Feb 27, 2021 3:57 PM
تحليل سياسي

زحف شعبي عابر للطوائف الى بكركي: طروحاتها خشبة الخلاص!
التيار لا يشارك ويدعم حيادا متوافقا عليه..وجعجع: مصادِرو السيادة ينتقدون الراعي
الوطني الحر للحريري: الحكومة تولد في بيروت.. لبنان نحو "الانهيار الشامل والتام"!

المركزية- في عهد الاحتلال والوصاية، أتى خلاص لبنان واستعادة الاستقلال ودحر الجيوش الغريبة، على يد بكركي، التي قادت بصمت على مدى سنوات، معركة التحرير، فأزهرت "كرامةً" في ذلك اليوم المجيد، من نيسان 2005. اليوم، وفي عهد الفقر والذل والشرعية المخطوفة والسيادة المسلوبة، ينظر الشعب السائر في الظلمة الى الصرح مجددا، علّه، برفعه لواء الحياد وتدويل القضية اللبنانية، يتمكّن من انقاذ البلد الصغير وشعبه "الشهيد"، من تجّار الهيكل المقامرين بقوته وأرضه وهويته، على طاولات المصالح الشخصية والاقليمية. فالناس التي ثارت ضد الطبقة الحاكمة وضد تحالف الفساد والارهاب، في 17 تشرين، لم تُسمع صرخاتها، بل قُمعت من قبل المنظومة، التي استمرت بدم بارد في صراعاتها ومناكفاتها. وها هي تضرب عرض الحائط الوساطات الدولية والمحلية كلّها، وتمنع منذ 6 أشهر، تأليف حكومة انقاذية مطلوبة بإلحاح لوقف الانهيار الشامل المالي والمعيشي والنقدي والاقتصادي والصحي، ولاعادة اعمار العاصمة التي دمّرتها أطنان النيترات التي خزّنت في مرفأ بيروت لصالح افراد وأنظمة يبدو ممنوعا كشف هوياتها! بعد هذا الاداء الاجرامي، وفقدان الثقة المحلية والدولية تماما بهذه السلطة، تبدو بكركي، بطرحها "الوطني" لا "الطائفي"، البعيد كل البعد عن المطالب المذهبية "الصلاحياتية" الضيقة، وجهةَ الاحرار، من كل المذاهب والمشارب والمناطق والاطياف. فاذا لم تسعفنا الامم المتحدة و"تفرض" حلا سياسيا سريعا – وهنا لا نتحدث عن فصل سابع - واذا لم يُصر الى ابعاد لبنان عن ممر الفيلة المتناحرة في المنطقة، عبر اعتماده الحياد الايجابي، لن يكون لا اصلاح ولا محاسبة ولا قيام للدولة التي بُحّت حناجر الناس وهم ينادون بها منذ 500 يوم...

بكركي الحدث: في صورة سياسية – شعبية، تُذكّر بتلك التي ارتسمت في بكركي ابان زيارة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني بيروت، واثر عودة البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله صفير من واشنطن حيث طالب باستقلال لبنان وسيادته، زحف اللبنانيون اليوم الى الصرح لا ليقولوا "لا" لأحد، بل ليقولوا "نعم" للمخارج التي يطرحها. تحت راية العلم اللبناني تجمّعوا في باحاته التي غصّت بهم، داعمين الحياد وطرقَ باب المنظمات الاممية لتساعد لبنان على وضع حدّ لمعاناته. صحيح ان قوى سياسية عديدة، شنت بالمباشر وبالواسطة، حملة على مطالب البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الا ان الاخير آثر عدم الدخول في السجالات، وفضّل التأكيد على ان ما يقترحه يجمع ولا يفرّق، بدليل اللافتات التي رفعت في الصرح ومنها "الشرعية والميثاق والدستور" و"لبنان اولا واخيرا"، و"حياد - سيادة - استقرار"، و"بكركي لكل لبنان".. فهل يختلف اثنان في لبنان على هذه الشعارات؟ على اي حال، يؤكد الراعي في الكلمة التي يلقيها امام الحشود - بعد ان طالب امس، بعدم رفع اي شعارات تستفز اي فريق في الداخل- على هذه المبادئ، ويوضح من جديد المقصود بالمؤتمر الدولي، وبأنه لا يسعى وراء اي وصاية على لبنان يمكن ان تنتقص من سيادة الكيان الذي أسسه الموارنة عام 1920، كما ويؤكد على ضرورة الاسراع في تشكيل حكومة وعلى محاسبة من تسببوا بمأساة المرفأ.   

