Feb 25, 2020 6:46 AM
صحف

إستنفار عام لمواجهة "كورونا".. وجواب ‏صندوق النقد خلال اسبوع

كتبت صحيفة "الجمهورية " تقول : همّان ثقيلان يزداد ضغطهما على مدار الساعة اللبنانية، ويسيران ‏على خطين متوازيين. في الخط الاول، يكمن فيروس "كورونا" ‏للبنانيين، مُحدثاً حالة غير مسبوقة من القلق والخوف في بلد يعاني ‏الأمرّين على كل المستويات، وهذا يتطلب بالدرجة الأولى اتخاذ ‏إجراءات وقائية شاملة، واعلان حالة طوارىء صحية أسوة بسائر الدول ‏التي ابتليت بهذا الزائر الخبيث، وليس بالتحرّك تحت تأثير الصدمة، ‏والاكتفاء بمحاولات رسمية متواضعة لاحتوائه ومنع تَفشّيه في الأرجاء ‏اللبنانية. وأمّا في الخط الثاني فيبقى الهمّ الاقتصادي والمالي في ‏مربع الخطر الشديد، والخطوات العلاجية والانقاذية الموعودة من ‏الحكومة لم تظهر بعد، علماً انها لم تتلمّس بعد كيفية حسم مسألة ‏سندات "اليوروبوندز"، التي يبدأ استحقاقها في الثلث الاول من آذار ‏المقبل.‏


على صعيد أزمة الـ"كورونا"، فإنّ لبنان يسير بإمكانات واجراءات ‏متواضعة في مواجهة هذا الفيروس. في المطار اجراءات وفحوصات ‏احترازية، خصوصاً للوافدين من دول مثل ايران، وعلى الحدود مع ‏سوريا اخضاع للعابرين في اتجاه الاراضي اللبنانية لفحوصات دقيقة.‏
‏ ‏
وقد بقي تفشّي هذا الفيروس محصوراً بحالة وحيدة هي السيدة الآتية ‏من مدينة قم الايرانية، والتي أعلنت اصابتها قبل ايام، فيما كرّر وزير ‏الصحة حمد حسن دعوته المواطنين الى عدم الهلع، مع اتخاذ ‏الاحتياطات اللازمة، حيث لم تسجّل أي اصابة اخرى. وطمأن الى انّ ‏‏"الاجراءات التي اتخذت في مطار رفيق الحريري الدولي سابقاً وحالياً ‏ولاحقاً، مسؤولة وتتم بتنسيق مباشر مع منظمة الصحة العالمية ‏وأثنت عليها المراجع المختصة. والاجراءات التي نتخذها مع الطائرة ‏الايرانية والايطالية هي إضافية تضمن عدم انتشار الوباء اذا وُجد".‏
‏ ‏
هذا الامر سيكون محور جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية التي ستعقد ‏اليوم لاتخاذ إجراءات مواجهة هذا الفيروس. وقالت مصادر وزارية ‏لـ"الجمهورية" انّ من بين الافكار المطروحة لجلسة مجلس الوزراء، ‏التشدد في استقبال الطائرات الآتية من مطارات دول منكوبة ‏بالكورونا، الى حد الوقف المؤقت للسفر ذهاباً وإياباً الى تلك الدول.‏
‏ ‏
صندوق النقد
في الجانب الآخر للأزمة، انتهت مهمة صندوق النقد الدولي في ‏بيروت، وكان له نشاط مكثّف في الساعات الاربع العشرين الماضية، ‏أبرزه غداء عمل جمعه مع رئيس الحكومة حسان دياب، وكذلك لقاء ‏نيابي جمعه مع رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب ‏النائب ياسين جابر ورئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان.‏
‏ ‏
