دولــــة "الانتــحار" وحـــرب الرئاســات" الــى ايــن؟
تضارب صارخ في الملف الحكومي ومصيــر بيان الاستشـــارات
المطارنة يحذرون من اعتداء سياسي على الحراك وحزب الله: سننتصر
المركزية- اخطأ داني ابو حيدر كما اخطأ قبله ناجي الفليطي وجورج زريق واباء كثر اقدموا على الانتحار وحرق انفسهم لضيق الحال وبؤس الحياة والعجز عن تأمين ابسط مقومات الصمود لعائلاتهم. اخطأ داني وناجي وجورج، وقد يخطئ كثيرون غيرهم ممن دفعتهم الدولة اللبنانية الى اليأس لدرجة وضع حد لحياتهم. نعم اخطأوا، لأن من يجب ان يحترق هي السلطة السياسية التي تتفرج على اباء ينهون مشوار العمر باكرا بسبب فساد من يتحكمون بهذه السلطة ويكدسون مليارات الليرات المسروقة من جيب ناجي، الذي لم يجد الف ليرة ليطعم ابنته، وعن مائدة داني الفارغة بعدما فقد عمله وتراكمت عليه الديون فعجز عن المقاومة واستسلم ، هو الذي التحق منذ اليوم الأول بالثورة ضد هذا الفساد، على امل تغيير لم يأت بعد 49 يوما فأغمض عينيه قبل ان يبصره.
اخطأ الاباء الثلاثة في وطن لا يسأل عن حال ابنائه، اخطأوا لان من يجب ان ينتحر هو كل مسؤول يعاين يوميا عذابات مواطنيه على درب جلجلة الوطن المنهوب عن عمد وسابق "نصب وتفقير"، حيث يصبح اللبنانيون مجرد ارقام في عدّاد المنتحرين بفعل انقطاع الارزاق ولقمة العيش، من دون ان يرف جفن لدولة متسلطة ولحكام باعوا ضمائرهم وتحولوا الى "عبدة " اصنام المال والصفقات والسمسرات على حساب الوطن والمواطن.
كم من اب بعد على لائحة الانتحار، وكم من قلب ام وزوجة وابن على لائحة الاحتراق، قبل ان تستفيق ضمائر المسؤولين، ان وُجدت، ويوقفوا مسلسل نحر الوطن بخناجر انانياتهم ومحاصصاتهم التي تشير كل المعطيات الى استمرارها متسيّدة الملف الحكومي وليس ادلّ الى هذا الواقع من الحرب الشعواء التي اندلعت اليوم بين رئاسة الجمهورية ووزير شؤونها سليم جريصاتي من جهة ورؤساء الحكومات السابقين؟
الايجابية لم تصمد؟: فالنسمات الايجابية التي لفحت مساء امس ملف التكليف والتأليف، لم تصمد الى أبعد من ساعات الصباح الاولى. اذ أفيد اليوم ان لا مؤشرات لامكان صدور بيان بتحديد موعد الاستشارات النيابية وان عناصر ترشيح سمير الخطيب لم تكتمل. وفي المعلومات، ان وزير المال في حكومة تصريف الاعمال علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل، لم يحصلا من الرئيس سعد الحريري، خلال لقائهما السريع به امس على اجوبة مكتملة على 3 اسئلة: ان كان سيسمي الخطيب، وهل سيشارك في حكومة يؤلفها الخطيب، وهل ستعطيها كتلة المستقبل الثقة؟ وأكدت مصادر وزارية مطلعة ان الامر ينتظر بيانا واضحا وصريحا من الحريري باعلان ترشيح سمير الخطيب . وفي هذا الاطار، تحدثت معطيات صحافية عن لقاء جمع عند الرابعة الحريري بالخطيب في بيت الوسط سيصدر عنه بيان، يكون حاسما في مسألة تكليف الخطيب. الا ان مصادر مطلعة قالت ان الامور تجنح نحو السلبية.
