أوضاع كورونا ليست على ما يرام: "شهادات طبّية مزوّرة" تُعيد لبنان لدائرة خطر الوباء
كتبت صحيفة "الانباء" الالكترونية: واضح أن الحكومة تسرّعت في تخفيف إجراءات التعبئة العامة وفس الإعلان عن رفع الحظر ولو تدريجياً وعن بدء الاستعدادات لفتح المؤسسات العامة والخاصة. ولم تنفع بعد ذلك للأسف كل التحذيرات بضرورة العودة الى تشديد الإجراءات، ما يهدد بالتالي كل جهود مكافحة الوباء إذا بقيت الأمور غير منظمة مركزياً.
مصادر وزارة الصحة عزت في حديث لـ "الأنباء" عودة الإصابات الى "اللامبالاة والإستخفاف لدى البعض، إن لم نقل الخبث بين الذين ظهرت عليهم عوارض الإصابة"، مشيرة الى أن أحد القادمين من نيجيريا على متن طائرة "طيران الشرق الأوسط" لم تظهر نتائج الفحص الذي أجري له في المطار، وكان يحمل على ما يبدو شهادة صحية مزوّرة، فسُمح له بالذهاب الى منزله ما تسبّب بنقل العدوى الى ولده العنصر في الشرطة العسكرية الذي بدوره نقل العدوى الى زملائه وعددهم 13 عنصرا بالإضافة إلى 11 شخصا من أقاربه.
وسألت المصادر: "هل يمكن أن تمر هذه الحادثة مرور الكرام فيما بعض الدول العربية تتخذ إجراءات صارمة بحق من يتسبب بنقل العدوى تصل الى الحبس لعشر سنوات وبتغريمه مبالغ هائلة في حال وفاة أي شخص نقل العدوى اليه؟".
المصادر أكدت أن "هذا الموضوع لا يجب السكوت عنه، وأن وزير الصحة سيطرح هذه المسألة في جلسة مجلس الوزراء غداً الثلاثاء ليبنى على الشيء مقتضاه"، ولفتت إلى أن "إقفال البلد 48 ساعة أو 72 ساعة قرار يتخذه مجلس الوزراء وليس وزير الصحة، لكن من الآن وحتى إتخاذ هذا القرار لا بد من مراقبة أوضاع المصابين للتأكد من شفائهم مع ما فرضته هذه الحالة من إجراءات وقائية لأكثر من عشرين محامٍ يتابعون قضايا في المحكمة العسكرية، بالإضافة الى القضاة والمحققين وبعض الموقوفين الذين سيخضعون جميعهم الى فحوص الـ PCR للتأكد من عدم إنتقال العدوى اليهم". وشددت مصادر الصحة على أن "الاحتراز واجب والبقاء في المنازل أرخص بكثير من خسارة الأحباب والأصحاب".
الامور ليست على ما يرام: مصادر طبية أكدت بدورها لـ "الأنباء" أن "الأمور ليست على ما يرام، وأن حالة واحدة يمكن أن تؤدي الى نقل العدوى الى عشرات أشخاص كما جرى في المحكمة العسكرية، وأن الرقم العالمي المعتمد للإصابات هو واحد في المئة، ورغم أنه في لبنان لغاية الآن لم يتعدَّ عدد المصابين هذه النسبة، لكن لا أحد يمكنه أن يعلم متى يختفي هذا الفيروس، والخطورة تكمن في أن نصف عدد حامليه لا يظهر عليه أي عوارض صحية وتبقى الوقاية هي الأساس".
من جهتها مصادر حكومية أشارت لـ "الأنباء" الى أن "التعديل في خطة التعبئة العامة لا مفر منه بعد إرتفاع عدد الإصابات، وأن الجيش والقوى الأمنية سيتشددون في الإجراءات التي قد تكون موجعة بحق من لا يلتزم بخطة التعبئة"، وتوقعت "الاستمرار بهذه الإجراءات الى ما بعد الانتهاء من المرحلة الثالثة من عودة المغتربين بأسبوعين وهي مدة الحجر الطوعي للتأكد من عدم الإصابة. وفي ضوء ذلك تجري الحكومة تقييما جديدا لاتخاذ الإجراءات المناسبة التي قد تكون برفع الحظر تدريجيا ابتداء من منتصف حزيران في حال بقيت الأمور سائرة على هذا النحو".
وعن قرار وزير التربية طارق المجذوب باستئناف الدراسة وعودة الطلاب الى المدارس في الرابع والعشرين من هذا الشهر اوضحت المصادر أن هذا الموضوع سيناقش في جلسة مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب في ضوء التطورات الحاصلة.
شهادات مزوّرة: من جهتها، اشارت صحيفة "نداء الوطن" الى ان كل الإجراءات الاحترازية التي اتّخذتها الحكومة وكل التدابير المتبعة خلال الشهرين الماضيين، من عزل وحظر و"مفرد ومجوز"، تكاد أن تذهب أدراج الرياح تحت عجلات "رحلات العودة" وعشوائية المعايير التي تميّزت بها إدارة هذه العملية رسمياً وصحياً، لا سيما في ضوء ما تكشف خلال الساعات الأخيرة من معطيات حول وجود "شهادات طبية مزوّرة" تم استخدامها لتأمين عودة بعض المصابين بالوباء من الخارج.
