Oct 08, 2020 6:19 AM
صحف

استشارات التكليف: إبراء ذمة عون تجاه اللبنانيين والمجتمع الدولي!

حسم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمره وقرر تحريك المياه الحكومية الراكدة في مستنقع الانتظار محدداً 15 تشرين الاول الجاري موعداً لإجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس للحكومة الجديدة.

وفي السياق، قالت مصادر معارضة في اتصال مع "القبس" بشأن تحديد موعد استشارات التكليف ان عون أراد ابراء ذمته تجاه اللبنانيين والمجتمع الدولي بغض النظر عن نتائج هذه الخطوة، التي ستتبلور بعد رصد موقف رؤساء الحكومات السابقين ومدى قدرتهم على التوافق على اختيار شخصية لدعمها.

لبنان على موعد مع استحقاقين كبيرين الأسبوع المقبل: انطلاق الجولة الأولى من مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل برعاية الأمم المتحدة، وبدء الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف لرئيس حكومة جديد.

ورغم ضبابية الاستحقاق الثاني ومآلاته المشكوك بنتائجها، فإن أوساط سياسية تعتبر أن الملفين مترابطين، لناحية انعكاس سير المفاوضات على شكل الحكومة المرتقبة التي ستواكب عملية ترسيم الحدود وما سيعقبها من استحقاقات سياسية واقتصادية.

 وفيما تُجمع كل القوى السياسية على تمسكها بالمبادرة الفرنسية وإن بشقها الاقتصادي بعد افشال تشكيل حكومة وفق بنودها، الا أن مفاوضات الترسيم بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي برعاية الامم المتحدة، تؤشر الى مرحلة لبنانية بمعايير اخرى، حيث الضغوط الأميركية ستتجاوز المرونة الفرنسية من دون أن تتعارضا بالضرورة.

 فبالتوازي مع نجاح الولايات المتحدة في وساطتها لإطلاق اطار التفاوض، ستتواصل الضغوط الأميركية على حزب الله في حال اقرار التشريع الذي تقدّم به النائب الجهوري جو ويلسون، ويستهدف المصارف اللبنانية الموجودة في الضاحية الجنوبية والجنوب، اضافة الى فرض عقوبات على المزيد من رجال القيادات اللبنانية المتعاونة مع الحزب.

وتزامناً مع تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة صدر موقف فرنسي بشأن المساعدات إذ اعلن وزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان أن «مؤتمر مساعدة لبنان لن يعقد في شهر اكتوبر الحالي وسيتم تأجيله إلى نوفمبر المقبل معلناً عن اجتماع لمجموعة الاتصال الدولية بشأن لبنان خلال أيام للتأكيد على تشكيل حكومة.

وأعلن رئيس الجمهورية موعد الاستشارات الخميس المقبل من دون تفاهمات مسبقة حتى الساعة على اسم الشخصية التي ستتولى تشكيل الحكومة.

 مصادر القصر الجمهوري لفتت ان الرئيس عون بادر الى هذه الخطوة انطلاقا من التزامه بالدستور، مفسحا في الوقت عينه، المجال، أسبوعا، للاتفاق على اسم رئيس حكومة توكل اليه مهمة تشكيل الحكومة العتيدة.

إبراء ذمة: في المقابل، رأت مصادر معارضة ان عون، أراد بهذه الخطوة، التي نسقها مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، أن يرمي عنه تهمة تجاوز اصول عملية التشكيل وقوانينها، ويعيد رمي الكرة في ملعب القوى السياسية، وعلى رأسها الرئيس سعد الحريري ورؤساء الحكومات السابقين.

وقالت المصادر في اتصال مع "القبس" ان عون أراد ابراء ذمته تجاه اللبنانيين والمجتمع الدولي بغض النظر عن نتائج هذه الخطوة، التي ستتبلور بعد رصد موقف رؤساء الحكومات السابقين ومدى قدرتهم على التوافق على اختيار شخصية لدعمها.

