Jul 22, 2020 6:28 AM
صحف

التحقيق الجنائي المالي امام حائط مسدود؟ والشركة المُكلّفة غير مُختصّة!

كتبت صحيفة "النهار": اذا كانت الحكومة تقدمت أمس في مشروع التدقيق الجنائي المالي عبر تكليف شركة جديدة المهمة الصعبة والمعقدة، وقول رئيس الوزراء حسان دياب لمجلس الوزراء إن "اعتماد شركة للتدقيق الجنائي سيشكّل تحولاً جذرياً في مسار كشف ما حصل على المستوى المالي من هدر وسرقات"، فإن الانجاز بدا منقوصاً سياسياً وتقنياً في ظل أسئلة كثيرة تطرح حول الاعتراض الحقيقي الذي يغطي اعتراضاً ظاهرياً على هوية الشركات، ثم على الاختيار الخاطىء لتلك الشركات. وقد تجدّدت الاسئلة أمس حول اختيار شركة Alvarez and Marsal وإسقاط شركة Kroll ما دام البُعد الامني المتعلّق بالصلة بإسرائيل هو نفسه لدى كل شركات التدقيق المالي. وهو ما طرحته وزيرة العدل ماري كلود نجم سائلة: لماذا استبعدت كرول طالما أن البُعد الأمني شبيه لدى كل الشركات وكان عرضها المالي أقل من غيرها؟ ولم يقدم لها أي جواب، فيما اكتفى الرئيس دياب الذي ختم النقاش بالقول إن الشركة المكلفة هي الأنسب. أما الفريق الممانع، فتقدمه الوزير عماد حب الله بإعلانه تأييده لمبدأ التدقيق الجنائي وتحفظه عن الشركات وارتباطاتها، ولذلك قرّر استخدام الورقة البيضاء التي تعني لا معارضة ولا قبول وجاراه في موقفه الوزيران حمد حسن وعباس مرتضى بورقة بيضاء بهدف عدم العرقلة.
لكن اللافت، وفق متابعين للشأن المالي، أن شركة "ألفاريز آند مارسال"، كما تعرّف عن نفسها، تقدم الخدمات الاستشارية المتخصصة لمساعدة الشركات والمستثمرين والجهات الحكومية في كل أرجاء العالم من دون الاعتماد على الحلول التقليدية. تأسست عام 1983، وهي إحدى الشركات الرائدة على المستوى العالمي والتي تختص بتقديم الخدمات الاستشارية لتحسين أداء الأعمال ومراحل إدارة التحوّل.

وتعمل مع الشركات ومجالس الإدارة، وشركات الأسهم الخاصة، وشركات المحاماة والجهات الحكومية التي تواجه تحديات معقّدة وتسعى إلى تحقيق نتائج ملموسة. إضافة إلى مجموعة من الخبراء في هذا القطاع الذين يكرسون خبراتهم لمساعدة قادة الأعمال على تحويل التغيير إلى أحد الأصول التجارية.
ويذهب هؤلاء الى ان الشركة لا تعمل في مجال التدقيق الجنائي ولا خبرة لها في هذا المجال. وكانت هذه الشركة عملت لبنانياً مع بنك الشرق الاوسط وافريقيا (MEAB) عام 2015 حول اجراءات مكافحة تبييض الأموال المعتمدة في البنك بعد اتهامات وجّهت اليه في الولايات المتحدة الأميركية التي لم تأخذ بنتائج التقرير المعدّ. يُضاف الى ذلك أن أحد مديري الشركة هو الرئيس السابق لشركة "آرثر اندرسن" التي أقفلت عام 2002 بعد ادانتها في المحاكم الاميركية باتلاف أدلّة جرمية في قضية إفلاس شركة "انرون" وإخفاء عمليات احتيالية ورشى قامت بها.
الى ذلك، وبعدما كان التحقيق محصوراً بأربع سنوات وفق الاقتراح المعد، فإن التكليف جاء عن كل السنوات السابقة، محاطاً بعوائق سياسية وقانونية تسد طريقه، ولا يمكن تجاوزها الا بتعديلات في مجلس النواب، مثل قوانين السرية المصرفية والنقد التسليف وصلاحيات حاكم مصرف لبنان وهيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان. وهذه التعديلات لن تعبر بسلام ساحة النجمة كما أكد مصدر نيابي لـ"النهار" إذ قال إن هدف هذا الاجراء محاصرة الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري والزعيم وليد جنبلاط، وهذه خطة لا يمكن أن تمر عبر مجلس النواب.

