Nov 28, 2020 6:56 AM
صحف

"التدقيق الجنائي يتطلب حكومة قادرة على تنفيذ مقرراتها"..كسب للوقت وتبرئة للذمة؟

وصفت مصادر نيابية القرار الذي صدر عن المجلس النيابي بالأمس بخصوص اخضاع المصرف المركزي وسائر وزارات ومؤسسات وادارات الدولة للتدقيق الجنائي المالي، انه بمثابة مخرج مقبول،للتجاوب مع رسالة رئيس الجمهورية للمجلس بهذا الخصوص من جهة ولارضاء الاطراف السياسيين الذين يعترضون على حصر التدقيق بمصرف لبنان دون غيره من المؤسسات والادارات الرسمية من جهة ثانية، وبالرغم من إيجابية هذه الخطوة فإن القرار المذكور يفتقد الى أي الزامية قانونيه للتنفيذ، ويبقى مجرد قرار معنوي بالشكل اذا لم يقترن فيما بعد باقرار القوانين المطلوبة لتنفيذه، في حين ان توسيع مهام التدقيق الجنائي ليشمل جميع مؤسسات وقطاعات وادارات الدولة دون استثناء، وهو بالامر غير السهل بالرغم من أهميته قد يتطلب اكثر من شركة تدقيق وتكلفة مالية باهظة بالعملة الاجنبية وهي غير متاحة حاليا بسبب الازمة المالية التي يواجهها لبنان حاليا مايعني بالنهاية استحالة تنفيذ القرار المذكور .
وفي 22 كلمة فقط تضمنها نص القرار، ازاح المجلس النيابي عن كاهله، المسؤولية، التي لا ناقة ولا جمل فيها، لولا رسالة رئيس الجمهورية بدعوة النواب لتحمل مسؤولياتهم بعد وقف شركة تدقيق الحسابات التي وقع معها لبنان عقد التدقيق في حسابات مصرف لبنان، وهي شركة الفاريز اند مارسال، ورأى فيه الرئيس عون «انجازاً للبنانيين، الذين يريدون معرفة من هدر مالهم واستباح رزقهم، كما هو اطلالة مضيئة على المجتمع الدولي المتضامن معنا في معركتنا ضد الفساد والهدر».

وذكرت مصادر نيابية لـ«اللواء» ان القرار بمثابة تأكيد من كل الكتل النيابية على المضي بالتدقيق الجنائي في كل وزارات ومؤسسات وادارات الدولة، وهو قرار غير خلافي بل توافقي وتقرر بالإجماع، على ان يتابع المجلس تنفيذ هذا القرار بإقرار اقتراح قانون من الاقتراحات المقدمة من الكتل النيابية بإخضاع كل الادارات الرسمية للتدقيق الجنائي المحاسبي.

والسؤال، وان كان القرار اقل من قانون واكثر من توصية، ما المسار الذي يمكن ان تسلكه الاتصالات لحمل مصرف لبنان على التجاوب مع دعوة المجلس النيابي للتدقيق المالي في القطاع العام دون اي عائق؟
ومن ضمن الاسئلة، هل وفر القرار الغطاء للطلب من سلامة التجاوب؟ ام ان حكومة الرئيس دياب المستقيلة، ستلجأ الى التفاوض مع شركة جديدة للتدقيق، بتفويض الرئيسين لوزير المال في حكومة تصريف الاعمال غازي وزني التفاوض من جديد، في حال اصرت الشركة المنهية عقدها على هذا الانهاء لتوقيع عقد مع شركة اخري، ام ان هناك مسارات أخرى، ممكن سلوكها.


وأوضحت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أنه بعد قرار مجلس النواب في ما خص التدقيق الجنائي اتفاق من جديد سواء مع شركة الفاريز ومارسال أو مع شركة أخرى طالما أن مجلس الوزراء اتخذ قرارا بالتدقيق الجنائي واختار هذه الشركة في قرار سابق فأن عاودت العمل بعد هذه الضمانات كان به وإن لم تعاود يتم التوجه إلى شركة أخرى للبدء بالتدقيق الجنائي والذي قال مجلس النواب في قرار صادر عنه أنه لا يحتاج إلى رفع السرية المصرفية ولا يعوقه أي عائق.
وقال نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي في تصريح لـ«اللواء» تعليقا على قرار مجلس النواب حول التدقيق الجنائي أن مجلس النواب انجز ما طلبه رئيس الجمهورية باجماع كامل وسواء صدر ذلك بقرار أو توصية وأكد في رد على سؤال أن ما من انتصارات في ما جرى لأن القرار الذي اتخذ اظهر أن الطريق السليم يؤدي إلى نتيجة سليمة.
وأوضح أن الخطوة المهمة حصلت ومن حق النواب تقديم اقتراحات قانون تدرس في اللجان ويبنى على الشيء مقتضاه.

وأبدت اوساط اقتصادية معارضة، عن تخوفها من ان تدرج خطوة الاقرار في سياق «كسب الوقت» وتبرئة الذمة.

في الإطار رأى القاضي شكري صادر أن الغاية من تكليف الفاريز ومارسال لم تكن الكشف عن الحقيقة بقدر ما كانت للاستهدافات السياسية، فهذا يعتقد ان التدقيق الجنائي سيعطيه تفوق على غيره، وذاك يرى فيه فرصة ثمينة للكشف عن الارتكابات المالية في الوزارة التي كان يشغلها خصمه السياسي، وآخر يعارض بالاساس اجراء التدقيق الجنائي على قاعدة "عفا الله عما مضى، خوفا من وصول الموس الى ذقنه".

ولفت  في حديث لـ"الأنباء" الكويتية الى ان السرية المصرفية تم توظيفها في غير عملها الصحيح بهدف قطع الطريق على "الفاريز"، فبمجرد ان تطالب الدولة اللبنانية بالتدقيق المالي الجنائي تكون قد رفعت تلقائيا السرية عن حساباتها، اضافة الى ان الوزارات غير مستقلة ماليا ولا تتمتع اساسا بشخصية معنوية، ما يعني ان الحركة المالية في حسابات الوزارات لا تخضع لقانون السرية المصرفية، على عكس المؤسسات العامة والصناديق، اذ انها تتمتع بشخصية معنوية وباسقلالية مالية وادارية، وهي بالتالي محصنة بالسرية المصرفية. وردا على سؤال، لفت الى ان حكومة تصريف الاعمال، عاجزة عن تطبيق مقرراتها، وبالتالي فإن التدقيق المالي الجنائي لن يبصر النور، الا بعهدة حكومة مستقلة قادرة على فرض مقرراتها، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: من بين المنظومة السياسية سيسمح للرئيس المكلف سعد الحريري بتشكيل حكومة مستقلة ترفع الغطاء عن ارتكاباته؟ من هنا التأكيد ان "لا حكومة الا بمعجزة من السماء".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o