Aug 26, 2020 7:20 AM
صحف

"قرارات الإقفال أصبحت من دون أفق زمني"..مطاعم بيروت تلفظ أنفاسها الأخيرة وتجّار بعلبك يطلقون الصرخة

كتب مايز عبيد في "نداء الوطن": إقفال تلو إقفال، وتراجع ما بعده تراجع، تعانيه الأسواق الطرابلسية اليوم. ومع مرور أربعة أيام على التعبئة العامة والإقفال ارتفعت أصوات التجّار وأصحاب المحلات في أسواق طرابلس، ورأوا أنّ "قرارات الإقفال أصبحت من دون أفق زمني، بينما أوضاعهم الإقتصادية والمعيشية صارت تحت الفقر، فإلى ماذا سيؤول مصيرهم إذا استمر وباء "كورونا" لسنوات"؟
أمس، تفاوت الإلتزام بالإقفال في طرابلس وأسواقها بين سوق وآخر، وبين منطقة وأخرى. أما محلات الألبسة ففتح عدد من اصحابها أبوابه وباشر العمل، ويجيب لدى سؤاله عن سبب عدم التزامه بالإقفال: "مين بيطعمينا؟ صرنا على الجنط"..
في شارع وسوق عزمي الذي شهد في الأيام السابقة إقفالاً تاماً، فتح بعض التجّار محلاتهم من دون قرار من جمعيّة تجّار عزمي، بعدما وصلت إليهم أصداء عودة العمل في أسواق مناطق لبنانية أخرى، لا سيما في النبطية وصور وبيروت. المحلات عادت إلى العمل بنسبة 50%، علماً أنّ ثمة محلات في الشارع أقفلت بالكامل منذ مدّة بسبب الأوضاع الإقتصادية الصعبة. وأكد رئيس جمعية تجّار شارع عزمي طلال بارودي لـ" نداء الوطن" أن الجمعية "التزمت بقرار وزير الداخلية بالكامل، ولكن معلومات وصلت تُفيد بأنّ الأسواق في مناطق أخرى فتحت محلاتها. ونحن على تنسيق اليوم مع جمعية تجار بيروت التي تبلّغنا من رئيسها أنّ اليوم الأربعاء سيكون يوم فتح الأسواق، بعد اجتماعه مع وزير الداخلية الذي من الممكن أن يصدر قراراً بتعديل قرار الإغلاق السابق".

وأشار إلى أنّ "تجّار عزمي يمرّون في أوضاع سيّئة، حصلت حركة بسيطة لأيام عدّة في فترة عيد الأضحى، لكنها حركة لا تُقاس بالفترات السابقة، ثم حصل بعدها انفجار مرفأ بيروت الذي أثّر على الحركة، والآن إقفال" كورونا"، ولذلك هذا الشهر قد ذهب هباء".
أضاف: "هناك تراجع في المبيع إلى أكثر من 75%، وانهيار شبه تام في الأسواق الطرابلسية. كنا نقول إنّ نسبة الإقفال التام تبلغ 25%، أما الآن فأنّ المحلّات التي ستبقى لن تتجاوز 25% وهناك انهيار لمؤسّساتنا، ومقبلون على موسم الشتاء الذي كنّا ننتظره مع أبواب المدارس، يبدو أنّ لا مدارس ولا أموال لدى الناس، ولا قدرة لدى التجّار لشراء بضائع جديدة بسبب البنوك وإجراءاتها".

وشدّد على أنّ التجار "ينتظرون عودة العمل مع الإلتزام الكامل بالإجراءات الصحّية، وذلك بالتنسيق مع البلدية ومنظمة اليونيسف حيث اتفق في اجتماع مسبق على توزيع الكمامات وتطبيق التباعد الإجتماعي داخل المحلات والسوق. مسألة "كورونا" قد تطول، فهل سنُقفل كل هذا الوقت وكيف سنعيش ومن سيعوّض علينا؟ مؤسّساتنا تتدمّر أمام أعيننا، والبنوك ساهمت فيها عبر حجز الأموال ومنع الدولار، وعدم التزامها بالتعاميم وتعاونها مع التجّار من خلال تسهيلات تشجّعهم أو تريحهم للحدّ من خسائرهم، بينما قروضهم يريدونها بالدولار فقط".
بحسب العديد من التجّار وأصحاب المحلات في الأسواق، فإنّهم سيعودون إلى العمل اليوم وفتح الأسواق، سواء عدّل وزير الداخلية قراره أم لم يعدّل.

