Sep 15, 2020 6:52 AM
صحف

أجواء بعبدا تشاورية ولا استعراض لحقائب او اسماء... وايعاز فرنسي بضرورة التريث

تحت عنوان «التشاور» عقد رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب لقاء مع رئيس الجمهورية ميشال عون من دون أن يتم طرح التشكيلة الحكومية أو البحث في الأسماء، فيما لا تزال الجهود تبذل على أكثر من خط لتذليل العقدة الأساسية التي باتت ترتكز على التمثيل الشيعي وتمسك «حزب الله» و«حركة أمل» بوزارة المال.

وأطلق رئيس الجمهورية أمس الاثنين مشاورات شملت الكتل النيابية الممثلة في البرلمان وبحث معها في «مخارج الأزمة القائمة»، كما أكد أحد المشاركين لـ«الشرق الأوسط»، أن عون لم يطرح أفكارا معينة، لكنه عرض مخاطر الوضع القائم، مبديا عزمه التشاور مع الجميع للخروج من الأزمة. وقالت مصادر شاركت في اللقاءات إن الهدف الأساسي منها عدم حشر الثنائي الشيعي بالتشاور معه من دون غيره، وبالتالي دعوتهما من ضمن الكتل النيابية الأخرى.

ومع بدء العد العكسي للمهلة الفرنسية التي كان قد منحها الرئيس إيمانويل ماكرون للأفرقاء اللبنانيين لتشكيل الحكومة، قالت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية لـ«الشرق الأوسط» إن المهلة لا تنتهي اليوم الثلاثاء إنما في 16 أو 17 الشهر الجاري مع تأكيدها على أنها ليست ملزمة ويبقى الأهم نجاح الجهود لتذليل العقد، من تمثيل الثنائي الشيعي إلى المداورة في الحقائب إضافة إلى تولي الوزير أكثر من حقيبة، مضيفة «لذا وبانتظار ما ستنتهي إليه الجهود لم يقدم أديب تشكيلته في لقائه مع عون ولم يطرح أسماء أو صيغة حكومية، بل كان هناك تشاور حول دور الحكومة وبرنامجها في هذه المرحلة»، مشيرة في الوقت عينه إلى أن رئيس الجمهورية يقوم بمشاورات مع رؤساء الكتل أو ممثليهم حول هذه النقاط العالقة.

وفي المقابل، قالت مصادر مطلعة على مساعي تأليف لحكومة لـ«الشرق الأوسط» إن «أديب لا يزال مصرا على المداورة في الحقائب وعدم تخصيص وزارة معينة لطائفة أو قوة سياسية معينة».

وعلمت «الشرق الأوسط» ان عون لم يتطرق الى اسماء الوزراء في المشاورات، وحرص على ان لا يظهر بمظهر المتعدي على صلاحيات رئيس الحكومة المكلف، لكنه ركز على أمرين، الاول هو مدى القبول بتخصيص وزارة المال للطائفة الشيعية، والثاني هو مدى القبول باختيار الرئيس المكلف الوزراء من دون استشارة القوى السياسية. وقد اجابه الجسر بأن لا نص دستورياً يتيح تخصيص وزارة لطائفة، وان الأمر يحتاج تعديلًا دستورياً. وأكد الجسر حق الرئيس المكلف باختيار فريق عمل متجانس، ويعود لمجلس النواب منح الثقة أو حجبها، وأنه منذ اتفاق الطائف حتى اليوم تسلم وزارة المال سبعة وزراء من غير الطائفة الشيعية.

ويبدو، وفق المصادر، أن الإجماع على حكومة أديب مفقود، لا بل حلّ مكانه في الساعات القليلة الماضية، نوع من «الغضب» و«الحرد». فموقف الثنائي الشيعي، الذي عبّر عنه بوضوح رئيس مجلس النواب نبيه بري في بيان أعلن فيه عدم المشاركة في الحكومة، لم يكن من باب التسهيل أو المرونة، بل حمل في تحذيرا من أن هذه الحكومة إذا تشكّلت من دون «الممثلين الحقيقيين للشيعة»، قد لا تجتاز امتحان «الثقة» في البرلمان، أو أن مشوارها لن يكون سهلا.

من هنا تشير المصادر إلى أن أديب فهم الرسالة «ولأنه لا يريد كسر أحد، قرر على ما يبدو التريث، لإجراء مزيد من المشاورات مع الكتل السياسية والوقوف على مخاطرها. فبدأ هذا المسار مساء أول من أمس، باتصال أجراه برئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، ويبدو أنه سيستكمل جولة اتصالاته هذه في الساعات المقبلة ورئاسة البرلمان محطة أساسية ضمنها، حيث سيسعى إلى التوصل إلى صيغة وسطية في شأن حقيبة المال التي يتمسك بها الثنائي». ووفق المصادر، فإن أديب في الفترة الزمنية الإضافية التي افتتحها اليوم، سيقف على خاطر القوى السياسية، لكن من ضمن «الأطر» التي يحددها وهي حكومة اختصاصيين مصغرة.