التيار وطروحات الصرح: وبينما غابت جماهير البرتقالي عن التحرّك، في خطوة فُسرت كعدم ترحيب بطروحات الصرح، رغم محاولات قيادات الوطني الحر تبديدَ هذا الانطباع، اكدت الهيئة السياسية في التيار مجددا اليوم أن "علاقة التيار الوطني الحر بالبطريركية المارونية تقوم على إحترام هذا الموقع ودوره تاريخاً وحاضراً، فالتيار يشارك بكركي هواجسها في حماية الوجود ‏وسعيها إلى تثبيت الشراكة المتوازنة بين اللبنانيين في الحكم، ورفضها لكل ما يمسّ الهوية اللبنانية حدوداً ونسيجاً إجتماعيا ونمط حياة، وتطمئن الهيئة السياسية أن محاولات التشويش على هذه العلاقة لن تنفع فهي مبنية على حوار صادق وعميق، وأكدت الهيئة إنفتاح التيار على مناقشة أي إقتراح من جانب غبطة البطريرك الراعي إنطلاقًا من السعي المشترك الصادق لحماية لبنان إرتكازاً على الثوابت الوطنية وتأميناً للتفاهم الوطني حول الخيارات الكبرى لكي تؤسس حلولاً غير منقوصة وآنية وتجنب لبنان أي أزمات إضافية. واذ شدّدت على رفض التيار إقحام لبنان في سياسة المحاور والتزامه محور لبنان دون غيره وتحييده عن أي صراع لا يرتبط بمصلحة لبنان مع التأكيد على الإنخراط في الصراع مع إسرائيل، ذكّرت بأنّ إعلان لبنان دولة محايدة أمر مفيد وطنياً ويستوجب تحقيق مجموعة شروط من بينها موافقة اللبنانيين عليه وقبول الدول المجاورة بذلك، مؤكدة حرصها على مبدأ التعاون الدولي وعلى الحفاظ على علاقات لبنان مع الدول العربية وانفتاحها على كل دعم خارجي يأتي للبنان من ضمن إحترام سيادته وإستقلالية قراره.

دعم قواتي: في المقابل، دعمٌ قواتي مطلق لطروحات الصرح. فقد قال رئيس حزب القوات سمير جعجع "ما فعلوه سابقاً مع "القوّات" يحاولون تكراره في الوقت الراهن مع غبطة أبينا البطريرك على خلفيّة الطروحات التي تقدمها بكركي اليوم الهدف منها هو الوصول بالفعل إلى حريّة واستقلال وسيادة لبنان وقيام دولة فعليّة فيه". ورداً على من يدّعي أن طرح البطريرك لمؤتمر دولي يتعارض مع السيادة اللبنانيّة، قال "أكثر من ضرب هذه السيادة في لبنان هم الذين ينبرون لقول كلام مشابه في الوقت الراهن. فعندما يصادر قرار السلم والحرب في الدولة وعندما يكون هناك سلاح غير شرعي إلى جانب سلاح الجيش اللبناني وعندما تقع عمليات الإغتيالات بالعشرات وقريباً ستلامس المئات وعندما تقع عمليّات التفجير وعندما تستباح الحدود اللبنانيّة السوريّة وغيرها من الحدود، هذا كلّه لا يعدّ بالنسبة لهم استباحة للسيادة إلا أنه حين يستعين لبنان بأصدقائه في المجتمعين الدولي والعربي لينهض مجدداً وليعود المواطن اللبناني للعيش بحد مقبول من الكرامة فهذا عندها يكون بنظرهم تعدياً على السيادة". وفي الذكرى 27 لتفجير كنيسة سيّدة النجاة، قصف جعجع جبهةَ العهد والفريق الحاكم بعنف، قائلا "لم يُعرف بعد أي شيء عن خيوط هذه الجريمة، شأنها شأن جريمة انفجار مرفأ بيروت، مضيفا "سلسلة تجهيل الفاعل في كل هذه الجرائم لم تكن صدفة وإنما، وبكل صراحة، مردّها هو أن السلطة في جوهرها في لبنان لا تزال هي نفسها، منذ العام 1994 حتى 4 آب 2020 عندما وقع انفجار مرفأ بيروت، باعتبار أنه حتى لو تغيّرت بعض الوجوه حيث أن بدل إميل لحود لدينا اليوم ميشال عون إلا ان السلطة في جوهرها هي نفسها تلك السلطة الأمنيّة السوريّة – اللبنانيّة التي ما بعد العام 2005 حلّ مكان "السوريّين "حزبُ الله".

