Apr 20, 2020 3:16 PM
خاص

بالوقائع والبراهين... القطاع المصرفي يدحض اتهامه بالانهيار المالي
المنظومة السياسية تتخبط في تناقضاتها وكرة المسؤولية تعود اليها

المركزية- سألت مصادر مصرفية رفيعة: ألا تستحق كل عناوين الحملات والاتهامات التي استند اليها السياسيون لاتهام القطاع المصرفي في لبنان بالمسؤولية عن الانهيار الحاصل، إعادة نظر في ضوء ما يعيشه لبنان اليوم؟

واعتبرت أن كل الاتهامات الموجهة الى مصرف لبنان والمصارف التجارية بالتسبب بالأزمة الحالية أثبتت بالوقائع والبراهين أن أصحابها، إما أنهم كانوا يتعمدون تزوير الحقائق، وإما لا يتمتعون بالخبرات العلمية والاقتصادية والمالية اللازمة لإبداء رأيهم في ملفات دقيقة وحيوية وحساسة، ولاستشراف نتائج وذيول السياسات التي يقترحونها.

وأعطت المصادر المصرفية أمثلة عدة على تخبط المنظومة السياسية في تناقضاتها، وعلى عدم صحة كل ما استندت اليه من حجج لرمي الكرة في ملعب القطاع المصرفي، وأبرزها:

قول رئيس الحكومة حسان دياب ان ودائع اللبنانيين في المصارف تبخرت... وفي الوقت نفسه تأكيده أن ودائع 98 بالمئة من الناس لن تمسّ؟ فكيف يمكن ألا تمسّ الودائع إذا كانت تبخرت؟ وعندما تطرح جهات حكومية مشروعا لـ"الهيركات"، وبمعزل عن حجمه او الجهات التي سيطالها، فكيف يمكن للدولة أن تجري "هيركات" على ودائع غير موجودة ومتبخرة؟ وهذا أكبر دليل الى أن الكلام عن تبخر الودائع في المصارف ليس إلا محاولة لوضع المودعين في مواجهة المصارف. في حين أن المشكلة هي مشكلة سيولة وليست مشكلة ملاءة. ومشكلة السيولة تسببت بها الحكومة اللبنانية بامتناعها عن تسديد الديون المتوجبة عليها للمصارف، وبالسياسات التي اعتمدتها وأدت الى وقف تدفق الاستثمارات والتحويلات الى لبنان بفعل عدائها للعرب والمجتمع الدولي.

نظرية خطأ دعم الليرة اللبنانية... وتلفت المصادر المصرفية الرفيعة في هذا المجال إلى أن نتائج مثل هذه السياسة ظهرت اليوم على أرض الواقع بعدما توقف مصرف لبنان عن دعم الليرة... وها هو الدولار يتجاوز ال 3000 ليرة في "الأسواق الحرة" بعدما توقعت الحكومة في مشروعها "الانقاذي" أن يصل الى هذا السقف في العام 2024، فإذا بسعر الدولار يقفز كردة فعل على برنامج الحكومة في ظل عدم تدخل مصرف لبنان! فهل هذا ما كان مطلوباً منذ العام 1993؟ وهل كان مطلوبا من مصرف لبنان ألا يسمح للبنانيين ب 27 سنة من العيش في الحد الأدنى من الاستقرار الاقتصادي والمالي والمعيشي على أمل أن تتحمل الحكومات المتلاحقة مسؤولياتها في بناء استراتيجيات سياسية وأمنية واقتصادية! وهل كان مطلوبا ان تكون القدرة الشرائية للأجور على ما هي عليه اليوم من تدهور على مدى ال 27 سنة الماضية؟ وتخلص المصادر: إن ما قام به مصرف لبنان هو النجاح بعينه في تأمين الحد الأدنى من متطلبات الحياة للبنانيين على مدى ثلاثة عقود... أما الفشل والمسؤولية فعلى عاتق السياسيين والحكومات والمجالس النيابية والعهود المتعاقبة التي انتجتها المنظومة السياسية والتي عوض أن تستفيد من سياسات مصرف لبنان وقدراته على تأمين ما تحتاجه من استقرار اجتماعي ومالي ونقدي لبناء الدولة على أسس صلبة، عملت على تناتش الدولة وتحاصصها وتقاسمها وتوريطها في الحروب الخارجية والازمات الداخلية مما أوصل الأمور الى الانهيار الحالي.

نظرية خطأ قيام المصارف ومصرف لبنان بإقراض الدولة... ها هو مصرف لبنان والمصارف التجارية قد توقفت عن إقراض الدولة، فما هي النتيجة؟ هل توقفت الدولة عن الصرف العشوائي؟ هل قررت وضع حد لهدر الكهرباء؟ هل أوقفت سد بسري وكلفته الاجمالية اكثر من مليار دولار من الدين الخارجي الذي لا علاقة لمصرف لبنان والمصارف اللبنانية به؟ وهل ديون ال 11 مليار دولار لمؤتمر "سيدر" الذي يتبجحون به ويستقتلون للحصول عليها، ليست ديوناً؟ وما علاقة مصرف لبنان والمصارف بها؟ ثم هل توقف الحكومة عن إقرار اعتمادات "المؤتمرات والزيارات الخارجية في مجلس الوزراء" بمليارات الليرات! وتوضح المصادر المصرفية الرفيعة إن إقراض الدولة كان بهدف تأمين الرواتب التي تبلغ أكثر من ثلث الموازنة... وتأمين عجز الكهرباء وغيرها؟ فهل كان المطلوب من مصرف لبنان والمصارف وقف رواتب الموظفين وشل الدولة؟ وهل كان مطلوبا منهم إرغام المواطنين على دفع فواتير مضاعفة للمولدات الكهربائية؟ أم أن المطلوب كان سياسات حكومية رشيدة توقف الهدر في الكهرباء، وتعيد هيكلة الإدارة، وتؤمن الجبابات المستحقة للدولة من خلال وقف التهريب والتهرب الضريبي، والقضاء على الاقتصاد الموازي.

نظرية خطأ الفوائد المرتفعة وتسببها بالأزمة النقدية والمالية والاقتصادية... وقد نسي أصحاب هذه النظرية بأن ما يحدد سعر الفائدة هو مستوى المخاطر العسكرية والامنية والسياسية والاقتصادية... فهل مصرف لبنان والمصارف هي من يتحكم بهذه الأزمات، وهل أن رياض سلامة هو من أدار هذه السياسات على مدى ثلاثة عقود؟ وها هو مصرف لبنان قد خفض سقف الفوائد في ظل الأزمة الحالية، فما هي النتيجة؟ وهل هذا ما كان يريده أصحاب هذه النظرية أن يحصل منذ 27 سنة؟ في الحقيقة ان مصرف لبنان والمصارف، تماماً كما بقية اللبنانيين، هم من دفعوا ثمن الإدارة السياسية والأمنية والعسكرية السيئة، وقد حاولوا جاهدين تأجيل الانهيار ومنح السياسيين الفرصة تلو الأخرى لتحمل مسؤولياتهم، من دون نتيجة!

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o