قرار سياسي لا إصلاحي: من جهتها، اشارت "نداء الوطن" الى "ان الحكومة ستكون أمام مهلة أسبوع لتوقيع العقد مع الشركة تمهيداً لبدء عملية التدقيق الجنائي، وسط تأكيدات وزارية بأنها ستشمل فقط التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان بموجب قرار مجلس الوزراء، وهو ما رأت فيه أوساط مالية "قراراً سياسياً أكثر منه إصلاحياً يهدف إلى تضييق الخناق على حاكم المصرف المركزي رياض سلامة لتخضيعه أو لدفعه إلى التنحي عن كرسي الحاكمية"، مشيرةً في المقابل إلى أنّ "التدقيق الجنائي لكي يكون إصلاحياً حقيقياً لا يجب أن يقتصر في مفاعيله على جهة أو مؤسسة بعينها بل يجب أن يستهدف التدقيق بكل قرش أنفقته الدولة في مختلف القطاعات والمؤسسات"، وسألت: "هل سيشمل قرار الحكومة مثلاً قطاع الكهرباء وعشرات مليارات الدولارات التي أهدرت في هذا القطاع؟ وهل سيلاحق ملف التوظيفات العشوائية في إدارات الدولة وما كبد الخزينة من خسائر جراء التخمة الوظيفية في المؤسسات العامة؟ وختمت: "المطلوب التحقيق جنائياً بحسابات مصرف لبنان وبكل سجلات الإنفاق العام وإلا سيكون مجرد إجراء حكومي لأهداف كيدية سياسية ومالية لا تمت إلى الإنجاز الإصلاحي بصلة".

التدقيق لكافة المؤسسات: وفي اتصالٍ له مع جريدة "الأنباء" الإلكترونية، اعتبر الأستاذ الجامعي والمدير العام للشؤون الإدارية والمالية في مجلس النواب، أحمد اللقيس أن التدقيق يبقى، "الطريق الأسلم لمعرفة مصير أموال مصرف لبنان التي صُرفت ضمن الوزارات والمؤسّسات العامة"، لكنه شدّد على، "ضرورة أن يطال هذا التحقيق كافة مؤسّسات الدولة، على اعتبار أنها الجهة التي أنفقت هذه الأموال، وأولها مؤسّسة كهرباء لبنان، فهذا المسار بحال استكمل يخدم الهدف الأسمى، ويصبّ في معرفة مصير الأموال ومكامن الهدر في الدولة على مرّ السنين". ولفت اللقيس إلى أن ما حصل هو "أحد مطالب صندوق النقد، إذ تقضي بملاحقة مكامن الهدر، وتتبّع الأموال المصروفة"، لكنه أكد أنها "وحيدةً لا تكفي، ما لم يشمل التحقيق مختلف مؤسّسات الدولة، كما والتطرق إلى الإصلاحات الأخرى المطلوبة، وأبرزها في قطاع الكهرباء، والمطالبة بالهيئة الناظمة".
وعن وجود موظفين إسرائيليين في الشركة المذكورة، أشار اللقيس إلى، "وجود موظفين يحملون جنسية الكيان في مختلف الشركات"، مستبعداً "توفر شركة دون وجود أفراد إسرائيليين فيها، إلّا أن الشركة الحالية لا تمتلك مكاتب على أراضي الكيان، كما أن وزير المالية هو الذي طرح اسمها".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o