Nov 19, 2019 5:58 AM
صحف

هل عاد الملف الحكومي الى المربّع الأول؟

كرّست تطورات الساعات القليلة الماضية انقسام السلطة فريقين: الأول يمثله رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري الرافض العودة الى السراي (مقر رئاسة الحكومة) إلا على رأس حكومة تكنوقراط صرف، والثاني يجمع "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" وحركة "أمل" ويطالب بحكومة "تكنو-سياسية".

وعلى وقع البيانات والبيانات المضادة،أفيد عن اجتماع ضم مساء أمس الأول، أركان فريق "8 آذار"، انتهى الى اقرار بأن "الازمة ستكون مفتوحة حيث إنه لا حلول مطروحة للمأزق الحكومي حتى الساعة بعد انسحاب أو سحب اسم الوزير السابق محمد الصفدي الذي طُرح لترؤس الحكومة".

وأضافت المصادر لـ"الجريدة" الكويتية أن "مرابطة كل طرف على موقفه، ستبقي المراوحة السلبية سيّدة مسار التأليف حتى يقرر احد الجانبين، التنازل للآخر، أو السير من دونه. فقبل أن يقتنع الثنائي الشيعي والتيار الوطني بالبقاء خارج الحكومة، لن يقبل الحريري بترؤسها، كما أن هؤلاء لن يرضوا بتسميته إلا إذا أمّن لهم حضورا سياسيا في التركيبة".

وإذ تشي هذه المعطيات بفترة تصريف أعمال طويلة الأمد، قالت المصادر إن "كسر الستاتيكو هذا قد يكون ممكنا أيضا، إذا قررت قوى 8 آذار السير بحكومة من لون واحد، والتخلي نهائيا عن تمسكها بالحريري".

 واضافت: "سرت اليوم (الاثنين) معلومات عن دعوة قد يوجهها رئيس الجمهورية ميشال عون الى الاستشارات النيابية هذا الأسبوع، ما قد يؤشر الى أن هذا الطرف قرر المواجهة". إلا أن مصادر مقربة من بيت الوسط قالت إن هكذا "خيار ليس بالسهل وقد يكون الغرض منه ممارسة الضغوط على الحريري للقبول بشروط التيار الوطني الحر والثنائي الشيعي".

في الاطار عينه، رأت "اللواء" ان الأزمة راوحت مكانها امس، بعد بيانات الرئيس سعد الحريري والوزير الاسبق محمد الصفدي والتيار الوطني الحر ، حيث القى كل طرف المسؤولية على الاخر في تعطيل التكليف وبالتالي تأليف الحكومة، وتضاربت المعلومات والتسريبات حول ما يمكن ان يحصل خلال اليومين المقبلين، حيث اشارت معلومات الى احتمال ان يدعو رئيس الجمهورية ميشال عون الى استشارات نيابية خلال يومين، واحتمال أن يصار إلى تسمية الحريري. فيما افادت معلومات اخرى ان المشاورات الحكومية ستستمر ولقاءات مهمة ستشهدها الساعات المقبلة. لكن لم تتوافر بعد اي مقترحات مقبولة للخروج من المأزق الحكومي، والمشاورات التي يجريها الرئيس عون لم تتوصل الى نتيجة ولا الى تحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة، في ظل استمرار الخلاف حول شكل الحكومة تكنوقراط ام مختلطة.

في غضون ذلك نُقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري انه اقترح تشكيل حكومة تكنوسياسية من 20 وزيرا، 6 منهم وزراء دولة يمثلون الاتجاهات السياسية و14 منهم تكنوقراط. لكن مصادر عين التينة قالت ان الاقتراح قديم واعاد بري طرحه امام عدد من زواره امس.

ورأت مصادر مواكبة للملف الحكومي لصحيفة اللواء انه مما لاشك فيه ان انسحاب الوزير السابق محمد الصفدي من لأئحة المرشحين لرئاسة الحكومة اعاد خلط الاوراق من جديد واسم الرئيس الحريري لا يزال مطروحا وغير مستبعد ولكن المشكلة تكمن في كيفية احياء التواصل بين الحريري والتيار الوطني الحر خصوصا بعد حملة البيانات المتضاربة التي حصلت امس وحملة تلفزيون ال او تي في من خلال مقدمة الاخبار .

ولفتت المصادر الى ان هناك اعادة قراءة وإعادة تقييم لا بد من ان يحصلا خلال اليوم وغدا لمعرفة المسار الذي يسلكه التكليف والتشكيل بطبيعة الحال. وفيما لم يصدر اي شيء من القصر الجمهوري فإن المعلومات اشارت الى ان الرئيس عون تابع ورصد ردود الفعل المختلفة ويتحضر لبداية الاسبوع المقبل لتكثيف المشاورات لمعرفة الاتجاه الذي تسلكه عملية تأليف الحكومة انطلاقا من التكليف مع ارتسام صورة مسبقة عن التأليف وما من امور محددة انما سيكون هناك تقييم لما سجل في الاسبوع الذي انصرم وستبقى المشاورات قائمة لأن هناك وضوحا اكثر بعدما اتضحت مواقف الاطراف ولا بد من معرفة الاتجاه الذي يسلكه الموضوع من خلال  الاتصالات التي تحصل.

وأفادت مصادر سياسية مطلعة لصحيفة اللواء ان مرحلة التشاور في الموضوع الحكومي متواصلة انما الدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة قيد الدرس وليس المقصود قيام اي تأخير للتأخير كما بات معلوما بل لأن المرحلة دقيقة والمطلوب تسهيل مهمة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة.