وفق المصادر، ستزيد مبادرة عون الشرخ بين أعضاء نادي الرؤساء الذي بدأ خلال تكليف مصطفى اديب مع تراجع الحريري عن مبدأ المداورة في الحقائب وقبوله بإعطاء المالية للطائفة الشيعية، واستكمل مع اقتراح الرئيس نجيب ميقاتي حكومة تكنو- سياسية بدل حكومة مستقلين.

هذه الاختلافات والتباينات تجعل التوافق على تكليف شخصية بغطاء سني متعسراً، في وقت تنحسر الخيارات داخل أعضاء النادي بين اسمي الرئيس الحريري ونجيب ميقاتي، علماً أن لكل منهما صيغته الحكومية التي تلاقي اعتراضات من قوى أخرى.

فميقاتي يطرح حكومة تكنوسياسية يوافق عليها حزب الله والتيار الوطني الحر، إلا أنهما يفضلان الحريري، الذي يطالب بحكومة مستقلين، لترؤسها. وهو ما أكد عليه مسؤول العلاقات الخارجية في حزب الله عمار الموسوي في لقائه مع السفير الفرنسي برونو فوشيه مكررا «تمسك حزب الله بترشيح الحريري لتشكيل حكومة، وفقاً للمبادرة الفرنسية، وإنما مع إدخال تعديلات عليها لناحية شكل الحكومة».

في الأثناء، يترقب الجميع ما سيدلي به الحريري مساء اليوم (الخميس) في مقابلة تلفزيونية مطولة سيحدد خلالها مقاربته للملف الحكومي وللمبادرة الفرنسية، علماً أن مصادر مقربة من «المستقبل» أوضحت لـ القبس أن الحريري سيؤكد التزامه بالمبادرة الفرنسية، أي تشكيل حكومة اختصاصيين وليس حكومة تكنو-سياسية. وتوضح المصادر أن إنجاح المسار الحكومي لا يتوقف فقط على اتجاهات موقف رؤساء الحكومات السابقين، بل بموقف الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر اللذين يربطان التكليف بالتأليف، أي باتفاق مسبق على شكل الحكومة وطبيعتها وتوزيع الحقائب فيها. وهما لم يتراجعا عن شروطهما فما الذي سيتغير في حال سمى الطرف السني شخصية جديدة؟

حكومة تكنوسياسية: من جهة أخرى، وبحسب "اللواء"، استبعدت مصادر مطلعة على موقف الرئيس عون ان يكون لديه أي توجه في تأليف حكومة شبيهة بالحكومة المستقيلة، مرجحة ان تكون الحكومة تكنوسياسية من زاوية ان المبادرة الفرنسية هي نقطة الانطلاق.
وحسب متابعين، فإن الرئيس عون لا يرغب ان يتحمل وحيداً مسؤولية عدم التوافق، وان لا حاجة للتوافق على التأليف قبل التكليف، وفقاً لما كان فريقه يردد.. وبالتالي لم يحدث تفاهم مع برّي.. وليتحمل كل طرف مسؤوليته، لئلا تلقى أعباء رفع الدعم في غضون الأشهر القليلة المقبلة على عاتق الحكم في ظل غياب حكومة مؤلفة اصولاً..

وتردد انه في حال أصر الحريري على موقفه بالاعتكاف عن تولي المنصب، تتجه الانظار الى احتمال تكليف شخصية نيابية سنيّة، في حال تم الاتفاق على حكومة تكنو- سياسية، ومن دون اسقاط اسم المرشح المعتذر مصطفى أديب.
كما يُنتظر ان يقوم الرئيس بري باتصالات لتسهيل التوافق على التكليف والتأليف، وثمة من راهن على انه سيحاول إقناع الحريري بالترشح للمنصب او تسمية شخصية من اختياره، لكن تبقى مسألة الاتفاق على التأليف ايضاً رهن بالاتصالات التي ستجري هذا الاسبوع.

وتردد ان عون سيتصل بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ليضعه في صورة القرار وخلفياته.

