السلطة تريد والشـعب يرفض المسـاعدات الدولية منعا لـ"نهبـها"
عون: الديموقراطية التوافقية تضمن الوحدة وتخرج لبنان من الازمة
بري حريص على التيار في الحكومة..وارقام مالية الدولة مقلقة جدا
المركزية- على ذمة الظاهر من النقاش حول الأزمة الحكومية، فإن اثنين الاستشارات سيسمي الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة، لكن اي حكومة؟ القوى السياسية جميعها في مأزق. فمن يريد الحريري في الرئاسة لا يريده "بتكنوقراطه"، ومن يرفض عودته، يؤيد التكنوقراط لكنه ينتقل الى صفوف المعارضة للمحاسبة، في حل يحفظ ماء الوجه البرتقالي، في ضوء معادلة "معا داخل الحكومة والا معاً خارجها".
ولا يقتصر التناقض على داخل البيت الحكومي، اذ ان السلطة السياسية التي لجأت الى المجتمع الدولي طلبا للدعم والمساعدة تعويضا عما اوصلت البلاد اليه بفعل "حنفية الهدر المفتوحة" منذ عقود، جابهها الثوار في لبنان وفرنسا في آن وتزامنا مع اجتماع مجموعة الدعم الدولي المنعقدة في باريس باعتصامين رفضا لدفع اي "قرش" للسلطة "لأن الطبقة السياسية ستنهبه" مؤكدين ان السلطة بعد 17 تشرين لم تعد تمثل اللبنانيين. ووجهوا من بيروت رسالتين الى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في هذا الصدد.
موقف التيار: حكومياً، وفي انتظار حسم التيار الوطني الحر موقفه من المشاركة في الحكومة او عدمها، والذي سيعلن مبدئيا غدا، كما ذكرت "المركزية" وسط اتجاه لاعلان الانضواء في المعارضة، تكثفت الاتصالات بين عين التينة والضاحية وميرنا الشالوحي. وافيد في السياق ان رئيس مجلس النواب نبيه بري حمّل عضو تكتل لبنان القوي النائب سليم عون رسالة لوزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل تؤكّد بأنه لن يرضى بغياب التيار الوطني الحر عن الحكومة". وليس بعيدا، ذكرت معلومات للـLBCI أن تكتل لبنان القوي يتجه الى حسم موقفه في الساعات القليلة المقبلة لناحية عدم المشاركة في حكومة يرأسها الرئيس سعد الحريري على أن تكون تسمية الوزراء ولاسيما المسيحيون منهم بالتشاور مع رئيس الجمهورية وذلك التزاما بالميثاقية. واشارت الى أن موعد الاستشارات النيابية الملزمة الاثنين نهائي.
للديموقراطية التوافقية: في الاثناء، اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان الديمقراطية التوافقية التي ارتضاها اللبنانيون في حياتهم السياسية، هي الضامن للوحدة الوطنية الكفيلة بإخراج لبنان من الظروف الصعبة التي يمر بها سياسياً واقتصادياً. واشار الى ان الاستشارات النيابية التي ستجرى يوم الاثنين المقبل، تشكل مدخلا لتأليف الحكومة الجديدة التي يفترض ان تعمل على تحقيق الاصلاحات الضرورية التي اقرتها الحكومة السابقة، والاستمرار في عملية مكافحة الفساد، ما يفرض تعاون جميع الاطراف مع هذه الحكومة كي تتمكن من انجاز المهمات المطلوبة منها. وطمأن الرئيس عون اللبنانيين الى أن لبنان سيخرج معافى من الوضع الراهن سياسيا واقتصاديا، داعيا جميع الاطراف الى ادراك الخطر الذي يتهدد لبنان حاليا. واكد رئيس الجمهورية ان لبنان يمر في مرحلة صعبة نتيجة التراكمات بفعل الديون التي رزح تحتها في ظل اقتصاد غير منتج. ورأى ان " الحراك الشعبي" يرفع مطالب سبق للرئيس عون ان طالب بها وعمل على تحقيقها من خلال اقتراحات قوانين قدمها الى مجلس النواب عندما كان رئيسا لـ " تكتل الاصلاح والتغيير"، لاسيما تلك التي تتناول مكافحة الفساد ورفع الحصانة ومنع التهريب الضريبي.
