Jul 30, 2020 7:20 AM
صحف

توافق على مقاربة موحدة لأرقام الخسائر وطرح حكومي باقتطاع نسبة من فوائد الودائع

ذكرت "الجمهورية" انّ المقاربة الموحدة لأرقام الخسائر، شارفت على التوافق النهائي حولها. وانّ النقاش بين الدولة والمصارف ومصرف لبنان، صار اكثر قرباً من التسليم بأرقام الحكومة، الّا انّ نقطة الخلاف الجوهرية هي على كيفية توزيع الخسائر والنسبة التي سيتحمّلها كل طرف.
وبحسب المعلومات فإنّ المصارف مُصرّة على عدم المسّ بودائعها رافضة أيّ "هيركات" يطالها، وتطالب بأن تقايض ديونها للدولة ببعض الاصول التي تملكها الدولة، وترفض في الوقت نفسه ان تُشرَك في سداد الخسائر باعتبارها ليست معنية بها، بل انّ لها ديناً على الدولة. وهو أمر رفضه الجانب الحكومي، وأبلغ المصارف موقفاً نهائياً: "أصول الدولة خط أحمر، وليست للبيع".
وتشير المعلومات الى "انّ الحكومة حسمت قرارها من البداية بأن يتحمّل الاطراف الثلاثة: المصارف ومصرف لبنان والدولة، كل الخسائر. وهي بناء على ذلك مُصرّة على تحميل المصارف جزءاً منها باعتبارها كانت من الاطراف المسبّبة للأزمة التي وصل إليها. أمّا الطرح الحكومي في هذا المجال، فينطلق من التأكيد على انّ "أصل ودائع المصارف محفوظ، ولا تريد الحكومة أن تجري "هيركات" عليها، الّا انّ المصارف يجب ان تتحمّل المسؤولية، إذ انها على مدى سنوات طويلة اخترعت ما يسمّى "اقتصاد الفائدة" وجعلته مشروعاً استثمارياً، وحققت من خلال الفوائد على ودائعها (بين 20 %، و30 %، وفي بعض الاحيان 40 %) أرباحاً خيالية. وبناء عليه، فإنّ الطرح الحكومي هو اقتطاع نسبة من هذه الفوائد، او بمعنى أدق من هذه الارباح، باعتبارها أرباحاً غير شرعية بالصورة التي تحققت فيها".
وبحسب المعلومات فإنّ الحكومة ترى أنه من الواجب ايضاً أن يتحمّل "مصرف لبنان" المسؤولية، "فهو أيضاً كان يديّن الدولة على رغم إدراكه انها غير قادرة على السداد، ولم يرفض مرة طلباً للسلطة السياسية التي كانت تتصرّف بالمال على هواها (توزيعات، تنفيعات، هدر، رشاوى صفقات وسمسرات)، إضافة الى تسرّب ملايين الدولارات في اتجاهات مختلفة، منها لقنوات تلفزيونية، ومنها "لإعلاميين مَحظيين"، ومنها لراهني عقارات وما الى ذلك، وكل ذلك سيُظهره التدقيق الجنائي بالتفصيل".
أمّا مسؤولية الدولة، كما تحددها الحكومة، فهي "ان تتحمل جزءاً من الخسائر، ارتكازاً على مبدأ انّ أصول الدولة خط أحمر وليست للبيع، على ان يكون السداد من مشاريع استثمارية (BOT)، قد تنشأ في بعض الأصول العقارية، وكذلك من عائدات اصول الدولة (الاتصالات، الجمارك، كازينو لبنان، الريجي وغيرها)، بحيث تقتطع نسبة محددة من هذه العائدات، وتوضع في "صندوق سيادي" ينشأ لغاية سداد الخسائر.
السرايا
الى ذلك، قالت أوساط قريبة من السرايا الحكومية لـ"الجمهورية" انّ توزيع الخسائر لا بد أن يحسم، وستكون للمصارف حتماً حصتها من تحمّل الخسائر، وهنا يجب ان ننتبه الى انّ نحو 60 % من أسهم المصارف يملكها سياسيون، وغالبيتهم ممّن شاركوا في حقبة الثلاثين سنة الماضية.
وبحسب الاوساط نفسها "فالوضع أشبه بسجادة، كان المتحكّمون بالمال والسلطة على مدى السنوات الثلاثين الماضية يرمون تحتها كل الموبقات التي يرتكبونها، وجاءت هذه الحكومة ورفعت السجادة لِتجد تحتها عجائب وغرائب، وقررت تنظيف ما تحتها. لذلك، فإنّ جوهر الصراع حالياً بين من يريد ان ينظّف ما تحت السجادة ولا يريد العودة الى اعتماد النهج القديم، ويقول: هذه هي خسائري الحقيقية بهذا الحجم تعالوا لنتعاون على سدادها، وبين من يريد ان يكمل بالنهج القديم ويبقي موبقاته تحت السجادة، لا بل يريد ان يلقي موبقات إضافية تحتها".
أرقام مخيفة
الى ذلك، تتكشّف يوماً بعد يوم الآثار التي ترخيها الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعصف بالبلد. فالاحصاءات تشير الى أرقام شديدة الخطورة، ولعل الأسوأ فيها انّ ما يزيد عن مليوني لبناني صاروا فقراء لا يملكون قدرة توفير احتياجاتهم الاساسية. هذا في وقت تؤكد الاحصاءات انّ مئات المؤسسات قد أفلست وأقفلت نهائيّاً وأخرجت موظفيها، اضافة الى تسريح آلاف الموظفين من مؤسسات أخرى، والتوقعات في هذا السياق تشير الى انّ عدد العاطلين عن العمل سيصل حتى نهاية السنة الحالية الى نحو مليون.
وبحسب المعنيين في المجال الاحصائي، فإنّ السلة المدعومة التي أعلنتها الحكومة قبل اسابيع ما زالت على الورق، ولم تأت بالثمار المرجوّة منها حتى الآن. وهذا يوجب اتّباعها بخطوات اكثر فعالية لكي يلمسها المواطن، علماً انّ هذا الدعم هو دعم مؤقت لا تستطيع ان تستمر به الحكومة الى ما لا نهاية، إذ انه سيستنزف الاحتياط بشكل خطير، الّا اذا وجدت الحكومة الحلول الملائمة التي تعوّضها عن هذا الدعم، خصوصاً انّ الحلول ما زالت ممكنة وليست معدومة. والمطلوب بالدرجة الاولى تغيير المسار الحالي وملامسة الحلول الجذرية.
 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o