Dec 18, 2019 2:59 PM
خاص

تقاطع مصالح بين السلطة واحزابها على اخماد الثورة
عدم توقيف المندسين يكشف سيناريو المخططات المكشوفة

المركزية- مخطئ من يعتقد ان نيران ثورة 17 تشرين يمكن ان تطفأ بمياه الفتنة المذهبية او الطائفية. ومخطئ جدا من يظن ان بتحريك الغرائز والعصبيات سيسحب المنتفضين من الشارع. ومخطئ أكثر من يراهن على ان سياسة الترهيب المتدرجة تصاعديا ولو تحولت يومية بحرق خيمة في النبطية او بغزوة في وسط المدينة او ببلطجة على الرينغ واحراق شجرة ميلاد في طرابلس ستُنفس الانتفاضة. ممارسات السلطة الحاكمة التي تتقاطع مصالحها مع بعض الاحزاب "الترهيبية" المعروفة ممارساتها واساليبها التحريضية الممجوجة اسقطتها الانتفاضة. لم يعد العزف على الوتر المذهبي ولا التهويل به يخيف الثوار، فثورتهم عبرت كل الطوائف والفروقات المذهبية والمناطقية والاجتماعية، وحّدتهم تحت راية الوطن الحلم، تاركين خلف 17 تشرين كل ما فرقهم ومعه حِيَل السياسيين والاعيبهم.

تظاهرة النبطية التي اعقبت تحطيم وإحراق خيم نصبها المحتجون في النبطية وكفررمان، ما لبث الثوار ان اعادوا نصبها، اكدت بما تخللها من شعارات وهتافات مدى اصرار هؤلاء على المواجهة وتحدي الترهيب، كما ان اضرام النار في السيارات وفي الساحات السلمية التي انتقل اليها الحراك بعد منع قطع الطرق ودخول المندسين لمهاجمة الجيش والقوى الامنية لم يعد عملة رائجة.

يقول مرجع سياسي لـ"المركزية" ان اكثر المتأذين من فبركات السلطة المكشوفة وكل من يلف لفّها، هم القيمون عليها الرافضون سماع صوت الشعب والمتجاهلون مطالبه الواضحة التي تنادي بلقمة عيش وبعض الكرامة الانسانية واحترام عقول اللبنانيين وصحوتهم على الفساد، وهي ليست بالكثير، لكنها حقا كثيرة على من يرفض اقفال حنفيات الهدر التي يعتاش منها وينهب عبرها خيرات الدولة. ويؤكد ان في موازاة التصعيد المتدرج في اساليب الترهيب، من توقيف الثوار الى الغزوات الليلية لساحاتهم الى احراق ما تيسّر من قبضة الثورة الى الخيم والسيارات، يصعّد الثوار مواجهتهم، ويزدادون عزما على التصدي، لان لا شيء يخسرونه بعدما خسروا وظائفهم واشغالهم وبات الشارع ملاذهم الاخير منعا لخسارة الوطن، خلافا للسلطة الحاكمة واحزابها التي تراكم خساراتها وتحول مواجهتها من جمهور محدد الى اللبنانيين عموما، باستثناء مناصريها الذين يعتاشون من فتات هذه الخيرات.

ويعتبر ان الثورة التي اسقطت حكومة "الى العمل"، هي نفسها ستُسقط اي حكومة مقبلة، لا بل ستتجه بمطالبها تصاعديا وصولا الى اسقاط كل رموز السلطة، اذا ما استمر اهل الحكم في تجاهلها والتعاطي مع ملف تأليف الحكومة كما قبل 17 تشرين، والخشية من ان يستمر هذا التجاهل الى لحظة تصعب العودة معها الى الوراء. وينصح بأن الاخذ بمطالب الثورة اليوم كلفته اقل بأشواط من استمرار استفزازها الى درجة الانفجار الذي يتهم حزب الله الثوار بالسعي اليه لتنفيذ مآرب ومؤامرات خارجية عليه من ضمن السياسة الاميركية الهادفة الى اقتلاعه من الجذور، بأدوات داخلية.

وما يكشف مخطط السلطة لاجهاض الثورة هو ان القوى الامنية لا توقف واحدا من المندسين، على رغم انها تؤكد البحث عنهم، فيما هم معروفون بالاسم والوجه والهوية والانتماء الحزبي، يُستخدمون عشية كل استحقاق، تارة لتوجيه رسائل سياسية واخرى للضغط على الثوار لانهاء ثورتهم واخراجهم من الشارع، فالشارع لهم، وهم اربابه واسياده ولن يقبلوا بأن تؤول هذه الورقة الى غيرهم.

باختصار يختم المرجع، ان سياسات ما قبل الثورة لم تعد تنفع بعدها، وتقاطع مصالح السلطة واحزابها عند مركزية اخماد الثورة سيحرقها، واي رهان على خلاف ذلك مصيره الفشل الحتمي.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o