Jan 25, 2020 6:07 AM
صحف

هل تتبنى حكومة دياب الورقة الإصلاحية؟ وماذا في مسودّة البيان الوزاري؟

عقدت لجنة صوغ البيان الوزاري للحكومة الجديدة اجتماعين أمس، وصفتهما مصادر السراي الحكومي بالماراثونيين، بحيث انطلق الاجتماع الأوّل في العاشرة واستمر الى ما قبل صلاة الظهر، وانطلق الثاني بعد الصلاة واستمر حتى ساعات المساء، وهو انطلق من لا مسودة، بحيث بدأ عرض الافكار والعناوين التي سيتضمنها، وكان رئيس الحكومة حسان دياب يغادره بعض الوقت لإجراء لقاءاته مع الزوار الرسميين من امنيين ودوليين، ثم يعود حيث كانت اللجنة تواصل مناقشتها.

واشارت مصادر "اللواء" الى ان من المبكر اعطاء توصيف بالشكل والمضمون للبيان قبل اتضاح كل العناوين والافكار والاقتراحات والمشاريع المطلوبة.

لكنها توقعت ان يكون البيان واقعياً، ويعكس دعوة الرئيس ميشال عون في الجلسة الأولى لمجلس الوزراء، إلى العمل من أجل استعادة ثقة اللبنانيين أولاً والخارج ثانياً، ويأخذ بالاعتبار التحديات التي تواجه لبنان في هذه المرحلة.

ونقلت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد عن الرئيس دياب قوله في الاجتماع الأوّل للجنة، ان "الناس ينتظرون منا عملاً، لذلك يجب الا يتضمن البيان وعوداً فضفاضة وألا نوحي للبنانيين بأن الوضع بألف خير، وشدّد على الالتزام بما نستطيع تنفيذه فقط، وان لا يكون البيان حبراً على ورق، كما شدّد على وضع جدول زمني لبرنامج عمل الحكومة، متمنياً على الوزراء، ان يدرسوا ملفاتهم وان يحددوا الملفات التي يمكن إنجازها بشفافية".

إلى ذلك، دعت مصادر وزارية رفيعة إلى انتظار الأيام العشرة المقبلة التي يفترض ان تشهد مسار عمل الحكومة واولوياتها، معتبرة ان الأزمة لا تحتمل المماطلة أو التأخير.

وتوقعت المصادر ان تنجز الحكومة خلال الأسبوع المقبل تشخيصاً واضحاً حول الأوضاع الاقتصادية والمالية برمتها، مما يُساعد على وضع النقاط الأساسية في هذا الإطار ضمن البيان الوزاري، ولفتت إلى ان بمجرد وضع مسار عمل الحكومة قد يترك ارتياحاً لدى المواطن اللبناني، لكنها شددت على ان الورقة الإصلاحية التي وضعتها الحكومة السابقة عشية استقالتها وضعت على عجل، مما انعكس سلباً على الوضع عكس ما كان متوقعاً منها، إلا ان المصادر لم تشأ التأكيد ممّا إذا كانت الحكومة ستتبنى الورقة الإصلاحية، أم انها ترى انها لم تعد كافية.

كذلك لم تبد مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية أي وجهة نظر من هذه الورقة، واكتفت بالقول ان رئيس الجمهورية يولي أهمية لملف الإصلاحات، كما ينتظر ما إذا كانت الورقة الإصلاحية ستخضع للتعديل داخل الحكومة أم سيُصار إلى تفعيلها.

واوضحت المصادر المقربة من رئاسة الجمهورية ان الرئيس ميشال عون راغب في ان تنطلق الحكومة بعد اقرارها البيان الوزاري ونيلها الثقة على اساسه في مجلس النواب في انجاز ملفاتها ولا سيما في الاقتصاد والاصلاحات ومكافحة الفساد، مشيرة الى ان الأولوية اليوم هي لانقاذ لبنان ومضاعفة الانتاجية وفق برنامج متفق عليه.

وقالت المصادر ان الرئيس عون يدعم كل ما من شأنه معالجة الأوضاع الصعبة ويؤيد الأفكار التي تصب في هذا الاتجاه على ان يشكل مجلس الوزراء المكان المناسب لهذا الأمر كاشفة ان ليس بالضرورة ان تعقد جلستان في قصر بعبدا في الأسبوع الواحد، لكنها اوضحت ان التوجه قائم من اجل عقد هاتين الجلستين كل اثنين وخميس.

