Aug 13, 2020 9:57 AM
مقالات

يعرفون ويعلمون... لكنهم لا يجرؤون على الكلام

كتب  عوني الكعكي في صحيفة الشّرق:

أسخف ما قرأت في إحدى صحف الممانعة والمقاومة، مقال عنوانه «هؤلاء كانوا يعلمون» وهو كناية عن توزيع أولي للمسؤوليات في قضية إنفجار المرفأ.

- الإتهام الأول -حسب الصحيفة- موجّه لرئيس الجمهورية، إذ أرسلت مديرية أمن الدولة إليه كتاباً بتاريخ ٢٠ تموز ٢٠٢٠ أبلغته فيه بوجود المواد الخطرة الموجودة في مرفأ بيروت، كما أرسلت المديرية في التاريخ نفسه لرئيس مجلس الوزراء للغاية نفسها.

- الإتهام الثاني موجّه لوزراء الأشغال بدءًا بغازي العريضي مروراً بغازي زعيتر ويوسف فنيانوس وانتهاء بالوزير الحالي المستقيل ميشال نجار.

- الإتهام الثالث موجّه لمدير عام الجمارك السابق شفيق مرعي، فالباخرة وصلت الى مرفأ بيروت عام ٢٠١٣، وللمدير العام للجمارك الحالي بدري ضاهر، إذ كان على كل واحد منهما واجب تبليغ رئيسهما المباشر وزير المالية علي حسن خليل، إشارة الى أنّ المادة ١٤٤ من قانون تنظيم الجمارك تنص على أنه يمكن للجمارك إتلاف البضاعة التي تُثْبت معاينتها وتحليلها، مخالفتها للقوانين والأنظمة، وبما أنّ مادة نيترات الأمونيوم مادة متفجرة، لذلك كان من الواجب إتلافها.

- الإتهام الرابع موَجّه للقاضي بيتر جرمانوس مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية. لانه -حسب ما قيل- تلقى إتصالاً من جهاز أمن الدولة يبلغه الجهاز من خلاله بقضية تخزين المادة المتفجرة، لكن جرمانوس أبلغهم بعدم اختصاص النيابة العامة العسكرية بهذا الأمر.

- الإتهام الخامس موجّه لمدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات لأنّ المحققين في أمن الدولة يؤكدون على انهم أبلغوه بوجود مستوعب يحتوي على مواد خطرة، لكنهم لم يرسلوا إليه التقرير المفصّل للتحقيق الذي أجروه.

- الإتهام السادس موجّه للقاضي جاد المعلوف، قاضي الأمور المستعجلة، الذي تلقى مراسلات عدة من ضاهر يطلب الأخير فيها إعادة تصدير البضائع، لكن القاضي المعلوف كان يدوّن الطلب ويرسله الى هيئة القضايا في وزارة العدل التي لم تجب إلاّ مرّة واحدة بالموافقة على إعادة التصدير.

- الإتهام السابع موجّه لمكتب أمن المرفأ التابع لمديرية المخابرات في الجيش، ويرأس هذا المكتب العميد طوني سلوم، الذي أصيب في التفجير، إذ يدخل في صلب عمل مكتب أمن المرفأ معرفة وجود مثل هذه الكمية من المواد الأولية التي تدخل في تصنيع المتفجرات.

فكان يجب على مديرية المخابرات التصرّف لإزالة هذا الخطر، بدلاً من رمي المسؤولية. إشارة الى ان مراسلة بعث بها رئيس أركان الجيش السابق اللواء وليد سلمان الذي وقع المراسلة نيابة عن قائد الجيش السابق جان قهوجي الى المدير العام السابق للجمارك شفيق مرعي يبلغه فيها أنّ قيادة الجيش ليست بحاجة الى هذه المادة التي يبلغ وزنها ٢٧٥٥ طناً.

أمّا مصادر الجيش فتنفي مسؤولية المؤسّسة العسكرية، واضعة الكرة في ملعب مديرية الجمارك التي تعتبرها المسؤولة الأولى عمّا حدث، مستندة الى قرار حكومي صادر عام ١٩٩٠، ينص على أن يتسلم الجيش المعابر البرية والبحرية كافة، ويتولى منع دخول الممنوعات لكنها لا تهتم بصلاحية البضائع الموجودة في المرفأ.

هذا بالنسبة الى مرفأ بيروت، ولكن بالرغم من وجود كل هذه الأجهزة، ووجود وزراء ومسؤولين ورئيس جمهورية ورئيس حكومة يبقى سؤال واحد، أتمنى أن يتجرّأ أحد منهم أن يقول ولو كلمة بالنسبة للمواد الخطرة الموجودة في المرفأ، لسبب بسيط أنّ «الحزب العظيم» لا يسمح لأي إنسان في الدولة المحترمة، أن يتدخل في شؤون «الحزب العظيم»، إذ أنّ ما يجري في المرفأ هو من مسؤولية هذا الحزب وحده، أمّا جميع الأجهزة هي مجرّد «ديكور»، ولكي أثبت كلامي لا بد من العودة الى ما حصل في مطار بيروت عام ٢٠٠٧، في عهد حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، حيث جاء تقرير من وزير الدفاع الياس المر، ووزير الاتصالات يومها الاستاذ مروان حماده، الى مجلس الوزراء وفيه أنّ «حزب الله» يمد شبكة إتصالات منفرداً، تعطل شبكة الدولة، كذلك فإنّ «الحزب العظيم» وضع على المدرج الغربي كاميرات تصوير، يومها كان الزعيم الدرزي وليد جنبلاط يريد السفر الى مصر فوصلت إليه معلومة تنصحه بعدم السفر لأنّ هناك خطراً على حياته خصوصاً وأنّ المدرج الغربي يقع تحت مرمى سلاح «الحزب العظيم»، وبقيّة القصة أنّ «الحزب العظيم» احتل بيروت يومذاك لأنّ مجلس الوزراء تجرّأ على اتخاذ قرار ضدّ شبكة الاتصالات التابعة لـ»الحزب العظيم»، كذلك رفض تغيير قائد جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير لأنّ الأخير محسوب على «الحزب العظيم» ما أدى الى احتلال بيروت بتاريخ ٧ أيار 2008 وبعد يومين من قرارات مجلس الوزراء.

أمّا البقيّة فالكل يعرف ما تعرّض له الوزير مروان حماده، من محاولة تفجير سيارته قرب منزله، فأنقذته العناية الإلهية. كذلك ما تعرّض له الوزير الياس المر الذي نجا بأعجوبة بعد تفجير سيارته أيضاً. كل هذا يؤكد أنّ الكثيرين يعلمون ويعرفون ولكنهم يعجزون عن الكلام. وبالتأكيد... السبب معروف.. ويعلم الجميع... لماذا ومن يمنع الكلام.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o