Nov 06, 2019 7:06 AM
صحف

لهذه الأسباب اتُخذ القرار الحاسم بفتح الطرق

 في اليوم الـ 20 لانتفاضة الغضب الشعبية، فتحت الطرق بشكل حاسم بقرار نفّذه الجيش اللبناني، بمؤازرة عدد من ‏الأجهزة الأمنية، منها الأمن العام (مع بعض الاستثناءات البسيطة). البعض اعتبر القرار إساءة الى "ثورة" الناس ‏واستعمالاً للعنف ضد المتظاهرين المسالمين وانقلاباً عليهم في محاولة من السلطة لاستعادة زمام المبادرة. ومنهم من ‏رأى أن الأمر يحمي "الثورة" التي دخلت في دهاليز بعض المشاغبين الذين استغلوا الوضع وعمدوا الى اقفال الطرق ‏والاعتداء على الآمنين، وفرض الخوات، وتعطيل الاشغال، والحؤول دون وصول المواطنين الى مراكز عملهم ‏ودراستهم‎.‎
‎ ‎واتخذ الجيش خطوات حاسمة أمس، بحيث لم تكتف القوى الأمنية بفتح الطرق، بل عملت على ازالة الخيم ومراكز ‏التجمعات على جانبي الطرق، والعمل على تكسير بعضها‎.‎‎ ‎
وشرح مصدر وزاري لـ"النهار" أن القرار اتخذ بعد مجموعة من الصدامات حصلت نهار الاثنين، وأدت الى وقوع ‏إصابات بين المواطنين. "وحتى المؤيدون للحراك رفضوا الاستمرار في إقفال الطرق، ومنعهم من بلوغ مراكز ‏أعمالهم، لأن الوضع الاقتصادي لم يعد يحتمل، وتأخر الأعمال اضطر عدداً كبيراً من الشركات الى دفع نصف راتب ‏ما ولّد نقمة عارمة‎".‎‎ ‎
وأضاف: "اتخذ الجيش قرار عدم التصادم مع ناسه منذ اليوم الأول للحراك. وقوبل بتهم وشكوك في أدائه. لكن الجيش ‏الذي تعامل برفق وروية، أدرك جيداً الخطر الذي صار محدقاً بالحراك، وتخوّف من الصدامات والاشتباكات التي ‏يمكن أن تجر الى ما لا تحمد عقباه، ما أشاع أجواء حرب أهلية لن يقبل الجيش أن تستعاد‎".‎
وعن عملية إزالة الخيم وتكسير بعضها قال المصدر الوزاري لـ"النهار" إن التفاوض مع المحتجين منذ أيام قضى بفتح ‏الطرق والاستمرار في الاعتصامات على جنبات الطرق، لكن خيم الاعتصام تحولت مراكز تجمعات للانقضاض ليلاً ‏على الطرق وحرق الاطارات والعمل على تعطيل حركة السير، ما أوجب ازالتها نتيجة عدم التزام أهل الحراك الاتفاق ‏معهم‎".‎
‎ ‎وكان أكيداً أن إقفال الطرق إضافة الى التسبب بشلل الحركة الاقتصادية، والتربوية، والمالية، منع الوزراء والنواب ‏وكل المسؤولين من القيام بالأعمال الضرورية لتسيير مرافق الدولة، وأوجد لديهم حالة غير مسبوقة‎.‎‎ ‎
فقد كان متوقعاً منذ أيام ألّا يجرؤ النواب على التوجه الى ساحة النجمة أمس الثلثاء للمشاركة في جلسة انتخابية ‏لاستكمال هيئة مكتب المجلس، لذا أرجأ الرئيس نبيه بري الموعد الى 12 تشرين الثاني الجاري مؤكداً أنه "مع الحراك ‏المدني ومع مطالبه ولكنني ضد قطع الطرق…". حتى مراسم جنازة الوزير السابق ميشال اده لم تُقَم في كاتدرائية مار ‏جرجس المارونية في وسط بيروت، وهي التي أعاد إعمارها مع آخرين بعد الحرب، وشيّد لها برجها الجديد، لأن ‏الرسميين تجنبوا المرور في ساحتي رياض الصلح والشهداء، أو بالأحرى لم يجرؤوا على ذلك خوفاً من المشاركين في ‏الاعتصامات، والاستشارات النيابية المنتظرة والمتأخرة، رفعت ذريعة الطرق غير الآمنة لوصول النواب الى قصر ‏بعبدا‎.‎‎ ‎
هكذا تجمعت الذرائع للقرار الحاسم، وفي معلومات "النهار" أن المعطيات التي دفعت الى القرار كثيرة أبرزها الآتي‎:‎‎
-أولاً: واقع التصادم بين الناس والذي نقلته "النهار" عن مصدر وزاري، وقد توالت التحذيرات من التصادم الدموي ‏في غير منطقة‎.‎
‎‎- ‎ثانياً: الضغط الذي مورس على قيادة الجيش وقد أدى اللقاء الأخير بين الرئيس ميشال عون وقائد الجيش جوزف ‏عون الى تقريب وجهات النظر والاتفاق على خطوات تحظى برضى معظم الأطراف السياسيين لعدم تعريض ‏المؤسسة العسكرية للامتحان‎.‎‎ ‎
-ثالثاً: توافر غطاء سياسي للخطوة من كل طرف على حدة خوفاً من استغلال الحراك لتحقيق مآرب أخرى، خصوصاً ‏مع تقارير عن تحرك جهات ارهابية في لبنان وأخرى قادمة من سوريا. هذه التقارير لم يتم التحقيق من صحتها، وما ‏اذا كانت للاستغلال السياسي أو لقمع الحراك‎.‎‎ ‎
‎-رابعاً: رسالة تحذير من "حزب الله" الى الجهات المعنية من أن الاستمرار في اقفال طريق الجنوب في الناعمة ‏وخلدة وغيرها، كما طريق الشفروليه عند مداخل الضاحية، سيدفع الحزب الى اتخاذ الاجراءات الكفيلة بفتحها. وهذا ‏التحذير الذي تكرر قبل أيام، أخذ على محمل الجد، ولا مصلحة للسلطة في السماح به، لأنه سيضرب هيبة الدولة أو ما ‏تبقى منها‎.‎
‎ ‎خامساً: نقل عن رئيس الجمهورية ابلاغه المسؤولين الأمنيين الذين التقاهم وخصوصاً قائد الجيش والمدير العام للأمن ‏العام انه لن يدعو الى استشارات تحت ضغط اقفال الشوارع والطرق‎.‎
‎ ‎سادساً: اطمئنان القوى السياسية الى عدم وجود نية لدى المجتمع لقلب النظام بل اصلاحه، أي استمراره وفق قواعد ‏عمل جديدة، وهو ما عبر عنه أكثر من مسؤول دولي وآخرهم المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش ‏الذي التقى أمس الوزير جبران باسيل وفي البيان الصادر عن الاجتماع أن "الجانبين اتفقا على وجوب المحافظة على ‏الاستقرار والعمل ضمن المؤسسات والدستور لإحداث التغييرات الاصلاحية اللازمة بالاستماع الى صوت الناس ‏وتلبية مطالبهم من دون المس بالانتظام العام‎".‎

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o