وقالت المصادر انه تم الانتقال اليوم الى مرحلة تستدعي تكثيفا للاتصالات بعد اعتذار الوزير السابق محمد الصفدي وتحدثت هنا عن ان التطورات التي سجلت في الساعات الاربع والعشرين الماضية شهدت خللا في التحضير للتكليف والتأليف ومن هنا قرر رئيس الجمهورية مواصلة مشاوراته مع العلم انها بقيت قائمة صباحا ومساء ولوحظ امس غياب اي نشاط رسمي لرئيس الجمهورية . ولم تشر هذه المصادر الى اي تواصل بين بعبدا وبيت الوسط .

من جهة أخرى، قالت مصادر معينة بالمفاوضات مع رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري لصحيفة "الجمهورية": "خلاصة الصورة حالياً هي مراوحة شديدة السلبية ضمن مأزق سياسي ـ حكومي شديد التعقيد، وتسببت بها لعبة عض الاصابع، خصوصاً بين الحريري وفريق رئيس الجمهورية".

وفَصّلت المصادر صورة المأزق قائلة انّ 3 خيارات كانت ماثلة على خط التكليف:

- الخيار الاول: إعادة تكليف الحريري، وتشكيل حكومة "تكنوسياسية"، الّا انّ هذا الخيار سقط ووصل الى حائط مسدود، نتيجة رفض الحريري وإصراره على تشكيل حكومة لا سياسية يحصر التمثيل فيها على اختصاصيين.

- الخيار الثاني: تكليف شخصية غير الحريري تشكيل حكومة "تكنوسياسية" تحظى بقبوله ويوفّر لها التغطية السياسية والسنية، وقد فشل هذا الخيار ايضاً عبر سلسلة الاسماء التي تم طرحها، وكلها لم تكن جدية، وآخرها اسم الصفدي. وكما هو واضح، سقط خيار الشخصية البديلة ايضاً.

وتجدر الاشارة هنا، الى انّ خيار الصفدي - والكلام للمصادر - كان ما أحاط بطرح اسمه، أشبَه بـ"مسرحية هزلية"، بمشاهد إيجابية عَكَسَ انّ الحظ ابتسم لساعات قليلة للصفدي، ووضعه على مسافة خطوات من رئاسة الحكومة، الّا انّ سفينة الحظ هذه اصطدمت في نهاية المسرحية، بلعبة معقدة أشعلت الشارع، وأرجعت العلاقة بين التيارين الازرق والبرتقالي الى الماضي الخلافي الحاد بينهما، وجرفَ «التياران» اسم الصفدي وأخرجاه بعيداً من نادي المرشحين لتوَلّي المنصب الثالث في الدولة، مُحلّاً بديلاً منه شكوكاً في إمكان ملء الفراغ في قمة الرئاسة الثالثة في المدى المنظور.

علماً، تضيف المصادر، انّ الحريري أوصى في اللقاء الاخير مع المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب الوزير علي حسن خليل والمعاون السياسي للامين العام لـ"حزب الله" الحاج حسين خليل، بأنه مصرّ على الصفدي، وأنه شخصياً لم يعد في وارد العودة الى رئاسة الحكومة.

وفي الحديث معهما، وافقَ على ان تشكّل حكومة تكنوسياسية وأن يشارك تيار «المستقبل» فيها، وأن يؤمّن لها التغطية السنية، وتحديداً من دار الفتوى، وصولاً الى حد القول بالاستعداد لأن يتم الاعلان عن هذا الاتفاق من «بيت الوسط»، واستتبع النقاش مع «الخليلين» وشَمل نوع الحكومة وحجمها، وكذلك الحديث في الوزارات والحقائب، وقانون الانتخابات النيابية والصلاحيات، والبيان الوزاري للحكومة المقبلة، بحيث تمّ الوصول الى تفاهم حول 5 نقاط ، إلّا انّ كل ذلك نُسف فوراً، وجفّ حبر التفاهم بعد خروج «الخليلين» من «بيت الوسط»، وقبل أن يبلغا الى بري والسيد حسن نصرالله ما تم التفاهم عليه.

وفي الخلاصة، طار خيار الصفدي، من دون ان يعرف لماذا وكيف ومن أوحى بذلك؟

- الخيار الثالث، وبعد احتراق الخيارين الاول والثاني، يبقى خيار تشكيل حكومة من لون واحد. الّا انّ هذا الخيار لا يبدو متاحاً، لسببين رئيسين:

- الاول: عدم رغبة جميع الاطراف بالذهاب الى حكومة مواجهة، إذ انّ حكومة اللون الواحد تعتبر الوصفة الملائمة لدخول البلد في مواجهة على كل المستويات، قد لا يكون في مقدور أحد ان يمنع تمدّد شراراتها في كل الاتجاهات.

- الثاني: لا توجد أكثرية نيابية لتكليف شخصية تشكّل مثل هذه الحكومة، فهناك اكثرية مانعة لتشكيل حكومة لون واحد، أو بالأحرى حكومة مواجهة، يتصدرها بري الذي يصرّ على عودة الحريري بالاضافة الى مجموعة كتل نيابية: تيار «المستقبل»، القوات اللبنانية، الحزب التقدمي الاشتراكي، حزب الكتائب، كتلة الرئيس نجيب ميقاتي ومجموعة نواب آخرين، تضاف الى كتلة «التحرير والتنمية» التي يرأسها بري، ويشكل هؤلاء ما يزيد عن السبعين نائباً.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o