Mar 05, 2020 5:51 AM
مقالات

هل أُنجزت التشكيلات القضائية؟

كتبت غادة حلاوي في صحيفة نداء الوطن: هل تمتنع بعبدا عن التوقيع إكراماً للقاضية عون؟

تتسلم اليوم وزيرة العدل ماري كلود نجم من مجلس القضاء الأعلى ملف التشكيلات القضائية الذي أنجز بصيغته النهائية تمهيداً للتوقيع عليه ضمن مرسوم جوال يشمل إليها وزراء المال والدفاع قبل أن يحال إلى رئيس الجمهورية للتوقيع عليه.

عمل مضن واجتماعات مكثفة لمجلس القضاء الأعلى استمر زهاء شهر ونصف الشهر ليخرج الإتفاق على لائحة من 330 قاضياً تمت مناقلتهم من أصل 520 قاضياً، إضافة إلى الدورة المتخرجة حديثاً والتي يناهز عددها 30 اسماً. وشملت أسماء في مواقع حساسة عرفت في الوسط القضائي بأنها قريبة من السلطة استبدلت بآخرين من أمثال القضاة: غادة عون ورهيف رمضان ونقولا منصور وسمرقند نصار وهؤلاء عينوا في التشكيلات الماضية.

يؤكد مرجع قضائي رفيع أن هذه التشكيلات في حال اعتمدت كما رفعها مجلس القضاء الأعلى تعد انجازاً على مستوى القضاء، وهي كفيلة بأن تعيد الثقة لعمل السلك القضائي. هي تشكيلات محض قضائية ينجزها مجلس القضاء الأعلى مجتمعاً من دون تدخل أي مرجعية سياسية خلافاً للسابق. وهذا انجاز يسجل لرئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود ومدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات وباكورة الورشة الاصلاحية التي أطلقت داخل القضاء.

فللمرة الأولى تجرى هذه التشكيلات بعيداً من تدخل المرجعيات السياسية ولم يقصد القضاة مرجعياتهم السياسية أو الطائفية طلباً لحماية مواقعهم. وللمرة الاولى اًيضاً يحظى قضاة نزيهون بفرصة تشكيلهم في مواقع يستحقونها بعد أن كان تعيينهم غير ممكن طالما أنهم غير مدعومين سياسياً. في المقابل، تم إقصاء قضاة كثيرين ممن تحوم حولهم شبهات فساد أو كانوا عرضة للمحاسبة او خضعوا لعقوبات مسلكية وهؤلاء عددهم كبير. وخلافاً لما درج عليه وزراء العدل السابقون الذين كانوا يرسلون لوائح إسمية ويديرون التشكيلات بطريقة غير مباشرة، فإن وزيرة العدل نأت بنفسها عن الملف بانتظار أن يحال إليها.

ويعتبر المرجع القضائي أن اقرار التشكيلات كما ورد من مجلس القضاء الاعلى ومن دون تعديل عليه من شأنه أن يمنح القضاة النزيهين الثقة بمرجعيتهم القضائية وأن يضاعف انتاجيتهم، مشدداً على المعايير التي تم اعتمادها وهي النزاهة والسمعة الحسنة والإنتاجية في العمل وعدم وجود ملفات أو ملاحقات بحق القاضي لدى التفتيش القضائي أو المجلس التأديبي مع اعتماد معايير الدرجات في بعض الأحيان (أي عندما تتساوى المعايير الأخرى)، عازياً التأخير في إجراء التشكيلات لأسباب مرتبطة بمراجعة أسماء القضاة والتأكد من سيرتهم الذاتية وملفهم المهني وعدم انتمائهم سياسياً لأي جهة كانت. وإذا كان مجلس القضاء الأعلى نجح في انجاز تشكيلاته متجاوزاً كل الصعوبات التي اعترضته فإن الأنظار ستتجه نحو قصر بعبدا حيث يفترض أن يوقّع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون هذه التشكيلات. ويتخوف مصدر قضائي من امتناع رئيس الجمهورية عن توقيعها احتجاجاً على اقصاء القاضية عون عن موقعها وهو الاعتراض الذي كان من الأسباب التي أخّرت التشكيلات، خصوصاً مع اشتراط عون توقيف النائب هادي حبيش على خلفية الاشكال الذي حصل بينه وبين القاضية عون. فهل سيوقعها عون كما هي أم سيعيدها حفظاً لماء وجه بعض القضاة المحسوبين على العهد مما سيفتح الباب مجدداً امام تدخل المرجعيات السياسية؟ إذا حصل ذلك يكون تصرف بعبدا قد نسف مساعي مجلس القضاء الأعلى برمتها ودقّ مسماراً في نعش المصداقية والنزاهة واستقلالية القضاء وعرّض حينذاك مجلس القضاء الاعلى للتشكيك وضرب مفهوم دولة القانون والمؤسسات واستقلالية القضاء.

