Apr 22, 2020 1:17 PM
خاص

مقومات الدولة مفقودة في لبنان.. مؤسسات دستورية مهترئة لا تعمل!
الشعب سحب ثقته من سلطة غارقة في سجالاتها وغائبة عن معاناته

المركزية- في البلدان الطبيعية التي تحمل مقوّمات "الدولة" وأوصافها، تجتمع المؤسسات في الظروف الاستثنائية، كما هي الحال اليوم مثلا مع اجتياح فيروس كورونا الكرة الارضية، لرسم معالم الخطة التي ستعتمدها لمواجهة التحدي الماثل امامها ولتخفيف أعبائه عن كاهل مواطنيها الى الحدود القصوى. فتقرّ مساعدات اجتماعية واقتصادية ومالية واستشفائية تساعد الشعب والصناعات والقطاعات المعنية على الصمود، حتى انها تذهب الى البحث في ورقة الطريق التي ستسير وفقها في المرحلة المقبلة للخروج بأقل الخسائر من الازمة.

لكن في لبنان، هذا النموذج لا أثر له... لماذا؟ لأن البلد يفتقد الى أبسط مقومات الدولة! والحال أنه كلما اجتمعت مؤسساته، أكانت تشريعية او تنفيذية او قضائية، ترسّخت هذه الحقيقة أكثر في ذهن الناس، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ"المركزية". جلسة مجلس النواب المنعقدة في الاونيسكو لدواعي كورونا دليل ساطع. فبدل ان تغوص، حصرا، في مناقشة مواجهة الوباء وتداعياته الثقيلة على المواطنين، توقّفت عنده عرضا، وتوجّهت نحو بنود مهمة طبعا، لكن ثانوية في هذه المرحلة، كمشاريع اعمارية انمائية وتعديل اسماء قرى وتشريع القنب، وهي مشاريع لن يرى لبنان واللبنانيون نتائجها قبل سنوات.

حتى ان المجلس "برم ظهره" الى الازمة النقدية الاقتصادية المعيشية التي تكوي الناس بنيرانها، فلم تحضر سوى في بعض المواقف من باب رفع العتب، بينما السلطة التشريعية في يدها الحل والربط في هذه القضايا. أما واقع السلطة التنفيذية، فحدّث ولا حرج . وكلّما اجتمع مجلس الوزراء، كرّس عجزه عن اتخاذ قرار واحد ماليا واقتصاديا و"تعيينات" ، وحتى معيشيا (المساعدات الاجتماعية لم توزع على الأسر المحتاجة بعد مرور اكثر من شهرين على دخول كورونا لبنان) بفعل المحاصصات والمناكفات السياسية بين أهله، علما انهم من فريق سياسي واحد.

هذا المشهد الذي يؤكد ان المؤسسات اللبنانية مهترئة، وينخرها التسييس وذهنية تقاسم الجبنة، جعل أمرا طبيعيا ان يتحرّك الناس على الارض ضدّها بالتزامن مع جلساتها. فبدل ان "يرتاحوا" الى انها تجتمع، باتوا على يقين ان نقاشات النواب والوزراء منفصلة عن واقعهم ومعاناتهم ووجعهم. حتى ان هؤلاء يجدون في وسط المأساة المعيشية الصحية التي يتبخط فيها اللبنانيون، وقتا كافيا، للسجال السياسي وتصفية الحسابات، بدليل ما رافق البحث النيابي في قانون العفو العام وفي اقتراح قانون محاكمة الوزراء ورفع الحصانة عنهم، على سبيل المثال لا الحصر.

وبعد، صحيح ان اقتراح تقصير ولاية المجلس سقط اليوم في البرلمان، الا ان الارض قالت منذ 17 تشرين "لا ثقة"، وأعلنت "تباعدا" سياسيا – شعبيا، لا بل طلاقا مع السلطة الحاكمة التي مزّقت المؤسسات واوصلتها الى التحلل التام. ويبدو ان المنتفضين – الجياع، يتجهون في المرحلة المقبلة الى قلب الطاولة على مَن حجروهم في "كارنتينا" مالية – اقتصادية – سياسية – بيئية ، منذ عقود...

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o