Apr 06, 2021 6:14 AM
صحف

عون يتذرع بسفر الحريري للتفلت من تعطيل الحكومة

أكد عاملون اساسيون على خط تسهيل تأليف الحكومة لـ"الجمهورية" ان المناخ الذي أُشيع في الايام الاخيرة، وحُمّل ما سمّيت ايجابيات، لم يكن اكثر من مناخ وهمي، ذلك أنّ الامور ما زالت تحت الصفر، وأفق التأليف ما زال مقفلاً بالكامل ولم تبرز فيه اي علامة تؤشر الى اي انفراج. وأشارت إلى أن كل الافكار التي طرحت في الايام الاخيرة قد وجدت في المقابل صدّاً مانعاً لها، ما أبقى العقدة القابضة على الحكومة في مكانها، هي عقدة واحدة، وموجودة في مكان واحد، وتتمثل بالاصرار على الثلث المعطل لرئيس الجمهورية وفريقه السياسي. وتعكس الاجواء المحيطة بملف تأليف الحكومة توجها جديا لتزخيم الاتصالات حوله، وبحسب معلومات موثوقة فإنّ المعنيّين بالافكار التوفيقيّة بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، قد أعدوا العدّة لإطلاق حراك متجدّد وسريع يواكب عودة الحريري إلى بيروت، لكسر حلقة الشروط المعطلة، وصولا الى تشكيل حكومة متوازنة تلبّي متطلبات المبادرة الفرنسيّة جملة وتفصيلاً.

وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ"اللواء" أن الأجواء الحكومية لا تزال ملبدة ببعض الغيوم والانقشاع المطلوب للسير بوضوح في هذا الملف قد يتضح في الأيام المقبلة في ضوء تحركات داخلية وخارجية لافتة إلى أنه ربما تفسر هذه التحركات خطوة جديدة في هذا الملف في ضوء سلسلة تطورات سجلت أبرزها المحادثات الفرنسية السعودية حيث حضر الملف اللبناني فيها. وأوضحت المصادر أن الأفكار المتداولة في شأن طرح الـ٢٤ وزيرا قد يناقش عندما يتم الاتفاق على بعض التفاصيل لا سيما إذا كان مطلوبا أن تكون هناك سلة متكاملة عن برنامج الحكومة ومهمتها وتسمية الوزراء وتوزيع الوزراء وغير ذلك مشيرة إلى أنه لا بد من ترقب الحراك الحكومي ومدى فاعليته وما إذا كان يحمل من بركة. 

إلى ذلك، رأت المصادر نفسها أن عنوان لقاء رئيس الجمهورية مع البطريرك الماروني حمل عنوان ضرورة الإسراع في تأليف الحكومة كمدخل أساسي للحل. وذكرت مصادر المعلومات حول صيغة الـ24 وزيراً الجديدة التي يجري التداول بها والحصص المسيحية فيها: ان التوزيعة المقترحة لا مشكل فيها بالتمثيل السني والشيعي والدرزي انما بالتمثيل المسيحي. ولا شيء محسوماً بعد، هل يكون للرئيس عون ستة وزراء مسيحيين ووزير ارمني ام سبعة ووزير ارمني؟ لأن البعض يطرح ستة وزراء لرئيس الجمهورية عدا الوزير الارمني، مقابل وزيرين لتيار المردة ووزير للحريري ووزير للحزب القومي ويبقى وزير واحد مسيحي بمثابة الوزير الملك. وثمة من يقول ان البطريرك الراعي يسميه واخرون يقولون انه مشترك بين عون والراعي، وهناك من يقول انه بين الراعي والحريري، او وزير تقترحه فرنسا هو وزير الطاقة المقترح جو صدّي. لكن الرئيس عون يرفض منحه ستة وزراء ويطلب سبعة عدا الوزير الارمني. وانه في حال حصل الحريري على وزير مسيحي فعون يطالب بوزير سني. علما ان حقيبة الداخلية باتت محسومة للرئيس عون، ويقترح لها اسما مشتركاً بينه وبين البطريرك الراعي يوافق عليه الحريري.

وفي هذا الصدد، قالت مصادر مطلعة على موقف الحريري، انه قدّم تنازلات كثيرة منها الموافقة على ان تكون حقيبة الداخلية لغير وزير سنّي، برغم الضغوط عليه لعدم التنازل عن هذه الحقيبة، لكنه يشترط مقابل التنازل عنها ان يكون الوزير المسيحي الذي سيتسلمها متفق عليه بينه وبين البطريرك بشارة الراعي ولا يزعج الرئيس ميشال عون، وليس من حصة عون وحده، لأن حقيبة العدل ايضاً ستكون من حصة رئيس الجمهورية. واوضحت المصادر ان الرئيس الحريري تنازل عن الحقائب السيادية كما قد يتنازل الرئيس عون عن حقيبة الدفاع مقابل حقائب اخرى اساسية، لكن يُفترض ان يتم التوافق بين الرئيسين على الوزراء الذين سيتسلمون هذه الحقائب السيادية لا أن يتفرّد بهم رئيس الجمهورية، والأهم ان يكونوا حياديين.لا ملتزمين او مقربين من التيار الوطني الحر كما يسعى النائب جبران باسيل، وان لا يكون هناك ثلث ضامن لأي طرف.

