Nov 02, 2019 4:04 PM
اقتصاد

"ستاندرد أند بورز" تضع تصنيف لبنان قيد المراقبة
فتـرة ثلاثــة أشهــر لتخفيـض محتمـــل

المركزية- قامت وكالة التصنيف الدولية "ستاندرد أند بورز" (S&P GLOBAL RATINGS) بتاريخ 25 تشرين الأول 2019 بوضع التصنيف السيادي للبنان قيد المراقبة لتخفيض محتمل، مخفضة تقييم تحويل المال والعملة (Transfer & Convertibility Assessment) للبلاد من B+ الى B-.

وبحسب التقرير الاقتصادي الأسبوعي لبنك الاعتماد اللبناني، جاء هذا القرار "نتيجة الانتفاضة الشعبية التي شهدها لبنان مؤخراً، كما ويعكس تفاقم الضغوط المالية والنقدية التي قد تنجم عن تباطؤ وتيرة تدفق الرساميل بالعملة الاجنبية الى البلاد".

وفي التفاصيل: اعتبرت الوكالة ان ثقة المودعين قد تتأثر سلبا بالضبابية السائدة حالياً، ما قد ينعكس بدوره على الاحتياطات بالعملة الاجنبية لدى مصرف لبنان. الا انه من المرجح ان تبقى هذه الاحتياطات كافية لتلبية الحاجات التمويلية للدولة اللبنانية على المدى المنظور (بما فيها استحقاق سندات يوروبوند بقيمة 1,5 مليار د.أ وقسائم بقيمة مليار د.أ. خلال شهر تشرين الثاني) وعجز الحساب الجاري (والمتوقع ان يصل الى 13 مليار د.أ مع نهاية العام 2019)، دائماً بحسب التقرير.

يجدر الذكر ان "ستاندرد اند بورز" كانت قد ارتقبت ان تصل قيمة الاحتياطات بالعملة الاجنبية القابلة للاستخدام لدى مصرف لبنان الى حوالي الـ 19 مليار د.أ. كما في نهاية العام الجاري. كذلك لفتت الوكالة الى الزيادة بقيمة 2,3 مليار د.أ. في الاحتياطات الرسمية بالعملة الاجنبية لدى البنك المركزي خلال شهريّ تموز وآب، ونسبت هذه الزيادة الى الهندسات المالية التي أطلقها مصرف لبنان مؤخراً. غير ان الوكالة قد شككت في قدرة الهندسات المالية المقبلة على التعويض عن حركة خروج الودائع، والبالغ حجمها 2,1 مليار د,أ. خلال الاشهر الثمانية الاولى من العام 2019، كما باستدامة هذه الهندسات نظراً إلى كلفتها المتزايدة.

في سياق متصل، ذكر التقرير الشح في الدولار الاميركي في السوق المحلية، والذي ادى الى تظاهرات عدة، ما حث البنك المركزي على الاعلان بأنه يضمن ان يكون عرض الدولار كافياً لتلبية حاجات مستوردي المشتقات النفطية والادوية والقمح من خلال المصارف التجاري. تجدر الاشارة، في هذا الاطار، الى ان معدل دولرة الودائع لدى المصارف قد ناهز المستوى الاعلى له تاريخيا الذي تم تسجيله في العام 2007، والبالغ حينها 73%.

 من منظار آخر، لفت التقرير الى بروز تحدٍّ جديد للسلطات اللبنانية بعيد الثورة الشعبية الاخيرة، إذ بات من الاصعب التوفيق بين تبني الاصلاحات التي ترمي الى تقليص عجز الموازنة والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي. وبالفعل، حثت التظاهرات والتحركات المطلبية رئيس مجلس الوزراء على اعلان رزمة جديدة من السياسات التي تهدف الى تخفيض عجز الموازنة اللبنانية الى 0,63% من الناتج المحلي الاجمالي خلال العام 2020 عبر سلسلة من التدابير منها: تخفيض رواتب الوزراء والنواب الحاليين والسابقين، وتقليص كلفة خدمة الدين بـ 50% من قبل مصرف لبنان، وفرض ضريبة بنسبة 2% على مداخيل المصارف لمرة واحدة فقط. كذلك تضمنت الرزمة بنوداً تلغي جميع التعديلات الضريبية التي تم اقرارها حديثاً وتدابير هيكلية عديدة مثل تسريع عملية الموافقة على محطات جديدة لتوليد الطاقة، واطلاق تشريعات جديدة لمكافحة الفساد، وخصخصة بعض مؤسسات القطاع العام. ووفقاً للتقرير، فإن تطبيق هذه الرزمة من شأنه ان يحفز تدفق الرساميل الوافدة الى البلاد ويؤدي الى تحرير الاموال التي تعهد بها المجتمع الدولي للبنان خلال مؤتمر "سيدر".

في سياق مماثل، ذكرت الوكالة ان على رغم تزايد المخاطر، استطاعت الدولة اللبنانية دوماً الالتزام بكل مستحقاتها مهما اشتدت الصعاب. مستقبلياً، توقعت الوكالة ان يبلغ متوسط عجز الموازنة اللبنانية حوالي 9,5% من الناتج المحلي الاجمالي خلال الفترة الممتدة بين العامين 2019 و 2022، وان ترتفع نسبة الدين العام الاجمالي من الناتج المحلي الاجمالي الى 157% مع نهاية العام 2022، مقارنة بـ 140% في العام 2018 و 130% في العام 2019 (رابع اعلى نسبة بين الدولة التي تصنّفها الوكالة).

من جهة أخرى، أعلنت الوكالة انها قد تخفض التصنيف السيادي للبنان في حال فشلت الحكومة في التخفيف من تنامي الضغوطات الاقتصادية والاجتماعية بشكل يعيد ثقة المودعين، خصوصاً اذا ما اقترن ذلك بضعف في ربط الليرة اللبنانية بالدولار الاميركي، ما قد يهدّد قدرة الدولة على تلبية استحقاقاتها وحاجاتها التمويلية الخارجية.

في المقلب الثاني، كشفت الوكالة انها قد تحافظ على التصنيف السيادي للبنان اذا ما نجحت الحكومة في تسريع عجلة النمو الاقتصادي وضبط الدين العام، وذلك عبر التنفيذ الفعلي للإصلاحات اللازمة. كذلك ذكرت الوكالة ان أي تحسين للتصنيف السيادي للبنان يبقى مشروطاً بالاستحصال على الاموال المتعهَّد بها في مؤتمر "سيدر" بشكل يحدّ من تفاقم الضغوطات المالية ويقوّي مستويات الثقة بالعملة المحلية. في كلتا الحالتين، حددت الوكالة فترة مراقبة التصنيف السيادي للبنان لتخفيض محتمل بالثلاثة أشهر.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o