Feb 13, 2021 6:58 AM
صحف

عون يريدها من 20 وزيراً الحريري رمى كرة التعطيل في ملعب بعبدا وعين التينة: الأبواب لم توصد بعد

تؤكّد المصادر المحيطة بملف التأليف ل"الجمهورية"، إنّ أي حراك جديد سواء على مستوى الداخل او الخارج، محكوم بالفشل المسبق، ربطاً بالأفق المسدود بين عون والحريري، وتمترس كلّ منهما خلف موقف قاطع لا تراجع عنه من قبلهما، ويتمثل في أنّ كل رئيس يريد حكومته، ويريد أن يُلزم الرئيس الآخر بها، ورفض كلّ منهما التنازل او التقدّم خطوة في اتجاه الآخر.

فالرئيس عون يعتبر ان تراجعه يعني تنازلاً عن صلاحياته التي تعطيه حق الشراكة في تسمية كل وزراء الحكومة وليس فقط الوزراء المسيحيين، وهذا ما لن يسجله على عهده. وبالنسبة اليه ان حكومة اختصاصيين مستقلين لا ترأسها شخصية سياسية ولا يجوز ان يتفرد بتسمية وزرائها، فضلاً عن انه بحكومة الـ18 وزيراً يعطي وزراء حقيبتين لا يمكن لأحد ان يجمع اختصاصاً في كليهما كالخارجية والزراعة على سبيل المثال بحسب صحيفة "النهار".

وأمام هذا الكباش المستمر بين بعبدا وبيت الوسط، أسفت مصادر عين التينة عبر جريدة "الأنباء" الالكترونية لعدم إحراز تقدم في الملف الحكومي، لكنها رأت ان الأبواب لم توصد بعد، وهناك إمكانية للخروج بحل ما ربما يساعد على تدوير الزوايا.

تثبيت الخلاف

هذه الصورة عادت لتتمظهر بسوداويتها في لقاء الأمس، بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، بعد نحو سبعة اسابيع من انقطاع التواصل بينهما، والذي بدا، من حيث شكله ومضمونه، وكأنّه محطة جديدة لتبادل كرة تعطيل تأليف الحكومة، وعلى ما يؤكّد مطلعون على ما جرى في اللقاء لـ"الجمهورية"، فإنّ اجواءه كانت متأثرة الى حدٍ بعيد بالسجال المكهرب بينهما خلال الاسابيع الاخيرة، والنقاش القصير لأقل من نصف ساعة، بين عون والحريري، كان فاتراً في مجمله، ولم يحصل فيه أيّ عتاب حول ما قاله كل منهما في حق الآخر في محطات السجال المتتالية بينهما، بل جرى الدخول مباشرة، وبكلام «جدّي» في الموضوع، وأعاد كل منهما تكرار موقفه السابق أمام الآخر، مع فارق انّ الرئيس الحريري كان مشدّداً في اللقاء على ضرورة الاستفادة من الفرصة المتاحة لتشكيل حكومة انقاذية سريعاً، تعجّل بفتح باب المساعدات الخارجية للبنان.

وبحسب المطلعين على أجواء اللقاء، فإنّ شريكي التأليف لم يقدّما في لقاء بعبدا أمس، ما يؤشر الى قبول أي منهما بحلول وسط، من شأنها أن تُحدث خرقاً إيجابياً في جدار الخلاف بينهما. بل العكس، فإنّ لقاء الامس بينهما جاء ليؤكّد من جديد على جوهر الخلاف بينهما، وثبات كل منهما على شروطه و»معاييره» لتأليف الحكومة. ومعنى ذلك، انّ المراوحة السلبية في ملف التأليف ستبقى هي الطاغية لفترة طويلة، في انتظار ظروف محلية او خارجية تحرّكها وتحرف مسارها نحو الإيجابية.

وفيما لوحظ انّ لا عون ولا الحريري أشارا الى توافق بينهما على لقاء جديد، افترضت مصادر سياسية، انّ هذا اللقاء ممكن، وخصوصاً انّ لقاء الامس، كسر القفل، وصار باب اللقاءات مفتوحاً، خلافاً لما كان عليه الحال قبل، وإبّان، وبعد، أزمة «الفيديو المسرّب» وما قاله عون بحق الحريري. فضلاً عن أنّ لقاء الأمس، أنهى مرحلة تقاذف الكرة بين قائل: «لن ازور بعبدا إلّا بدعوة من عون»، وبين قائل: «إنّ اراد الحريري زيارة القصر الجمهوري فبابه مفتوح لاستقباله».

الّا أنّ مصادر مواكبة لزيارة الحريري الى بعبدا أمس، وبناء على نتائج لقاء الأمس بين عون والحريري، لا ترى في الأفق القريب إمكان عقد لقاء ثانٍ بينهما. فالواضح أنّ مبادرة الحريري الى طلب موعد لزيارة رئيس الجمهورية تمّت بنصيحة، كان للفرنسيين الثقل الأساس في اسدائها، بالشراكة مع اطراف سياسية في الداخل، بهدف ابلاغ رئيس الجمهورية بالأسباب الموجبة للتعجيل بتشكيل حكومة مهمّة متوازنة، لا يملك اي طرف فيها قدرة تعطيلها او التحكّم بها بثلث معطل او بأي مرادفات او عناوين اخرى لهذا الثلث المعطل.

