Aug 13, 2020 6:27 AM
صحف

البحث عن ‏‏"الرئيس" يسابق الوقت والشروط... لمسات فرنسية... واسهم الحريري مرتفعة

التنقيب عن الشخصية التي سترأس الحكومة الجديدة، يسير بوتيرة متسارعة، تسابق الوقت، لتشكيل هذه ‏الحكومة في اسرع وقت ممكن، وهذا التسريع متفق عليه بين مكونات الاكثرية التي كانت حاضنة لحكومة حسان ‏دياب المستقيلة‎.‎
‎ ‎
مشاورات التنقيب، تجري بصورة مكثفة، وتحاط بتكتم شديد، وثمة هدفان مرسومان لها، الأول وهو الأساس، هو ‏الخروج بسرعة من مأزق الفراغ الحكومي الذي يبقى احتمالاً قائماً، طالما لم يتمّ العثور على ذلك "الفدائي" الذي ‏سيقبل ترؤس حكومة، في وضع هو أصعب ما مرّ على لبنان منذ نشوئه، تتجاذبه ازمات قاتلة، إن على صعيد ‏ازمة "كورونا" التي انتقلت الى مرحلة التفشي المجتمعي الخطير، او على صعيد الأزمة الاقتصادية والمالية التي ‏بلغت ادنى درجات الانهيار والاهتراء، او على صعيد زلزال "نيترات الموت" والنتائج الكارثية التي خلّفها انفجار ‏مرفأ بيروت‎.‎
واما الهدف الثاني، فهو تجنّب تكرار دوامة تضييع الوقت ذاتها قبل اشهر، والوقوع في بازار الاسماء المحروقة، ‏على ما جرى قبل تكليف الرئيس حسان دياب تشكيل الحكومة. وبالتالي الحسم السريع لإسم "الفدائي"، وتقريب ‏الاستشارات النيابية الملزمة لتسميته، الى موعد لا يتجاوز نهاية الاسبوع المقبل، وكذلك حسم شكل الحكومة الذي ‏لم يتبلور بعد، سواء حكومة اختصاصيين مستقلين، او حكومة وحدة وطنية مختلطة بين سياسيين واختصاصيين‎.‎
‎ ‎
نصائح بالتعجيل: في المعلومات، انّ نصائح أُسديت من اكثر من مستوى دولي، الى مستويات رسمية لبنانية، بوجوب التعجيل في ‏تشكيل الحكومة الجديدة، وعدم استنساخ محطات التشكيل السابقة، التي كانت تراوح في المماطلات ومحاولات ‏التعطيل وتضييع الوقت في شروط وشروط مضادة. واللافت للانتباه، انّ حنفية النصائح الفرنسيّة، مفتوحة على ‏آخرها في هذه الفترة، وجوهرها "انّ على اللبنانيين ان يلتفتوا الى انّ وضع بلدهم لا يحتمل مزيداً من الانتظار، ‏وبالتالي لا بدّ من ان تكون للبنان حكومة في غضون ايام قليلة، وقبل نهاية الشهر الجاري، حيث تنتظرها مهام ‏كبرى لمواجهة تداعيات الازمة الاقتصادية والمالية، بإصلاحات جذرية تحدّ من الانهيار والاهتراء الذي اصاب ‏لبنان، يضاف الى ذلك، العبء الكبير الذي خلّفه الانفجار الرهيب في مرفأ بيروت والوضع الكارثي الذي نتج ‏منه‎".‎

وبحسب المعلومات، انّ هذه المشاورات التي تجري بين قوى الاكثرية الاساسية؛ اي "التيار الوطني الحر" ‏وحركة "امل" و"حزب الله"، ويتولّى ادارتها رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة، مرتكزة على مبدأ ‏‏"الذهاب الى حكومة بحجم المرحلة وتحدّياتها، اي حكومة طوارئ انقاذية، لمهمة محدّدة؛ اجراء الاصلاحات ‏الفورية في شتى المجالات، تبدأ بشكل خاص بملف الكهرباء وحسمه نهائياً، بما يوقف النزيف الدائم لمليارات ‏الدولارات، واستعادة ثقة اللبنانيين بالدولة، وكذلك استعادة ثقة المجتمع الدولي، وخصوصاً انّ الانفجار الرهيب، ‏اتاح للبنان فرصة ذهبية، تتمثل في انّ دول العالم، ومن دون استثناء، عيونها مفتوحة اليوم على لبنان، وعادت ‏ودخلت اليه من الباب الانساني، وهذا امر يوجب على اللبنانيين ان يلتقطوا هذه الفرصة، ويتشاركوا في محاولة ‏فتح ابواب الدعم الدولي الاقتصادي والمالي للبنان، والتي اكّد المجتمع الدولي انّ لها مفتاحاً وحيداً هو اجراء ‏الاصلاحات الجدّية والمقنعة‎".‎

