Aug 29, 2020 10:25 AM
صحف

عون مدركٌ "للواقع المرير"...ولم يتأخر في الدعوة للاستشارات
توافق مصري – فرنسي: حكومة فاعلة وإصلاحات سريعة

حسمت رئاسة الجمهورية أمرها وحددت الاثنين المقبل موعداً لإجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة. وبحسب ما أعلن، فإنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تَشاوَر في تحديد الموعد مع رئيس مجلس النواب نبيه بري.

عون لم يتأخر في الدعوة للاستشارات: وأصرّت مصادر بعبدا عبر "الأنباء" على أن "الرئيس عون لم يتأخر في الدعوة للاستشارات لأنه كان يسعى للاتفاق على اسم الرئيس المكلّف قبل الاستماع إلى رأي الكتل النيابية، إدراكاً منه للخلافات والتباينات القائمة بين الكتل، حيث كان لا بد من بلورة اسم معيّن يتم الاتفاق عليه لهذه المهمة، لكن مساعيه اصطدمت بمواقف القوى السياسية التي ليس لديها تصوّر واضح حول تشكيل الحكومة. فهناك فريق يريدها حكومة سياسية، وآخر يطالب بحكومة حيادية، أو اختصاصيين، وهو ما يعكس عمق الفجوة التي تعيشها الطبقة السياسية". واعتبرت المصادر أن، "رئيس الجمهورية مدركٌ لهذا الواقع المرير، ومن هنا كان تريّثه بتحديد موعد الاستشارات". وتمنّت المصادر أن يسلك تشكيل الحكومة طريقه إلى الحل لأن الوضع لا يحتمل الانتظار.

 كتبت "الشرق" تقول: صدقت التوقعات وركن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى المنطق الدستوري. حدّد الاثنين المقبل موعدا للاستشارات النيابية الملزمة، وقطع الطريق على من يتهمه بضرب الاصول القانونية من خلال افساح المجال للتأليف قبل التكليف. الدعوة حركت المياه الراكدة في مستنقع التشكيل منذ استقالة حكومة الرئيس حسّان دياب، فارضة ايقاعا جديدا من المشاورات داخل الفريق الواحد وبين القوى السياسية بحثا عن هوية الرئيس العتيد الذي تشكل كتلة المستقبل النيابية إبرة البوصلة في اتجاهه اذا ما قرر رئيسها سعد الحريري تسمية شخصية للمهمة، وهي الاولى في القصر في جدول مواعيد الاستشارات.

وبعيدا من الاسباب التي حملت الرئيس على تحديد الاستشارات ساعات قبل وصول الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وقد قيل فيه ما لم يقله "مالك في الخمر"، فإن الضبابية التي تغلف مصير الاستشارات تكاد تكون الاشدّ وطاة في ضوء عدم وضوح الرؤية ازاء الشخصية "الانتحارية" التي ستتولى مهمة على هذا القدر من الصعوبة والمجازفة في ادقّ واخطر مرحلة في تاريخ لبنان، ترتسم في الافق ثلاثة سيناريوهات في ختام اليوم الاستشاري الطويل: الاول عدم تسمية الفريق السني بمن يمثل اي شخصية لتأليف الحكومة وتاليا يحذو فريق 8 اذار حذوه فترجأ الاستشارات الى موعد لاحق لعدم توافر من يُكلف، الثاني ان يسمي فريق المستقبل شخصية فيسير بها سائر الاطراف، الثالث تسمية شخصية متوافق عليها سنيا ترفضها 8 اذار.

لكنّ السيناريو الاكثر ترجيحا بحسب ما تفيد مصادر مطلعة هو الاول بحيث تتعثر الاستشارات لغياب الاتفاق من دون اسقاط فرضية مقاطعة بعض القوى السياسية. وتتحدث عن مخرج يجري العمل عليه راهنا من الجانب الفرنسي عنوانه " دوحة لبنانية برعاية فرنسية في بيروت"، عبارة عن سلة متكاملة على غرار اتفاق الدوحة يتضمن رئاسة الحكومة ووزراءها وجدول اعمالها لمدة 8 اشهر برعاية ومواكبة دوليتين. وفي هذه الحال، تتوقع المصادر ان يشكل الاتفاق الباب الوحيد لعودة الرئيس الحريري الى السراي.
وفيما قالت بعض المصادر انّ مبادرة رئيس الجمهورية بتحديد الموعد الاثنين، تُعتبر خطوة لِحشر الاطراف المعنية بالملف الحكومي وحثّها على التوافق على رئيس الحكومة. وهو بتحديده موعد الاستشارات الاثنين، يعطي مهلة 72 ساعة لهذه الاطراف لحسم هذا التوافق، الّا انّ اللافت كان تغريدة رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط التي كتب فيها: «بعد تأخير في الدعوة الى الاستشارات ومخالفات الطائف، كأنّ بعض القوى السياسية تختبر مسبقاً دستوراً جديداً، وبعضها ينادي به جهارة، تحددت الاستشارات نهار الاثنين حياء، كون الرئيس ماكرون سيأتي الثلاثاء».