وقالت مصادر متابعة لمهمة وفد صندوق النقد إنّ الجواب عن الطلب ‏اللبناني سيظهر في غضون ايام، حيث قرّر الصندوق تقديم اقتراحاته ‏خلال اسبوع من اليوم بعدما اطّلع على كامل المعلومات التي كان ‏يريدها من المعنيين ليبنى على الشيء مقتضاه. بحيث ستبدأ المرحلة ‏الثانية من مهمة البعثة لجهة تحديد الخطوات التي من الواجب ‏اتخاذها للخروج التدريجي من الأزمة القائمة كما يراها الصندوق.‏
‏ ‏
إيجابيّات ولكن؟
وقالت مصادر السراي الحكومي لـ"الجمهورية": انّ الاجواء العامة ‏للنقاشات والمباحثات مع وفد صندوق النقد، لم تخرج عن السياق ‏الايجابي، بل كانت صريحة بحثت فيها جملة أفكار كلها تصبّ نحو اتخاذ ‏خيار يراعي مصلحة الجميع.‏
‏ ‏
وأشارت المصادر الى انّ القرار النهائي لم يتبلور بعد، بل يتطلب اياماً ‏عديدة، ليطرح الامر مجدداً في مجلس الوزراء لاتخاذ القرار الملائم في ‏ما خَص سندات "اليوروبوندز". وإذ أوحت المصادر انّ الاتجاه الغالب ‏هو للاتفاق على تأخير تسديد السندات، الّا انها قالت انّ الأمر لم ‏يحسم بعد، بل يتطلب بعض الدراسة.‏
‏ ‏
في هذه الاثناء، نقلت وكالة "رويترز" عن مصدر قريب من الحكومة ‏اللبنانية قوله انّ لبنان سيعيّن كليري جوتليب ستين اند هاملتون ‏لتقديم المشورة القانونية بخصوص سنداته الدولية.‏
‏ ‏
ولفت المصدر الى "أنّ المسؤولين (اللبنانيين) هم في المراحل الأخيرة ‏لاختيار الشركة التي سيتقرر تعيينها بشكل منفصل كمستشار مالي".‏
‏ ‏
أجواء غامضة
الى ذلك، تبدو المعلومات، بعد انتهاء محادثات وفد صندوق النقد ‏الدولي في بيروت، غامضة ومتضاربة. وقد تراجع منسوب التفاؤل ‏الذي ساد قبل الاجتماعات، على اعتبار انّ التعاون مع صندوق النقد ‏بما هو أبعد من مجرد استشارة تقنية قد لا يكون متاحاً كما أوحَت ‏المواقف السابقة.‏
‏ ‏
وما يثير القلق حالياً، هو انّ السلطة اللبنانية لم تحسم قرارها بعد في ‏كيفية مواجهة استحقاق اليوروبوندز في 9 آذار المقبل، وقد تأخرت ‏كثيراً في اختيار الشركات القانونية والمالية التي ستساعدها على ‏وضع خطة التفاوض مع الدائنين بهدف تأجيل الدفع، بما يعني انّ ‏فرضية التخلّف عن الدفع من دون موافقة الدائنين هي من الامور ‏الواردة. هذا الوضع يقلق الاوساط المالية والاقتصادية التي تدرك ‏خطورة الوصول الى هذه النقطة، في غياب خطة بديلة لمواجهة ‏التداعيات.‏
‏ ‏
جابر لـ"الجمهورية"‏
في السياق، قال النائب ياسين جابر لـ"الجمهورية": انّ زيارة وفد ‏صندوق النقد لا تأتي في إطار صياغة برنامج إنقاذ للبنان أو خطة ‏سيضطرّ لبنان الى السير بها، بل انّ نصيحة صندوق النقد الدولي ‏للبنان تتمثّل بإعداد خطة محلية تناسب أوضاعه وتحظى بصدقية ‏المجتمع الدولي.‏
‏ ‏
وشدّد جابر على انّ لبنان، بالإضافة الى الأزمات العديدة التي يعانيها، ‏يعاني أزمة أكبر تشكّل العائق الاساس، هي أزمة الصدقية. "وبالتالي، ‏فإنّ أي خطة سيعدّها لبنان يجب ان تبعث بمؤشرات عملانية من خلال ‏تنفيذ خطوات جديّة، مثل تعيين الهيئات الناظمة بطريقة شفافة ‏ومستقلّة، تعيين مجلس ادارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان، تطبيق ‏قانون الشراكة بين القطاع الخاص والعام وغيرها من الإجراءات ‏البسيطة التي تؤشر الى جدّية الحكومة ونيّتها في الشروع بالإصلاح".‏