من جهة أخرى، قال مصدر نيابي لبناني بارز يواكب الاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة، قبل أن تدخل في مرحلة من الجمود القاتل، لـ"الشرق الاوسط"، إن المشكلة لا تكمن في سفر رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، وإنما في تصلب رئيس الجمهورية ميشال عون، ومن خلفه رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، وإصراره على شروطه التي تتيح له -من وجهة نظره- الإمساك بزمام المبادرة في الحكومة العتيدة. وأكد لـ«الشرق الأوسط» أنه من غير الجائز تحميل الحريري مسؤولية التأخير الذي يعيق ولادة الحكومة، فيما تقع المسؤولية على عاتق الفريق السياسي المحسوب على عون، ويتناغم مع وريثه السياسي باسيل. ولفت المصدر النيابي إلى أن التذرع بوجود الحريري خارج البلاد ليس في محله، وأن عودته إلى بيروت في الساعات المقبلة لن تؤخر أو تقدم ما لم يقلع عون عن شروطه، ويعيد النظر في حساباته، بعيداً عن المكابرة والإنكار. وأشار إلى أن تحميل المسؤولية للرئيس المكلف ما هو إلا محاولة للهروب إلى الأمام لصرف الأنظار عن اتهامه بتعطيل الجهود الرامية لإخراج عملية التأليف من التخبط، وصولاً إلى وضعها على سكة التطبيق، للعبور بلبنان إلى بر الأمان.

وعد أن الاتصالات التي جرت خلال عطلة عيد الفصح، في غياب الحريري عن لبنان، لم تبدل من واقع الحال السياسي المأزوم، ويراد منها تقطيع الوقت، في محاولة لملء الفراغ، بدلاً من أن يبادر عون إلى التواصل مع الحريري لمعاودة استئناف مشاورات التأليف، وإنما على خلفية تهديد باريس بفرض عقوبات بالإنابة عن دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية وأطراف عربية تستهدف من يعيق تشكيل الحكومة. وأكد أن الحريري استعاض عن غيابه بالتواصل مع أبرز المكونات السياسية المعنية بتأليف الحكومة، وعلى رأسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وقال إنه لا مانع لديه في أن يقطع في أي لحظة زيارته للإمارات، في حال أن عون أبدى استعداده لملاقاته في منتصف الطريق، والتعاون معه لإسقاط الشروط التي تؤخر ولادة الحكومة.

وسأل ما إذا كان عون قد اتخذ قراره بالتعاون مع الحريري لتهيئة الظروف التي تدفع باتجاه تزخيم المشاورات للإفراج عن التشكيلة الوزارية بإنهاء فترة احتجازها القسري، أم أنه لا يزال يراهن على أن يبادر إلى الاعتذار عن تأليفها، على الرغم من أنه يدرك سلفاً أن رهانه هو من سابع المستحيلات. ورأى المصدر النيابي أن عون، وإن كان يبلغ بعض الوسطاء بأنه لم يطلب الثلث الضامن في الحكومة لنفسه، فإنه في المقابل يصر عليه، وإلا ما الجدوى من المطالبة به كما ورد في الجداول التي أرسلها للحريري لإعادة النظر في توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف والقوى السياسية. وقال إنه يسعى جاهداً لتمرير رسائل إعلامية، وتحديداً لفرنسا، بخلاف تمسكه بالثلث الضامن، لاعتقاده أنه يحقق مبتغاه في الالتفاف على الضغوط الفرنسية واستيعابها لتوفير الحماية السياسية لباسيل.

وكشف المصدر أن أحداً من المعنيين لم يتبلغ رسمياً من عون بأنه ليس في وارد الإصرار على الثلث الضامن، وقال إن بري على استعداد للتحرك في حال أيقن أن عون تخلى بملء إرادته عن هذا الثلث، وإلا لن يقحم نفسه في مغامرة محسوبة النتائج سلفاً. وعد المصدر أن الحريري يبدي مرونة، ولن يمانع بتوسيع الحكومة، ومن حقه أن يشترط تخلي عون بالملموس عن الثلث الضامن، ليكون ذلك مدخلاً للبحث في إعادة توزيع الحقائب، بالتلازم مع إيجاد تسوية لفض النزاع القائم حول حقيبة وزارة الداخلية، وقال إن التسوية يجب أن تبقى تحت سقف الالتزام بالمبادرة الفرنسية نصاً وروحاً، وألا تفتح الباب أمام تطعيم التشكيلة الوزارية بوجوه سياسية، وإلا فإن الأزمة ستبقى قائمة، وإن الحكومة ستولد معطلة، ولن تكون في حاجة لمن يعطلها من الخارج، وستلقى رفضاً من الداخل والمجتمع الدولي.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o