Apr 14, 2020 6:38 AM
صحف

"الهيركات" يسقط بالضربة القاضية والمعارضة ‏نحو"الإنعاش‎"‎

قبل ساعات قليلة على موعد انعقاد جلسة مجلس الوزراء في السراي الحكومي، تبدو ‏حكومة مواجهة التحديات أمام تحدي المحافظة على تماسكها بعد ظهور التباينات ‏السياسية الواضحة داخلها، ما أسقط عنها "ورقة توت" الاختصاصيين والتكنوقراط، ‏فيما سيكون على طاولتها امتحان نقاش ورقة الإفلاس المالي والسطو على ارزاق ‏الناس‎.‎
ومع بروز مؤشرات على ان ثمانية وزراء على الاقل يرفضون ورقة الحكومة ‏المقترحة، لو بالحد الادنى لديهم ملاحظات عليها، فإن رئيس الحكومة سيكون مجبراً ‏على ابتكار موقفٍ لإخراج حكومته من ازمة أخرى، على غرار ابتكاره موقف سحب ‏التعيينات المالية‎.‎
مصادر حكومية كررت عبر "الأنباء" القول إن الحكومة كانت مدركة لحجم المعارضة ‏لمشروع "الهايركات"، ولذلك بررت موقفها بأن ما تناولته بعض وسائل الإعلام كان ‏أقل من مسودة لا تعتمد "الهايركات" الا في المراحل الأخيرة، على أن تتم مناقشتها في ‏جلسة اليوم، وأعادت توجيه الاتهام الى قوى المعارضة "بتضخيم الموضوع لمآرب ‏سياسية لا علاقة لها بخطة الحكومة‎".‎
وعلى ضوء كلام المصادر الحكومية فإن مجلس الوزراء أمام خيارين "إما ارجاء البت ‏بالخطة لمزيد من المشاورات مع الفريق المعارض لها من داخل الحكومة، أو اللجوء ‏الى تجميدها أسوة بكل المشاريع التي جرى ترحيلها بسبب الخلافات حولها ضمن ‏الفريق الواحد‎".‎
عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم جديد بدوره في اتصال مع "الأنباء" ‏موقف الكتلة ورئيسها نبيه بري المعارض لـ"الهيركات"، ودعا الى "تناسي هذا ‏المشروع لأنه ممنوع المسّ بأموال المودعين، والذهاب للبحث عن حل للأزمة بغير ‏مكان‎".‎
مصادر نيابية في كتلة "المستقبل" استغربت في اتصال مع "الأنباء" الذهاب الى ودائع ‏المواطنين وترك مزاريب الهدر والسرقة، سائلة: "أين خطة الحكومة لاسترجاع حقوقها ‏من الأملاك البحرية والنهرية المصادرة من قبل قوى سياسية معروفة؟ وأين خطة ‏الحكومة في مراقبة التهريب في المرفأ الذي أصبح أشبه بمغارة علي بابا؟ بالإضافة الى ‏كل المعابر البرية الممتدة على طول سلسلة جبال لبنان الشرقية بما فيها المعابر الشرعية ‏وغيرها من عشرات المعابر غير الشرعية والمحمية من جهات معروفة؟‎".‎
في السياق عينه، أكدت مصادر تيار المردة عبر "الأنباء" رفضها المساس بودائع ‏المواطنين، مشددة على ان هذا الموقف "مبدئي وليس موجهاً ضد أحد‎".‎
واعتبرت ان أمام الحكومة خيارات يمكنها اللجوء اليها من دون مد اليد إلى ودائع الناس ‏ولو على سبيل الاستدانة، لأن الحكومة في ظل هذه الاوضاع القائمة والأزمات ‏المتلاحقة لا يمكنها الاستدانة من أحد قبل تسديد الديون المستحقة، فكيف لها أن تستدين ‏من أموال المودعين؟
من جهتها، حاولت مصادر التيار الوطني الحر عبر "الأنباء" الدفاع عن رئيس الحكومة ‏وعدم القبول بتوجيه ما وصفتها بالتهم إليه، لكنها بدت في حالة تراجع عن دعم الخطة ‏حيث أعلنت عدم قبولها المساس بأموال المودعين، معتبرةً ان لا شيء يمنع الحكومة من ‏استعادة الأموال المنهوبة والمهربة إلى الخارج‎.‎
وفيما أكدت مصادر "الوطني الحر" دعم رئيس الجمهورية "الكامل" للحكومة، كشفت ‏ان مجلس الوزراء سينتقل بعد الأعياد الى الخطة "ب" القائمة على استعادة الأموال ‏المنهوبة والمهربة الى الخارج‎. ‎
بدورها، مصادر حزب الله أكدت عبر "الأنباء" موقفه الثابت الرافض للمس بأموال ‏المودعين، الا انها لم تنفِ ان قاعدة حزب الله هي الأقل ضررًا من هذا التدبير في حال ‏تم اعتماده، لكنها قالت في المقابل إن الحزب "لا يمكنه إدارة الظهر إلى جمهوره ‏وقاعدته الشعبية التي تمتلك ودائع في المصارف‎".‎
وإزاء هذا التمهيد الواضح لتراجع القوى السياسية المشاركة في الحكومة عن تبنّي خطة ‏السطو على الودائع، وذلك بعد أن ظهر حجم الرفض الشعبي والنقابي والسياسي لها، ‏فإن الفئات التي يستهدفها مشروع الحكومة إذا ما تم تطبيقه، لن تتخلى عن نيتها التحرك ‏بمختلف السبل المتاحة لمنع اقرار هذه الخطة بحال تم تمريرها داخل مجلس الوزراء ‏عبر "تهريبة" ما. وعلمت "الانباء" ان قطاعات المهن الحرة في عدد من الاحزاب ‏السياسية المعارضة وحتى الموالية ستعقد اجتماعاً بهذا الخصوص اليوم لدرس الموقف ‏وخطوات التحرك‎.‎
الى ذلك أوضحت مصادر مالية عبر "الانباء"، أن رئيس الحكومة حين حاول تحييد ‏بعض الفئات من المودعين عن مواجهة خطته بقوله إن 90 بالمئة من الودائع لن يتم ‏المس بها، فهو أشار ضمناً إلى أن الهايركات سيطال الـ10 بالمئة المتبقية من المودعين، ‏وهم المغتربون اللبنانيون، إضافة إلى أصحاب المؤسسات والشركات والمصانع ‏والمعامل والفنادق ورجال الأعمال. وعليه أكدت المصادر المالية أن الهايركات بهذه ‏الحالة سيستهدف كل أصحاب القدرة على الاستثمارات، ما سيشكل ضربة قاسية لأي ‏احتمال لنمو الاقتصاد اللبناني‎.

