Oct 16, 2020 6:18 AM
صحف

الحريري يتشاور مع بري ولن يتصل بباسيل: مَن يؤلف حكومة المبادرة؟

اشارت "الجمهورية" الى انّ الرئيس سعد الحريري لم يكن موافقاً ابداً على تأجيل الاستشارات النيابية، لا بل اختلفَ مع رئيس الجمهورية ميشال عون على تأجيلها. وانه غير صحيح ما تمّ إعلانه من ان ّبعض الكتل النيابية طلبت التأجيل، لأن لا احد من هذه الكتل طلبَ ذلك، حتى "حزب الله" الذي حاول "التيار الوطني الحر" توريطه في أنه ضمناً كان يريد هذا التأجيل، فالحزب لم يطلبه ولم يتدخل وكان قد أكد مشاركته في هذه الاستشارات، وكأقصى حد كان يمكن الا يسمّي أحداً كالعادة، علماً أنّ الـ pointage الأوّلي، الذي وضعه الحريري قبل موعد الاستشارات، أظهَر انه يحصل على 55 صوتاً.

وقالت مصادر متابعة للاتصالات خلال الـ 48 ساعة الماضية التي سبقت موعد الاستشارات قبل تأجيلها، انّ "الحريري كان لديه حسابات تختلف عن الحسابات السابقة، حيث رأى انّ التكليف لم يكن المحطة الكبرى إنما التأليف. وعليه، فإنّ رفضه السابق بعدم قبول التكليف اذا كان هناك من قوى سياسية او طائفة تقاطع الاستشارات، فاختلف هذا الامر هذه المرة في اعتبار ان البلد في مأزق وانّ التكليف لا يحتاج لا لميثاقية ولا لغيرها من الحسابات التي كان يتوقّف عندها في السابق".  وكشفت هذه المصادر أنّ الحريري مستاء جداً مما حصل، لا بل "زعلان"، لكنه لم يتخذ موقفاً في ما اذا كان سينسحب من هذا الترشيح ام لا". 

وهنا رجّحت المصادر "ان يمضي الحريري في ترشيحه". لكنها حذّرت من مدة الاسبوع التي اعتبرتها "عامل وقت سيئ"، كون هذه المدة الطويلة يمكن ان تدخلها عوامل ومتغيرات، إذ إنه لو تأجّلت الاستشارات لمدة يومين او ثلاثة لكان الموضوع اقل صعوبة.

عقبة وحيدة: إلى ذلك، لفتت "الاخبار" الى "ان الحريري يدرك أن العقبة الوحيدة في طريقه حالياً هي عقبة جبران باسيل. رئيس تكتل لبنان القوي لم يمرر مسألة تخطيه من جولة المشاورات التي قام بها. حتى وليد جنبلاط الذي هاجم الحريري بقوة، تلقّى اتصالاً منه. لذلك، فإن الأسبوع المقبل سيحمل معه سؤالاً واحداً: هل سيبادر الحريري تجاه باسيل أم لا؟ المعطيات الراهنة تشير إلى أنه لن يتراجع. لكن ثمّة من يؤكد أن الخلاف الشخصي بينه وبين باسيل لا يبرر تعمّد إهمال رئيس أكبر كتلة نيابية في البرلمان. أما مصادر بيت الوسط، فتحسم الموقف: التأجيل لن يغيّر شيئاً بالنسبة إلى الحريري، فالمشكلة ليست عنده، بل عند الكتل التي أشار بيان رئاسة الجمهورية إلى أنها طلبت التأجيل.

وللسبب نفسه، فإن باسيل لم يربط موقفه بأي خطوة من الحريري. ونُقل عن مصادر التيار أن موقفه لن يتغير بعد تأجيل الاستشارات لأسبوع، وهو لن يسمي الحريري. أكثر من ذلك ثمة من يؤكد أن التيار سيعلن عدم مشاركته في الحكومة عندها.
إذا وصلت الأمور إلى هذه الطريق المغلقة، هل تتحمّل رئاسة الجمهورية تأجيلاً إضافياً للاستشارات؟ عملياً، فإن أسباب التأجيل الأول قد تصلح لتأجيل ثان، لكن في المقابل ثمة من يؤكد أن الخطوة مستبعدة، أولاً لأنه تبيّن أن لا اعتراضات على تكليف الحريري سوى من قبل التيار الوطني الحر (إلى جانب طلال ارسلان) لأن أي تأجيل لن يكون مبرّراً بالنظر إلى حجم الضغوط التي يتعرّض لها البلد، اقتصادياً ومالياً واجتماعياً. عندها سيتم النظر إلى التأجيل بوصفه تعطيلاً للاستشارات وللمبادرة الفرنسية.

