المفاوضات مع صندوق النقد: فضيحة إضافية تُضاف الى لائحة الفضائح
علمت "الجمهورية" انّ لجنة المال والموازنة بصدد عقد جلسات مكثفة حول موضوع "الكابيتال كونترول"، وذلك بعد تلقيها الملاحظات المكتوبة التي طلبتها في اجتماعها الاخير، من وزارة المالية، ومصرف لبنان وجمعية المصارف. وذلك ليصار الى صياغة جديدة لاقتراح قانون "الكابيتال كونترول"، وفق الملاحظات التي قدّمها صندوق النقد الدولي، وتمّ توزيعها على النواب في الجلسة.
وقالت مصادر اللجنة، انّ صياغة الاقتراح لن تأخذ وقتاً طويلاً، فيما لو استجابت الجهات الثلاث وقدّمت ملاحظاتها في وقت سريع. وخصوصاً انّ الاقتراح القديم قد تمّ سحبه من الجلسة التشريعية لمجلس النواب، واحيل الى لجنة المال والموازنة، بعدما تبيّن انّه بالصيغة التي كان عليها غير قابل للإقرار، وبعدما اشار صندوق النقد الى انّ لديه سلسلة ملاحظات ينبغي ان تؤخذ في الاعتبار لكي يحقق الاقتراح الغاية المرجوة منه.
وعلمت "الجمهورية"، انّ ملاحظات صندوق النقد تركّز على مسائل اساسية يرى الصندوق ضرورة ان يلحظها اقتراح القانون، حيث تلحظ ملاحظاته المساواة في التحويلات، وعدم التمييز بين المودعين. ووفقاً لملاحظاته يؤكّد الصندوق ضرورة "الكابيتال كونترول" لأنّه ان تمّ الاتفاق على برناج مع لبنان، وتلقّى قروضاً من صندوق النقد، فإنّ الصندوق يشدّد على ان تُستعمل هذه القروض في داخل لبنان، اي ان تذهب الى اهدافها المحدّدة لها، وليس ان تتوفّر سيولة عبر هذه القروض، وتصل الى المصارف التي قد تقوم بتهريبها الى عملائها المميزين من سياسيين وغير سياسيين الى خارج لبنان. ومن هنا اصرار الصندوق على وقف التحويلات الى الخارج.
فضيحة المفاوضات: بدأت مسألة المفاوضات مع صندوق النقد تتحول فضيحة إضافية تُضاف الى لائحة الفضائح التي تشوّه سمعة البلد، وتُنفّر المجتمع الدولي منه. وتتمثل الفضيحة الجديدة بالشلل الذي يصيب التفاوض مع الصندوق، والمراوحة حول نقطة واحدة: توحيد ارقام الخسائر وتوزيعها على الدولة والقطاعات. وحول هذه النقطة لا تزال الامور جامدة، وكأنّ الحكومة لم تعقد 17 اجتماعاً حتى الآن مع المفاوضين في الصندوق.
هذا الكلام ليس من باب التحليل، بل يؤكده مسؤول سابق في صندوق النقد، يعرف خفايا المفاوضات التي تجري بين الدول والصندوق.
وكشف هذا المسؤول لـ"الجمهورية" انه "لو توحّدت السلطات، من مجلس نواب وجمعية المصارف ومصرف لبنان، حول الارقام الواردة في خطة الحكومة لكان لبنان قد توصّل منذ فترة الى برنامج إنقاذ مع صندوق النقد الدولي "لأنّ المفاوضات لا تحتاج الى تلك الفترة الطويلة ولم يكن يجب ان تبقى قائمة لغاية اليوم".
ونصح الحكومة اللبنانية بنقل الكرة من ملعب الخلافات اللبنانية الداخلية حول الارقام والخسائر، ورَميها في ملعب صندوق النقد الدولي الذي يملك كافة الارقام وكافة التقديرات، عبر الطلب من الصندوق اقتراح البرنامج الذي يعتبره مناسباً وشاملاً لكل القطاعات، على أن تكون الحكومة مستعدّة لدعمه.
وفي السياق ذاته، قالت مصادر مطلعة على اجواء صندوق النقد الدولي لـ"الجمهورية" انّ موضوع الارقام مهم جداً، والأهم هو ان تأتي الارقام منطقية وموضوعية لا تكبر حجم الخسائر ولا تقللها، وهذا ما يطلبه الصندوق.
وعكست المصادر انتقاداً من الصندوق لأداء السلطة اللبنانية، وخشية من ان يكون الاستغراق في الارقام والخلاف حولها، فيه نوع من القنابل الدخانية للتغطية على المشكلة الحقيقية التي هي عدم إجراء الاصلاحات، التي تؤخر الاتفاق مع صندوق النقد حول برنامج لمساعدة لبنان، ويجب ان تعلم الحكومة اللبنانية أن لا مجال لدفع أيّ قرش من الصندوق طالما انّ الاصلاحات المطلوبة لم تنفذ.