الراهنة، واكد لزكي ان الاهتمام الذي تبديه الجامعة العربية حيال لبنان موضع تقدير. وشرح الرئيس عون للسفير زكي الأسباب التي حالت حتى الان دون تشكيل الحكومة والعراقيل التي وضعت في سبيلها، مؤكدا التزام لبنان تطبيق اتفاق الطائف الذي انبثق منه الدستور والذي يجب ان يكون محترما من الجميع، والعمل استنادا الى بنوده لاسيما في كل ما يتصل بإنشاء السلطات الدستورية وعملها وانحلالها. واعتبر رئيس الجمهورية، ان "كل ما يقال خلاف ذلك او يوحي بأن اتفاق الطائف مهدد، هو كلام لا يستند الى الواقع وتروجه جهات معروفة ومعنية بالتأليف"، مذكرا بأن "رئيس الدولة هو الوحيد الذي يقسم اليمين على الدستور للمحافظة عليه".
وضع متأزم: وبعد اللقاء قال زكي "تشرفت صباح اليوم بلقاء الرئيس ميشال عون ونقلت اليه تحيات الامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط وحرصه على متابعة الوضع في لبنان، وهو وضع متأزم. فهناك أزمة سياسية وازمة اقتصادية ضخمة، والازمتان متلازمتان، ولا يمكن حل الازمة الاقتصادية من دون الوصول الى مخرج وتسوية للأزمة السياسية. ومن هذا المنطلق عرضت على فخامة الرئيس استعداد الامين العام للمساعدة في الاتصالات بين الاطراف الرئيسية في هذه الازمة إذا كان هناك داع للتدخل من الجامعة العربية، وحتى إذا كان الامر يتطلب ان يكون سقف الجامعة هو السقف المقبول من الجميع، فنحن حاضرون لذلك. اضاف "كما جرى خلال اللقاء الاستفسار عن الكلام الذي كثر في الفترة الاخيرة حول اتفاق الطائف ومصيره، وعما إذا كان مهددا بشكل من الاشكال، فأكد الرئيس عون ان اتفاق الطائف غير مهدد وهو اساس الدستور اللبناني، وبالتالي هو لا يستشعر اي تهديد للاتفاق، فهناك دستور لبناني يجب ان يحترم من قبل جميع الاطراف".
أفكار بري: ومن عين التينة، اعرب زكي عن قلقه من الوضع في لبنان اكان على الصعيد الاقتصادي او السياسي، مؤكداً أنه "يجب وضع المسؤولية الوطنية فوق الاعتبارات الضيقة". ورأى بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري ان "افكار بري يبنى عليها ويمكن ان تشكل مخرجا"، مشدداً على أن "الوضع الراهن ينبغي ألا يستمر أكثر من ذلك والجامعة مستمرة في اتصالاتها مع الأطراف السياسية للمساعدة في الخروج من الأزمة". وقال إننا "لا نعمل الا تحت المظلة العربية ووفق قرارات مجلس الجامعة العربية ورؤية الأمين العام، بالتالي الوضع الذي نعمل عليه هو تنفيذ فكرة تخرج المأزق السياسي الحالي من الوضع الذي هو فيه، وجامعة الدول العربية سبق ان ايدت المبادرة الفرنسية من حيث تشكيل حكومة اختصاصيين تنقذ البلد".
لا شخصنة: وانتقل بعدها زكي الى السراي فبيت الوسط حيث استقبله الرئيس المكلف سعد الحريري. بعد اللقاء، اعلن زكي "قلت لدولته أن جامعة الدول العربية مستعدة للقيام بأي دور يطلب منها، سواء من خلال ديبلوماسية مكوكية بين الأطراف اللبنانية الرئيسية أو في شكل توفير سقف عربي متمثل بالجامعة، للقاء الافرقاء السياسيين اللبنانيين، وعندما أتحدث عن الافرقاء لا أعني أطرافا محددة بل جميع الافرقاء، لكي يجتمعوا ويتوصلوا إلى مخرج لهذه الأزمة. نحن لا نشخصن الأمور بطبيعية الحال، لكننا نعلم المواقف السياسية لجميع الأطراف، ونأمل في أن نخرج من هذه الأزمة بأسرع وقت ممكن لمصلحة الشعب اللبناني والدولة اللبنانية". وأضاف "استمعت من الرئيس المكلف لوجهة نظره بالكامل في موضوع التأليف، وأين تكمن العقبات التي يواجهها في التأليف الآن. أعتقد أن لديه فكرة بأن الطرح الذي خرج من عند الرئيس نبيه بري هو فكرة مقبولة إلى حد كبير، وأنا بصدد إجراء المزيد من الاتصالات لتبيان الموقف ومساعدة الأطراف في الوصول إلى مخرج للوضع الحالي". سئل: هل ستتضمن زيارتكم أي لقاء مع رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل أم ستكتفون بلقاء رئيس الجمهورية؟ أجاب "تم اللقاء مع رئيس الجمهورية كرئيس للجمهورية، أما اللقاءات السياسية فهي مقتصرة من أجل المسافات وأمور أخرى، وهناك بعض الاتصالات التي ستتم، وربما يحصل من بينها اتصال مع الوزير باسيل، لأنه مهم أن نتعرف على مواقف الجميع ونرى أين تكمن العقبة الحقيقية ونحاول المساعدة في الخروج من الوضع الحالي".
