مجلس الوزراء: ضابطة عدلية لملاحقة الفاسدين!
إنعقد مجلس الوزراء أمس في السراي الحكومي برئاسة الرئيس حسان دياب وقرر، في إطار إجراء التحقيقات لتحديد الحسابات التي أجريت منها تحويلات مالية الى الخارج، "تكليف وزارة المال الطلب من مصرف لبنان إعداد لوائح تتضمن الآتي:
أولاً: مجموع المبالغ التي جرى تحويلها إلى الخارج اعتباراً من تاريخ 1/1/2019 ولغاية تاريخه، مع تبيان نسبة المبالغ التي جرى تحويلها من قبل أفراد يتعاطون الشأن العام وتلك التي حوّلت لأسباب تجارية.
ثانياً: مجموع المبالغ التي سحبت نقداً في الفترة عينها المُومَأ إليها.
ثالثاً: مجموع المبالغ التي جرى تحويلها في فترة إقفال المصارف استناداً إلى قواعد الامتثال والتعاميم ذات الصلة".
كذلك أقرّ المجلس 4 تدابير آنية وفورية لمكافحة الفساد واستعادة الأموال المتأتية عنه، وهي: تفعيل التدقيق الضريبي، التحقيق المحاسبي، تطبيق المادة الخامسة من قانون السرية المصرفية، الرقابة المؤخرة لديوان المحاسبة.
تضارب الصلاحيات
وقالت مصادر وزارية لـ"الجمهورية" انّ "نقاشاً عميقاً وطويلاً حصل عند البحث في البندين الرابع والخامس من التدابير الآنية لاستعادة الاموال المنهوبة، خصوصاً لجهة الصلاحيات في ملاحقة الاثراء غير المشروع والاستقصاء عنه، إذ بموجب التدبيرين يتحول مجلس الوزراء ضابطة عدلية للتحقيق والملاحقة ما يعتبر تعدياً على السلطة القضائية".
واضافت المصادر انّ عدداً كبيراً من الوزراء، وهم وزراء "حزب الله" وحركة "امل" و"المردة" إضافة الى وزيري الاتصالات طلال حواط والداخلية محمد فهمي صَوّتوا مؤيدين الأخذ برأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل للبَت بالموضوع وتوافقوا على انّ المادتين ؟و؟؟ يعطيان للقضاء صلاحيات تطبيق قانون الاثراء غير المشروع، ولا يمكن مجلس الوزراء هنا ان يلعب دور الضابطة العدلية، وحذّروا من تضارب في الصلاحيات بين السلطتين التنفيذية والقضائية.
وعلمت "الجمهورية" انّ وزيرة العدل ماري كلود نجم اعترفت امام مجلس الوزراء بأنّ تنفيذ التدابير السبعة لاستعادة الاموال المنهوبة "أمر صعب وغير فعّال، وأن الورقة غير نافذة قانوناً". لكنها اعتبرت "انها يمكن ان تمهّد لاتخاذ قرارت ترضي الشارع".
وقالت نجم لـ"الجمهورية": "لا احد مستهدفاً في هذه التدابير وهي ليست شعبوية، إنما المقصود منها البدء جدياً في مكافحة الفساد. وما اريد قوله انّ هناك مجموعة قوانين فلنفعّلها، وقانون التهرب الضريبي سيساعد على استرجاع اموال الدولة". وأكدت "انّ هذه التدابير لا تحتاج الى تشريع في مجلس النواب".
الاثراء غير المشروع
وعلمت "الجمهورية" أنه اثناء البحث في القانون 154 المتعلق بالاثراء غير المشروع، سأل بعض الوزراء عن تفاصيله القانونية، وتبيّن انّ وزيرة العدل لم تكن على اطّلاع على معظم النصوص القانونية الواردة في هذه التدابير ما اضطرّها الى الخروج اكثر من مرة من الجلسة واجراء بعض الاتصالات، حتى انّ رئيس الحكومة سألها عما إذا كانت عرضت هذه التدابير على نقيب المحامين؟.
وهنا علّق الوزيرميشال نجار فقال لها: "يجب ان نحافظ على صدقيتنا، ولا يمكن لنا مصادرة قوانين وتَبنّي قوانين ليست من صلاحياتنا وتتضارب مع السلطة القضائية، فإذا أعلنّاها الى الناس وتبين انها غير صحيحة ولا يمكن تطبيقها نصبح محط انتقاد كما حصل معنا في الاسبوع الماضي"، فسأله دياب: ماذا حصل الاسبوع الماضي؟ فأجاب: "عندما اطلقت مواقف بعد جلسة مجلس الوزراء لم تكن لمصلحتنا وأدّت الى ردود فعل معاكسة في الشارع". فرد دياب: "التحرك العفوي الذي كان في الشارع كان لمصلحتنا بسبب الازمة الاقتصادية، امّا التحرك الذي هدف الى زعزعة الاستقرار فكان بخلفيات سياسية ونيات خبيثة". فردّ نجار: "المهم الّا نقوم بدعسة ناقصة حتى لا تنقلب الامور علينا، ويجب ان نتخذ قرارات قابلة للتنفيذ وليس فقط من اجل إسكات الشارع".
وهنا قالت نجم: "يمكن ان تكون هناك امور غير قانونية في هذه التدابير، ولكن مجرد اعلانها الى الشارع سيشعر اننا نقوم بالاصلاحات وهذا شيء جيد وسيفتح باباً للنقاش". فعلّق نجار قائلاً لها: "مش شغلتنا نكذب عالناس، يجب ان نقوم بما هو مُتاح لنا ضمن صلاحياتنا".