اما المراكز الأساسية في التشكيلات فقد توزعت على الشكل التالي:

القاضي سامر ليشع مدعي عام جبل لبنان عوضاً عن القاضية غادة عون.

القاضي زياد أبو حيدر قاضي تحقيق أول في جبل لبنان عوضاً عن نقولا منصور.

القاضي رجا حاموش مدعي عام بيروت عوضاً عن القاضي زياد أبو حيدر.

القاضي ربيع حسامي قاضي تحقيق أول في بيروت عوضاً عن القاضي غسان عويدات الذي عين مدعياً عاماً للتمييز.

القاضي كلود غانم مفوض حكومة لدى المحكمة العسكرية عوضاً عن القاضي بيتر جرمانوس.

القاضية غادة ابو علوان قاضي تحقيق عسكري أول عوضاً عن القاضي رياض ابو غيدا الذي تقدم باستقالته وأحيل الى التقاعد.

القاضية نجاة أبو شقرا مدعية عامة في النبطية.

القاضي محمد بري استمر في منصبه قاضي التحقيق الاول.

القاضية رانيا يحفوفي مدعية عامة في الجنوب خلفاً للقاضي رهيف رمضان الذي سيعين قاضي تحقيق في المحكمة العسكرية خلفاً للقاضي علي الموسوي الذي سيعين قاضي تحقيق اول في البقاع.

القاضي مرسال حداد قاضي التحقيق الاول في محافظة الجنوب استمر في موقعه.

القاضي جوني القزي قاضي التحقيق الاول في الشمال خلفاً للقاضي سمرندا نصار.

القاضي نبيل وهبي مدعي عام الشمال استمر في موقعه.

قاضي التحقيق الاول في البقاع علي الموسوي عوضاً عن القاضي عماد زين الذي أوقف عن العمل بقرار من المجلس التأديبي.

معاون مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي هاني حلمي الحجار سيشغل منصب مستشار في احدى محاكم الإستئناف والأرجح انه سيقدم طلب استيداع اعتراضاً على موقعه الجديد.

علي سيف الدين محامٍ عام في زحلة سيتم تشكيله الى النيابة العامة او قاضي تحقيق في جبل لبنان.

اسامة اللحام الرئيس الاول في محكمة البقاع سيتم وضعه بتصرف الوزير.

التشكيلات عالقة: في المقابل، كتبت مارلين وهبة في "الجمهورية" تقول": بالرغم من التسابق الاعلامي مساء أمس الى إعلان خبر انتهاء مسودة التشكيلات القضائية بالكامل وإحالتها الى وزيرة العدل ماري كلود نجم للبت بها وتوقيعها من قبل رئيس الجمهورية اليوم، الّا انّ هذا الامر لم يحصل، وبعكس أغلبية التوقعات الاعلامية فإنّ التشكيلات ما زالت عالقة في "القصر".

في المعلومات أنّ اجتماعات مجلس القضاء الأعلى بدأت منذ الحادية عشرة من صباح امس وامتدّت الى ما بعد الظهر، للبحث في التفاصيل النهائية وبعض الإشكالات التي طرأت على أثر التشكيلات، ومنها إيجاد مركزين بديلين للقاضيَيْن طاني لطوف وصقر صقر إذا ما انتقلت القاضية غادة عون الى رئاسة محكمة التمييز مكانهما، بحسب التسريبات الإعلامية والقضائية، على ان يكون اجتماع مجلس القضاء أمس، كما قيل في كل مرة، الأخير. الّا انّ المعلومات تفيد انّ عدم إعلان صدور التشكيلات النهائية حتى الساعة بالشكل الذي رفعها مجلس القضاء الى وزيرة العدل يعود الى رفض رئيس الجمهورية توقيعها كما أتت.

