Sep 19, 2020 9:56 AM
صحف

كورونا قيّد قدرة الصحافيين للوصول إلى مصدر المعلومات

قيد فيروس كورونا المستجد قدرة الصحافيين على الوصول إلى العديد من الأحداث والأخبار المهمة، كما أنه شكل فرصة جيدة للجهات الحكومية وكل من يرغب في بناء حائط سد أمام الصحافيين لمنعهم من الوصول إلى المعلومات القيمة، مما أضعف الإعلام المستنزف أساسا.

وساهم الوباء في تراجع أعداد المؤتمرات الصحافية الحضورية وفرض إرسال الأسئلة مسبقًا وفي أحيان كثيرة استحالة طرح الأسئلة أو عدم الرد على الاستفسارات، فأصبح الوصول إلى المعلومة أمرا منهكا للصحافي في حال استطاع الحصول عليها.

ومن الأمثلة على ذلك، قيام الاتحاد الأوروبي لكرة القدم خلال المباريات الدولية بإزالة المناطق المختلطة، حيث كان يسمح للصحافيين بلقاء اللاعبين. وبات كذلك من الصعب مقابلة مصممي الأزياء، مع بدء موسم عروض الأزياء، سواء أقيم العرض بشكل حضوري أم أقيم عن بعد.

ووصفت رولا خلف، رئيسة تحرير صحيفة فايننشيال تايمز، الوضع الصحافي أثناء وباء كورونا بـ“تغيرت غرفة الأخبار في فايننشيال تايمز بين عشية وضحاها من مكتب مزدحم إلى مكان عمل رقمي مشتت. لقد كانت الجائحة اختبارًا لا مثيل له للمنظمات والحكومات في جميع أنحاء العالم ولنا جميعا”.

وأضافت “آمل أن تكون فايننشيال تايمز قد اجتازت هذا الاختبار من خلال تقديم الأخبار والبصيرة والتحليل والتحفيز الفكري الذي تحتاجه للتنقل في هذا العالم سريع التغير”.

وأكدت أن المحتوى المتميز للصحيفة جعلها تصمد وازداد عدد المشتركين الجدد بعشرات الآلاف منذ مارس، موضحة “لقد كانت هذه الأشهر صعبة بالنسبة لأعمال فايننشيال تايمز، لكننا لا نزال في وضع مالي قوي بفضل ولاء مشتركينا. أثبت نموذج أعمالنا باعتماده القوي على عائدات الاشتراك الرقمي قيمته ومرونته في أوقات الأزمات”.

وأمام الظروف التي فرضت على المؤسسات أو الحكومات أو المسؤولين المنتخبين أو الشركات أو الهيئات أو الاتحادات الرياضية أن تتكيف مع القيود الصحية، “بتنا نشهد بانتظام مواقف يستغل فيها الناس وباء كوفيد – 19 لإخفاء المعلومات” بحسب ما قال ديفيد كويلير، أستاذ الإعلام في جامعة أريزونا.

وتشمل محاولات إخفاء المعلومات بالدرجة الأولى البيانات المتعلقة بالوباء نفسه، التي قد تلقي الضوء على سوء إدارة الحكومة أو السلطات المحلية للأزمة الصحية. فقد رفضت حاكمة كانساس لورا كيلي هذا الأسبوع طلبًا من موقع “كانساس ريفلكتور” الإخباري للحصول على معلومات تتعلق بمتاجر الولاية التي ظهرت فيها بؤرة الإصابات.

ويتحجج البعض بحماية البيانات الشخصية لعدم تقديم معلومات تتعلق بعدد الإصابات في دور المسنين أو الجامعات، وإن كانت النصوص المرعية الإجراء “لا تطبق في هذه الحالة” لأن المعلومات لا تتضمن هويات الأفراد، بحسب كويلير.

ورأى كويلير، الرئيس السابق لنقابة الصحافيين “أس بي جاي” الأميركية، أن وكالات حكومية ومجالس بلدية ومنظمات محلية تتخذ قرارات “بمنأى عن أعين المتطفلين”.