إقفال البلد: وقال وزير الصحة حمد حسن لـ"الجمهورية"، انّ "الاسترخاء المبالغ فيه واللامسؤولية المدنية اللذين طبعا سلوك المجتمع اللبناني خلال الأيام الماضية يقفان وراء هذا الارتفاع الكارثي في عدد الاصابات بفيروس كورونا، والذي قد يكون مؤشراً إلى احتمال تفلّت الأمور وخروجها عن السيطرة، وبالتالي الانطلاق مجدداً من نقطة الصفر".
ولفت الى "انّ كل الإجراءات التي إتخذتها َوزارة الصحة لا تزال مستمرة، لكن المشكلة تكمن في استسهال المجتمع التفلّت من الضوابط المحدّدة وعدم تقيّده بقواعد التخفيف المتدرج للتعبئة العامة".
وحذّر حسن من "انّ ذريعة الوضع الاقتصادي الصعب لتبرير الاستهتار، وعلى أحقيتها، لا تقاس ولا تقارن بالثمن الباهظ الذي سيدفعه لبنان اذا انتشر كورورنا بوتيرة مرتفعة، ولن يكون نظامنا الصحي، كما النظام الصحي في أرقى الدول، قادراً على اللحاق بها وتحمّل تداعياتها". وأوضح "أنّ خيار الإقفال التام للبلد، ايام الجمعة والسبت والأحد من الاسبوع الحالي قد يكون ضرورياً لإعادة تفعيل الضوابط وإجراء مسح ميداني في بعض المناطق".
وفي هذه الأجواء، كشفت مراجع معنية لـ"الجمهورية"، انّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لاحق التطورات المتأتية عن حال الفلتان في الشارع، وتتبّع التقارير التي تحدثت عن ازدياد حالات الإصابة بالكورونا، واطلع من المعنيين في الأجهزة الأمنية والطبية على واقع الحال، مشدّدا على جدّيتها وإحياء حالات الوعي التي تميّز بها اللبنانيون في المراحل السابقة، لئلا تذهب تضحياتهم هباء.
مجلس الدفاع: وذكرت "الجمهورية"، انّ الإتصالات ستتواصل في الساعات المقبلة بين مختلف المراجع المعنية الصحية والإجتماعية والأمنية، وقد تكون هناك حاجة الى دعوة المجلس الأعلى للدفاع الى اجتماع يُعقد قبل ظهر غد للبحث في تعزيز التدابير، لإعادة لجم ظاهرة تمدّد الإصابات بوباء كورونا مجدداً، في عملية انتشار لم توفر اي قضاء، من عكار الى اقصى مناطق الجنوب والبقاع، ولا سيما لجهة انتشار الإصابات في صفوف وحدة الحماية في المحكمة العسكرية، والتي بلغت 13 إصابة، وسط مخاوف من امكان اصابة بقية العسكريين وقضاة المحكمة والموقوفين والمحامين الذين ارتادوا المحكمة في الأيام الأخيرة.
وفي معلومات "الجمهورية"، انّ رئيس الحكومة سيجري اتصالاته بالقادة العسكريين والأمنيين لتقييم الموقف والبحث في الحاجة الى دعوة المجلس من عدمه، وهو في حال عدم توجيه الدعوة سينقل آراءهم واقتراحات اللجنة الوزارية المكلفة بملف الكورونا الى مجلس الوزراء.
المرحلة الثالثة من عودة المغتربين: بدورها، أشارت "الشرق الاوسط" الى ان بعدما نجح لبنان في السيطرة على انتشار وباء "كورونا" مرحليا إذ كان يسجل إصابة واحدة يوميا أو إصابتين أو حتى صفر إصابات، سجّل أمس الأحد 36 إصابة جديدة منها 23 لمقيمين و13 حالة في صفوف الوافدين، وقبلها 13 إصابة، فيما كان قد وصل عدد المصابين قبل ثلاثة أيام إلى 34 إصابة بينها 33 لوافدين، ما دفع وزارة الصحة إلى الحديث عن تخفيض عدد الرحلات في المرحلة الثالثة من إعادة المغتربين، لا سيما أنّ هذه المرحلة، والتي ستمتد بين 14 و 24 أيار ضمناً، تضمّ 13 ألفاً و750 شخصاً، ما يعني نظريا زيادة عدد المصابين في "كورونا" في لبنان حسب ما يرى مصدر في وزارة الصحة، إذ كلما ارتفع عدد العائدين ارتفع احتمال وجود مصابين.
الحياة عادت إلى طبيعتها! وفي حديث مع "الشرق الأوسط"، اعتبر مصدر أن هناك أكثر من عامل أدى إلى ارتفاع عدد الإصابات مجددا، ومن هذه العوامل ارتياح الناس والتصرف وكأنّ "كورونا" انتهى، وذلك في وقت بدأت الحياة تعود إلى طبيعتها جزئيا نظرا لعدم قدرة لبنان الاقتصادية على تحمل المزيد من الإقفال.