لا رابط: فيما تردّدت معلومات عن إمكان حصول تواصل بين رئيس الجمهورية وماكرون، لعلّ هذه الاستشارات الملزمة تُرفد بجهود فرنسية لإنجاز التكليف الخميس المقبل، الّا أنّ مصادر معنية بهذه الاستشارات أكّدت لـ"الجمهورية"، أن "لا رابط بين الدعوة اليها وبين المبادرة الفرنسية، وكلّ ما يُقال عن نصائح فرنسية وراء هذه الدعوة ليس واقعياً، وخصوصاً انّه لا بوادر حتى الآن لخروج هذه المبادرة من التعثر الذي اصطدمت به".

تحريك المبادرة الفرنسية: إلى ذلك، تقول مصادر بعبدا لـ"النهار"، ان خطوة رئيس الجمهورية بتحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة في 15 تشرين الأول الحالي جاءت معزولة عن أي تفاهمات مسبقة، لكن الرئيس عون توافق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري عليها وحصل بالفعل امس اتصال هاتفي بينهما اطلع خلاله عون بري على تحديد موعد الاستشارات. واعتبرت المصادر نفسها ان مهلة الأسبوع الفاصلة عن موعد الاستشارات ستشكل فرصة كافية للكتل النيابية لكي تسمي مرشحها لرئاسة الحكومة علما ان الرئيس عون لن يعقد أي لقاءات قبل الاستشارات ولو اجرى بعض الاتصالات الضرورية لتسهيل اجرائها وإنجاحها. وتشير دوائر بعبدا في هذا السياق الى ان الرئيس عون لا يضع أي فيتو على أي اسم لتولي رئاسة الحكومة يأتي نتيجة الاستشارات التي سيجريها. وقد جاءت خطوته امس بحسب دوائر بعبدا بعد التأكد من ان قنوات الاتصال كانت متوقفة تماما بين مختلف الافرقاء . وإذ يبدو في خلفية الموقف الرئاسي كما في خلفية مواقف كثيرين ترقب لما سيعلنه الرئيس سعد الحريري في إطلالته التلفزيونية مساء اليوم، تؤكد دوائر بعبدا ان رئيس الجمهورية يسعى الى تحريك المبادرة الفرنسية ملمحة الى تواصل سيتم بين بعبدا وحلقة الرئيس ماكرون التي تتابع المبادرة الفرنسية. وتشدد على ان عون لن يقف متفرجا خلال مهلة الستة أسابيع التي حددتها باريس وما أراده هو حض رؤساء الكتل النيابية على القيام بالدور المطلوب منهم لتسمية شخصية رئيس الحكومة فضلا عن تزاحم الملفات الضاغطة المالية والاقتصادية والمعيشية التي تحتم تحمل المسؤوليات كما ان هناك تحضيرا يجري للمفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية والبرية في ظل عدم وجود حكومة فعالة وكل تأخير في تشكيل الحكومة الجديدة يدفع الامور نحو الأسوأ.

على إجر ونص: إلى ذلك، تؤكد مصادر مواكبة للملف الحكومي لـ"نداء الوطن" أنّ "كل فريق لا يزال على موقفه ولم يطرأ أي تقدم حتى الساعة"، معربةً عن اعتقادها بأنّ "قوى 8 آذار تنتظر أن يبادر الرئيس سعد الحريري بالخطوة الأولى لتحديد مسار الأمور، وعليه يصح القول بأنّ الاستشارات ستبقى واقفة حالياً "على إجر ونص" بانتظار ما سيقوله اليوم في إطلالته المتلفزة.

وإذ نفت أوساط قصر بعبدا أن تكون الدعوة إلى الاستشارات مرتبطة بالمبادرة الفرنسية، إنما أتت انطلاقاً من "التزام الدستور"، لافتةً إلى أنّ هذه المبادرة هي حالياً متعثرة في شقها السياسي لكنها مستمرة في شقها الاقتصادي، برز أمس تأكيد وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان انعقاد مجموعة الاتصال الدولية بشأن لبنان خلال أيام للتأكيد على الحاجة لتشكيل حكومة، معلناً كذلك عن عقد مؤتمر مخصص لتقديم المساعدات الإنسانية للبنان الشهر المقبل.

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o