Feb 19, 2021 6:00 AM
صحف

ضغوط سياسية من مرجع رئاسي وراء كف يد صوّان

صدر، أمس، قرار محكمة التمييز الجزائية بنقل ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت من المحقق العدلي القاضي فادي صوّان إلى محقق عدليّ آخر، بسبب "الارتياب المشروع".

وفي السياق، اعتبرت "نداء الوطن" ان "القضاء مخطوف والخاطف معروف"... بهذه العبارة اختصرت مصادر قضائية التعليق على قرار تنحية المحقق العدلي في جريمة انفجار المرفأ القاضي فادي صوان "بدفع سياسي واضح"، مبديةً حسرتها إزاء إمعان الطبقة السياسية في تشويه صورة السلطة القضائية وضرب مصداقيتها أمام الرأي العام، عبر تعمّد تصوير الجسم القضائي على أنه "دمية" بيد هذه الطبقة، بالتوازي مع إجهاض أي محاولة لاستنهاض استقلاليته "بدءاً من حجز التشكيلات القضائية في قصر بعبدا، وصولاً إلى تطويق التحقيق العدلي في انفجار المرفأ".

وكذلك في التشخيص السياسي للمشهد، تقاطعت الآراء المعارضة عند التسليم بنجاح قوى 8 آذار في تحقيق "هدف مزدوج" في مرمى القضاء، سواء عبر نجاحها في دفع محكمة التمييز الجزائية إلى إقصاء القاضي صوان عن الملف وكفّ يده عن التحقيق، أو من خلال جعله "عبرة" لمن سيخلفه في مهمة التحقيق العدلي في هجمة استباقية لتدجين أي نزعة قضائية جديدة باتجاه تجاوز "الخطوط الحمر" السياسية، توصلاً إلى تحقيق الهدف المركزي في طمس معالم انفجار 4 آب وتوجيه رسالة واضحة للشعب اللبناني مفادها: "حاكمك ظالمك" ولا مناص من الخضوع لقضائه وقدره.

في حين اعتبرت "النهار" ان ما جرى امس في كفّ يد قاضي التحقيق العدلي في هذه القضية القاضي فادي صوان، بدا كأنه شكل ضربة مطرقة ثقيلة على القضاء مجددا كما على هذه القضية التي تعني مئات الاف المتضررين من اللبنانيين، مشيرة الى ان إعتبارا من تاريخ صدور هذا القرار تتوقف جلسات التحقيق في هذا الإنفجار في إنتظار تعيين المحقق العدلي الجديد في حال تم التوافق على إسمه. وهذه العملية ستأخذ مزيدا من الوقت ولاسيما ان القاضي الذي سيعين يحتاج الى الوقت اللازم للإطلاع على مضمونه، ولن تنتهي هذه العملية قبل آذار المقبل.

وكشفت مصادر سياسية متابعة لـ"الجريدة"، أمس، أن "ضغوطاً سياسية من مرجع رئاسي أدت إلى قرار القاضي حجار، بعد بروز معلومات عن نية صوان توقيف الوزير السابق يوسف فنيانيوس، وإصدار مذكرات توقيف بحق الوزيرين السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر"، مشيرة إلى أن "الطبقة الحاكمة في لبنان تبدو مصممة على دفن التحقيقات لما قد تكشف عن تورط لرؤوس كبيرة من أعلى الهرم إلى أسفله"، لافتة إلى أن "الخطوة هي بمنزلة دق المسمار الأخير في نعش تحقيقات المرفأ".

وأشارت معلومات "الشرق الأوسط" من مراجع قانونية أن "نقابة المحامين ستعكف على دراسة قرار محكمة التمييز، للنظر في إمكانية الطعن فيه وطلب إبطاله في مراجعة قد تتقدّم بها أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، التي يرأسها رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، وبعضوية تسعة قضاة هم رؤساء غرف محاكم التمييز الجزائية والمدنية». وإذ اعترفت المراجع القانونية بأن هذا المسار ليس سهلاً ويتطلب دراسة معمّقة، أكدت أن النقابة «لن تستسلم لإخضاع تحقيقات انفجار المرفأ للتسييس، وتضييع حقوق الضحايا".

وذكرت بأن هذا القرار "سيعقد إجراءات الملف، ويعيد التحقيق إلى بداياته، لأن أي قاض سيعيّن لهذه المهمة يحتاج إلى أسابيع طويلة، وإعادة استجواب جميع الموقوفين والمدعى عليهم والشهود، بالإضافة إلى تقارير الخبراء اللبنانيين والأجانب".

ومن الأسماء المطروحة لخلافة صوّان، بحسب "اساس ميديا"، القاضي كلود غانم الذي لمّح إلى عدم رغبته بتولّي هذا الملفّ بعدما جسّ البعض نبضه، والقاضية سرمندا نصّار التي تدور في فلك "التيار الوطني الحر" دون تورية، والعضو الأسبق في مجلس القضاء الأعلى القاضي جون القزّي، وهو الأقرب إلى الحياد في تولّي هذا الملف.

كذلك، اشارت معلومات "الجمهورية" الى انّ البحث في تعيين بديل لصوان قد بدأ، وانّ من بين الاسماء المطروحة، قاضي التحقيق الاول في الشمال سمرندا نصار ومساعد مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي كلود غانم. ولكن مصادر قضائية لفتت عبر "الجمهورية"، الى صعوبة اختيار اي منهما في مجلس القضاء الأعلى لأكثر من سبب، وان موافقته شرط اساسي للمضي في اصدار مرسوم تسمية قاضي التحقيق العدلي البديل من صوان.

وأفادت صحيفة "الأخبار" بأن الرأي العام حيال القرار انقسم، ليتحدث كثيرون عن قرارٍ سياسي أطاح قاضياً شجاعاً، في مقابل آخرين يرون أن أداء القاضي المعزول نفسه سبق أن وجّه ضربة للثقة بنتائج التحقيقات. صوّان صار خارج التحقيق في أكبر انفجار هزّ لبنان ونكب عاصمته، مخلّفاً أكثر من 200 شهيد وآلاف الجرحى وعشرات آلاف الوحدات السكنية والمباني المتضررة. أخطاؤه حكمت عليه. لكن السؤال الأهم اليوم: ماذا بعد؟ هل ستستولي السلطة السياسية على التحقيق، بعدما ثبّتت محكمة التمييز حصانة النواب والوزراء والرؤساء، فتتسبّب بقتل الضحايا مرتين، أم أن قاضياً عدلياً سيجد طريقه نحو إحلال الحق والعدالة، مستفيداً من كل سقطات سلفه؟

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o