May 14, 2020 6:53 AM
صحف

ضغوطات دولية على لبنان.. وبداية مشجّعة للمفاوضات مع الصندوق

 بدأ لبنان أمس أولى جلسات التفاوض رسمياً مع صندوق النقد الدولي، في خطوة تأمل منها الحكومة الحصول على دعم مالي ملحّ للخروج من دوامة انهيار اقتصادي متسارع.

وقالت مصادر مطلعة لـ"اللواء" ان أسئلة ممثّل صندوق النقد كانت تقنية ودقيقة وموسّعة، تناولت:
1- ما إذا كانت الخطة نهائية أم سيطرأ عليها تعديل في مجلس النواب.
2- ماذا عن مصادر التمويل، والتحقق الضريبي ومداخيل الدولة من رسوم وضرائب.
3- سأل الوفد عن الإصلاحات والقطاعات المشترطة للخزينة، بما في ذلك الكهرباد، وخطط الحكومة للمعالجة.

وتوقفت المصادر عند ما جاء على لسان الأمين العام للأمم المتحدة انطونيوغوتيريش خلال جلسة مناقشة مغلقة في مجلس الأمن، وفقا لصحيفة "جيروزالم بوست": "لا أزال أحثّ الحكومة والقوات المسلحة اللبنانية على اتخاذ كل التدابير اللازمة لمنع حزب الله والجماعات المسلّحة الأخرى من الحصول على الأسلحة وبناء القدرات شبه العسكرية خارج سلطة الدولة".
أضاف "استمرار مشاركة حزب الله في الصراع في سوريا ينطوي على خطر تشابك لبنان في الصراعات الإقليمية وتقويض استقرار لبنان والمنطقة".
معتبراً "أن زيادة حزب الله لترسانته من الأسلحة يُشكّل تحديا خطيرا لقدرة الدولة على ممارسة السيادة والسلطة الكاملة على أراضيها، وبالتالي ان اعتراف حزب الله المتجدد بامتلاكه للصواريخ هو أيضا مصدر قلق كبير".
ورأت هذه المصادر ان "بعيداً من الطابع التقليدي لكلام غوتيريش فإنه يأتي في ظرف سياسي يحتاج فيه لبنان إلى احتضان أممي وعربي، لمساعدته على الخروج من ازمته".

"إرتياح" لبناني: ونقلت مصادر حكومية عبر "الأنباء" "ارتياح" الجانب اللبناني للنقاشات التي امتدت لأكثر من ساعتين جرى فيها التطرق الى المحاور السبع التي تضمنتها الخطة الاقتصادية، لكن المداولات تركزت على العناوين من دون الدخول في التفاصيل، كما جرى توضيح كل النقاط التي لم تكن واضحة لدى الصندوق.
وهذا يؤشر، بحسب المصادر الحكومية، إلى ان "صندوق النقد جاهز لتقديم المساعدة للبنان، لكنه في المقابل سأل عن الاصلاحات المنوي تنفيذها من قبل الحكومة وقدّم للجانب اللبناني لممثلي الصندوق رزمة من الاصلاحات التي يجب تنفيذها على الفور بحسب رأي الصندوق، فكان الرد اللبناني بأن الحكومة جاهزة للمباشرة بالعمل في قطاع الكهرباء من خلال استكمال معملي دير عمار والزهراني، مبديا استعداده للبحث في الشق المالي والضريبي في الاجتماع المقبل".
المصادر الحكومية أكدت أيضاً ان محادثات الأمس مع الصندوق "لم تبحث في الشق الاجتماعي وهو الأهم، والأمور لا زالت في بداياتها وهذا الموضوع سوف يُبحث في جلسة الاربعاء".

عين التينة: توازيا، رحبت مصادر عين التينة في اتصال مع "الأنباء" ببدء المفاوضات مع صندوق النقد، مؤكدة على ضرورة التغيير المالي المتبع لأنه بات أمرا واقعا وملموسا على المستويين الداخلي والخارجي في ظل الأزمة المعيشية الخانقة والجوع الذي بدأ يهدد الجميع دون استثناء، كما بات يهدد الدولة برمتها"، وشددت على أن "الجميع في لبنان مسلّم بهذا الواقع المرير وقد أعربت كل القوى السياسية بما فيها المعارضة عن استعدادها لمناقشة الخطة الاقتصادية لأن لا حل للازمة من دونها والا فالانهيار".
واعتبرت المصادر ان "الأمر الايجابي يتلخص بأن لبنان لأول مرة في تاريخه يضع اطارا لعمل مستقبلي واجب التطبيق والأخذ به"، مؤكدة ان صندوق النقد "سوف يأخذ بالقسم الأكبر مما تضمنته الخطة مع التأكيد بأنه سيكون لديه شروط معينة ولا بد للبنان من الأخذ بها"، معتبرة ان النقاشات لا زالت في بداياتها.
الاصلاحات المفتاح: مصادر مالية أكدت عبر "الأنباء" ان تطبيق الاصلاحات المطلوبة هو مفتاح الخروج من الأزمة، وهذا لن يتم الا بدعم كل القوى السياسية، وهذه الاصلاحات تشكل عامل قوة للبنان لأن المجتمع الدولي مستعد لمساعدته شرط الشروع بها وتحقيق ذلك رسالة ايجابية، والشيء الأهم هو اصلاح المالية العامة والادارة ووضع حد للفساد والهدر وخفض العجز الى مستويات مقبولة.
وأشارت المصادر الى ان شروط صندوق النقد ستكون في البداية قاسية ولكن لا بد من التوصل الى حل في نهاية المطاف وأن تتعهد الحكومة بتنفيذ ما سيطلب منها.