لقاءات غدا: وستكون لزكي غدا، سلسلة لقاءات ستجمعه بعدد من القيادات بدءاً من البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ومن ثمّ قائد الجيش، فرئيس الكتائب سامي الجميل اضافة الى اتصال مع رئيس حزب القوات سمير جعجع بسبب إصابته بكورونا.
لا تدقيق بلا حكومة: وسط هذه الاجواء غير المطمئنة، بقيت مواقف الرئيس عون من التدقيق الجنائي المالي امس، والتي بدت موجهة ضد الحريري، في الواجهة. فقد غرّد نائب رئيس تيار "المستقبل" مصطفى علوش عبر "تويتر"، كاتبا "يا عزيزي يا فخامة صاحب العهد، التدقيق الجنائي يحتاج لحكومة تتولى المهمة ولم تقم اي من الحكومات التي سيطرتم عليها بالمهمة، مضيفا "مرتا مرتا انك تهتمين بأمور كثيرة وتضطربين والمطلوب واحد" هو حكومة مهمة يحاسبها مجلس النواب".
لماذا اليوم؟ من جهته، اعتبر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، "ان التدقيق الجنائي واجب الوجوب بعد كل الذي مرّ على لبنان من ويلات ومآس وكوارث، وهذا ما دفعنا منذ العام 2017 إلى الدفع قدما باتجاه الوصول إلى هذا التدقيق، مع فارق اننا نتحدث عن تدقيق جدي وفعلي يبدأ من مصرف لبنان ويشمل تباعا كل الوزارات الأساسية والإدارات والمجالس التي أهدرت فيها الأموال من دون طائل ومن حساب الدولة والمودعين وجيوب الناس ومدخراتهم". ولفت في بيان الى "ان التدقيق الجنائي ليس شعارا يطرح في المواسم، ولا وسيلة للنيل من خصم سياسي، إنما هو عمل مقدس يهدف إلى الإصلاح ومن ثم الإصلاح ومن ثم الاصلاح"، مضيفا "عليه، نتوجه إلى كل من يعنيه الأمر بسؤال: لماذا لم تقدموا على دعم فكرة التدقيق الجنائي منذ بداية هذا العهد على رغم الأكثرية الموصوفة التي تتمتعون بها إن في مجلس الوزراء أو في المجلس النيابي"؟ وأردف "بكافة الأحوال هذا لا يعني إطلاقا اننا لسنا بأمس الحاجة لحصول تدقيق جنائي اليوم قبل الغد في المصرف المركزي وإدارات الدولة المعنية تباعا". وختم جعجع "لكن يبقى السؤال الأساسي لماذا لا يقدم فخامة رئيس الجمهورية من خلال حكومة تصريف الأعمال الحالية التي تضمه مع حلفائه فقط لا غير، لماذا لا يقدم على اتخاذ الإجراءات الإدارية والجزائية المطلوبة في حال كان فخامته جديا في ما يطرحه"؟
بريطانيا تدعم: ليس بعيدا، بحث وزبر المال في حكومة تصريف الأعمال مع رئيس البعثة والقائم بالأعمال في السفارة البريطانية Martin Longden في الأوضاع المالية في لبنان، لا سيما التدقيق الجنائي والعلاقات الثنائية اللبنانية - البريطانية. وبعد الاجتماع قال Longden : بحثنا في مجموعة واسعة من المسائل والتحديات الاقتصادية الجسيمة التي يواجهها لبنان حالياً والحاجة الملحّة إلى حل سياسي لهذه المشاكل، بما في ذلك تشكيل حكومة جديدة. كما تطرقنا إلى مسألة الدعم والخيارات المتاحة للحكومة في هذا المجال، وإلى التطورات المتعلقة بالتدقيق الجنائي الذي يعتبر ضرورياً، وموضوع الساعة وهذا ما ذكره أمس رئيس الجمهورية. أضاف: أكرر موقف المملكة المتحدة الداعم للتدقيق الجنائي الذي يشكل أحد المكونّات الأساسية للتوصل إلى حل مع صندوق النقد الدولي ويُحدث فرقاً في لبنان.
التلقيح: صحيا، مسار التلقيح ضد كورونا يتقدم ولو ببطء. وفي السياق، تلقى قائد الجيش العماد جوزف عون اللقاح المضاد لوباء كوفيد 19 مفتتحا بذلك حملة التلقيح في المؤسسة العسكرية التي انطلقت صباحاً في ٢١ مركزاً صحياً عسكرياً على كل الاراضي اللبنانية.