Mar 07, 2020 6:29 AM
صحف

اليوروبوند... مخاوف من الانزلاق إلى النموذج الفنزويلي ولكن بنكهة لبنانية

هل بات قرار حكومة "الفرصة الأخيرة" بتعبير السفير الفرنسي برونو فوشيه، محسوماً إزاء سداد سندات "اليوروبوندز"، بتدعيم الاتجاه لعدم الدفع المباشر، والبحث عن بدائل، تتعلق بالجدولة أو الهيكلة، مع حرص جدّي، يقضي بعدم التصادم مع المؤسسات المالية والنقدية الدولية؟

في غمرة التحضيرات، ضمن الاجتماعات التي تعقد بصورة مستمرة في السراي الكبير، انطلاقاً من نقاط مترابطة:

1- ان أي قرار سيعلن عنه رسمياً، بعد الاجتماعات الرئاسية والمالية والاقتصادية حول الخيار "الأقل سوءاً"، وفقا لما سبق وأعلن الرئيس حسان دياب، والذي سيتولى بنفسه، الإعلان عنه، وعن مبرراته، والأسباب الموجبة له.

2 - ارتباط القرار بالتوجه نحو إعادة النظر بالنموذج الاقتصادي الحالي والقائم، بالاتجاه على الاقتصاد المنتج..

3 - في طبيعة الاشتباك العام في البلد السياسي، والاقتصادي، والمصرفي، وحتى القضائي.

4 - الاشتباك الحاصل بين حاكم مصرف لبنان، وتعميمه الأخير، والذي يقضي بضبط عمليات الصيرفة، من خلال تعميم، صدر صباحاً، بتقييد مؤسسات الصيرفة بسعر شراء العملات الأجنبية مقابل الليرة بما لا يتعدى الثلاثين بالمائة بين سعر التداول في السوق والسعر المتداول رسمياً بين المصرف المركزي والمصارف العاملة في البلاد، الأمر الذي أحدث بلبلة وأدى إلى اقفال بعض الصرافين، والاحجام عن بيع الدولار..

كل ذلك، بالعزف اليومي، على ما تسميه دوائر "السلطة الحالية" على "ما اوصلت إليه البلاد ثلاثون سنة من سوء الإدارة السياسية والاقتصادية والمالية.. (مقدمة O.T.V مساء أمس.

أخطر ما في المشهد، المخاوف من الانزلاق إلى ما يمكن وصفه بمواجهة مع "النظام المالي الدولي".. اقتداء ربما بالمثل الفنزويلي، ولكن بنكهة لبنانية.

وعملاً، بقاعدة الشيء بالشيء يذكر "فهم من مصادر سياسية مطلعة أن رئيس الجمهورية، وإلتزاماً منه بالطائف، يترك القرار للحكومة مجتمعة، ان تتخذ القرار بدفع قسم من الاستحقاق، أو ما يمكن اعتباره دفعة أولى، منعاً لأية انعكاسات سلبية، لا سيما بالنسبة إلى تعاطي الجهات الدائنة، والتخوف من اللجوء إلى رفع دعاوى أو حتى الحجز على املاك الدولة اللبنانية".. معربة عن تشاؤمها إزاء ذلك.

وقالت المصادر لـ"اللواء" الى انه امام القراءات المتعددة حول القرار الأفضل للحكومة ثمة مراجع تتحدث عن ان من المستحسن ان تقوم الحكومة بدفع استحقاق اذار باعتبار ان المبلغ ضئيل مقارنة لما للبنان من دين عام.

 ولفتت الى ان ذلك يجنب البلد رفع دعوى ضده كما ان الفترة الفاصلة عن دفع باقي الاستحقاقات تشكل فرصة لإنجاز خطة واضحة للإقتصاد وللتفاوض مع الدائنين عن الدفع فضلا عن موضوع الثقة مع المجتمع الدولي.

وكشفت مصادر مواكبة للاجتماعات الوزارية واللجان المختصة ببلورة موقف نهائي للحكومة من موضوع استحقاق اليوروبوند انه لم يتم التوصل الى صيغة نهائية بعد بسبب التباين الحاد والخلاف حول كيفية حل هذا المشكلة بين كافة الأطراف المشاركة بالحكومة.

وأشارت إلى أن رئيسي الجمهورية والحكومة يحبذان دفع جزء من هذه السندات وتأجيل القسم الآخر إلى مواعيد لاحقة يتم الاتفاق عليها مع حملة هذه السندات لا سيما في الخارج تفاديا لانعكاسات وتداعيات غير محمودة لعدم الدفع كليا، في حين يرفض حزب الله ورئيس المجلس النيابي نبيه بري هذا الطرح ويصران على عدم تسديد اي اموال بخصوص هذه السندات في الوقت الحاضر.

