Nov 17, 2020 6:21 AM
صحف

الملف الحكوميّ: دوران في الحلقة المفرغة... فهل يقدم الحريري مسودته لاختراق التعطيل؟

بعد أسبوعٍ على آخر اجتماع مُعلن عنه بين رئيس الجمهورية العماد ‏ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري الاثنين الماضي، كشفت ‏مصادر مطلعة لـ"الجمهورية" انّ لقاء جديداً جمعهما بعد ظهر امس ‏في قصر بعبدا بقيَ بعيداً من الاعلام، على رغم نفي دوائر بعبدا ‏والصمت المطبق في "بيت الوسط".‏

وافادت معلومات "الجمهورية" انّ اللقاء لم يقدّم أو يؤخّر في مجرى عملية التأليف ‏التي بقيت تحت تأثير الشروط والشروط المضادة، وأنه على رغم من ‏حجم الضغوط الخارجية، ولا سيما منها الفرنسية، فإنّ أيّاً من المعنيين ‏لم يَحِد عن تصلبه قيد أنملة لا على مستوى توزيع الحقائب ولا على ‏مستوى الاسماء.‏

الى ذلك، بدا للأوساط المعنية برصد المسار السياسي لتأليف الحكومة، بحسب "النهار"، ان الشلل الذي يطبع هذا ‏المسار والذي تعكسه حال اشبه ما تكون بالقطيعة السياسية الشاملة مع انعدام بروز أي ‏تحركات داخلية يهدد بتحويل تعقيدات تأليف الحكومة في حال عدم حصول تطورات ‏سريعة تنهي هذا الشلل الى متاريس سياسية تقف وراءها القوى السياسية. ولذا لم ‏تستبعد هذه الأوساط ان يقوم الرئيس الحريري في قابل الساعات او الأيام القليلة المقبلة ‏بطرح مسودة لتشكيلة حكومية تتلاءم وما يراه ضروريا لجعل هذه المسودة تظهر الطبعة ‏الإصلاحية والانقاذية الملحة للحكومة التي يترقبها اللبنانيون والمجتمع الدولي‎.‎

ومع ان أي معلومات مثبتة من بيت الوسط لم تؤكد هذا الاتجاه او سواه بعد، حيال ما يزمع ‏الرئيس الحريري القيام به، فان الأوساط المعنية نفسها تتحدث عن أيام لا بد من ان تشهد ‏نقلة حتمية لاعادة تعويم المشاورات في التفاصيل والدقائق المتعلقة بتشكيل الحكومة، ‏حتى ولو كانت الاجتماعات التي عقدت بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس الحريري ‏انتهت من حيث توقفت في آخر اجتماع في الأسبوع الماضي للعودة الى مربع البدايات. ‏وتشير هذه الأوساط الى انه قد يتعين على الحريري، امام المعطيات التي تركتها زيارة ‏الموفد الفرنسي لجهة الخشية من ارجاء مؤتمر مجموعة الدعم الدولية للبنان الذي كانت ‏باريس تعد لانعقاده في الشهر المقبل لحشد دعم مالي واقتصادي للبنان بعد مؤتمر الدعم ‏الإنساني الذي سيعقد في نهاية الشهر الحالي، ان يضع جميع المسؤولين والقوى امام ‏مسؤولية تسهيل مهمته لتشكيل الحكومة التي تشكل شرطا لمؤتمرات الدعم، طبعا من ‏دون ان يعني ذلك ان عدم تسهيل هذه المهمة ستحمل الحريري على التراجع، علما ان ‏الرئيس المكلف ليس في وارد الاعتذار و"لن يمشي". وتلفت الأوساط نفسها في هذا ‏السياق الى انه ما دام الموفد الفرنسي الرئاسي باتريك دوريل خلال زيارته لبيروت توغل ‏في بعض جوانب محادثاته مع مسؤولين وقادة سياسيين الى تفاصيل تشكيل الحكومة، فلا ‏يمكن تبرير الشلل الغريب الذي أصاب المسار الحكومي داخليا بعد زيارته، بل ان الدفع ‏الخارجي والدولي الذي اشتد أخيرا للضغط على الافرقاء اللبنانيين لتسهيل تشكيل الحكومة، ‏يفترض ان يترجم بسرعة والا تكون البلاد امام انسداد هو الأسوأ اطلاقا منذ اكثر من سنة ‏من شأنه ان يبقي الى غير افق محدد الازمات مشرعة تحت إدارة محدودة وضيقة لحكومة ‏تصريف اعمال

من جهة ثانية، اشارت "اللواء" الى ان مواقف كُلٍّ من الرئيسين عون والحريري والنائب جبران باسيل بقيت على حالها لجهة تسمية الوزراء المسيحيين، لكن مصادر تكتل لبنان القوي قالت لـ "اللواء": ان التسمية يمكن ان تكون مشتركة بين الحريري وباسيل وبما يُرضي الطرفين ويُلبي معايير تشكيل حكومة الاختصاصيين غير الحزبيين، بحيث يطرح كل طرف الاسماء التي لديه ويجري التوافق حولها. واستدركت المصادر بالقول: لكن المهم ان يقتنع الحريري بالتواصل مع باسيل كما تواصل مع اغلب الكتل النيابية، لا ان يكتفي بالتنسيق مع رئيس الجمهورية، طالما ان المبادرة الفرنسية تنص على تشكيل حكومة المهمة بالتوافق بين كل القوى السياسية.

وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ"اللواء" أن أي  معطيات حكومية جديدة لم تبرز لاسيما بعد زيارة الموفد الفرنسي إلى بيروت وأفادت أن هناك انتظارا لخلاصات اجتماع  الرئيس الفرنسي  ووزير خارجيته مع وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية على أن دوريل يرفع بدوره  خلاصات زيارته إلى بيروت إلى خلية الأزمة الفرنسية في الاليزيه اليوم.

وأفادت معلومات "اللواء" أن الثابت في مشهد الاستقلال هذا العام هو الكلمة التي قد يوجهها رئيس الجمهورية عشية الذكرى ويستعرض فيها التطورات والتحديات لكن ما ليس معروفا بعد ما إذا كان حفل الاستقبال يقام ام لا في حين ان  برنامج وضع أكاليل على اضرحة شهداء رجال الاستقلال قيد الاعداد.

استغراب وتساؤل: الى ذلك، استغربت مصادر متابعة في اتّصال مع جريدة "الأنباء" الإلكترونية ما يتم تداوله منذ ‏فترة من قِبل أوساط بعض القوى المعنية بالتأليف بأن التشكيلة الحكومية قد تتأخر إلى ما ‏بعد رحيل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن البيت الأبيض وتسلّم الرئيس المنتخب، جو ‏بايدن، سلطاته رسمياً في العشرين من كانون الثاني من العام المقبل، واتّضاح موقفه من ‏المفاوضات مع إيران. المصادر قالت: "عجيب أمر هؤلاء، فعندما كان الرئيس الحريري ‏يستعجل تشكيل الحكومة عقب تكليفه بأيام قليلة، ذكرت الجهات نفسها أن لا تشكيل ‏حكومة قبل الانتخابات الأميركية، واليوم وبعد مضي نصف شهر على إجراء هذه الانتخابات، ‏ربطوا تشكيل الحكومة بتسلّم بايدن لمسؤولياته‎".‎

وسألت المصادر: "لمصلحة مَن تمديد هذه المواعيد، وإبقاء البلد دون حكومة، وهل العهد ‏مرتاح لعدم وجود حكومة، وأصبح مقتنعاً بتعويم حكومة تصريف الأعمال؟ ولماذا لم يصارح ‏الرئيس عون اللبنانيين عون بذلك؟‎"‎

المصادر سألت أيضاً عن الأسباب التي تحول دون تقديم الرئيس الحريري مسودّة تشكيلة ‏الحكومة التي أعدّها؟ وماذا ينتظر للخروج من هذه المهزلة؟

أوساط التيار الوطني الحر أبلغت جريدة "الأنباء" الالكترونية أنّها، "تستعجل تشكيل الحكومة ‏أكثر من الرئيس المكلّف، وهي لم تفرض أية شروط على الحريري، لكنها في المقابل تطالبه ‏بوحدة المعايير، وعدم تسمية الوزراء المسيحيين، وأن يكون لكل وزير حقيبة، لا أكثر ولا ‏أقل‎".‎

بدورها، مصادر عين التينة طالبت بتشكيل حكومة اليوم قبل الغد، لأن الوضع خطير، والبلد ‏على شفير الانهيار، ورأت أن وزير المال غازي وزني، دق جرس الإنذار محملاً الذين يعرقلون ‏تشكيل الحكومة مسؤولية الانهيار الذي قد يحصل لا محال، بعد شهر أو شهرين على أبعد ‏تقدير، ما لم تشكّل الحكومة، وتبدأ بتنفيذ الإصلاحات‎.‎

أوساط بيت الوسط أشارت لجريدة "الأنباء" الإلكترونية أنها لم تلحظ حتى الساعة أي تطور ‏إيجابي، وأن كل ما يُحكى عن حلحلة وتدوير زوايا هدفه الاستغلال الإعلامي لأن العقد لا ‏زالت على حالها، ولم يطرأ أي تعديل في مواقف المعرقلين ليبنى عليه إيجاباً، قائلة: "إن ‏الحريري قد يزور بعبدا في أي وقت، لكن ذلك مرهون بحصول تقدّم في ملف تشكيل ‏الحكومة‎".‎

عودة الاتصالات: وبعدما كان رئيس الجمهورية يدفع باتجاه تشكيل حكومة من 20 وزيراً، قالت مصادر مطلعة على الاتصالات لـ"الشرق الأوسط" إنه بات محسوماً أن الحكومة ستكون من 18 وزيراً، وإذا تم الاتفاق النهائي على وزارتي الداخلية والدفاع عندها قد تتحلحل العقد الأخرى للانتقال إلى تثبيت الأسماء التي يفترض أن يعرضها رئيس الحكومة المكلف على رئيس الجمهورية.