الرؤساء السابقون: في غضون ذلك، بدا ان الجو السني غير راض عن الطريقة التي تم فيها التعاطي مع التكليف والتأليف، وقد رأى فيها انتهاكا واضحا للدستور. وجاء بيان رؤساء الحكومات السابقين اليوم ليعكس بوضوح ساطع هذه الحقيقة، اذ أطلقوا مواقف من العيار الثقيل ضد "الخرق الخطير لاتفاق الطائف والدستور نصاً وروحاً"، معتبرين ان "الاعتداء غير المسبوق، لا قبل الطائف ولا بعده، على موقع رئاسة الحكومة يشكل جريمة خطيرة بحق وحدة الشعب اللبناني وبحق أحكام الدستور". وقد "هالهم الاعتداء السافر على صلاحيات النواب بتسمية الرئيس المكلف من خلال الاستشارات النيابية الملزمة لرئيس الجمهورية بإجرائها وبنتائجها، ومن ثم الاعتداء على صلاحيات رئيس الحكومة عندما يتمّ تكليفه تشكيل الحكومة بعد إجراء الاستشارات اللازمة، وذلك من خلال استباق هذه الاستشارات وابتداع ما يسمى رئيساً محتملاً للحكومة، وهو ما قام به فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والوزير جبران باسيل كما أعلنه الوزير باسيل بذاته"... الا انهم لم يكتفوا بكلامهم الناري هذا، بل صوّبوا ايضا، ولو في طريقة غير مباشرة، على الخطيب، قائلين "أي مرشحٍ لرئاسة الحكومة يوافق على الخوض في استشارات حول شكل الحكومة وأعضائها قبل تكليفه ويقبل بالخضوع لاختبارٍ من قبل لجنة فاحصة غير مؤهلةٍ ولا مخوّلةٍ دستورياً، إنما يساهم أيضاً في خرق الدستور، وفي إضعاف وضرب موقع رئيس مجلس الوزراء".
..رد رئاسي: واستدعى بيان الرؤساء نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، ردا من رئاسة الجمهورية، جاء فيه "أولا، لو ادرك الرؤساء السابقون ما كان سيترتب على الاسراع في اجراء الاستشارات النيابية الملزمة من انعكاسات سلبية على الوضع العام في البلاد وعلى الوحدة الوطنية والشرعية الميثاقية، لما اصدروا هذا البيان وما تضمنه من مغالطات ولكانوا ادركوا صوابية القرار الذي اتخذه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في سبيل المحافظة على الاسس الوطنية والميثاقية التي قام عليها لبنان. ثانيا: ان التشاور الذي اجراه رئيس الجمهورية لا يشكل خرقا للدستور ولا انتهاكا لاتفاق الطائف، لا بنصه ولا بروحه، لاسيما وان الدستور المنبثق عن هذا الاتفاق لا يحدد مهلة زمنية لاجراء الاستشارات النيابية الملزمة كما لا يحدد مهلة للرئيس المكلف حتى ينجز تشكيل الحكومة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية. وبالتالي، فان لا اعتداء من قبل الرئيس على صلاحيات اي كان .ثالثا: ان رئيس الجمهورية، هدف من خلال الافساح في المجال امام المشاورات بين الكتل النيابية، الى تأمين تأييد واسع للرئيس المكلف ما يسهل عليه تشكيل الحكومة وذلك في ضوء التجارب المؤلمة التي حصلت في ايام اصحاب الدولة الذين اصدروا البيان اليوم. علما ان مسألة التشاور الذي يسبق تأليف اي حكومة جديدة كانت طبيعية وتجري دائما في ظروف عادية، فكيف وان البلاد تمر في ظروف استثنائية تحتاج الى خطوات استثنائية تحمي وحدتها ومقتضيات الوفاق الوطني ومضمون مقدمة الدستور الذي يحرص رئيس الجمهورية في كل ما يقوم به من خطوات على احترامها والتقيد بها".
رد الرؤساء: البيان الرئاسي استتبع برد من رؤساء الحكومات حيث عبّروا عن استهجانهم، ، لـ"صدور بيان عن رئاسة الجمهورية، لاسيما وان هناك اتصالات جارية لتحديد شكل ومكونات الحكومة العتيدة، تتضمن إجراء امتحانات، بعضها استعراضي، وبعضها الآخر يجري في غرف مظلمة، يقوم بها من هو غير مخول دستوريا لذلك، من أجل اختيار رئيس الحكومة المكلف وقبل إجراء الاستشارات النيابية الملزمة. وهذا يعني مخالفة صريحة للدستور وللأعراف الميثاقية في لبنان. ودعوا الى تقدير الظروف الدقيقة ووقف السجالات والعمل الجدي والمنتج لانقاذ لبنان.
...وجريصاتي: من جهته، وجه وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية الوزير سليم جريصاتي الى "ما يسمى نادي رؤساء الحكومات السابقين" ، البيان الاتي: "علم وخبر ناديكم مفقود وهو نادٍ مشبوه يتوسّل الغرائز والشعبويّة، ولا نجد له مثيلاً في نظامنا السياسي، والحمد على ذلك. أما اتهامكم الرئيس بخرق الدستور فهو باطل ومردود شكلاً لانتفاء صفتكم بل لتعارضها مع الميثاق الذي يُضرب منكم. أما شعب لبنان فمنكم براء وقد أصبحتم بغربة عنه، وهو يبحث عن خلاصه في هذه الأزمنة الصعبة التي ورثناها منكم. لن يأتي الرئيس خطوة تصبّ بأيّ شكل من الأشكال في خانة الفتنة أو التبعثر الوطني أو تجاوز الاختصاصات الدستوريّة، سواء تلك المقيّدة أو غير المقيّدة بمهل، حتى إن أتى خطوة التزم قسمه الذي أدّاه وحيداً أمام الشعب والله. كفانا شرّكم «المفتوح على المستجدات» التي لن تكون يوماً، من طرف الرئيس إلا لمصلحة الميثاق والدستور، في حين أنّ مستجداتكم نحيب في غير محلّه واجترار لمقولات لا تليق بمن تولّى يوماً رئاسة السلطة الإجرائيّة في لبنان، وتحريض فتنوي وطوائفي لا يمارسه أحد سواكم."