سقوط الخطة: من جهتها، افادت "النهار" ان المعطيات التي اتّضحت عقب موجة الرفض الواسعة التي شهدتها ‏الأيام الأخيرة لاعتماد عمليات "هيركات" او أي مس بالودائع في المصارف، تشير الى ان الحكومة لن ‏يكون في قدرتها المضي قدما في نقاش الخطة الموصوفة بانها انقاذية ما لم تلجأ الى ‏واحدة من خطوتين:
اما الإعلان بمنتهى الوضوح والشفافية اليوم عقب الجلسة وعلى لسان ‏رئيس الحكومة ما يبدد نهائيا وفي شكل حاسم كل الشكوك التي أثارها التسريب المقصود ‏الذي حصل لاقتراحات اعتماد الاقتطاعات من الودائع بما يهدئ موجات الرفض والحملات ‏الحادة التي شنت على الحكومة، واما تصويب هذا الخطأ السياسي والمالي والإعلامي ‏الفادح الذي ارتكبته الحكومة او جهات محددة فيها من خلال تصويب جدي وجوهري للخطة ‏يعيد النقاش الى محاور بديلة ومجدية وإسقاط أي بحث من شأنه الإيحاء بان تعويض ‏الإفلاس والانهيار سيأتي من طريق التضحية تكرارا بحقوق اللبنانيين البديهية. والحال ان ‏تراجع الحكومة او اضطرارها الى إعادة تصويب النقاش الحكومي الداخلي والنقاش العام ‏حول خطتها المالية لم يعد امرا احتماليا وانما تمليه أولا موجات الرفض السياسية والشعبية ‏الواسعة لمسألة الاقتطاعات المالية من الودائع.
إنعاش تحالف ثلاثي: وثانيا لان الحكومة باتت تواجه وضعا ‏داخليا شديد الهشاشة والاهتزاز عقب غسل معظم القوى يديها من تبعة الخطة وإعلان ‏ابرزها مواقف رافضة لها. وثالثا لان المفاعيل السياسية لهذه الخطة وخصوصا في ‏موضوع الـ"هيركات" أدت الى نشوء معالم إعادة التماسك والتنسيق وإنعاش تحالف ثلاثي ‏للمعارضة أطرافه الرئيس سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ‏ورئيس حزب "القوات اللبنانية " سمير جعجع. وتفيد المعطيات المتصلة بالموضوع الأخير ‏ان اتصالات وجهودا تجري لاحياء التحالف المعارض وتذليل عقبات سابقة باعدت بين ‏الأركان الثلاثة او بين بعضهم وتحديدا الرئيس الحريري وجعجع، وان الفترة المقبلة ستشهد ‏تسخينا لهذه الجهود نظرا الى الضغوط الكبيرة التي تملي إعادة ابراز وجود معارضة ‏متماسكة. ولا يقتصر الامر على الابعاد الداخلية اذ ان أي رهان على مساعدات خارجية او ‏دعم خارجي للبنان لن يكون مجديا ما لم تقم معارضة برفع الصوت الذي يحدث توازنا ‏سياسيا ويجعل الخارج يقدم الدعم لئلا تصبح صورة السلطة الأحادية اللون مختصرة للوضع ‏امام المجتمع الدولي. وقد جاء موقف لـ"حزب الله " امس على لسان نائبه علي عمار ‏ليشكل مؤشرا جديدا من المؤشرات المثيرة للتوجس حيال امكان خضوع الحكومة لضغوط ‏الحزب في الملف المالي والاقتصادي، اذ شن عمار هجوما شرسا على القطاع المصرفي ‏وحاكم مصرف لبنان بلغ حدود شيطنته تحت ستار دفاعه عن ودائع الناس. وجاء ذلك في ‏معرض مطالبة عمار الدولة بضرورة "وضع يدها على من استساغ ان ينال من ودائع الناس ‏عبر جمعية المصارف او غيرها خصوصا اذا ما أضفنا اليها دورا شيطانيا لما يسمونه حاكما ‏للمال في لبنان‎".‎

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o