نسخة عن "ماكينزي": من جهتها أشارت "الاخبار" إلى أن ما رشح عن مسودة البيان الوزاري يكشف أن جزءاً لا بأس به منه منسوخ من خطة "ماكنزي"، في ظل إصرار الحكومة على عدم استرداد مشروع الموازنة.

ومع اتفاق اللجنة على وضع جدول زمني لبرنامج عمل الحكومة، أكدت مصادر مطلعة أن الحكومة ستضمّن بيانها حديثاً عن "خطة طوارئ لخمسة أشهر"، تلتزم فيها بتنفيذ إجراءات تُمهّد لتحويل الاقتصاد من ريعي إلى منتج! علماً بأنه كان لافتاً تضمن المسودة، في هذا السياق، خلاصات من دراسة شركة "ماكنزي" التي تسترشد بها الحكومة في إعداد خطة عملها. وإضافة إلى سعي الحكومة إلى مساعدة المصارف على إعادة رسملتها، فإنها ستدرس ما إذا كان البلد بحاجة إلى اللجوء إلى الخارج في عملية إنقاذ الاقتصاد والمالية، أو لا. ولا يعني هذا أن "سيدر" سيكون خارج خطة الحكومة، كما لا يعني عدم الاسترشاد بتقارير الجهات المانحة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

جدية ومسؤولية: يُنتظر ان تعقد لجنة صياغة البيان الوزاري اجتماعاً جديداً اليوم، لاستكمال مداولاتها في البيان الذي بدأته في اجتماعها في السراي الحكومي برئاسة دياب امس، وحضور كامل اعضائها. وابلغ رئيس الحكومة اعضاء اللجنة، أن "نحن امام امتحان اكتساب الثقة الداخلية والخارجية، والناس ينتظرون منا عملاً، لذلك يجب ألّا يتضمن البيان وعوداً فضفاضة، وألّا نوحي للبنانيين انّ الوضع بألف خير». وأضاف: «يجب ان نعتمد الحقائق والوقائع في البيان، وان نلتزم بما نستطيع تنفيذه فقط، حتى لا يكون حبراً على ورق".

الى ذلك، اكّدت مصادر اللجنة الوزارية لـ"الجمهورية"، انّ النقاش في اجتماعات اللجنة يتمّ بروحية جدّية ومسؤولة، للذهاب الى بيان وزاري بحجم المرحلة الراهنة، ويقارب الأزمة على حقيقتها دون اي مواربة.

وقالت المصادر، انّ معظم الوزراء يسعون الى تحقيق اي خطوة ايجابية بالسرعة والجدّية اللازمتين، من اجل مواجهة الإنطباعات السلبية التي رافقت الإعلان عن تشكيل الحكومة والظروف التي رافقتها وسعياً الى استعادة نسبة من الثقة، تعوّض ما تعرّضت له من تشكيك في الشارع. وبالتالي فإن لم تقدّم الحكومة الجديدة اي انجاز خلال فترة قريبة لن تكسب الثقة التي تحتاجها، فهي من المعابر الإجبارية الى الثقة الخارجية وهي التي تعززها.

ولفتت الى انّ البيان لن يحتوي شعراً ولا أدباً ولن يحمل اي شعارات فضفاضة ووعوداً فارغة ومستحيلة. فالمنطق يقول، انّ ما سيتضمنه البيان يمكن ان تقوم به وتنفذه الحكومة، وترجمته بشكل شفاف وفق رؤية الحكومة واستراتيجيتها على كل المستويات السياسية والإجتماعية والاقتصادية كما الأمنية، وكيفية ترميم علاقات لبنان مع العالمين العربي والغربي، مع التشديد على التزامات لبنان على كل المستويات الإقليمية والدولية.

مسودة البيان: وكشفت مصادر "الجمهورية"، انّ مسودة البيان الوزاري تتوزع على مجموعة عناوين، حيث أفرد البيان جانباً منها للحراك الشعبي، وجاء فيه ما حرفيّته:

"نحن تابعنا، وتفاعلنا مع اهلنا الذين نزلوا الى الشوارع والساحات، وبُحّت اصواتهم تحت المطر وفي البرد بصدق ووجع ضد الفساد في لبنان. هذا الملف يتصدّر لائحة اهدافنا كحكومة انقاذية استثنائية في ظروف تشكيلها.

وبما اننا نؤمن بالتطوير من خلال المؤسسات والقانون وتحت سقف الدستور، فإنّ الممر الالزامي الوحيد الى محاربة الفساد والفاسدين يكمن في الاستناد الى سلطة قضائية مترفّعة، نزيهة، مستقلة وقادرة.

