استحقاق اليوروبوندز: جدولة الدَين و400 مليون "دفعة على الحساب"
كشفت مصادر حكومية لـ"الجمهورية"، ان المفاوضات التي ستنطلق غداً الخميس مع صندوق النقد الدولي يُتوقع أن تنتهي اواخر الشهر الجاري كحد أقصى، لاتخاذ القرار النهائي حول سندات اليوروبوند من جهة واعتماد خطة صندوق النقد للإنقاذ من جهة ثانية. واكّدت المصادر، أن رئيس الحكومة لا يعمل على تجزئة الحلول، فلا شيء اسمه أزمة دولار منفصلة ولا أزمة مصارف على حدة، ولا ارتفاع أسعار....فالامور كلها مترابطة، وهناك مسار إصلاحات اقتصادية الدولار هو جزء منها، ولا أحد يستطيع ضبطه في ظل الكوارث المالية، والحل يجب أن يكون سلّة متكاملة، فلا ينفصل علاج عن آخر، وهذا يتطلب جهداً كبيراً ودعماً من كافة القوى السياسية. كما اكّدت المصادر، أن "من الآن وحتى نهاية الشهر الجاري سيتكوّن لدى رئيس الحكومة تصوّر واضح حول حقيقة من يدعم ومن يعرقل، وستُسمّى الامور حينها بأسمائها، وستتمّ الإشارة بالأصبع الى واضعي الألغام أمام الحلول وتنفيذ الخطة الإنقاذية الحكومية".
وقالت مصادر متابعة للنقاش المالي والنقدي لـ"الجمهورية"، انّ "رئيس الحكومة أبدى استعداداً في المضي بالإجراءات الصعبة، وان لديه ضوءاً اخضر من كافة القوى السياسية بما فيها "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، وان استشارة صندوق النقد ستنقلب الى برنامج ضمن خطة كاملة، لم يعد للبنان خيار سوى اعتمادها، خصوصاً انّه يحتاج الى سيولة من الخارج وصندوق النقد طريقها الإلزامي الطبيعي".
وأضافت المصادر: "ما بقى في لعب. نحن ننتظر ماذا سيحمل وفد صندوق النقد معه، سنستمع إليه ونطلع على اقتراحاته للحل وعلى ضوئها يُتخذ القرار" .
ولم تخف المصادر الهواجس من تنفيذ برنامج صندوق النقد، الذي يترافق عادة مع مشكلات داخلية. وكشفت، أنّ دياب "في طور تحديد وتعيين فريق الخبراء الماليين والاقتصاديين الذين سيقودون المفاوضات مع صندق النقد، وهو فريق مصغّر يُتاح له التوصل الى نتائج عملية سريعة، لا تضيع في كثرة وجهات النظر وتعدّد الرؤوس". وعُلم في هذا الصدد، انّه كان لدياب امس لقاء بعيدًا عن الأضواء مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والوزير السابق كميل ابو سليمان.
وذكرت "الجمهورية"، انّ رئيس الحكومة ينقل الى الموفدين الدوليين رغبة الدولة الواضحة في تأجيل دفع المستحقات ضمن خطة لإعادة الجدولة بداية وليس إعادة الهيكلة التي تسير في نظام مختلف ضمن شروط اصعب.
وأبلغ مصدر نيابي، تواصل مع مراجع رئاسية خلال اليومين الماضيين، الى "الجمهورية"، انّه استنتج من مشاوراته مع المسؤولين، انّ "الاتجاه الغالب والمتقدّم لدى الدولة هو نحو عدم دفع سندات اليوروبوند المستحقة في آذار المقبل، مشيراً الى انّ البحث يتركّز على سبل تحصين اي قرار يمكن ان يُتخذ في هذا الصدد والتقليل من خسائره وتداعياته قدر الامكان".