‏ ‏
وأوضح "انّ برنامجاً للدعم المالي من قِبل صندوق النقد الدولي ليس ‏أمراً مطروحاً اليوم، ولا يوجد قرار في هذا الاطار. والدليل انّ الحكومة ‏لم تطلب دعماً مالياً من الصندوق بل فقط استشارة تقنية".‏
واعتبر جابر ألا جدوى من معرفة حجم السيولة المتبقّي لدى مصرف ‏لبنان، "فالمعلوم انّ عجز البنك المركزي يتراوح ما بين 40 الى 50 مليار ‏دولار، وبالتالي يجب تغطيته عبر توزيع الخسائر بين سندات الخزينة ‏واليوروبوندز والمصارف".‏
‏ ‏
تقييم
وفي تقييمها لحركة الموفدين الدوليين الماليين والقانونيين والخبراء، ‏قالت أوساط سياسية رفيعة المستوى لـ"الجمهورية": البحث مع ‏الموفدين كان شاملاً. والخارج يدرك حجم أزمتنا أكثر منّا، وفي الخلاصة ‏المحادثات جالت على كل التفاصيل، وتِبعاً لحجم ما نحن فيه لا ‏استطيع أن اكون مطمئناً.‏
‏ ‏
وبحسب الاوساط، فإنّ البحث مع الموفدين خَلص الى الآتي:‏
‏ ‏
اولاً، لبنان بلغ مرحلة لم يعد يستطيع التراجع فيها، فإمّا ان يذهب الى ‏انهيار وإفلاس، وإمّا أن يذهب الى خطوات علاجيّة، باتت اكثر من مُلحّة ‏وفورية.‏
‏ ‏
ثانياً، حكومة حسان دياب تشكّل فرصة ينبغي أن تستغلّ للشروع في ‏الإصلاح السريع والملموس، وثمة إيجابية ملموسة تتجلى بتوجّه ‏جميع القوى السياسية في لبنان الى منح الحكومة الفرصة لكي ‏تعمل، وهذا يعكس "عقلانية" لدى السياسيين، وإدراكاً بأنّ صعوبة ‏الازمة تعيق احتواءها بسهولة. وهذا يشجّع على التأكيد بأنّ الحكومة ‏ينبغي أن تُحاط بتوافق سياسي واسع حول الخطوات الاصلاحية ‏الكبرى والنوعية التي يتوجّب عليها أن تتخذها.‏
‏ ‏
ثالثاً، أولى الخطوات الاصلاحية المطلوبة، يجب ان تنطلق من قطاع ‏الكهرباء، على "أن تأتوا بالكهرباء الى لبنان" من دولة الى دولة، وليس ‏عبر شركات او صفقات، وذلك حتى لا تكون هناك سمسرات وروائح ‏نَتنة. فهناك دول معروف عنها انها خبيرة في مجال الكهرباء، وإنشاء ‏المعامل وبسرعة قياسية فاستعينوا بها واستفيدوا من خبراتها لإنقاذ ‏قطاع الكهرباء.‏
‏ ‏
رابعاً، على المستوى القانوني، إنّ المؤسسات الدولية على استعداد ‏لتقديم كل مساعدة للبنان، شرط ان يكون لبنان في موقع المُبادر الى ‏مساعدة نفسه.‏
‏ ‏
موقف فرنسي
الى ذلك، واستتباعاً للتصريحات التي أدلى به أمس الأول من ‏الرياض، واصَل وزير المالية الفرنسي برونو لو مير أمس، إطلاق ‏المواقف التي تؤكد نيّة فرنسا دعم لبنان.‏
‏ ‏
ومن أبوظبي، حيث يقوم بزيارة الى دولة الامارات العربية المتحدة، ‏قال لو مير إنّ بلاده "تدرس خيارات مختلفة لمساعدة لبنان على ‏التعافي من أزمته المالية، ومن بينها برنامج لصندوق النقد الدولي، ‏إذا سعت الحكومة اللبنانية إلى ذلك".‏