مجموعة الدعم: وسط هذه الاجواء، استضافت باريس اجتماعاً للمجموعة الدولية لدعم لبنان، شاركت فرنسا في رئاسته مع مكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة لشؤون لبنان. وفي نص البيان الختامي "غيــر النهـائي" لاجتماع المجموعة، أقر أعضاء المجموعة الدولية بأن لبنان يواجه أزمة تضعه على شفا انهيار فوضوي للاقتصاد، وزعزعة أكبر للاستقرار. ومن أجل وقف هذا التردي المالي والاقتصادي، واستعادة الثقة في الاقتصاد، وتناول التحديات الاجتماعية والاقتصادية على نحو مستدام، يرى الأعضاء أن ثمة حاجة ملحة لإقرار حزمة سياسات كبيرة موثوق بها وشاملة لتنفيذ إصلاحات اقتصادية تعيد للبنان استقراره المالي، وتتناول أوجه القصور الهيكلية طويلة الأمد في نموذج الاقتصاد اللبناني. وتحمل هذه الإجراءات أهمية كبرى لقدرتها على تقديم إجابات عن التطلعات التي أعرب عنها اللبنانيون منذ 17تشرين الأول. وبالنظر إلى أن لبنان هو اليوم من دون حكومة منذ استقالة سعد الحريري في 29 تشرين الأول، يرى أعضاء المجموعة أن الحفاظ على استقرار ووحدة وأمن وسيادة واستقلال وسلامة لبنان ووحدة أراضيه يتطلب التشكيل السريع لحكومة تملك القدرات والمصداقية اللازمة لتنفيذ حزمة الإصلاحات الاقتصادية الضرورية من أجل النأي بالبلاد عن التوترات والأزمات الإقليمية.
لقاء الاربعاء: في غضون ذلك، أعلن عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي بزي أن سيتم عقد جلسة نيابية لمناقشة موازنة 2020 قريباً. وعقب لقاء الاربعاء، نقل عن بري قوله ان اجتماع مجموعة الدعم الدولي في باريس اشارة قوية لاهتمام المجتمع الدولي بلبنان أكثر من نية عدد من اللبنانيين الآخرين. وتابع "الرئيس بري متخوف على مستقبل البلد في ظل أزمات تستوجب السرعة في حسم الملف الحكومي".وأضاف بزي "ركز الرئيس بري على أهمية توفير الأمن الصحي والاجتماعي والحياتي والاقتصادي للمواطن اللبناني الذي عانى ويعاني جراء اعتكاف الوزارات والادارات المعنية عن تحمل مسؤولياتها وتفادي الكارثة التي ألمّت بالمواطنين جراء السيول، آملاً ألا يتكرر المشهد مجدداً ونهائياً وبانتظار المحاسبة والمتابعة من قبل اللجان المسؤولة التي تتابع الأمر".
دعم بريطاني: وكان الرئيس عون استقبل المستشار الاعلى للدفاع لشؤون الشرق الاوسط في الحكومة البريطانية الجنرال السير جون لوريمر ونوّه امامه بالاجتماع الذي تعقده مجموعة الدعم الدولية اليوم في باريس، شاكرا للدول المشاركة الاهتمام الذي تبديه حيال لبنان. كما شكر رئيس الجمهورية الحكومة البريطانية على الدعم الذي تقدمه للجيش اللبناني سواء في عملية بناء ابراج المراقبة او في مجالات التدريب. ونقل لوريمر الى الرئيس عون اهتمام الحكومة البريطانية بالوضع في لبنان، وحرصها على عودة الاستقرار السياسي والاقتصادي اليه منوهاً بقيادة الرئيس عون في سبيل تحقيق ذلك. واكد ان بلاده ستواصل تقديم الدعم اللازم للجيش اللبناني لتمكينه من القيام بالمهمات الوطنية المطلوبة منه. كما اشار الى رغبة بريطانيا في تشكيل حكومة جديدة لاستكمال التعاون مع الحكومة البريطانية في المجالات كافة... من جانبه، شكر رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري لبريطانيا وقوفها الى جانب لبنان وذلك خلال إتصاله بوزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط أندرو موريسون، حيث بحث معه المصاعب الإقتصادية التي يجتازها لبنان والجهود المتاحة لمعالجة الأزمة.