أجواء بعبدا تشاورية: وفي معلومات "الجمهورية"، انّ اجواء لقاء بعبدا كانت تشاورية اكثر ‏منها استعراض لحقائب واسماء. فالرئيس المكلّف، والذي كان بصدد ‏ان يحمل مسودة حكومة الى رئيس الجمهورية، وضع التشكيلة جانباً ‏وقدّم عليها اهمية الدعم النيابي والسياسي لحكومته، وهو ما لم يكن ‏في حسبانه سابقاً، ما يدل بحسب مصادر مواكبة، الى انّه تلقى اشارة ‏ما بالفرملة من جهة ما.‏

وأشارت المعلومات، الى انّ اديب سمع من عون كلاماً مفاده "خلينا ‏نحكي مع العالم"، ففي نهاية المطاف الكتل النيابية هي التي تمنح ‏الثقة، واذا ما بقيت على مواقفها فالحكومة لا ترى النور، ومن اين ‏ستأتي بالثقة؟

واكّدت مصادر فريق التأليف لـ"الجمهورية"، أنّ "مسودة أديب جاهزة ‏بالكامل، إلاّ أنّ تمنيات تلقّاها فريق الرئيس المكلّف، لتأجيل عرضها ‏للبت بها. فتمرير الحكومة بسلاسة يتطلب بالدرجة الاولى تليين ‏المواقف وفكفكة ما أُمكن من العقد، بما يؤمّن لهذه المسودة العبور ‏بسلام، وليس على أرض خلافية، بما لها من آثار سلبية على الحكومة ‏الجديدة، وعلى البلد بشكل عام".‏

وفي السياق ذاته، علمت "الجمهورية"، أنّ ايعازاً فرنسياً جاء للرئيس ‏المكلّف بضرورة التريث، لأنّه لو قدّم تشكيلته أمس كانت الامور ‏ستأخذ منحى شديد السلبية بعد المواقف الاخيرة، فكان القرار بإحداث ‏‏"تكويعة" او "تنفيسة" في مكان ما، لمنع تدهور الامور ولتحصين ‏المبادرة الفرنسية.‏

واكدت اوساط فريق التأليف أنّ الحكومة أصيبت بنوع من التعثّر الموقت، الذي لن يتعدى حدود ايام قليلة جداً. ولفتت المصادر الى انّ الحكومة التي ستتشكّل هي فرصة للبلد، وهي في الوقت ذاته مريحة للشريك الخارجي وتحديداً الفرنسي في تأليفها، بوصفها فرصة الانقاذ الفرنسية للبنان، التي راهَن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون برصيده الشخصي والسياسي كـ"صولد" على الطاولة الرئاسية في قصر الصنوبر.

بدل عن ضائع: إلى ذلك، رأت أوساط نيابية أن المشاورات التي دعا إليها الرئيس عون ممثلي الكتل للتشاور في التشكيلة الحكومية المرتقبة أنها مشاورات "بدل عن ضائع" تعويضاً عن دور مفقود أراد أن يلعبه في تشكيل الحكومة خلال فترة التكليف.

وأكدت الأوساط لصحيفة "نداء الوطن" أنّ أي تغيير لن يطرأ على خارطة المواقف النيابية بدليل مقاطعة تكتل الجمهورية القوية واللقاء الديمقراطي مشاورات بعبدا وثبات مختلف الكتل الأخرى على مواقفها.

عون ممتعض: كشفت مصادر متابعة عبر "الأنباء" الاكترونية أن الرئيس عون كان ممتعضا من تفرّد الرئيس المكلف مصطفى أديب بتشكيل الحكومة انطلاقا من المبادرة الفرنسية، كما أبلغه بذلك في لقائه الأول معه، وأن عون لم يخفِ غضبه من هذا الاسلوب "لأنه يعتبر نفسه شريكا في تشكيل الحكومات واختيار أسماء الوزراء".

إلى ذلك، أفادت معلومات بعبدا لـ"النهار" ان رئيس الجمهورية تمنى على الرئيس المكلّف اجراء مشاورات بدوره مع الكتل النيابية ‏والقوى السياسية "اذ انه لا يمكن فرض تشكيلة حكومية لا تحظى بالتوافق الداخلي لتكون قادرة على نيل الثقة ‏وعلى اجراء الاصلاحات المطلوبة والتي تتطلب التفافاً حولها من كل الكتل‎".‎

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o