لن نحرق المراحل: وقالت مصادر حكومية لـ"الجمهورية": "انّ الحكومة ستواكب المفاوضات مع صندوق النقد لحظة بلحظة، وستقدّم اقصى المطلوب منها لتحقيق مصلحة لبنان بالحصول على المساعدة المطلوبة".
وعن تقييمها لجولة التفاوض الاولى، قالت المصادر: "ما زلنا في البدايات، ولن نحرق المراحل بتقديرات او تحليلات او توقعات، ولكن نأمل ان تعبّر الايجابيات عن نفسها في القريب العاجل".
وعمّا اذا كان الجانب اللبناني قلقاً من تلقيّه شروطاً قاسية اقتصادية او ضريبية او سياسية، قالت المصادر الحكومية: "لا يوجد اي قلق على الاطلاق، فلبنان لا يدخل الى المفاوضات مع صندوق النقد خالي الوفاض، ولو كان كذلك، لكان في الإمكان توقع شروط اكثر من قاسية في السياسة وغير السياسة، حيث يمكن ان يفرض صندوق النقد اجندته هو عليه، ولكن اما وقد ارسل لبنان خطته المالية وبرنامج عمله الى صندوق، فإنّ المفاوضات تنحصر في الخطة اللبنانية، وليس في اي امر آخر، لا سياسي ولا غير سياسي. وبالتالي نحن لسنا قلقين، فضلاً عن انّ قرار لبنان من هذه المفاوضات هو اننا نقبل بكل ما يحقق مصلحة لبنان ويؤكّدها، ونرفض كل ما يتعارض معها ويمسّ بالسيادة الوطنية".

الصندوق يحذّر: الى ذلك، ذكرت "الجمهورية"، انّ الاشارات الايجابية التي تلقّاها الجانب اللبناني من صندوق النقد الدولي، استبطنت مجموعة تنبيهات ومآخذ ونصائح، وتتلخّص بما يلي:
- اولاً، انّ صندوق النقد، ومن حيث المبدأ لا يمانع تقديم المساعدة للبنان، بل هو يرغب في ذلك، وليس بصدد وضع اي صعوبات امام المفاوض اللبناني.
- ثانياً، لا بدّ من إحداث نقلة نوعية في لبنان، تجعل اقتصاده منسجماً مع "الاقتصادات الحديثة" التي تتمتع بها الكثير من دول العالم.
- ثالثاً، المطلوب إعادة نظر جذرية من قِبل لبنان، على كل المستويات، انطلاقاً من مسألة اساسية وشديدة الأهمية، تتعلق بتأكيد استقلالية القضاء اللبناني.
- رابعاً، انّ اقتصاد لبنان مكبّلٌ بمجموعة قيود خطيرة؛ مكبّل بالسياسة، ومكبّل بالهدر والفساد، ومكبّل بمجموعة قوانين تحتاج الى تحديث شامل، ومكبّل بالاحتكارات، ومكبّل بمنظومة ادارية غير كفوءة.
وبحسب مصادر المعلومات الموثوقة، فإنّ هذه الإشارات الايجابية، وبالشوائب التي اقترنت بها، تنطوي في جوهرها على حث لبنان للانطلاق بورشة عمل، بهدف تحديث اقتصاده ومنظومته القانونية والتشريعية، واتخاذ الإجراءات الإصلاحية المطلوبة. وثمة كلام مباشر تمّ ابلاغه الى الجانب اللبناني مفاده: "إن لم يُقدم لبنان على هذا التحديث وكذلك على الاصلاحات السريعة، فإنّ الوضع فيه سينحدر من مستوى الفقر ( كما هو الوضع حالياً) الى مستوى البؤس".

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o