وقال وزير المالية الفرنسي للصحافيين في أبوظبي إنه بحث الوضع ‏في لبنان مع القيادة الإماراتية.‏
‏ ‏
بري يقدّر
الى ذلك، أعرب رئيس المجلس النيابي نبيه بري عن تقديره للموقف ‏الفرنسي حيال لبنان، مشدداً أمام زوّاره على انّ المطلوب أن نسعى ما ‏أوتينا في سبيل القيام بالاصلاحات واتخاذ الاجراءات المطلوبة لإنقاذ ‏لبنان وإخراجه من الازمة. مُبدياً الاستعداد للقيام بأي عمل يُساعد في ‏هذا المجال، إن من موقعه السياسي او من خلال مجلس النواب.‏
‏ ‏
واكد بري انّ الشرط الاول لمعالجة الازمة، هو ان نقدّم الى أهلنا دولة ‏حديثة وعادلة، وهذا ما تحققه الاصلاحات، والدولة المدنية.‏
‏ ‏
إلتزام أوروبي
يتزامَن ذلك مع ما أكدته مصادر ديبلوماسية غربية لـ"الجمهورية" بأنّ ‏‏"دول الاتحاد الاوروبي بشكل عام تدعم الاهداف الاصلاحية التي ‏حدّدتها الحكومة اللبنانية. مع التزامها الكامل دعم لبنان وشعبه ‏ووحدته وسيادته واستقراره واستقلاله السياسي وسلامة أراضيه، ‏وكذلك الالتزام بالأهداف المتّفق عليها في مؤتمر "سيدر".‏
‏ ‏
وإذ عكست المصادر ارتياح الاتحاد الاوروبي "للمسار الذي بدأت ‏تسلكه الحكومة اللبنانية وللجدية الملموسة في مقاربتها الأزمة"، ‏أعربت عن أملها في ان تثمر استجابة الحكومة سريعاً للمطالب ‏المشروعة للشعب اللبناني، نتائج ملموسة، ولاسيما لناحية مكافحة ‏الفساد وتنفيذ الإصلاحات المُلحّة والتي طال انتظارها".‏
‏ ‏
تمايز
واللافت للانتباه انّ الموقف الاوروبي ما زال متمايزاً مع الموقف ‏الاميركي الذي تعبّر عنه الديبلوماسية الاميركية، ومفاده "انّ الازمة ‏في لبنان قد تصبح أشد صعوبة في فترة لاحقة، وبالتالي حكومة ‏لبنان أمام اختبار صعب وهامش الوقت يضيق، وعلى الحكومة أن ‏تُبادر الى إصلاحات مطلوبة ومكافحة الفساد، فبذلك فقط تفتح باب ‏المساعدات الاميركية والدولية للبنان".‏
‏ ‏
لا ودائع
في سياق متصل، نقلت مصادر اقتصادية لبنانية عن مسؤولين ‏خليجيين، تأكيدهم استعداد دول الخليج لتقديم المساعدة الى لبنان، ‏ولكن ليس على ذات الطريقة التي كانت مُتّبعة في السابق.‏
‏ ‏
ونَسبت المصادر الى أحد المسؤولين قوله: "انّ الدول الصديقة ‏للبنان، وخصوصاً دول مجلس التعاون الخليجي، تنوي مساعدة لبنان ‏بطريقة مجدية لهذا البلد، وليس بطريقة تذهب فيها الاموال التي ‏تدفع هباء كما كان يحصل.‏
‏ ‏
وبحسب المصادر فإنّ هؤلاء المسؤولين الخليجيين يتجنّبون الحديث ‏المباشر عن الحكومة اللبنانية، كما لم تبدر منهم إشارات سلبية او ‏ايجابية تجاه رئيسها حسان دياب، بل على العكس، أبدوا استعدادهم ‏للاستجابة الى ايّ مشروع استثماري مدروس وجدي يقدّم إليهم من ‏قبل اللبنانيين، و"نحن مستعدون إمّا لتنفيذ هذا المشروع مباشرة أو ‏تقديم المشورة حياله، ولكن أهم ما يجب ان يكون معلوماً لدى ‏اللبنانيين هو الّا يوجد أي توجّه لوضع ودائع خليجية في مصرف ‏لبنان".‏

المصدر: الجمهورية

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o