تَريّث الرئيس عون، بحسب المصادر القضائية المطلعة، لا يقتصر على رفضه مبدأ نقل القاضية عون من مركزها الى رئاسة محكمة التمييز، بل من باب إصراره على ان تأخذ العدالة مجراها في قضايا الفساد التي أطلقتها القاضية عون بالإضافة الى قضية النائب زياد حبيش التي يوليها رئيس الجمهورية اهتمامه، ويريد من خلالها رد الاعتبار للقاضية عون ومحاسبة المعتدين على السلطة القضائية قبل توقيعه أي تشكيلات، وفق رأي المصادر القضائية نفسها.

أبرز التشكيلات: تعيين القاضي سامر ليشع نائباً عاماً استئنافياً في جبل لبنان مكان القاضية غادة عون، علماً انّ هناك اكثر من 30 قاضياً مارونياً يسبقونه بالدرجات، لكن يبدو انّ مجلس القضاء اعتمد في التعيينات الجديدة على معايير أخرى غير علو الدرجات.

تعيين قاضي التحقيق في بعبدا رانيا يحفوفي مدعياً عاماً في الجنوب مكان القاضي رهيف رمضان، فيما عيّن رمضان مستشاراً في محكمة التمييز.

تعيين القاضية نجاة ابو شقرا مدعي عام النبطية.

تعيين القاضي رجا حاموش مدعي عام بيروت مكان القاضي زياد ابي حيدر.

تعيين القاضي كلود غانم مدعي عام مفوض حكومة لدى المحكمة العسكرية مكان القاضي بيتر جرمانوس.

عيين القاضية غادة ابو علوان قاضي تحقيق أول عسكري في المحكمة العسكرية.

تعيين القاضي عماد سعيد قاضي تحقيق عسكري.

تعيين القاضي شربل ابو سمرا قاضي تحقيق عسكري. واللافت نقل القاضي رولان الشرتوني من منصبه في المحكمة العسكرية وهو يعتبر مقرّباً من العهد. كذلك بالنسبة لقاضي التحقيق الاول في الشمال سمرندا نصار التي تقرّر نقلها من مركزها في الشمال وتعيينها مستشارة في محكمة التمييز، وهي ايضاً تعتبر مقرّبة من العهد فيما تم تعيين القاضي جوني قزي مكان القاضية نصار في الشمال.

وفي التشكيلات الجديدة تمّ نقل القاضي محمد مرتضى من محكمة جنايات جبل لبنان وتعيينه رئيس محكمة استئناف في بيروت.

وتعيين القاضي ايمن عويدات رئيساً أول لمحاكم الاستئناف في صيدا. والقاضي ربيع الحسامي قاضي تحقيق أول في بيروت.

تجدر الاشارة الى انّ هناك عوامل وأسباباً عدة لرفض الرئيس عون توقيع التشكيلات حتى الساعة، فبالإضافة الى أنه لم يَرد كسر هيبة القاضية عون واشتراطه أن تأخذ العدالة مجراها في قضايا فساد عالقة، إضافة الى قضايا أخرى، تكشف المصادر القضائية عن عقبات استجدّت فيما لو تمّ نقل غادة عون، دفعَت مجلس القضاء الى مراجعة "المسودة الاخيرة". 

ومن هذه العقبات: يطرح قرار تعيين القاضية غادة عون رئيسة لمحكمة التمييز العسكرية، مكان القاضيين طاني لطوف او صقر صقر من قبل مجلس القضاء، مشكلة قضائية، اذ انّ المجلس لم يجد حتى الساعة مركزَين للقاضيين لطوف وصقر في التعيينات، كما ان ليس هناك من إمكانية لنقلهما. ولذلك يستمر قرار تعيين القاضية غادة عون الى رئاسة محكمة التمييز موضوع أخذ ورد، ولم يُبتّ نهائيّاً لأنه يتم البحث عن مراكز أخرى ممكنة لتعيينها، وذلك تفادياً لأزمة تعيين مع القاضيين لطوف وصقر.

علماً أنّ مرسوم التشكيلات القضائية يصدر عن رئيس الجمهورية عملاً بالمادة 54 ويحمل توقيعاً ثلاثياً، لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزيرة العدل، بعد وضع مجلس القضاء الأعلى المسودة الأولى لهذه التشكيلات ورفعها الى وزير العدل الذي يوقّعها ويحوّلها الى رئيس مجلس الوزراء الذي يوقّعها بدوره ويحوّلها الى رئيس الجمهورية أي المرجع الأخير الذي يوقّعها وينشرها، وأيّ عرقلة من قبل الأطراف الثلاثة على توقيع المسودة تعرقل صدور التشكيلات وتجمّدها.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o