Jan 08, 2020 9:26 AM
صحف

لبنان يُطَمْئن المجتمع الدولي: لن نكون ساحة رد!

رغم ملامح «السِباق» الذي يرتسم في بيروت بين محاولات استيلاد الحكومة الجديدة وبين «الغليان» الذي يسود المنطقة، التي باتت بعد اغتيال واشنطن الجنرال الإيراني قاسم سليماني في «فوهة نارٍ» يُخشى أن «تحرق» كل الخطوط الحمر، فإن مصادر مطلعة ترى أن مِن «التبسيط» تصوير رسو مسار التأليف على تشكيلةِ الـ 18 وزيراً اختصاصياً معيَّنين من الفريق السياسي الذي يشكّل «حزب الله» رافعته الداخلية والاقليمية، سيكون كفيلاً بحجز مكان للبلاد في «منطقة الأمان»، سواء من الترجمات المريعة للانهيار المالي - الاقتصادي الذي بدأ «يتدحرج» أو من عصْف المواجهة الأميركية - الإيرانية التي يُخشى أن تنزلق إلى حربٍ كبيرة لا يريدها أحد ولكن يمكن أن يؤدي إليها... خطأٌ كبير.

ويزدادُ الانطباعُ في بيروت بأن حجمَ المأزق المالي - الاقتصادي، كما المدى الذي بلغَه الصراع الأميركي - الإيراني بعد الانقلاب المباغت الذي أحدثته واشنطن في «قواعد الردع» على طول هذا الخط بـ «شطْب» سليماني، صارا أكبر بكثير من أن توفّر حكومةٌ من النوع الذي يُعمل عليه «درعَ حماية» من تشظياتهما، وسط اقتناعٍ قديم - جديد بِتَشابُك هذين الواقعين بما يجعل الإفلات من «الآتي الأعظم» مالياً شبه مستحيل في ظلّ إلحاق لبنان، بقوة الأمر الواقع، بـ «برميل البارود» الاقليمي وهو ما عبّر عنه بوضوح الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله برفْعه باسم «محور المقاومة» راية الثأر لسليماني مُطْلِقاً حربِ إخراج الولايات المتحدة من المنطقة.
وترى المصادر عبر «الراي» أن لبنان «فاقِد المناعة» مالياً واقتصادياً والذي يعيش انعدامَ وزنٍ سياسياً غير مسبوق من خلال إحكام «حزب الله» وامتداده الاقليمي (بتحالُفه مع «التيار الوطني الحر - حزب الرئيس ميشال عون») القبضة على الحُكم في البلاد بكل مؤسساتها الدستورية، يبدو وكأنه يعاند «قانون الجاذبية» باعتقاد الأطراف السياسية التي باتت تقود «المركب المثقوب» أن بالإمكان عبور البحر الهائج مع الالتصاق المتمادي بمحور «الممانعة» ولو عبر إلباس حكومة اللون الواحد ثوب الاختصاصيين.
وتعتبر أنه حتى لو جرى تأليف الحكومة وفق «البروفيل الأصلي» المرسوم لها، أي اختصاصيين تسمّيهم الأحزاب، من دون «تكييفها» مع مرحلة ما بعد اغتيال سليماني، فإن مثل هذه التشكيلة بما حَكَمَها من نهج محاصصة حزبية فاقع والتي لن «تنجو» من غضبة الشارع المُنْتَفِض منذ 84 يوماً، سيصعب أيضاً أن «تَنْفذ» من الاشتباك الأميركي - الإيراني.
وهذا يعني وفق المصادر أن لبنان يمْضي إلى حقبة بالغة الخطورة والتعقيد، سواء بلغ الغليان في المنطقة عتبة الانفجار الكبير أو «انتظم» تحت سقفِ «التصعيد المدوْزن» في الطريق الشائك إلى تسوياتٍ مؤجَّلة، في ظل صعوبة تَصَوُّر أن تنجح بيروت في الفصل بين مسار استقطاب المساعدات الدولية للنهوض المالي وبين واقع إمساك «حزب الله» بالإمرة الاستراتيجية، متوقّفة عند حركة ديبلوماسية غير عادية شهدتها بيروت أمس في اتجاه كل من عون ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل (رئيس «التيار الحر») وبدتْ في إطار استشراف الموقف الرسمي من كلام نصرالله وتداعياته المحتملة على أمن بعض السفارات، والحض على ألا يكون لبنان ساحة للردّ على اغتيال سليماني.
وفي هذا السياق، أبلغ رئيس الجمهورية المنسق الخاص للامم المتحدة يان كوبيتش «ان العمل قائم لتثبيت الاستقرار في لبنان وعدم تأثير التطورات الأمنية التي حصلت أخيراً على الوضع الأمني»، مشدداً على «أهمية استمرار الهدوء على الحدود اللبنانية الجنوبية، ومنْع حصول أي تطور سلبي فيها»، وموضحاً «أن لبنان يحافظ على سلامة جميع أبنائه المقيمين أو الموجودين على أرضه، من دون تمييز»، ومؤكداً «أن الاتصالات قائمة لتحصين الوضع السياسي في البلاد من خلال الإسراع بتشكيل حكومة جديدة لتعزيز الوحدة الوطنية».
وفي الإطار نفسه، التقى باسيل سفراء بريطانيا كريس رامبلنغ وفرنسا برونو فوشيه والولايات المتحدة اليزابيت ريتشارد، إضافة الى كوبيتش، وسط معلومات رسمية أشارت إلى أن هذه الزيارات «عكست اهتماماً دولياً بالاطلاع على موقف لبنان الذي تضمنه بيان الخارجية عقب اغتيال سليماني والذي دعت فيه الى تجنيب المنطقة تداعيات هذا الاغتيال مؤكدة تشجيع لبنان على تغليب منطق الحوار وضبط النفس والحكمة في حل المشاكل بدل استعمال القوة والعنف في العلاقات الاقليمية والدولية الخارجية، وقد أثنى السفراء على مضمونه الذي شدّد على ضرورة النأي بلبنان عن أي انعكاس للأحداث وعدم استعماله كساحة لأي ردّ».
وفيما ذكرت المعلومات أن السفراء عرضوا أيضاً مع باسيل سبل نزع فتيل الانفجار في المنطقة، نقل تلفزيون «ال بي سي آي» أن «السفراء الذين يشعرون بأن سفاراتهم في لبنان قد تكون بخطر ولا سيما السفارة الأميركية، طلبوا من الخارجية المزيد من التعزيزات الأمنية لحماية هذه السفارات وقد تمت الاستجابة لهذه الطلبات».

الراي 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o