وكشفت مصادر موثوقة لـ"الجمهورية"، انّ حركة المشاورات الداخلية للتنقيب عن رئيس الحكومة العتيد، متواكبة ‏مع رصد خارجي وتحديداً فرنسي، لمجرياتها، ولم تستبعد المصادر ان تُواكَب هذه المشاورات، بتواصل حول ‏الملف الحكومي اللبناني، على الخط الاميركي - الفرنسي - السعودي. وتوحي بذلك الاجواء الواردة من العاصمة ‏الفرنسية، من انّ باريس مستعدة للقيام بكل ما يمكن ان يسهِّل التوافق بين اللبنانيين على تشكيل حكومة وحدة ‏وطنية، سبق ان اكّد عليها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون خلال زيارته الاخيرة الى بيروت، معربة عن الامل ‏في ان يتمّ تشكيل هذه الحكومة قبل زيارة ماكرون الى بيروت، والتي ما زالت مؤكّدة مطلع ايلول المقبل‎.‎
‎ ‎
من هو الرئيس؟ اجواء المشاورات الجارية لا توحي حتى الآن بحسم اي اسم. ويقول مشاركون فيها لـ"الجمهورية": "انّه مجرّد ‏ان اعلن الرئيس حسان دياب استقالة حكومته، فُتح نادي المرشحين لرئاسة الحكومة، وبدأت بعض الماكينات ‏السياسية وغير السياسية في رمي الاسماء وادخالها اليه، وهذا أمر طبيعي يسبق تشكيل اي حكومة، وبالتأكيد انّ ‏هذه الاسماء ستزيد اكثر فأكثر، طالما انّ التوافق لم يُحسم بعد على اسم معيّن‎".‎
وبحسب هؤلاء، فإنّ المشاركين في هذه المشاورات، ينطلقون من مسلّمة عدم تكرار الدخول في بازار الاسماء ‏الذي افقد التشكيل وهجه، على ما حصل قبل تشكيل حكومة دياب المستقيلة، ومن هنا قرارهم بالذهاب مباشرة الى ‏محاولة التوافق على الشخصية التي تُعتبر مؤهّلة لتشكيل الحكومة في هذه المرحلة، وعلى هذا الاساس فإنّ العين ‏مركّزة بشكل جدّي جداً على مرشح وحيد حتى الآن هو الرئيس سعد الحريري‎.‎
‎ ‎
هل سيقبل الحريري؟ وبحسب معلومات "الجمهورية"، فإنّ قنوات التواصل المباشر وغير المباشر قد فُتحت مع الحريري، وتحديداً من ‏قِبل الرئيس نبيه بري سواء عبره مباشرة او عبر معاونه السياسي النائب علي حسن خليل. وتجدر الاشارة هنا، ‏الى انّ الشريكين الآخرين، اي "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" ليسا بعيدين عن هذا التوجّه نحو الحريري، ‏وكذلك الامر بالنسبة الى رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" النائب وليد جنبلاط، الذي قال كلاماً بهذا المعني في ‏لقائه امس الاول مع الرئيس بري في عين التينة، وخرج من هذا اللقاء متبنياً لحكومة الطوارئ الإنقاذية التي يدعو ‏اليها بري، مناقضاً، اي جنبلاط، لدعوته قبل يومين الى تشكيل حكومة حيادية‎.‎
وكشفت مصادر معنية بحركة المشاورات لـ"الجمهورية"، انّ الرئيس الحريري قد فوتح في أمر عودته، ولكن ‏حتى الآن، لم يُكشَف ما اذا كان قد اعطى اشارات ايجابية أو سلبية او "بَين بَين"، حيال هذا الطرح. الّا انّ ما ‏ينبغي لحظه هو اعلان مقرّبين من الحريري بالأمس بأنّه غير معني بكل الروايات التي تُنسج حول امكان عودته ‏الى رئاسة الحكومة؟
واذ تقرّ المصادر عينها، بأنّ مهمة اقناع الحريري تبدو صعبة حتى الآن، وخصوصاً بعدما تحدثت اوساط قريبة ‏من الحريري عن انّ عودته مرهونه بالالتزام بجملة شروط يضعها، الّا انّ المحاولات ستستمر بشكل مكثف معه‎.‎