بحسب المعلومات، فإن الحريري لن يتعامل مع التكليف، في حال حصل عليه، بمنطق الأقلية والأكثرية والمناطقية والميثاقية. المطلوب بالنسبة إليه الحصول على العدد الأكبر من التسميات، ليتم تكليفه تشكيل الحكومة. أما مسألة عدم تسميته من قبل الكتلتين المسيحيتين الأكبر، فإنه لن يكون لها تأثير في حساباته. يوجد ٢٢ نائباً من خارج التيار الوطني الحر والقوات، وبالنسبة إليه، رئيس الجمهورية هو الممثل الأول للمسيحيين، ولا يمكن تجاهل حقيقة أنه الرئيس الفعلي للتيار الوطني الحر.

كل ما سبق يشير إلى أن مشكلة التكليف حالياً محصورة بين الحريري وباسيل، لكن ألم يكن حزب الله موافقاً على التأجيل؟ مصادر مطلعة تؤكد أن الثنائي الشيعي مقتنع أن الحريري هو الخيار الأول لرئاسة الحكومة، وليس صحيحاً أنه كان يؤيد تأجيل الاستشارات. المصادر تدعو إلى التدقيق في بيان الرئاسة الثانية (رفض تأجيل الاستشارات)، للتأكد من أن حزب الله وأمل يؤيّدان الحريري. مع ذلك، فإنه لم يصدر أي موقف من الحزب بشأن التسمية، لكن الأكيد أن نواب حزب الله كانوا يستعدون للمشاركة في الاستشارات. هم بشكل أدقّ لا يمانعون ترؤسه الحكومة لكن من دون أن يعني ذلك أن يحملوا رايته. ببساطة ما طلبوه عند تكليف مصطفى أديب يطلبونه من الحريري. وبحسب المعلومات، فإنه تم الاتفاق على أن يسمي الثنائي الشيعي الوزراء الشيعة (أو أن يقدموا أكثر من اسم يختار الرئيس المكلف واحداً منها)، إضافة إلى حصولهم على وزارة المالية. ذلك يقود إلى أن حزب الله، وأنه لا يزال يؤكد على متانة التحالف مع عون، إلا أنه في الشقّ الحكومي، سبق أن تم تجاوز مبدأ التوافق. ولذلك، لم يفسد رفض باسيل حصول الشيعة على حقيبة المالية للودّ قضية بين الطرفين. وكذلك فإن الاختلاف على تسمية رئيس الحكومة، سيكون محطة أخرى على طريق التباينات، والتي كان آخرها الخلاف بشأن شكل الوفد المفاوض على ترسيم الحدود.

اتصالات بين بري والحريري: من جهة أخرى، استبعدت مصادر سياسية حدوث متغيرات جذرية بمواقف الكتل النيابية خلال الايام المقبلة وتحديدا حتى يوم الخميس المقبل، اشارت الى اتصالات بعيدة من الاضواء تمت بين مسؤولين فرنسيين يتولون متابعة تنفيذ المبادرة الفرنسية اول بأول وعدد من المسؤولين والسياسيين اللبنانيين، ابدى هؤلاء استياءهم البالغ من تأجيل مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة، معتبرين هذا الاجراء بأنه يعقد المباشرة بتنفيذ المبادرة الفرنسية ولا يسهل تنفيذها، وهو لا يصب في مصلحة لبنان واللبنانيين ويؤخر المباشرة في حل الأزمة المتعددة الاوجه التي يواجهها لبنان حاليا.

واذ اشارت إلى إتصالات متسارعة جرت ليل أمس الاول بين الرئيسين نبيه بري والحريري لاستيعاب تداعيات التأجيل غير المبررة بكل المقاييس والامتناع عن الرد على ما حصل سلبا او ايجابا لقطع الطريق على أهداف الذين كانوا وراء خطوة التأجيل وابقاء زخم التحرك السياسي قائما، اشارت المصادر إلى حركة مشاورات ستتواصل خلال مدة التأجيل للالتزام بإجراء الاستشارات النيابية الملزمة في موعدها وانطلاق عملية تشكيل الحكومة الجديدة بالرغم من كل الاعتراضات من البعض، والقيام بكل ما يمكن القيام به لقطع الطريق على اي عراقيل او عقبات، محلية او خارجية محتملة لإعاقة وتأخير تشكيل الحكومة العتيدة.

وحسب هذه المصادر فإن اصرار رئيس الجمهورية على منح مهلة اضافية للاتفاق مع الرئيس المكلف على انقاذ المبادرة الفرنسية تبرز الحاجة الى هذه الفرصة وسط معلومات تفيد ان تنفيذها يحتاج الى اكبر عدد من المؤيدين خصوصا ان تعثرا في المواقف حيالها برز وبالتالي التأجيل يعالج ذلك.

وساطات على الخط: وفي السياق، كشفت مصادر مواكبة أن الحريري تلقى  نصائح "بالتروي وعدم التراجع"، على اعتبار أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون "سيجد صعوبة بالغة في إرجاء الاستحقاق مجدداً بعد انقضاء فترة الأسبوع، وبالتالي لا داعي لسحب الحريري ترشيحه خصوصاً بعدما حاز على أكثرية أصوات مرتفعة ومتنوعة نيابياً".

