المفاوضات مع الدائنين بدأت...فهل سيقبلون السداد بطريقة منظّمة؟
امّا محطة التفاوض مع الدائنين، فهي، بحسب ما اكدت مصادر وزارية لـ"الجمهورية": محطة صعبة، لكنّ الوصول الى تفاهم معهم ليس مستحيلاً، خصوصاً انّ إعلان تعليق الدفع الآن لا يعني ابداً الامتناع عن هذا الدفع في اوقات لاحقة، عندما يدخل لبنان في ظروف افضل مماّ هي عليه حالياً. وهذا طبعا سيتطلّب بعض الوقت.
ولدى السؤال: هل سينتظر الدائنون؟ قالت المصادر: لم يسبق للبنان ان تخلّف عن الدفع قبل الآن، لكنّ ظروفه التي يمر بها حالياً قَيّدته، وفرضت عليه اللجوء الى هذا الخيار، ونعتقد انه سيلقى تفهّم الجهات المدينة.
وعن احتمال ان يصطدم لبنان بتصلّب الدائنين، وتلويحهم بمقاضاته، قالت المصادر: هذا الاحتمال وارد، إنما هو احتمال ضعيف، حتى لا نقول مُستبعداً، فكما انّ لبنان في حاجة لأن يتفاوَض مع الدائنين، فالدائنون ايضاً في حاجة الى التفاوض معه، فهم في نهاية المطاف يريدون أن يقبضوا مستحقاتهم. وبالتالي، أي خطوات ضغط وتضييق على لبنان في هذا المجال قد تؤدي الى تعقيدات، ولن تأتي بفائدة لا الى لبنان ولا الى الدائنين.
ورداً على سؤال عن موعد بدء التفاوض مع الدائنين، قالت المصادر: التفاوض قد بدأ فعلاً مع الدائنين، والايام القليلة المقبلة ستبيّن ما اذا كانوا سيقبلون ان يتم السداد بطريقة منظمة، وهذا بالنسبة إلينا هو الخيار الاسلم، او بطريقة غير منظمة، وهذا معناه الدخول في دعاوى قضائية وما شابه ذلك.
وزني: وقال وزير المال الدكتور غازي وزني لـ"الجمهورية": انّ الحكومة كانت غير مخيّرة في قرارها عدم تسديد السندات، لأنّ إمكانياتها المالية ضعيفة، وفضّلت أن تضع الامكانيات المتوافرة لديها حالياً في تصرّف المودعين، ولتلبية احتياجات المواطنين الاساسية، من قمح ودواء وسلع أساسية ومحروقات، وفي الوقت نفسه عبّرت عن جهوزيتها الكاملة للتفاوض مع الدائنين.
ورداً على سؤال، قال وزنة: انّ الحكومة، وبهذا القرار، خَطت الخطوة الاولى في الطريق الصحيح والسليم لمعالجة أزمة المديونية التي يمر بها لبنان.
مرحلة انتظار وترقّب
وعلى خط التفاوض مع المُقرضين، تبدو الدولة اليوم في فترة انتظار، لتعرف ما سيكون قرار المُقرضين حيال التفاوض على إعادة هيكلة الدين وجدولته. واذا كانت المصارف اللبنانية أبدَت حسن النية والاستعداد لبدء التفاوض، وعيّنت وكيلاً مالياً وقانونياً لخَوض المفاوضات، فإنّ حملة السندات الاجانب يبدون أكثر حذراً، ولم يتضح حتى الآن ماذا سيكون موقفهم.
رفض التفاوض! وفي هذا السياق، يرجّح الخبير المالي مايك عازار أن يلجأ بعض هؤلاء الى رفض التفاوض، والى المبادرة الى رفع دعاوى قضائية في محاولة لتحصيل أمواله كاملة.
ويقول لـ"الجمهورية" ان لا مناص من رفع دعاوى. لذلك من مصلحة الحكومة اللبنانية الاسراع في الوصول الى اتفاقات مع الدائنين قبل صدور أي حكم قضائي. ويوضح انّ الاحكام القضائية لن تصدر قبل فترة معينة لا تقل عن 6 أشهر، وقد تمتدّ الى سنة.
وفي المعلومات ان وزارة المال بدأت، ولو بشكل غير رسمي، التفاوض مع حملة سندات "اليوروبوندز" الاجانب، وحصرت مفاوضاتها مع صندوقي "أشمور" و"فيدليتي" رغم وجود العديد من الاجانب الآخرين حاملي السندات السيادية اللبنانية. ويمتلك الصندوقان حصة وازنة من السندات في استحقاقات العام 2020 تسمح لهما بتعطيل أي اتفاق لا يرضيان عنه.
ومن المعروف انّ المؤسستين اشترتا السندات اللبنانية في الفترة الاخيرة من مصارف لبنانية بسعر وسطي يتراوح بين 75 و80 سنتاً للسند. وبالتالي، من الصعب الاعتقاد انهما سيوافقان على اقتراحات قد تؤدي الى تحميلهما خسائر كبيرة في فترة زمنية قصيرة من خلال خفض قيمة السندات وإعادة جدولة دفعها.
في الموازاة، ستصبح كافة إصدارات الدولة اللبنانية مستحقة نهاية الاسبوع، حيث انّ العقود تنصّ على وجوب إجماع 25 في المئة من حملة السندات الاجنبية في حال تخلّف الدولة عن سداد أي استحقاق، للمطالبة بتسديد فوري للسندات. كما انّ هناك بعض الاصدارات الاخرى للدولة اللبنانية التي لا تحتاج لإجماع 25 في المئة من حملة السندات، بل يمكن لمستثمر واحد أن يطالب بالتسديد فوراً بعد تخلّف الدولة عن سداد استحقاق آذار.