وبحسب مصادر سياسية معنية بالملف الحكومي، فإنّ موعد الاستشارات الملزمة، وعلى رغم تأكيد مصادر في بعبدا انّ هذه الاستشارات لن تتأجّل وعلى رغم مبادرة رئاسة الجمهورية إلى توزيع جدول لقاءات رئيس الجمهورية بالكتل والنواب، يبقى عرضة للتأجيل في حال لم يتم التوافق على اسم لرئاسة الحكومة. ومن هنا، تحرّكت اتصالات مكثّفة في الساعات الماضية لِحسم اسم رئيس الحكومة العتيد، ولا سيما بين الثنائي الشيعي و»التيار الوطني الحر»، وبين المراجع السنية السياسية والدينية، وكذلك على خط عين التينة وجنبلاط، وما بين الثنائي وتيار المردة وسائر الحلفاء.

وبحسب معلومات «الجمهورية» فإنّه حتى ما بعد إعلان مواعيد الاستشارات الملزمة، فإنّ الرئيس سعد الحريري لم يكن قد سمّى أحداً لرئاسة الحكومة، وذلك التزاماً منه بما سَبق وأعلنه بأنه لن يسمّي أحداً او يغطّي أحداً من المقرّبين منه لرئاسة الحكومة. هذا في وقت كانت فيه بعض الاسماء تُطرح بشكل مُتتال وتُدخَل الى نادي المرشحين، ولا سيما اسم الرئيس تمام سلام، الذي أكدت أوساطه لـ»الجمهورية» انه ليس معنيّاً على الاطلاق بكل ما يتعلق بطرح اسمه لتشكيل الحكومة، وانه بالتالي لن يكون مرشّح امر واقع، علماً انّ للرئيس سلام، وبناء على تجربته السابقة في رئاسة الحكومة، موقفاً معروفاً بأنّه يرفض بشكل قاطع ونهائي تشكيل حكومة في عهد عون ووجود جبران باسيل ربطاً بمعاناته معهما في فترة تَرؤسه الحكومة».

هذه المواقف تزامَنت مع اجتماع عقده الرؤساء السابقون للحكومات، الحريري والسنيورة وميقاتي وسلام، من دون ان يتم الإعلان عن أيّ قرار بشأن التسمية في الإستشارات النيابية الملزمة، وقد تم الاتفاق على إبقاء الاجتماعات مفتوحة.

استشارات ملزمة عرضة للتأجيل؟: الى ذلك، كشف مشاركون في حركة الاتصالات لـ"الجمهورية"، انهم فوجئوا بتحديد موعد الاستشارات قبل بلوغ التوافق على اسم رئيس الحكومة، الّا انهم اشاروا الى انّ الساعات المقبلة ستبلور الصورة اكثر، إن في اتجاه إجراء الاستشارات في موعدها المحدد الاثنين، او في اتجاه تأجيلها الى موعد آخر.

وفيما قالت بعض المصادر انّ مبادرة رئيس الجمهورية بتحديد الموعد الاثنين، تُعتبر خطوة لِحشر الاطراف المعنية بالملف الحكومي وحثّها على التوافق على رئيس الحكومة. وهو بتحديده موعد الاستشارات الاثنين، يعطي مهلة 72 ساعة لهذه الاطراف لحسم هذا التوافق، الّا انّ اللافت كان تغريدة رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط التي كتب فيها: «بعد تأخير في الدعوة الى الاستشارات ومخالفات الطائف، كأنّ بعض القوى السياسية تختبر مسبقاً دستوراً جديداً، وبعضها ينادي به جهارة، تحددت الاستشارات نهار الاثنين حياء، كون الرئيس ماكرون سيأتي الثلاثاء».