خليل يوضح: من جانبه، أكد الوزير علي حسن خليل في دردشة مع الإعلاميين في عين التينة على هامش لقاء الأربعاء أن اجتماع الامس في بيت الوسط "دام عشر دقائق وسمعنا فيه من الحريري انه يتبنى ويشارك في حكومة سمير الخطيب. وقال خليل "أغلب الظن انها ستكون من 24 وزيراً ويعود لكل طرف ان يسمي ممثلاً سياسياً ام لا والأمور ليست جامدة". وأضاف "بيان رؤساء الحكومات السابقين ليس بالسوء الذي كان عليه بيانهم السابق فهو لم يشر كما المرة السابقة الى التمسك بترشيح الحريري".
لقاء الاربعاء: وكان عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب علي بزي نقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري تشديده على "الاستثمار في تدعيم الشراكة الوطنية لمواجهة التحديات التي يكتوي بنارها الشعب اللبناني". ولفت بزي بعد لقاء الاربعاء الى ان "بري قارب الملف الحكومي امام النواب واكد ان الأمور كانت بمنتهى الايجابية حتى ليل امس خاصة وان الجميع أظهر رغبة في تقديم التنازلات لحلحلة الأزمة لكن المشكلة تقع في الوقت الذي ضاع".
المطارنة الموارنة: في المواقف ايضا، اعتبر المطارنة الموارنة أن المطلوب حكومة انقاذ قادرة على ابعاد لبنان عن الهوة الخطرة التي تهدده ووضع حد للفساد واطلاق آلية قانونية واضحة لاسترداد المال المنهوب. وحذر المطارنة من "تعمد جهات سياسية الاعتداء على الحراك الشعبي، من خلال اللجوء إلى العنف أو التسلل إلى صفوفه لضربه، وعبر اعتماد بعض الصحافة ووسائل الاعلام لتسفيه وجوده ومطالبه"، كما حذروا بعد اجتماعهم الشهري من "إصرار بعض السياسيين على تمرير اقتراح قانون للعفو من دون العبور برقابة اللجان النيابية المختصة، خوفا من أخطار لا يمكن أن يتحملها لبنان لما في الأمر من أغراض سياسية زبائنية بحتة". وناشد المطارنة "الأشقاء وأصدقاء لبنان في العالم، الأخذ في الاعتبار خطورة أوضاعه، ولا سيما المالية والاقتصادية، فلا يربطون الحلول الناجعة لها بما يجري في الشرق الأوسط، ولا بحسابات تؤذي لبنان واللبنانيين في مكامن قاتلة من حياتهم اليومية والوطنية. ويدعونهم إلى مبادرة إنقاذية تأتي بحجم الكارثة المحدقة به وبأهله. فلطالما كان لبنان وفيا لالتزاماته الإنسانية في أزمنة استقراره ورخائه".
حرب ناعمة: في الموازاة، رأى رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، في لقاء سياسي نظمه قطاع جبشيت في "حزب الله"، "أن الوضع الإقتصادي مرير الآن، وإن طالت الأزمة فمن الممكن أن نرى بعض المظاهر التي تحتاج منا إلى تضافر الجهود وإلى وعي وتعاون كبيرين من الذين ما زالوا يربحون في أن يخففوا أرباحهم ومن الذين لا مورد لهم لتأمين لقمة العيش الكريم. نريد أن نتعاطى على قاعدة أننا كلنا جسد واحد، فيجب أن نتعاون ونبلسم الجراح، وإن شاء الله لا تطول هذه المسألة". وقال: "قدرنا أن نتابع هذا الثبات والصمود، وأقول لكم ما نحن بصدد مواجهته من هذا الوجه من الحرب الناعمة يوازي حرب تموز 2006. لاحظوا كم هي المسألة كبيرة بأبعادها وأهدافها ونتائجها، لكن كما انتصرنا في تموز سننتصر الآن في هذه الحرب".
ترامب: اقليميا، اعلن الرئيس الاميركي دونالد ترامب من لندن حيث يشارك في قمة دول "الناتو" انه سيناقش مع المستشارة الالمانية انغيلا ميركل العقوبات على ايران. وقال ان "تركيا قامت بعمل جيد على الحدود شمال سوريا ووقف اطلاق النار ما زال مستمرا".