Feb 08, 2021 7:14 AM
صحف

المؤتمر الدولي ونزع السلاح ذروة مواقف بكركي

‎لم يعد غريباً ان يشهد الواقع اللبناني المتوغل نحو سقوف إضافية من التداعيات ‏المأسوية للازمات السياسية والصحية والاقتصادية والمالية والاجتماعية بداية صعود لافت ‏لدعوات الى تدويل الازمة اللبنانية برمتها على غرار ما كانت تشهدها حقبات الحروب ‏والهدنات الهشة التي تفصل بين جولة قتالية وجولة أخرى. ذلك ان الغياب الفادح لاي تحرك ‏داخلي مؤثر نحو انهاء "ازمة العصر" المتمثّلة بتعطيل تشكيل الحكومة الجديدة ومنع أي ‏استجابة جدية وحقيقية للمبادرة الفرنسية اليتيمة المطروحة على الطاولة، كما للمبادرة ‏الداخلية وعلى رأسها تحرك بكركي ومن بعده مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، أدى ‏الى تفجير اليأس المتحكم لدى الكثير من الجهات الناشطة في اتجاه الدفع بالبلد نحو حقبة ‏انقاذية يبدو واضحا ان السلطة المتحكمة بالبلد الآن تمعن في وضع العراقيل أمامها. وما ‏زاد طين التعطيل والمكابرة والمعاندة السلطوية التي تحول دون الافراج عن حكومة لن ‏يمد العالم يدا للبنان لدعمه ومساعدته على الخروج من كارثته قبل ولادتها، الحدث ‏الترهيبي الاجرامي باغتيال الكاتب والناشر والناشط السياسي لقمان سليم الامر الذي ‏استحضر مع ظروفه الترهيبية ظروفا مماثلة لتلك التي أعقبت انفجار مرفأ بيروت في آب ‏الماضي. انكشفت مع حادث الاغتيال مجددا حالة الانهيار المخيفة التي آلت اليها السلطة ‏امام عودة الاغتيالات والتسيب المخيف في توقيت تزامن مع مرور ستة اشهر عقيمة كاملة ‏بعد انفجار مرفأ بيروت وسط تعطيل وتعثر التحقيقات القضائية، الامر الذي جعل لبنان ‏مكشوفا امام العالم بأسوأ صور الانكشاف.
في إزاء هذه الوقائع الدراماتيكية يمكن القول ‏ان طلائع المواقف التي بدأت تدعو الى التوجه الى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بل ‏حتى الى استدراج وصاية دولية على لبنان باتت مفهومة ومبررة وبديهية سواء كانت قابلة ‏للتنفيذ الواقعي ام اصطدمت بعقبات دولية وداخلية تحول دون ترجمتها الى إجراءات ‏ملموسة. واذا كانت الأصوات المنادية بالاحتكام الى الأمم المتحدة بدأت ترتفع مع ‏التحركات المنتفضة على لقمان سليم، كما مع مواقف لنواب وشخصيات سياسية وتنظيم ‏عرائض تطالب بتحقيق دولي في الاغتيال، فان ابرز ما سجل امس على المستوى الداخلي ‏تمثل في مواقف جديدة للبطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي يمكن ‏وصفها موضوعيا بانها شكلت ذروة مواقف بكركي الصارخة والبارزة من الازمة بكل ‏وجوهها. وقد اكتسبت مواقف البطريرك الراعي دلالات مهمة ليس لجهة تصعيد نبرته ‏الغاضبة حيال السلطة وإجهاض كل المبادرات لتشكيل الحكومة والتلويح بعودة ‏الثورة فحسب، وانما أيضا لإطلاقه مطلبا واضحا وبارزا يكمل موقفه من حياد لبنان بعقد ‏اجتماع دولي حول لبنان برعاية الأمم المتحدة، كما قرن ذلك في مجال ادانة اغتيال جريمة ‏لقمان سليم بالدعوة الى وضع حد للسلاح المتفلت‎.‎
في موضوع الحكومة قال "كنا نعول بثقة على تأليف حكومة مهمة وطنية انقاذية، كبداية ‏محاولة لردم الهوة. لكن الآمال خابت بسبب تغلب المصالح الشخصية والفئوية وعجز ‏المسؤولين عن التلاقي والتفاهم… شعبنا يحتضر والدولة ضمير ميت. جميعُ دول العالم ‏تعاطفت مع شعب لبنان إلا دولته. فهل من جريمة أعظمُ من هذه؟ نادينا فلم يسمعوا. ‏سألنا فلم يُجيبوا. بادرنا فلم يتجاوبوا. لن نتعب من المطالبة بالحق. وشعبنا لن يرحل، بل ‏يبقى هنا. سينتفضُ من جديد في الشارع ويطالبُ بحقوقه، سيثورُ، ويحاسب…مهلا، مهلا ‏أيها المسؤولون! فلا الدولة ملككم، ولا الشعب غنم للذبح في مسلخ مصالحكم وعدم ‏إكتراثكم ". وأعتبر "إن وضع لبنان المنهار يستوجب أن تطرح قضيته في مؤتمر دولي خاص ‏برعاية الأمم المتحدة يثبت لبنان في أطره الدستورية الحديثة التي ترتكز على وحدة الكيان ‏ونظام الحياد وتوفير ضمانات دائمة للوجود اللبناني تمنع التعدي عليه، والمس بشرعيته، ‏وتضع حداً لتعددية السلاح، وتعالج حالة غياب سلطة دستورية واضحة تحسم النزاعات، ‏وتسد الثغرات الدستورية والإجرائية، تأمينا لإستقرار النظام، وتلافيا لتعطيل آلة الحكم عدة ‏أشهر عند كل إستحقاق لإنتخاب رئيس للجمهورية ولتشكيل حكومة" . وقال "لقد أدمى قلبنا ‏وقلوب الجميع في اليومين الأخيرين استشهاد الناشط لقمان محسن سليم، ابن البيت ‏الوطني، والعائلة العريقة. إن اغتياله هو اغتيال للرأي الآخر الحر، ودافع جديد لوضع حد ‏لكل سلاح متفلت يقضي تدريجيأ على خيرة وجوه الوطن‎."‎
‎‎
بدوره متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة حمل بشدة ‏على المسؤولين لافتا الى ان "الموت طال معظم بيوت وطننا إما بسبب كارثة 4 آب أو ‏بسبب الجائحة أو الفقر والعوز، لكن مسؤولينا منشغلون بأنفسهم يعيثون فسادا وحقدا. ‏اللبنانيون مقهورون، والحكام همهم الحصص والمكاسب والثلث المعطل، ألا يكفي تعطيل ‏تشكيل الحكومة، وتعطيل حركة البلد وشلها؟ كم بيت يجب أن يهدم بعد؟ كم شاب وشابة ‏يجب أن يهاجرا بعد؟… بعد إغتيال العاصمة ها نحن نشهد سلسلة اغتيالات كان آخرها منذ ‏يومين. لم إسكات الناس؟ لم كم الأفواه؟ وهل إخماد الأصوات الحرة يطفئ جذوة الحرية ‏ويخنق صرخات الناس؟ ليس بالقتل وإسكات المفكرين وقادة الرأي تتم الغلبة. الغدر دليل ‏ضعف. واجهوا الآخر بالفكر، قارعوا الحجة بالحجة. إن حرية الرأي حق كفله الدستور، والحوار ‏أفضل طريق للاقناع‎".‎
المصدر - النهار

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o