وبحسب مصادر سياسية معنية بالملف الحكومي بحسب "الجمهورية"، فإنّ موعد الاستشارات الملزمة، وعلى رغم تأكيد مصادر في بعبدا انّ هذه الاستشارات لن تتأجّل وعلى رغم مبادرة رئاسة الجمهورية إلى توزيع جدول لقاءات رئيس الجمهورية بالكتل والنواب، يبقى عرضة للتأجيل في حال لم يتم التوافق على اسم لرئاسة الحكومة. ومن هنا، تحرّكت اتصالات مكثّفة في الساعات الماضية لِحسم اسم رئيس الحكومة العتيد، ولا سيما بين الثنائي الشيعي و»التيار الوطني الحر»، وبين المراجع السنية السياسية والدينية، وكذلك على خط عين التينة وجنبلاط، وما بين الثنائي وتيار المردة وسائر الحلفاء.

وبحسب هؤلاء المشاركين، فإنّ الرهان في هذه الحالة يبقى على «مفاجأة في ربع الساعة الأخير»، ذلك انّ إجراء الاستشارات وعدمها هما احتمالان ما زالا متساويين، لأنّ الخيارات المطروحة لرئاسة الحكومة محدودة جداً، ومعزّزة بما سمّاها هؤلاء «مجموعة أساسيات» محسومة لدى الثنائي الشيعي تحديداً:

– أولاً، انّ الاستشارات الملزمة ينبغي ان تتم بصورة توافقية لا خلافية، وليس استشارات تشكّل تحدياً لجهات سياسية بشكل خاص وكذلك للطائفة السنية بشكل عام.

– ثانياً، لا تكرار لتجربة حكومة حسان دياب، لا من حيث التكليف ولا من حيث التأليف.

– ثالثاً، قرار حركة «أمل» و»حزب الله» حاسم ونهائي بعدم الدخول في مواجهة، أو تشكيل حكومة مواجهة مع شريحة وازنة وكبيرة من اللبنانيين. وبالتالي، لا حكومة من لون واحد، تحت اي عنوان، أكان حكومة تكنوقراط، او حكومة اختصاصيين، او حكومة تكنوسياسية، بذات الحاضنة السياسية التي احتضَنت حكومة حسان دياب، ذلك انّ وضع البلد شديد السوء، وأخطر بكثير ممّا كان عليه عشيّة تأليف الحكومة المستقيلة، ثم انّ الاساس هو تشكيل حكومة وحدة وشراكة جامعة تفتح امام لبنان باب المساعدات الخارجية.

– رابعاً، انّ الرئيس المكلف تشكيل الحكومة ينبغي أن يحظى بأوسع توافق عليه من المكونات السياسية، والوضع الحالي في لبنان يوجِب حكومة إصلاحية فاعلة. وبِحَد أولى، يوجب ان يكون رئيسها صاحب حيثية سياسية وشعبية ولدى الطائفة السنية.

– خامساً، إنّ الرئيس الحريري، ورغم إعلانه انه ليس مرشحاً، يبقى خياراً مطروحاً لانطباق تلك المواصفات عليه، الّا اذا ظلّ مصرّاً على عدم الترشّح، ففي هذه الحالة يُتَّفق معه على رئيس الحكومة، بمعنى ان يكون الحريري شريكاً في رئاسة الحكومة، حتى ولو كان خارجها شخصياً، وشريكاً أيضاً في الحكومة عبر تياره السياسي. خلاصة الموقف: نمشي بحكومة برئاسة الحريري، او بشخصية نتفق معه عليها.

مرشح سرّي للحريري: في سياق متصل لفت مرجع نيابي مطلع لـ”البناء” الى أن “القوى السياسية كافة تتجه الى تكليف رئيس في استشارات الاثنين قبيل زيارة الرئيس الفرنسي الى لبنان علماً ان الأخير انتزع وعداً من القادة السياسيين بأن يعود الى بيروت ويكون هناك حكومة جديدة وبرنامج إصلاحي لتلقي دعم المجتمع الدولي”.

فيما أفادت مصادر عين التينة لـ”البناء” أن “المشاورات مستمرة بين رئيسين الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وبين بري والرئيس سعد الحريري، لكن لم تسفر الاتصالات حتى الساعة عن اي حل بانتظار مشاورات الساعات الاخيرة”.

وسجل اتصال بين الرئيسين بري والحريري الذي وعد بري بأن يسلّمه مرشحاً سراً بعد التوافق عليه بين رؤساء الحكومات السابقين، ليبدأ بري بعد ذلك بتسويقه بين الكتل النيابية وتأمين الأغلبية النيابية لتكليفه في استشارات الاثنين.