وفيما يسود الترّقب بانتظار الإشارات التي يفترض أن تصل من باريس بعد اللقاءات التي قام بها الموفد الرئاسي الفرنسي في بيروت باتريك دوريل الأسبوع الماضي، أكد نديم الملا، مستشار الحريري، أن فشل المبادرة الفرنسية يعني فشل استعادة الثقة، وفشل وجود العملات الصعبة.

وقال الملا في حديث تلفزيوني إن "المستشار في قصر الإليزيه وضع النقاط على الحروف خلال زيارته للبنان، وذكّر كل الأطراف بتعهداتهم، كما دخل في بعض التفاصيل. المبادرة الفرنسية هي لاستعادة الثقة ونقل لبنان من مرحلة إلى أخرى، والمبادرة تُرجمت إلى خطوات على الصعيدين الاقتصادي والسياسي".وأضاف: "لا شك أن المبادرة الفرنسية مرّت بانتكاسات، وفشلها يعني فشل استعادة الثقة، وفشل وجود العملات الصعبة في لبنان. والحريري يعتبر المبادرة الفرنسية هي خشبة الخلاص الوحيدة؛ كون فرنسا هي فقط من بإمكانها أن تكفل لبنان".

ولفت إلى أن "الكباش الأساسي الحاصل اليوم هو اعتياد القوى السياسية على الهرطقة بالدستور، والحريري أكد أنه لن يشارك بها»، مشيراً إلى أنه «بعد تأليف الحكومة نحن بحاجة إلى توافق داخلي على خطة الإنقاذ والأرقام، وبالتالي الاجتماع مع صندوق النقد الدولي".

دوران في الحلقة المفرغة: من جهتها، لفتت "نداء الوطن" الى أنّ لقاءً جمع أمس عون مع الحريري في قصر بعبدا حيث جرى استكمال استعراض ملف التشكيل في ضوء نتائج زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل. وبحسب المعطيات المتوافرة، أكدت مصادر مواكبة للملف أنّ "الأمور لا تزال تدور في الحلقة المفرغة ذاتها والبحث ما زال بالمفرّق وليس بالجملة، والأسماء التي يطرحها الحريري بات من المعلوم سلفاً أنها مرفوضة من قبل عون".

وفي الغضون، تتعزز القناعة يوماً بعد آخر بتخندق "حزب الله" خلف تصلّب عون وباسيل في مقاربة الملف الحكومي بعد إدراج الأخير على قائمة العقوبات الأميركية، باعتبار ذلك "واجباً سياسياً وأخلاقياً" حسبما تصفه أوساط مقربة من الحزب. وتحت سقف هذا الواجب، لوحظ خلال الساعات الأخيرة شن الدوائر الإعلامية التابعة لـ"حزب الله" أو تلك التي تدور في فلكه حملة تشهير ممنهجة ضد المبعوث الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل، تتهمه بالانحياز للرئيس المكلف ضد شروط رئيس الجمهورية ورئيس "التيار الوطني الحر".

واسترعى الانتباه في هذا السياق، نعي الحكومة العتيدة على شاشة "المنار" التي نقلت عن مصادرها قولها: "لا حكومة في الأفق ولا من يحكمون إلا إن غيّروا في طريقتهم ولا يبدو أنّهم سيغيّرون"، معتبرةً أنّ "ما حمله دوريل خلال زيارته لم يزد المراوحة السلبية إلا سلبية"، وأخذت على الحريري أنه متمسّك بتسمية الوزراء في حكومته بنفسه وبعدم قبول أن يقترح عليه عون وباسيل أسماء للتوزير، لتتهم في الوقت نفسه "الموفد الفرنسي بتزكية أسماء لبعض الحقائب الأساسية يريدها الحريري (…) ولم يتردّد في تحميل مسؤولية تأخير ولادة الحكومة لرئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني وحلفائه".

الفرص منعدمة: بدورها، أفادت صحيفة "الاخبار" بأنّ "كل الإشارات والمعلومات تشير الى أن فرص تأليف الحكومة منعدمة، وهو ما أدركه الرئيس المكلف سعد الحريري شخصياً بعد لقائه السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، التي أبلغته رفض بلادها تمثيل حزب الله في الحكومة، مباشرة أو عبر ما يسمى بالاختصاصيين".

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o