وعلمت "الجمهورية" من مصادر موثوقة، انّ المشاورات مع الحريري، ترتكز على امرين‎:‎
الاول، انّ الوضع الداخلي تعرّض لانقلاب، ولبنان دخل بعد زلزال المرفأ في 4 آب، في عالم كارثي آخر، لا ‏يحتمل شروطاً من اي نوع، بل يوجب شراكة كل المكونات في عملية الانقاذ‎.‎
الثاني، توفير المساعدة وكلّ ما يسهّل عليه تشكيل حكومة جامعة ومختلطة من سياسيين واختصاصيين في اقرب ‏وقت ممكن، تقوم بمهامها بتغطية من كل الاطراف. علماً انّ الحريري كان قبل انسحابه من نادي المرشحين ‏لرئاسة الحكومة قبل تشكيل حكومة حسان دياب، قد خفّض سقف شروطه، وقَبِل بحكومة مختلطة من سياسيين ‏واختصاصيين، بناء على الطرح الذي قدّمه آنذاك الرئيس نبيه بري بتشكيل حكومة غالبيتها من اختصاصيين ‏وتتضمن في صفوفها سياسيين لا يشكّلون استفزازاً لأحد‎.‎
‎ ‎
الشروط: الّا انّ الصورة في المقلب الحريري، ما زالت ثابتة عند النقطة التي عاد واكّد عليها الحريري قبل ايام قليلة، حينما ‏قال: "لديّ شروط للعودة الى رئاسة الحكومة ونقطة على السطر، والبلد يحتاج الى طريقة مختلفة في العمل، ‏وتغيير الآلية والمحاصصة، وبناء البلد على اسس جديدة". متبعاً ذلك بموقف حاسم بأنّه لن يغطي احداً قريباً منه ‏لترؤس الحكومة. علماً انّ الحريري، وكما يقول مقرّبون منه، ليس راكضاً وراء رئاسة الحكومة، وسبق له ان ‏اشترط لعودته ان يكون على رأس حكومة من اختصاصيين فقط، تلبي طموحات اللبنانيين وتقنع المجتمع الدولي ‏بتقديم الدعم العاجل لمواجهة الازمة‎.‎
ومعنى ذلك، انه يريد حكومة بلا سياسيين، وبلا جبران باسيل، وبلا دور لجبران فيها، و"حزب الله" خارجها. ‏وكان مستشاره غطاس خوري واضحاً قبل ايام حينما قال: "انّ عودة الحريري تتطلب تضحية كبيرة من جميع ‏القوى السياسية، وانّ اي حكومة ستُشكّل على غرار الحكومات السابقة لن تنتج بل ستتعرّض للعرقلة، كما حصل ‏معه في حكومته الاخيرة، حيث لم تكن التجربة ناجحة‎".‎
‎ ‎
ماذا لو اصرّ الحريري؟ موقف الحريري، إن بقي على شروطه السابقة، يلقي الكرة في ملعب الثلاثي "امل" و"حزب الله" و"التيار" ‏وسائر القوى الحليفة التي تشكّل مجتمعة الاكثرية النيابية. فإما ان تقبل بها، واما ان تنتقل الى البحث عن شخصية ‏ثانية لتشكيل الحكومة‎.‎
في هذا السياق، اكّدت مصادر هذه الاكثرية لـ"الجمهورية"، انّها تتمنى ان يكون الحريري واقعياً، ولا يذهب الى ‏وضع شروط تعجيزية، غير قابلة للقبول بها من سائر المكونات السياسية، واذا كانت "الأفضلية الآن هي لعودة ‏الحريري الى رئاسة الحكومة، لما يمثله من ثقل سياسي وسنّي، الّا انّ الأولوية ايضاً في الظرف اللبناني الحالي ‏مصيري، هي لعدم الذهاب الى حكومة من لون واحد، خصوصاً بعد التجربة الفاشلة مع حكومة حسان دياب، بل ‏حكومة شراكة تكنو - سياسية عنوانها الأساس الوحدة الوطنية للانقاذ والاصلاح. ومن هنا ليس في امكان ايّ ‏طرف أن يتجاوز المكونات السياسية، او ان يلغي تمثيلها. كما انّ ايّ طرف، سواء أكان حركة "امل" او "حزب ‏الله" او "التيار الوطني الحر"، لن يقبل بأن يُستبعد، وان يتفرّد طرف بعينه بمسار الحكم في لبنان ويتخذ ما شاء ‏من قرارات‎".‎