إتصالات عباس ابراهيم: توازياً، أبلغت مصادر متابعة "الأنباء" أن المدير العام للأمن العام، اللواء عباس ابراهيم، "يجري اتصالات بعيدة عن الإعلام مع رؤساء الكتل يأمل من خلالها التوصّل إلى الاتفاق على تسمية الحريري أو من يقترحه، لأن الظروف التي يمرّ بها لبنان تقتضي أن يكون الرئيس المكلف من الشخصيات ذات التأثير القوي، ولأن تسمية رؤساء حكومة غب الطلب لا يخدم المصلحة الوطنية".

عضو كتلة "التنمية والتحرير"، النائب ياسين جابر، كشف في حديثٍ مع "الأنباء" أن، "الاتصالات لم تنقطع بين عين التينة وبيت الوسط، وأن النائب علي حسن خليل مكلّف من قبل الرئيس نبيه بري متابعة هذه الاتصالات التي تتمحور حول أمرَين: إمّا رجوع الحريري عن قراره بعدم الترشح، أو تسمية الشخص الذي يراه مناسباً، وهذه رغبة بري وحزب الله معاً. لكن لا شيء محسوماً حتى الساعة بعد، وكل ما يمكن قوله أن الترقّب هو سيّد الموقف، ولن يُعلن شيء عن التفاوض القائم قبل الإثنين؟ وحتى الساعة لا زالت عين التينة مع ترشيح الحريري على اعتباره الوحيد القادر على امتصاص نقمة الشارع، وقد رأينا ماذا جرى أمس الأول".

ولفت جابر إلى، "ما قالته مي خريش، نائبة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، عن أهمية الحريري كأقوى ممثل للطائفة السنّية، وهذا اعترافٌ ملفت في ظل الكباش القائم بين بيت الوسط وميرنا الشالوحي"، مضيفاً: "في كل الأحوال لا تزال الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات". واعتبر جابر أنه، "إذا لم تُشكّل حكومة قادرة على الإنقاذ فلبنان ذاهب إلى الزوال. فالوقائع مخيفة جداً ولا توحي أبدا بالطمأنينة".

تقول مصادر دبلوماسية عربية في بيروت عبر "أساس" إنّ الموقف المصري من التطوّرات اللبنانية يقترب بشكل كبير من الموقف الفرنسي الذي أعلنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارته الأخيرة لبيروت، وسيكرّره في زيارته الجديدة وهو يتلخّص بما يلي: المطلوب وبسرعة تشكيل حكومة جديدة وفاعلة قادرة على معالجة الأزمات الطارئة في لبنان ولا سيما بعد انفجار المرفأ، كما لا بدّ من إطلاق خطة إصلاحية مالية واقتصادية سريعة تعالج المشكلات الأساسية التي يعاني منها اللبنانيون وخصوصاً في مجال الكهرباء والإصلاح النقدي. كما ينبغي الاستماع لآراء الشعب اللبناني وما يريده. ولن يكون هناك أيّ دعم عربي او دولي للبنان إلا في ضوء هذه الخطوات السريعة التي ينبغي على المسؤولين اللبنانيين الالتزام بها.

وتوضح المصادر الدبلوماسية العربية أنّه ليس لدى الدول العربية أو الغربية مرشّح محدّد لرئاسة الحكومة، لأن هذا الأمر من اختصاص اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية. لكن ينبغي الأخذ بعين الاعتبار أنّ اختيار أيّ رئيس حكومة يجب أن يتوافق مع المهام المطلوبة من الحكومة اللبنانية الجديدة في معالجة الأزمات الداخلية والخارجية، وأن توحي هذه الحكومة بالثقة سواء أمام الشعب

الى ذلك كتب نقولا ناصيف: انتظرت أولى حكومات العهد عام 2016 يومين كي تبدأ الاستشارات النيابية الملزمة، بعد استقالة الحكومة السابقة. كذلك ثانية حكوماته عام 2019 يومين. أما ثالثتها عام 2020 فانتظرت 50 يوماً. في الحكومتين الأوليين، مرشّح وحيد هو الرئيس سعد الحريري في عزّ التسوية مع الرئيس ميشال عون. في الحكومة الثالثة كرّت سبحة المرشحين المحتملين للتكليف، من الحريري إلى محمد الصفدي إلى سمير الخطيب إلى بهيج طبارة إلى نواف سلام، قبل أن تستقر على آخرهم الرئيس حسان دياب. أما الاستشارات النيابية المُلزمة المقرّرة الاثنين، فأطرف ما فيها أن لا مرشح للتكليف. بل مَن يقول إنه غير مرشح، ومَن يقول إنه لا يريد أن يكون رغماً عنه، ومَن يُحظَر سلفاً عليهم أن يكونوا مرشحين.