وفي حين ترك امر البت نهائيا بهذا الموضوع الى الاجتماع الذي يعقد قبل ظهر اليوم في بعبدا بين الرؤساء الثلاثة بحضور وزير المال وحاكم مصرف لبنان ورئيس وجمعية المصارف، لاحظ بعض القريبين من بعبدا استياء من الإجراء القضائي الذي اتخذه القاضي علي ابراهيم ضد المصارف امس الاول وجمد تنفيذه بعد ذلك مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، ووجهوا انتقادات للجهات السياسية التي تقف وراء هذا الاجراء وملمحين الى الحزب وبري دون تسميتهما، ومعتبرين ان ما حصل وتحت اي سبب كان، يضر القطاع المصرفي والبلد كله وبالتالي لا يمكن ممارسته أو دعمه وكان لا بد من تجميده أو حتى الرجوع عنه نهائيا.

وتوقعت المصادر أن يتوصل اجتماع اليوم الى تفاهم لمصلحة لبنان ككل وليس مصلحة هذا الطرف أو ذاك، لافتة الى ان التشدد بالتفاهم على موقفي عون ودياب يطغى على سائر الطروحات المعروضة بهذا الخصوص. أما في ما يتعلق بخطة الانقاذ الحكومية فتوقعت المصادر أن تنجز مطلع الاسبوع المقبل ويعلن عن تفاصيلها وموجباتها على المواطنين من كل النواحي.

وتوقعت مصادر أن يعلن لبنان اليوم عجزه عن سداد مدفوعات سندات دولارية قادمة وأنه يريد إعادة هيكلة دين بالعملات الأجنبية بقيمة 31 مليار دولار ما لم يتم التوصل إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة مع الدائنين. (رويترز)

ومن المقرر أن يعلن الرئيس دياب قرار لبنان بشأن السندات الدولية عقب اجتماعات الحكومة اليوم السبت وقبل يومين فقط من موعد سداد الدولة المثقلة بالديون لحاملي سندات بقيمة 1.2 مليار دولار مُستحقة في التاسع من آذار.

وازاء الخلاف القائم، من غير المستبعد اللجوء إلى التصويت داخل مجلس الوزراء، مع العلم ان مراجع عليا، تتمسك بصدور القرار، أياً يكن، بالإجماع.

وكانت الاجتماعات المالية في السرايا الحكومية ووزارة المال قد تكثفت امس، لمناقشة الخيارات المتاحة والأقل ضرراً على لبنان حول موضوع سندات يوروبوندز والديون الاخرى، ووضعت اللمسات الاخيرة على الخيارات، وشارك فيها الى جانب الرئيس حسان دياب وزيرا المال غازي وزني والاقتصاد راوول نعمة والوزير دميانوس قطار، وبعض الخبراء المحليين والاستشاريين الدوليين القانوني «كلير غوتليب» والمالي «لازارد». 

وقالت مصادر السرايا الحكومية  ان الخيارات كلها لا تزال واردة وتمت دراسة كل خيار وانعكاساته المالية والقانونية، وستعرض الخيارات على الاجتماع المالي الرئاسي عند الحادية عشرة قبل الظهر، والذي يسبق جلسة مجلس الوزراء عند الواحدة بعد ظهر اليوم، والتي يحضرها الخبراء الاجانب لاتخاذ القرار المناسب بالتوافق أو بالتصويت. وستُدرس ايضا المراحل اللاحقة لما بعد القرار وانعكاساتها على لبنان.

 والخيارات المطروحة تتراوح بين: الدفع وهو مستبعد جدا،وعدم الدفع المنظم في اذار وهو ايضا مستبعد بسبب ضيق الوقت للتفاوض، دفع قسم من السندات كبادرة حسن نية تجاه حاملي السندات والتفاوض معهم على الجزء الاخر، وعدم الدفع والتفاوض مع الدائنين اعتباراً من الشهر المقبل لجدولة الديون واعادة هيكلة بعضها.

 ورجحت المعلومات الذهاب الى خيار عدم الدفع والتفاوض في نيسان، وسيعلن الرئيس دياب القرار في كلمة يوجهها الى اللبنانيين عند السادسة والنصف من مساء اليوم السبت يشرح فيها مسببات القرار ونتائجه وانعكاساته.

القرار بالتصويت: إلى ذلك، أكدت مصادر السراي الحكومي لـ"نداء الوطن" أنّ القرار سيتخذ في مجلس الوزراء بالتصويت، مشيرةً إلى أنّ الساعات الأخيرة قبيل موعد اجتماع الحكومة شهدت جوجلة لكل الخيارات المتاحة بكل تفاصيلها وتداعياتها إزاء استحقاق اليوروبوند وهي تتمحور بين:

- خيار الدفع الجزئي. أشكاله، حيثياته القانونية والمالية وارتداداته على لبنان.

- خيار عدم الدفع المنظم، عواقبه وإيجابياته وتأثيراته ربطاً بكامل البنود المالية والقانونية ذات الصلة، وهذا يعني عدم الدفع الذي يأتي متناغماً مع رضى الدائنين.

- خيار التخلّف غير المنظّم وحيثياته والذي هو بمثابة قرار من طرف واحد، أي قرار لبنان من دون موافقة فريق الدائنين، وما سيرتبه هكذا قرار على لبنان في الخارج.