كتب عيسى يحيى في "نداء الوطن": وتحت وطأة الضغوط المعيشية والإقتصادية، يعيش المواطن البعلبكي حياته اليومية، وخوفاً من عدوى فيروس "كورونا" يلتزم التجّار بالإقفال العام بالرغم ممّا يتكبّدونه من خسائر ومعاناة دفعت العديد منهم لرفع الصوت.
فلليوم السادس على التوالي، تلتزم مدينة بعلبك خصوصاً والبقاع الشمالي عموماً بالإقفال العام بنسبةٍ مرتفعة، يخرقها بين الحين والآخر قيام أصحاب بعض المحال التجارية بفتح محالهم، علّهم يبيعون بعض ما لديهم لتأمين حاجات عائلاتهم، فيما يسارعون إلى إغلاق أبوابهم خلال قيام دوريات قوى الأمن الداخلي وأمن الدولة وشرطة البلدية بجولة في السوق.
حركة المارة تبدو أكثر من عادية خلال ساعات الصباح الأولى، حيث يعمدون إلى التبضّع وشراء ما يحتاجون من السوبرماركت ومحال الخضار التي يشغل معظمها سوريون، وتبقى في كثير من الأحيان حتى ساعات متأخّرة من الليل، في مشهد يخرق التعبئة العامة والإلتزام بالإقفال. أما منطقة رأس العين فتشهد زحمة سير يومية من الخامسة وحتى ساعات الليل.
مطالبة التجّار وأصحاب المحال التجارية باستثنائهم من قرار الإقفال لساعات محدّدة يومياً لتعويض بعض الخسائر، وتلويحهم بخرق قرار التعبئة العامة في حال لم يلبّ المجلس الأعلى للدفاع طلباتهم بالفتح، كانت محور اللقاء الذي جمع تجّار مدينة بعلبك برئيس البلدية فؤاد بلوق بدعوة منه.
وأوضح بلوق لـ"نداء الوطن" أنّ الدعوة جاءت بعد إستشعاره بأن التجّار يريدون كسر قرار مجلس الوزراء بالإقفال، وانتشرت عبر وسائل التواصل الإجتماعي معلومات عن إمكانية إعطاء وزير الداخلية إستثناء للتجّار بفتح محالهم ست ساعات يومياً، وفي حال تمّ الفتح فالدعوة كانت لضرورة الإلتزام بالإجراءات الوقائية والتعقيم وإرتداء صاحب المحل والعمال الكمّامة، وخصوصاً بعد إرتفاع أعداد المصابين في المنطقة، وحرصاً على مصلحة أهالي المدينة وصحّتهم، مع ضرورة وضع لافتات على أبواب المحال تمنع الزبون من الدخول إلا بإرتدائه الكمّامة". وأكّد بلوق أنّه حمّل التجار مسؤولية إنتشار الفيروس في حال عدم إلتزامهم بالإجراءات الوقائية وسبل الحماية، مشيراً الى أن شرطة البلدية بالتعاون مع القوى الأمنية تسيّر دوريات لضمان الإلتزام بالإقفال، وستتشدّد في حال فتح المحال التجارية وستسطّر محاضر ضبط للمخالفين ولمن لا يضع كمّامة. من جهته، أعلن عضو جمعية تجّار بعلبك محمّد الجمّال لـ"نداء الوطن" أنّ التجّار وأصحاب المحال التجارية إلتزموا بالتسكير والإقفال "حفاظاً على صحّتهم وصحّة أبنائهم بالرغم من الخسائر التي يتكبّدونها، ووضعهم المنهار إقتصادياً ومالياً وعدم قدرتهم على دفع قروضهم للبنوك ثمن بضائع، ليتفاجأوا بأن الناس غير ملتزمين، حيث يشهد السوق زحمة سيارات ومواطنين تشبه زحمة أيام العيد، فلا ضوابط أو قوى أمنية تمنع المواطنين من الخروج من منازلهم والإلتزام".
وأكّد أنّ "التجار لم يعرفوا إذا كان الإقفال لحمايتهم أم لتكبيدهم المزيد من الخسائر والأعباء بالتزامن مع دخول فصل الشتاء وتزايد الإلتزامات"، مشيراً الى أن "الوجع كبير والهمّ المعيشي الضاغط يُلقي بثقله على التجّار". وطالب القوى الأمنية وعناصر مفرزة سير بعلبك بتنظيم السير وفق ما يلزم في السوق التجاري، متسائلاً عن جدوى إقفال السوق والمحال من دون إلتزام الناس.

في السياق كتبت بولا أسطيح في "الشرق الأوسط"لم يكن ينقص قطاع المطاعم اللبناني الذي عانى طوال الأشهر الماضية من أزمات متلاحقة أدت لتقلصه بشكل كبير وفقدان مئات الآلاف وظائفهم، إلا انفجار مرفأ بيروت ليقضي على ما تبقى منه، خاصة أن منطقتي مار مخايل والجميزة اللتين تضررتا بشكل كبير تعتبران وجهتين أساسيتين في العاصمة لرواد المطاعم والمقاهي التي تدمرت وسوي الكثير منها بالأرض.
وفي إطار مسح أولي للقطاع، أجرته نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري، في أقضية بيروت الكبرى والمتن وبعبدا، تبين أن مجموع عدد المؤسسات المطعمية المتضررة بلغ 2096 مؤسسة من أصل 4343. وفي تخمين أولي أيضاً، قدّرت النقابة حجم الخسائر بـ315 مليون دولار.
وتتحدث أمينة سرّ النقابة مايا بخعازي نون، عن وضع كارثي على صعيد واقع المطاعم، لافتة إلى أنه «قبل (كورونا) كنا نتحدث عن إطلاق رصاصة الرحمة على القطاع، أما اليوم فبعد تفشي الوباء وأخيراً انفجار المرفأ أصبحنا في مراحل متقدمة جداً من الكارثة». وتشير نون في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «قسماً كبيراً من أصحاب المطاعم المتضررة في المنطقة المنكوبة، علّق أي عملية إعادة إعمار بانتظار أن يتحدد مصير البلد»، مشددة على أن «القطاع لا يعول على تعويضات ستقدمها الدولة اللبنانية، لذلك بدأت النقابة تسعى لدى جهات مانحة دولية».