وفي السياسة، يُتهم المرشح الرئاسي الديمقراطي جو بايدن على الدوام بتفادي وسائل الإعلام بحجة الوباء. ويعزو فريق حملته اقتصار تحركاته على نحو عشرة مراسلين ومصورين فقط إلى الاحتياطات الصحية.

وللإجابة عن الأسئلة، وهو أمر نادر، يقوم مسؤولو الإعلام في حملته بتعيين الصحافيين الأربعة أو الخمسة الذين سيلتقونه، إلى درجة أن الجمهوريين اتهموه، دون تقديم دليل، بأنه يحصل على الأسئلة مسبقًا.

بالإضافة إلى مسألة الوصول إلى المعلومة، فقد تعرض صحافيون للرقابة في العديد من البلدان، في إجراء تم تبريره على أنه لمكافحة المعلومات المضللة المرتبطة بالوباء.

ويقول نديم الناشف مدير مركز حملة المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي، في تقرير نشرته شبكة الصحافيين الدوليين، “بالنسبة للحكومات يفترض أن يكون دورها حماية المواطنين ولكن في الواقع ما نشهده عكس ذلك تماما، حيث قامت أغلب الحكومات بأخذ الشرعية من خوف الناس على صحتهم، ومنه شرعنت اختراقات وانتهاكات لخصوصيتهم لاسيما في الدول ذات الأنظمة القمعية، حيث طرحت تطبيقات وبرامج رقابية وترصّد وتجسس، وكل ما تفعله الحكومات بهذه البرامج والتطبيقات إنما هو استغلال لأزمة كورونا من أجل فرض سيطرتها على المواطنين ومراقبتهم”.

وأضاف الناشف “لم تقم شركات مواقع التواصل الاجتماعي بإجراءات حماية سوى محاربتها للأخبار الكاذبة والمضللة، وللأسف تتواطأ بعض الشركات مع الحكومات وسياساتها ولا تقوم بدورها في حماية بيانات المستخدمين وخصوصياتهم”.

وألغت عدة دول تأشيرات دخول أو أمرت بترحيل مراسلين أجانب، مثل الصين أو مصر، بعد نشر مقالات تنتقد طريقة إدارة أزمة الوباء. وتندرج هذه الصعوبات في سياق غير موات بالفعل للصحافة التي تعاني، في سائر أنحاء العالم، من انخفاض في الدخل تفاقم مع الوباء، وخصوصا على المستوى المحلي.

ورأى كويلير أن الصحافيين “لم يعد لديهم الوقت الكافي للحصول على مصادرهم والتعمق في البيانات العامة، بسبب النقص المزمن في أعدادهم”. وأوضح أنه نتيجة ذلك “يتم تقديم الكثير من المعلومات إلى الصحافيين بشكل مستهلك، من قبل جهات اتصال محترفة، دون تحقق. وهذا ليس بالأمر الجيد”.

وفي الرياضة أصبحت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة التي غالبًا ما تدفع ثمناً باهظًا لقاء حقوق البث، وكانت تتمتع قبل الوباء بامتيازات مقارنة بالصحافيين الآخرين، أكثر أهمية على الرغم من أن هذه العلاقات المالية تمثل تضاربًا محتملاً في المصالح.

واعتبرت كورتني رادش من لجنة حماية الصحافيين “لقد ازدادت مناورات السياسيين وغيرهم للتحكم في الرسائل التي يودون تمريرها خلال العامين الماضيين”، مشيرة إلى أن ذلك تعزز إثر ظهور وباء كوفيد – 19.

 وأعرب عن قلقه قائلا “نحن نتجه نحو فترة مظلمة إذا لم يتغير شيء”، مضيفا “قد يفضي ذلك، في غضون 20 إلى 30 عامًا، إلى نهاية الديمقراطية التي نعرفها”. وأقرت رادش بأن الوضع “محفوف بالمخاطر”، لكنها لمست “اعترافًا متزايدًا” من قبل البعض “بالدور المهم الذي لعبته الصحافة أثناء الوباء”.

المصدر - العرب اللندنية

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o