واعتبر المصدر أنه يمكن لأي شخص ملاحظة تراجع التزام الناس بالتدابير الوقائية، فبعدما كان معظم اللبنانيين يلتزمون التباعد الاجتماعي ويحترمون المسافة الآمنة وارتداء الكمامات وعدم الخروج إلا عند الضرورة، باتوا يتصرفون حاليا وكأن "كورونا" انتهى، فعودة الحياة جزئيا إلى طبيعتها وتراجع عدد الإصابات في عدد من الأيام أعطيا الناس إنذارا خاطئا بأننا تخلصنا من "كورونا".
عودة المغتربين تحت السيطرة! وعن المخاوف من ارتفاع عدد الإصابات داخليا بسبب إعادة المغتربين، رأى المصدر أنه يجب التأكيد بداية على حق اللبنانيين جميعا بالعودة إلى بلدهم، وبالتالي النقاش يجب أن يكون بالتدابير المتخذة، وبوعي المواطنين الوافدين والمقيمين، مضيفا أنه صادف وأن ترافقت عودة هؤلاء حاليا وستترافق في المراحل المقبلة مع عودة الحياة ولو بشكل جزئي إلى طبيعتها، ما يستلزم المزيد من التدابير الوقائية.
وفي هذا الإطار، يوضح المصدر أنّ التدابير المتبعة من قبل الوزارة لا تزال على صرامتها بدءا من تحديد العدد على متن كل طائرة مرورا بتدابير المطار وإجراء فحوصات "بي سي آر"، وصولا إلى متابعة العائدين في الحجر بالتنسيق مع القوى الأمنية والبلديات، لافتا إلى أن الوزارة وحتى اللحظة تابعت 20 ألف حالة.
وعن المخاوف من موجة أخرى مع تزايد عدد المصابين، اعتبر المصدر أنّه لا شكّ أن لبنان نجح إلى حد كبير في التعامل مع الوباء حتى وصلنا إلى مرحلة لا بأس بها، إلّا أنّ هذا لا يعني أننا في هدنة أو فترة راحة، فالمعركة مع "كورونا" لا تزال مستمرة وهناك توقعات لموجة ثانية لا يمكن تحديد وقتها أو قوتها، لأنّ الأمر يرتبط بالتدابير المتخذة فكلما كان وعي الناس أكبر وكلما التزمنا بالتدابير الوقائية تأخر موعد الموجة الثانية وكانت أقل قوة.
وفي السياق، شدّد المصدر على ضرورة رفع التشدد والعودة إلى المربع الأول من الاحتياطات والتدابير الوقائية لا سيّما مع عودة الحياة تدريجيا إلى طبيعتها، إذ لا تحمل أوضاع الناس الاقتصادية المزيد من الإقفال، وعلم الأوبئة يعتبر ضمور هذا المرض أمرا طبيعيا وفي حال عدم أخذ التدابير اللازمة ستظهر حالة أو حالتان مجهولة المصدر تعيد الوضع إلى حالة خطرة خلال 6 أسابيع، ما يعني إجراءات وتدابير جديدة!
ما بُذل في المطار ضاع في الفندق! ويؤكد الوافدون على طائرات الإجلاء أن الإجراءات التي رافقتهم في رحلتهم كانت جيّدة لناحية الحفاظ على التباعد الاجتماعي والتعقيم والالتزام بالكمامات والقفازات، إلّا أنّ بعضهم تحدث عن فوضى وغياب للتدابير الوقائية في الفندق الذي نقلوا إليه.
ويقول ربيع الذي رجع إلى لبنان على متن الطائرة العائدة من السعودية والتي وصلت قبل يومين، إنّ إجراءات المطار كانت جيدة لناحية العدد والتباعد الاجتماعي حتى التعقيم وأخذ المعلومات اللازمة منهم لمتابعتهم أثناء الحجر.
ويأسف ربيع على ما حصل معهم بعد نقلهم بحافلات إلى الفندق حيث اضطروا للانتظار على بابه من الساعة الثالثة والنصف حتى السادسة بسبب مشاكل تتعلق بالطلب منهم دفع كلفة فحص الـ"بي سي آر" والغرفة، انتهت بدفع الوزارة تكلفة الفحص بينما دفع المواطنون أجرة غرفهم.
وأكد ربيع أنه بعد دخولهم الفندق كان الاختلاط عاديا ولا احترام لمسافات الأمان والتدابير الوقائية وكأنّ وباء "كورونا" عير موجود، ولو كان أحد الموجودين مصابا لكانت العدوى انتشرت.
ربيع موجود حاليا في منزله حيث يخضع للحجر الصحي، إذ غادر الفندق في اليوم التالي لوصوله بعدما جاءت نتائج فحص الـ"بي سي آر" الخاصة به سلبية. ويؤكد ربيع أنه وقّع على تعهد لوزارة الصحة بعدم مغادرة منزله إلا بعد انتهاء مدة الحجر أي بعد 14 يوما، وأنه حتى لو لم يوقع فهو ملتزم بالحجر انطلاقا من مسؤوليته تجاه نفسه ومجتمعه.