ولا تزال فرق تابعة لوزارة السياحة تقوم بكشوفات ميدانية لإجراء المسح اللازم للمؤسسات المتضررة، وتشير مصادر الوزارة إلى أنه يتم الاعتماد بشكل أساسي على الرسائل الإلكترونية التي يرسلها المتضررون من أصحاب المؤسسات والتي تتضمن صوراً للأضرار، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن حجم الخسائر في مؤسسة واحدة فاق المليون و200 ألف دولار وهناك مؤسسة أخرى بحجم خسائر قريب جدا للمبلغ المذكور، ما يعني أن الوضع سيكون صعبا لدفع التعويضات كاملة للمتضررين، علما بأننا لم ننته حتى الساعة من إجراء المسح النهائي وتحديد القيمة الإجمالية للخسائر.
ويمكن لزوار شارعي مار مخايل والجميزة الشهيرين أن يلاحظا تعليق العمل في كل المطاعم المتضررة بشكل كبير. فبعد إزالة الركام والقيام بأعمال التنظيف اللازمة تم إقفال معظم المطاعم بألواح خشبية علق على الكثير منها متعهدو التصليحات أرقام هواتفهم... تصليحات لا يبدو أنها تعني كثيراً لأصحاب هذه المحال في المرحلة الراهنة. وفيما رفع البعض لافتات كتب عليها «باقون»، كتب آخرون على الجدران عبارة: «هل يعقل هذا؟»؛ بإشارة إلى حجم الدمار في المنطقة المنكوبة.
ورغم النقمة الكبيرة التي يعبّر عنها جو لحود صاحب سلسلة مطاعم الذي تضرر أحد محاله في منطقة مار مخايل تضرراً كبيراً وسقط 4 جرحى في صفوف الموظفين إصاباتهم بالغة، إلا أنه يبدو متمسكاً بالبقاء في لبنان رغم قراره توسيع عمله خارج البلد. وفي هذا الإطار يقول لحود لـ«الشرق الأوسط»: «بعد 8 سنوات من تكريس كل وقتنا لإنجاح تجربتنا التي بدأت من الصفر، أصبح لدينا 25 فرعاً في كل المناطق اللبنانية، ولكن بدل أن نتجه إلى مزيد من التوسع ترانا نتجه لتقليل عدد الفروع خاصة وأننا منذ 6 أشهر لا نحقق أي أرباح تذكر نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتردية والصفعات المتتالية التي نتلقاها وكان آخرها انفجار المرفأ».
ويحتاج فرع مار مخايل ما بين 60 و70 ألف دولار لإعادة إعماره وهو المبلغ الذي صرفه لحود لإنشاء الفرع. ويقول: «كيف نؤمن هذا المبلغ اليوم في ظل احتجاز أموالنا في المصارف وانقطاع الدولار من السوق دون أن نذكر وجود 6 تسعيرات للدولار في بلد لا تتخطى مساحته الـ10452 كلم؟».

وكانت النقابة أعلنت في وقت سابق هذا العام عن 25 ألف موظف طردوا من عملهم منذ أيلول الماضي، في وقت يعمل قسم كبير من باقي العمال بدوام جزئي وبنصف راتب، بسبب تدني أرقام المبيعات بنسبة 75 في المائة. وسُجل خلال الفترة الممتدة من الأول من سبتمبر 2019 حتى الأول من شباط 2020 إقفال ما يناهز الـ800 مؤسسة تتعاطى الطعام والشراب بينها 240 أقفلت في شهر كانون الثاني وحده.
ويُدخل قطاع المطاعم إلى الدورة الاقتصادية بالبلد، بحسب «الشركة الدولية للمعلومات»، 5 مليارات دولار، ويساهم بنسبة 10 في المئة من الناتج المحلي.

ويتداعى اليوم الثلاثاء المئات من المعنيين بالقطاع السياحي للقاء في منطقة الأشرفية بدعوة من اتحاد النقابات السياحية إلى لقاء، للإعلان عن مبادرة «واتخاذ قراره في وجه الحالة المأساوية التي وصل إليها القطاع السياحي المتضرر وتجاهل السلطات اللامبالية»، كما ورد في بيان تم توزيعه.

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o