ما لم يتمكّن المعنيون بالتأليف، من اليوم إلى الاثنين، من تبديد الغموض من حول استشارات الاثنين ومرشحها، وتالياً الاتفاق إما على مرشح واحد أو طرح أكثر من اسم برسم التنافس، سيكون النواب أمام لغط صعب، لأسباب شتى منها:
1 - ينتظر لبنان مساء الاثنين وصول الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، كي يواصل وساطته لإيجاد حلّ للمشكلة اللبنانية وحمل الأفرقاء على القبول بورقته للتسوية. يتزامن وصوله، المخصص في الأصل للمشاركة في مئوية لبنان الكبير، مع تسمية رئيس مكلف تأليف الحكومة، من غير الواضح مَن سيكون، وبأيّ نصاب من الأصوات سيحوز في ظل انقسام الكتل النيابية على الاسم الأكثر احتمالاً وهو الحريري الذي يقول إنه لا يريد ولا يسمّي أحداً ولا أحد سواه يتجرأ على ترشيح نفسه؟
مجرّد وجود هذا المأزق، يُفصِح عن أن الدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة، في غموض كهذا، لا أدلّ عليه سوى أنه "بلف" للرئيس الفرنسي، كي يُقال له أن ثمة رئيساً مكلفاً ليس إلا، وعلى الإصلاحات البنيوية التي لا يريدها أحد انتظار تأليف الحكومة الجديدة.
2 - أكثر من أي وقت مضى، يتطلّب التكليف أوسع نصاب نيابي في اختيار الشخصية المحتملة، نظراً إلى وطأة شبكة الأزمات المتشابكة المعقدة، سياسية واقتصادية ونقدية واجتماعية وأخيراً أمنية بعد أحداث الأيام المنصرمة وتحديداً في خلدة. أضف حجم الاهتمام الدولي المربوط بدوره بشبكة مصالح متناقضة ومتنافرة للدول الأكثر تأثيراً في لبنان، التي لا تكتفي بأن يكون لها مرشحون لرئاسة الحكومة، بل تجهر بوضع فيتوات وشروط على الرئيس المكلف، كما على تأليف الحكومة، مَن تضم ومَن تستبعد. ذلك ما يصحّ على الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وإيران.
3 - لا ريب في أن عودة الحريري إلى السرايا أفضل الحلول السيئة. فالرجل لا يختلف عن الطبقة الحاكمة المتّهمة برمتها بتدمير الاقتصاد والدولة، وتفشّي الفساد والمحسوبية والاهتراء والنهب وإهدار المال العام وسرقته. وهو جزء لا يتجزأ من مسؤولية الانهيار الواقع، من غير أن يتحمّله بمفرده، شأن والده الرئيس رفيق الحريري من قبل. ليس أقل المشتبه فيهم بالتسبب به، وهو في صلب المشكلة لا وجهاً محتملاً للحلّ ما دام وراء تقويض اقتصاده الشخصي وتدميره. بيد أن عودته تظل واجبة لدوافع:
أولها، أنه لا يزال السنّي الأكثر تمثيلاً في طائفته، ما دامت البلاد لما تزل واقعة تحت الفضيحة العظمى التي أرستها معادلة أن يكون في رأس السلطة الأكثر تمثيلاً في طائفته، فقادت الدولة إلى التلاشي.
ثانيها، إن ما حدث في خلدة ليل الخميس من اشتباك سنّي - شيعي بسبب لافتة دينية، أظهر أن الشارع لا يزال متفلّتاً من السيطرة، ولا يسع ضبطه إلا عبر محرّضيه على التفلّت. على وفرة ما قيل أمس في تبرير ما حصل أو التبرؤ منه، فإنّ الجهود التي بذلها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم بين قيادتي حزب الله وتيار المستقبل لوقف النار وسحب المسلحين ونشر الجيش، خير معبّر عن أن ما حصل اشتباك مذهبي، مرشح للتفاعل من وطأة التحريض المذهبي بين الطائفة الفائضة القوة وتلك الفائقة الضعف كما تريد أن تصوِّر نفسها. لم يقُل حزب الله منذ استقالة دياب أنه يؤيد عودة الحريري إلى السراي. إلا أنه أفرط في القول إنه يريد تفادي فتنة سنّية - شيعية، تشبه ما حدث في خلدة مع إدخال «عشائر العرب»، للمرة الأولى، في معادلة الصراع المذهبي من جهة، وتلويح هؤلاء باحتمال قطع طريق بيروت - الجنوب من جهة أخرى. وهم بذلك يُصوّبون على مقتل حزب الله"

 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o