واعتبر المصدر، "انّ الكلام حول إمكانية الحجز على املاك تخصّ الدولة اللبنانية اذا قرّرت الامتناع عن تسديد دفعة آذار من الدين، ليس سوى تهويل وترهيب لا يستندان الى حيثيات حقيقية أو وقائع صلبة"، لافتًا الى "انّ ملكية شركة "الميدل ايست" والذهب على سبيل المثال، تعود الى مصرف لبنان وليس الى الدولة مباشرة. وبالتالي، فإنّ البنك المركزي يحظى باستقلالية تسمح بحماية الاملاك التي يزعم البعض أنّها مهدّدة".
وأبدى المصدر النيابي قلقه من "احتمال ان يسجل سعر الدولار مزيدًا من القفزات في المرحلة المقبلة، ما لم يتمّ تدارك الامر واحتواء التفلّت في السوق النقدية". وأكّد انّ "الوضع غير ميؤوس منه على رغم من صعوبته الشديدة"، مشدّدًا على "انّ فرصة معالجته لا تزال موجودة، انما شرط المبادرة الى اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب".
صندوق النقد و"المشورة": في هذه الاثناء، تستعد الحكومة لبدء مفاوضات رسمية مع وفد صندوق النقد الدولي غدًا، بعد الاستماع الى "المشورة" التي يحملها معه بناء على طلب الدولة اللبنانية.
ويسود مناخ من الشكوك والترقّب، في الاوساط الشعبية والسياسية، في ظل الغموض الذي يحوط بمضمون المشورة التي سيقدّمها الصندوق، وما اذا كان ممكنًا ان تكون موسّعة وتشمل برنامجاً انقاذياً متكاملاً، أم أنّها ستكون مجرد افكار مبدئية تمهّد لبرنامج إنقاذي في حال قرّر لبنان طلب ذلك.
استمرار ارتفاع الدولار: وتواكب مرحلة الانتظار الصعبة، تطورات دراماتيكية على مستوى سعر صرف الدولار في السوق الموازية، اذ واصل ارتفاعه امس ايضًا، وتجاوز عتبة الـ2500 ليرة، في مؤشر اعتبره المراقبون مقلقاً، لأنّه قد يمهّد لاستمرار ارتفاعه. وسبق لسعر الدولار أن وصل قبل فترة الى سقف الـ2500 ليرة، ومن ثم تراجع الى مستويات 2200 قبل ان يعاود صعوده التدريجي. ولا يبدو انّ الإجراءات الوقائية التي تحاول السلطات اتخاذها للحدّ من ارتفاع الدولار تجدي نفعًا، بما فيها الإجراءات القانونية في حق الصرّافين المخالفين. وقد ادّعى المدّعي العام المالي القاضي علي ابراهيم امس على 18 صرافاً بجرم مخالفة قانون الصيرفة والمسّ بهيبة الدولة المالية، وأحال الملفات إلى قضاة التحقيق الأول في المحافظات.
تسديد 400 مليون دولار: وكشفت مصادر وزارية لـ"نداء الوطن" أن الخطة التفاوضية مع البنك الدولي تقضي بوضع سلة حلول توافقية لإعادة جدولة السندات، مقرونة بعرض تسديد "دفعة على الحساب" بقيمة 400 مليون دولار من احتياط المصرف المركزي، من أصل مبلغ المليار ومئتي مليون دولار المستحقة.
جدولة الدفع: ولفتت مصادر وزارية لـ"اللواء" الى ان هناك خطة سيصار الى اعتمادها لمعالجة استحقاق سندات اليوروبوند، اذ اي خيار سيعتمد يستدعي قيام خطة". واكدت ان اي قرارات تنفيذية تحتاج حكما الى مجلس الوزراء.
واكدت المصادر ان خيار جدولة الدفع هو اكثر الأحتمالات ترجيحا، معتبرة انه لا بد من انتظار موقف الجهات الدائنة حيال قرار الدولة اللبنانية.
وكشفت مصادر معارضة ان هذا التوجه يترافق مع خطط لجدولة الدين، بالتوازي مع خطط للتقشف.