اطالة متعمّدة: في ظل هذا الانقسام الحاد في البلاد، الاصطفافاتُ الحكوكية على حالها، وتبدو الجهود الفرنسية – الروسية والمساعي التي يبذلها المدير العام  للامن العام اللواء عباس ابراهيم، لفتح ثغرة ما، لم تحقق اي خرق ايجابي بعد. في هذه الخانة، صبّ موقف التيار المصوّب على الرئيس المكلف سعد الحريري اليوم. فقد استغربت الهيئة السياسية "النمط الذي يتبعه رئيس الحكومة المكلف بعدم المبادرة إلى أي تشاور أو عمل يهدف الى تشكيل الحكومة وتذكره أن الحكومة اللبنانية تولد في بيروت بجهدٍ مشترك بينه وبين رئيس الجمهورية كشركاء متساوين في عملية التشكيل وبالتشاور مع الكتل النيابية، ورأت الهيئة ‏أن تجاهل الواقع الدستوري والميثاقي والسياسي هو إطالة متعمّدة للأزمة وإنتظار للخارج الذي يتم إقحامه في شأن سيادي لبناني دون إمكانية لهذا الخارج بالحلول مكان التوازنات والمعادلات الداخلية.

وفد المستقبل: وفيما اتهام الحريري بتجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية ودور بعبدا في التشكيل، مستمر من قبل الفريق الرئاسي، يلتقي وفد من كتلة المستقبل النيابيّة ممثلاً الحريري، البطريرك الماروني في بكركي قبل ظهر الاثنين المقبل. كما سيقوم الوفد بزيارة مماثلة لراعي ابرشية بيروت للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، قبل ظهر الثلثاء المقبل.

على حافة الانهيار: هذا التخبط يأتي في ظل وضع معيشي آخذ في التقهقر. وفي السياق، نشرت صحيفة اندبندنت البريطانية تقريرا بعنوان "انفجرت ​بيروت​ قبل ستة أشهر، و​لبنان​ الآن على حافة الانهيار" مشيرة إلى أن البلاد ذاهبة إلى الانهيار الشامل والتام. وذكرت أن "البلاد تتجه نحو الانهيار التام، بينما ترزح تحت وطأة أزمة ثلاثية الأطراف: في أعقاب الانفجار الذي ترك مساحات شاسعة من العاصمة تحت الأنقاض، وزيادة غير مسبوقة في حالات الإصابة بفيروس "كورونا" التي طغت على نظام الرعاية الصحية، وانهيار مالي دفع أكثر من نصف البلاد الّتي يبلغ عدد سكانها 7 ملايين نسمة إلى ما دون خط ​الفقر​". وخلص التقرير إلى أنه "بعد ستة أشهر، لا زالت الأحزاب اللبنانية الحاكمة غير قادرة على الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة، الأمر الذي ترك البلاد في مأزق سياسي وعَرقل إيصال المساعدات الخارجيّة؛ وتعثّر التحقيق في الانفجار منذ 17 كانون الأوّل الماضي".

اللقاحات: صحيا، تصل دفعة جديدة من لقاحات كورونا اليوم الى بيروت، على وقع فضيحة تسرب اللقاحات خارج المنصة الرسمية التي لم تطوّق ذيولها بعد. وفي وقت تفتح مزيد من القطاعات الاقتصادية الاثنين، طمأن رئيس اللجنة الوطنية للقاح كورونا عبد الرحمن البزري في حديث اذاعي، المواطنين الى أن "مسار التلقيح مستمر كما هو ويجب أن يستمر لانه لا يجوز المراهنة على صحة اللبنانيين أبدا لا بل على العكس نصر على استمرار عملية التلقيح مع التشديد على الشفافية المطلقة وعدالتها وضرورة أن يكون المسار واضحا وصريحا ويحترم الاولويات المعتمدة من دون استثناءات استنسابية". وشدد على أن "التسجيل على المنصة لا يعني أبدا الحصول على الدور لانه الخطوة الاولى، فيما الخطوة الثانية تلقي خبر الموافقة والخطوة الثالثة تكمن في تحديد الموعد لتلقي اللقاح". واضاف "إن أولوياتنا هي صحية أي بمعنى الاولوية للذين يتعرضون للخطر أكثر والاولوية العمرية بغض النظر عما هو معتمد في بلدان أخرى".

 

 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o