وتبعاً لذلك، فإنّ المصادر نفسها تؤكّد أنّ لقاء الامس بين عون والحريري، اقرب ما يكون الى الاجتماع الاخير الذي عقداه قبل عيد الميلاد، وجرّ بعده ما يزيد عن سبعة اسابيع من انقطاع التواصل بينهما، ما يعني أنّ الامور ما زالت عند نقطة الصفر، فالحريري في زيارته بعبدا أمس، جاء ليلقي الحجة على عون، ويرمي كرة تسهيل التأليف في ملعبه، ويؤكّد له مواجهة بأنّ مسوّدة حكومته التي قدّمها له في لقاء ما قبل عيد الميلاد ما زالت تشكّل الصيغة الحكومية الملائمة للمرحلة الإنقاذية المقبلة. وهو ما لم يقبل به رئيس الجمهورية، مع تشديده على المعايير التي سبق وحدّدها لتشكيل الحكومة، فسارع الى ردّ الكرة الى ملعب الحريري والقول انّه، اي الحريري، لم يأتِ بأيّ جديد على صعيد الملف الحكومي.

على انّ اللافت في الكلام الرئاسي، بحسب المصادر نفسها، كان تعمّد مكتب اعلام رئاسة الجمهورية الاشارة الى أنّ زيارة الحريري الى بعبدا امس تمّت بناءً على طلب الحريري، وليس بناءً على دعوة رئيس الجمهورية. وهو امر فُسّر على انّ عون لا يريد ان يسري الاعتقاد بأنّ زيارة الحريري تمّت بدعوة منه، ولكي لا تُفسّر الزيارة على انّها نقطة تراجع من قِبل رئيس الجمهورية.

اللقاء

وكان الحريري، العائد من فرنسا بعد «العشاء الباريسي» مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، قد زار امس، القصر الجمهوري في بعبدا، وعقد لقاء قصيراً لأقل من نصف ساعة مع رئيس الجمهورية. وقال بعد اللقاء: «تشاورت مع رئيس الجمهورية، وسأكمل التشاور، ولا تقدّم في تشكيل الحكومة، ولكن شرحتُ للرئيس عون الفرصة الذهبيّة التي نحن فيها وكلّ فريق يتحمّل مسؤوليّة مواقفه منذ اليوم».

واضاف: «خلال زيارتي الى فرنسا، لمستُ حماساً لتشكيل الحكومة اللبنانية، والمشكلة تكمن في تأليف حكومة مكوّنة من اختصاصيين، ولذلك لا يمكن القيام بأيّ مهمّة إصلاحيّة». وتابع الحريري: «موقفي ثابت وواضح، وهو تشكيل حكومة من 18 وزيراً جميعهم اختصاصيون وهذا ما لن يتغيّر لديّ».

مكتب الرئاسة

وبعد كلام الحريري، صدر عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية بيان مقتضب جاء فيه: «انّ رئيس الجمهورية، استقبل رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري بطلب منه، وتشاور معه في موضوع تشكيل الحكومة العتيدة بعد الجولات التي قام بها الرئيس الحريري الى الخارج، حيث تبيّن انّ الرئيس المكلّف لم يأتِ بأي جديد على الصعيد الحكومي».

«المستقبل» يردّ

بعد صدور بيان مكتب الاعلام في القصر الجمهوري، نشر موقع «مستقبل ويب» التابع لـ «تيار المستقبل»، خبرًا تحت عنوان: «بيان بعبدا : «بيّي أقوى من بيّك»! ونسبه إلى متابعين».

وجاء في الخبر: «لاحظ متابعون أنّ بيان رئاسة الجمهورية الذي صدر عقب زيارة الرئيس المكلّف سعد الحريري لبعبدا، تضمّن ملاحظة وُصفت بأنّها «خفيفة»، من خلال الاشارة الى انّ الزيارة حصلت بطلب من الرئيس الحريري ، وذلك على طريقة « بيي اقوى من بيك».

ومن هنا فان الأزمة الحكومية بحسب "نداء الوطن" لن تنتهي خارج إطار معادلة "6 و6 مكرر" بالنسبة للفريق الحاكم، بينما الأزمة المعيشية والمالية والاقتصادية والاجتماعية ستنتهي إلى انفجار حتمي من مصلحة الحريري ألا يكون شريكاً فيه وأن يسارع إلى القفز من مركب المسؤولية عما ستؤول إليه الأمور، ليتحمّل بالتالي العهد العوني وحليفه "حزب الله" مسؤولية الفراغ وتجويع اللبنانيين وحدهما، فتتم تعريتهما أمام الداخل والخارج من دون أن يكون لهما أي ستار يتلطيان خلفه تهرباً من هذه المسؤولية ومن مواجهة حقيقة أنّ سياساتهما هي التي أوصلت لبنان إلى درك الانهيار الشامل.

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o