- خيار الدفع الكامل وإن كان مستبعداً لكنه سيُطرح ضمن سلة الخيارات على طاولة مجلس الوزراء.

وبينما لفتت مصادر السراي الانتباه إلى أنّ "الهم الأول والأخير" سيكون في قرار اليوم هو كيفية التعامل مع استحقاق اليوروبوند، وليس الغوص في تفاصيل خطة المعالجة الاقتصادية لناحية فرض الضرائب أو زيادة الـ"tva"، رصدت أوساط اقتصادية لـ"نداء الوطن" قبيل إعلان الحكومة قرارها بشأن هذا الاستحقاق، بدء تسريب حَمَلة السندات الأجانب "شروطاً قاسية" يتضمنها إصدار يوروبوندز 2021، والذي يستحق فور إعلان لبنان تخلفه عن دفع إستحقاق آذار 2020، أسوةً بباقي السندات، ومن ضمن خيارات الدائنين التي تم تسريبها "اللجوء إلى حق مقاضاة المصرف المركزي، إضافة الى حق المقاضاة الذي يملكه حملة قيود التأمين على السندات، مع التلويح بأنّ إحتياط لبنان من الذهب قد يتحول الى هدف أوّل بالنسبة للدائنين، خصوصاً إذا ما قامت صناديق متخصصة (وقد تكون على عداء مع لبنان) بشراء سندات مستحقة لدول تتخلف عن السداد، ما يمنحها حق مقاضاته أمام مراجع مالية دولية متعددة وإغراقه في مسارات ونزاعات قضائية مُكلفة مادياً ستزيد من استنزاف الدولة وخزينتها".

القرار محسوم: من جهة أخرى، أفادت "الجمهورية"، انّ القرار بشأن "اليوروبوند" أصبح محسومًا، وهو عدم الدفع، اي بتعبير تقني ودولي، هو «تعثّر غير منظّم»، كونه غير مرتبط بانطلاق مفاوضات مع المقرضين الدوليين أصحاب السندات الأجنبية.

ووفق مصادر مطلعة على اجواء التحضيرات للقرار، فإنّه اتُخذ بعد بحث معمّق تمّ فيه استعراض كل السلبيات والإيجابيات لكل خيار ممكن، وقياسها على المصلحة الوطنية، التي أُعطيت الأولوية. حيث تبيّن أنّ قرار الدفع الجزئي للديون مع جزء من فوائدها وفي احتساب تقني وليس مزاجيًا، يبلغ حوالى 3 مليارات دولار، واذا اجّل لبنان 15 يومًا هذا المبلغ، فالأول من نيسان يحمل استحقاقًا جديدًا ماذا يفعل به؟! واذا سدّد هذه الدفعة، لن تكون هناك تغطية للدواء ولا للفيول ولا للمواد الأساسية، الأمر الذي سيكون بغاية الخطورة.

واكّدت المصادر، انّ التفاوض لم يبدأ بعد، وهذا يعني أنّ ردّات الفعل على قرار لبنان متوقعة وغير معروفة، اي لم يتبلّغ بها لبنان رسمياً. وقالت المصادر، اليوم هو «الكفّ الاول»، والرهان سيكون على تماسك اللبنانيين والحكومة لمواجهة الاسوأ، والبدء فورًا بإجراءات داخلية تحدّ من الانهيار او اقلّه تدير "التفليسة"، بعد التصنيف الذي يتوقعه لبنان، وهو الانتقال الى D او ما يُعرف بالتعثر والافلاس.

رفض الثنائي الشيعي: كانت كواليس السياسة المرتبطة بالقرار، شهدت في الساعات الماضية تبادل اكثر من سيناريو، أبرزها إن يصار الى دفع شيء من المستحقات لحاملي السندات من اجل فتح باب المفاوضات حول السلّة الباقية من السندات الداخلية والخارجية. وأُفيد بأنّ ثمة من طرح تسديد نصف قيمة سندات "اليوروبوند" المستحقة الاثنين المقبل، او على الاقل دفع فوائدها التي تقارب الـ 282 مليون دولار اميركي، مع تنظيم عملية التفاوض مع الدائنين الخارجيين، وصولًا الى عقد تفاهمات جديدة طويلة او متوسطة الأجل حسب القدرات اللبنانية.

وفي معلومات "الجمهورية"، انّ جميع الذين شاركوا في المشاورات تبلّغوا رفض الثنائي الشيعي دفع اي جزء من هذه المستحقات ايًا كان شكلها وحجمها عن طريق احتساب فوائدها، او الفصل بين حصة المالكين الأجانب عن مالكيها اللبنانيين.

وربطاً بذلك، ابلغ خبير مالي كبير الى "الجمهورية"، انّ صعوبة الوصول الى قرار محدّد اسبابه ليست علمية بالدقة التي يتوقعها البعض، ان بُنيت المعادلة النهائية على المعطيات المالية والارقام النهائية. ذلك انّ ما ظهر واضحًا الى اليوم، يؤكّد انّ القرار سياسي اكثر مما هو تقني او مالي ونقدي.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o