خليل والموازنة: ماليا، أكد وزير المال في حكومة تتصريف الأعمال علي حسن خليل رفع مشروع قانون إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء لرفع قيمة الضمانة على الودائع من ٥ ملايين ليرة إلى ٧٥ مليون ليرة، معتبرا أن هذا يفيد كل المودعين وبالأخص أصحاب الودائع الصغيرة. وأشار الى أن رواتب القطاع العام سوف تدفع قبل ٢٥ ك١ كما كل عام. وقال: "الرواتب بشكل عام أولوية وأعتقد أنها ستبقى مؤمّنة، على الرغم من وجود صعوبات حقيقية في تمويل الدولة". وأضاف: "لدينا أرقام مقلقة جدا عن تراجع الإيرادات، وكنا نتوقع تأمين ٥٠٠٠ مليار ليرة خلال الاشهر الثلاثة الأخيرة لكننا تراجعنا إلى حدود الـ٤٠٪ ما سبب عجزا اكبر بكثير مما توقعنا في مشروع الموازنة وبالتالي كل ارقام موازنة ٢٠٢٠ ستتغير".
توقيف سلوم: على صعيد آخر، أوقفت النائب العام الإستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون رئيسة هيئة ادارة السير هدى سلوم، بناءً على الإخبار المقدم من المحامي وديع عقل في جرائم الرشوة والتزوير وهدر مال عام وإثراء غير مشروع وإخلال بموجبات وظيفية. وإحتجاجا على توقيف سلوم دخل موكل سلوم النائب هادي حبيش مع مجموعة من الشباب والمحامين الى قصر العدل في بعبدا وهاجم بعنف القاضية عون التي أمرت بالتوقيف، واصفا اياها بالـ"ميليشيا" وبـ"رمز الفساد" ومعتبرا أنها "تتعاطى "بشكل ميليشياوي مع المحامين والقضاة والمواطنين". وأكد ان الملف ليس قضائياً بل سياسي بامتياز. وقال "لن نسكت عن هذا الأمر بعد اليوم القاضية عون بدّا تشبّح بالسياسة عالناس"، مؤكدا انه "لا يحق للقاضية عون اخذ هذا القرار وهذا أمر عائد لوزارة الداخلية". الى ذلك يجتمع مجلس القضاء الاعلى في الخامسة عصرا للبحث في التطورات التي حصلت لاسيما ما حصل مع القاضية عون.
شعب قانون قضاء: وكان رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود أكد اليوم التزامه بأن تعتمد التشكيلات القضائية الجديدة معايير موضوعية أساسها المناقبية والكفاءة والانتاجية بعيدا من أي تدخلات. وأشار الى أن "حرية القاضي في اتخاذ قراراته يجب ان تبقى مصونة بمعزل عن أي تدخلات أو ضغوط حتى ولو كانت شعبية". وقال خلال حفل تخريج قضاة "القضاء ليس بأفضل أحواله، فثقة المواطن به مهزوزة، واستقلالية السلطة القضائية، موضوع مطالبات وتطلعات، وسرعة التقاضي غير مؤمنة في أحيان كثيرة، وطمأنينة القاضي، وآمانه مثار هواجس وتساؤلات، من هنا، فإن الجواب على هذه التحديات يكون: في ممارسة استقلالية نريدها حقيقية، وفي استعادة ثقة نودها ثابتة، وفي سرعة تقاض تنبذ تسرعا، وفي طمأنينة قاض الى يومه وغده، وهنا أود أن أذكركم بثلاثية أردتها جامعة معبرة هي: "شعب قانون وقضاء".
توضيح ايراني: من جهة ثانية، أكد المتحدث باسم قوات الحرس الثوري العميد رمضان شريف ان تصريحات العميد مرتضى قرباني جرى تحريفها واستنباطها بصورة خاطئة، كما شكر وزير الدفاع الياس بو صعب على موقفه ولا سيما لجهة قوله: "إذا صحت هذه المعلومات". وأفيد أيضا أن قرباني ليس مستشارا للحرس الثوري.
روحاني: اقليميا، وفي وقت اعلن وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو "اننا سنعلن عقوبات جديدة على ايران"، أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن إيران ستتغلب على العقوبات الأميركية إما بالالتفاف عليها أو من خلال المفاوضات، مضيفا أن بلاده لن تتجاوز "الخطوط الحمراء" في أي محادثات مع واشنطن. ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية عن روحاني قوله "الحكومة عازمة على هزيمة (العدو) إما بالالتفاف على عقوبات أميركا... أو من خلال وسائل عديدة منها المحادثات، لكننا لن نتجاوز خطوطنا الحمراء".