انطلاقاً من هذه القناعة، نثق انّ الشعب اللبناني يشاركنا فيها. فإن حكومتنا تقارب ملف الاصلاحات من خلال إحداث نقلة نوعية في السلطة القضائية، السلطة هي الف باء الاصلاح القضائي. فإننا نتعهد بالعمل مع مجلسكم الكريم في إعادة درس كل مشاريع القوانين او اقتراحات القوانين التي جرى تقديمها حتى الآن، بهدف تعزيز القضاء ومرجعيته، وان نعمل على إعداد قانون عصري يمنح القضاء استقلالية عصرية تتمتع بها بلدان، لا يقوى فيها الفساد على الصمود في وجه السلطة القوية النافذة، ولبنان لن يكون اقل شأناً في قوانينه من هذه البلدان.

وفي الانتقال الى الملف الاكثر اهمية وحساسية، تنوي حكومتنا مقاربة قضية الإثراء غير المشروع والجريمة الاقتصادية وتحديث اداء الدولة بذهنية مختلفة عمّا يجري الآن من محاولات خجولة لخفض منسوب الفساد والهدر".

العلاقات الخارجية

وفي الشق المتعلق بالعلاقات الخارجية للبنان، لحظت مسودة البيان الوزاري ما يلي:

"حكومتنا تعرف انّ من مصلحة لبنان الابتعاد عن الصراعات الخارجية، واحترام ميثاق جامعة الدول العربية، والتزام القانون الدولي في سياستنا الخارجية".

"التأكيد على احترام المواثيق والقرارات الدولية كافة، والتزام قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1701 وعلى استمرار الدعم لقوات الامم المتحدة العاملة في لبنان".

المقاومة

اما في ما خصّ البند المتعلق بالمقاومة، فقد نصّت مسودة البيان الوزاري على ما يلي:

"في الصراع مع العدو الاسرائيلي، إننا لن نألو جهداً ولن نوفّر مقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من اراضٍ لبنانية محتلة، وذلك استناداً الى مسؤولية الدولة ودورها في المحافظة على سيادة لبنان واستقلاله ووحدته وسلامة ابنائه. وتؤكّد الحكومة على واجب الدولة وسعيها لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر، وذلك بشتى الوسائل المشروعة. مع التأكيد على حق المواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الاسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الاراضي المحتلة".

الثروة النفطية

وحول الثروة النفطية، جاء في مسودة البيان الوزاري:

"إنّ حكومتنا ستحافظ على المكتسبات التي تحققت حتى الآن، من خلال صمود الدولة اللبنانية في المفاوضات من اجل الحفاظ على حقوق لبنان الكاملة في هذه الثروة. ومع ادراكنا اطماع العدو الاسرائيلي في محافظة التعدّي على جزء من هذه الثروة واستغلالها، سنعمل على التصدّي لهذه الاطماع، وصولاً الى ترسيم عادل لحدودنا البحرية يحفظ للاجيال اللبنانية ثروتها وحقوقها.

وفي الموازاة، سنعمل على تسريع مسار التنقيب عن الغاز والنفط في مياهنا، لأنّ هذه تشكّل دعامة مهمة لاقتصادنا في المستقبل.

وللمناسبة، نلفت الى انّ من واجبنا معالجة المالية بسرعة، لأننا لا نريد ان نقع في فخ البيع المسبق للثروة النفطية. فكما تعرفون، انّ امر الصفقات متاح، لكنه من نوع الصفقات الخاسرة المؤدية الى فقدان الدول لقسم من حقوقها وايراداتها المتدفقة من هذه الثروة.

واما في موضوع حماية ارضنا وثرواتنا الطبيعية، ومنها الغاز والنفط، فستكون حكومتنا حريصة على صون الأمانة. ونحن نعرف جيداً مواقع القوة والضعف في بلدنا. سنحافظ على نقاط القوة، ونحاول تخفيف تأثير نقاط الضعف. ونستوحي في سياستنا هذه، خطاب القسم لفخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مؤمنين بأنّ لبنان قوي بوحدة شعبه وقدراته، والتفاف ابنائه حول جيشه الوطني، وهو مدعاة فخر واعتزاز وثقة كل اللبنانيين. انّه الرمز الذي يوحّد. ونحن من جهتنا، نتعهد بتوفير كل الدعم المطلوب لجيشنا الوطني، ومواصلة تسليحه وتزويده بالمعدات والمعنويات، كما نتعهد بدعم كل القوى الامنية اللبنانية التي ادّت الى جانب الجيش، كتفاً الى كتف في حماية امن المتظاهرين وسلامتهم".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o