ورداً على سؤال عمّا اذا اصرّ الحريري على شروطه التي تسميها الاكثرية تعجيزية، قالت المصادر: "دعونا لا ‏نستعجل، فما زلنا في بداية الطريق، مع انّ هذا الطريق قصير جداً، ولا نملك متسعاً من الوقت، والمحاولات معه ‏ستستمر، فإن وافق كان به، وان لم يوافق فساعتئذ لا حول ولا، حيث سيتمّ البحث عن بديل‎".‎
وعمّا اذا كان الحريري ينتظر ضوءًا اخضر من جهات خارجية، قالت المصادر: "لا علم لنا بذلك، اسألوه‎".‎

وماذا عن نواف سلام؟ تجيب المصادر: "هناك من يفتح باب نادي المرشحين لرئاسة الحكومة ويُدخل اليه الكثير ‏من الاسماء، دعونا لا نستبق النتائج، ولا نغرق في لعبة الاسماء، المشاورات مع الرئيس الحريري في بدايتها، ‏ولم تصل الى نهاياتها بعد، ونأمل ان تفضي الى ايجابيات، اما اذا كانت النتائج خلاف ذلك، فبالتأكيد سيُبنى على ‏الشيء مقتضاه‎".

شروط الحريري: من جهة ثانية، أشارت "الاخبار" الى ان الرئيس سعد الحريري يكرر أنه لا يرفض العودة الى رئاسة الحكومة، ولكن له شروطه المباشرة، والتي تقوم على الآتي:

– تأييد كامل من القوى المحلية على تكليفه وعلى تركه يؤلف الحكومة من تلقاء نفسه، بحيث يكون هو من يختار الوزراء، مع مراعاة مصالح القوى الكبيرة، لكن من دون أن يكون توزيع الحقائب والمهام على ذوق القوى الاخرى.

– تأييد خارجي وضمانات بعدم عرقلة عمل حكومته وعدم وضع بنود أو مهام لا تقوى عليها، بحيث تكون مهمتها محصورة بعملية إصلاح اقتصادي شامل.

– أن يكون الدعم الخارجي مصحوباً ببرنامج مساعدات مالية واضح وكافٍ للقيام بالإصلاحات، على أن تتولى الدول الممولة الاشراف على عملية الانفاق، وخصوصاً في ما يتعلق بالمشاريع الكبيرة مثل الطاقة المياه والبنى التحتية.

– إنه مستعد لتسوية تسمح له بحرية العمل مقابل استعداده لعدم خوض الانتخابات النيابية المقبلة. وهو مستعد للتفاهم مع الرئيس نبيه بري على آلية تعاون مختلفة بين الحكومة ومجلس النواب. كما أنه لا يريد أي صدام مع حزب الله على أي ملف داخلي، ويريد من الحزب أن يراعيه، سواء في تأليف الحكومة أم في إدارة الملفات الاساسية.

وحدهم المصريون حسموا أمرهم باكراً. أبلغوا سعد الحريري، ثم بقية القوى السياسية في البلاد، أنهم يؤيدون عودته الى رئاسة الحكومة. وطلبوا من الآخرين تسهيل مهمته من خلال تركه يقترح تركيبة بنفسه لا تستفز أحداً لكنها تناسب طريقته في العمل. وأكثر من ذلك، قال المصريون إنهم مستعدون، فور تأليف الحكومة، لعقد اتفاق مباشر مع الحكومة وليس مع أي شركات خاصة لبناء محطة كهرباء في الزهراني مع ضمان توفير حاجتها من الغاز لسنوات عدة، ووفق اتفاق مالي يناسب لبنان.

‎ ‎

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o