ولفتت المصادر عبر "نداء الوطن" إلى أنّ وساطات دخلت على الخط لإقناع الحريري بلقاء باسيل غير أنه لا يزال مصراً على أنّ تشكيلة حكومته يجب أن تكون من الاختصاصيين المستقلين بعيداً عن المحاصصات السياسية والحزبية. وأشارت معلومات موثوقة عن عزم رئيس "التيار الوطني" جبران باسيل الطلب من الحريري أن تعود وزارة "الطاقة" من حصة التيار أسوةً بعودة وزارة المالية للثنائي الشيعي.

وتوازياً، كشفت المصادر أنّ عون "غمز من قناة حزب الله" في تبرير قراره تأجيل الاستشارات فألمح في اتصالاته إلى وجود "كتل غير مسيحية" أيضاً تطلب مزيداً من الإيضاحات والمشاورات قبل تكليف الحريري، مشيرةً في هذا السياق إلى معطيات تفيد بأنّ الحزب لم يكن معارضاً تأجيل الاستشارات بينما رئيس المجلس النيابي نبيه بري كان من أشد المتحمسين لإجرائها في موعدها دون تأجيل وأبدى استعداده لمساعدة حكومة الحريري على مستوى المواكبة التشريعية السريعة لقراراتها.

صمت الحريري: في الموازاة، ساد في "بيت الوسط" أمس صمت لافت، ولم يسجّل الرئيس سعد الحريري اي خطوة علنية، في وقت تردّدت أوساطه في الحديث عن الخطوة اللاحقة التي يمكن ان يتخذها. ولفتت أوساط الحريري الى عدم زيارته رئيس الجمهورية ميشال عون عقب انتهاء جولة وفد كتلة "المستقبل" على رؤساء الكتل النيابية. وقالت لـصحيفة "الجمهورية": انه وقبل أن تنتهي الجولة فوجِىء بالحديث الذي تَنامى إليه من اكثر من مصدر عن نيّة رئيس الجمهورية تأجيل الاستشارات، الأمر الذي دفعه الى الاتصال به مُستَفسراً عن دوافعه الى هذا التأجيل التي تتناقَض مع ما كانت قد أكّدته مصادره قبل ساعات قليلة في اعتبار انها ما زالت في موعدها!!
 
وأضافت الاوساط نفسها انّ التبرير الذي قدمته مصادر بعبدا لم يقنع الحريري بأي شكل من الأشكال، سائلة: "منذ متى يُحكى عن ميثاقية التمثيل المناطقي النيابي في تسمية رئيس الحكومة ِليُقال انّ نواب جبل لبنان، مثلاً، قالوا انهم لن يسمّوا الحريري لتستقيم الامور وتُشَكِّل سبباً للتأجيل؟".

واشارت الى "انّ الثقة لم ترتبط يوماً بالتكليف بل عند التأليف، وإلا كيف مَضوا في تسمية الرئيس حسان دياب لتشكيل الحكومة في ظل رفض أكثرية النواب السنة ورغم غضب الشارع السني ولم يقل انّ نواب بيروت مثلاً لم يسمّوا دياب، أليست بيروت من ضمن الميثاقية للتمثيل النيابي المناطقي كما قالت مصادر بعبدا أمس؟".

وردّت اوساط الحريري التأجيل الى "نيّة معروفة وإن لم تُعلن، فهناك من استدرجَ رئيس الجمهورية بحُكم الصلات العائلية الى تأجيل الاستشارات، أيّاً كان الثمن الذي سيدفعه البلد، وهل ان الامور باتت رهناً باتصال لم يُجره الحريري او زيارة لم يقم بها؟".

نجم: وفي السياق، تحدث عضو كتلة المستقبل النائب نزيه نجم عن "الإستنسابية المعتمدة من قبل المقربين من رئيس الجمهورية في تقييمهم للأمور، فالرئيس حسان دياب لم يحصل على ثقة طائفته وعلى تأييد دار الفتوى، ورغم ذلك لم يؤجل عون الاستشارات النيابية ولم يتحدث يومها عن الميثاقية"، سائلا عما "إذا كانت الميثاقية تعني فقط المقربين من فريق العهد؟".

وقال نجم، في حديث لجريدة الأنباء الالكترونية: "بعد هذه الأزمة التي تضرب لبنان منذ سنوات لم يعد في لبنان مسلم ومسيحي بل هناك جائع وحرامي".

وأكد نجم أن "الحريري لن يعتذر لأن مصلحة لبنان واللبنانيين بالنسبة إليه فوق كل إعتبار، وهو لم يترشح ليعتذر خاصة بعد الإجماع عليه من قبل غالبية القوى السياسية".

وعن أجواء لقاء كتلة المستقبل مع كتلة الوفاء للمقاومة، أشار نجم الى أنه كان جيدا، كاشفا أن رئيس مجلس النواب نبيه بري إتصل بالحريري وتمنى عليه عدم التراجع والاعتذار عن ترشحه، وأن رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط اتصل أيضا للغرض عينه ما يعني أن كل القيادات الوازنة داعمة للحريري.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o