"المصرف المركزي" في دائرة الاستهداف الاقليمي والـرئاسة تتحرك
الحريري في بعبدا قبل فرنسا وشينكر في بيروت في 14 تشرين الاول
حزب الله: مواقف عون في نيويورك وطنية شريفة وشجاعـــــة
المركزية- لا قيمة للزمن في لبنان، بل لا قيمة للإنسان فيه. الدولة تتضاءل يوماً بعد آخر، وهموم الناس تتضاعف: أزمة الدولار المفتعلة تتفاقم، مشكلة المحروقات تترنح في انتظار حل موعود قريبا، ازمة طحين تدق الابواب، البطالة تتضخم، القطاعات الانتاجية تئن، المؤسسات والشركات الكبرى بعد الصغرى تقفل ابوابها وتسرّح موظفيها الذين لم يعد امامهم سوى امل واحد تأمين ثمن تذكرة سفر للهجرة. وفوق ذلك كله، هناك من يدفع عن سابق تصور وتصميم في اتجاه هدم آخر عواميد الهيكل الذي ما زال لبنان يتكئ عليه، مصرف لبنان، بعدما فشل في محاولة هدم العمود الامني بالتصويب على قائد الجيش العماد جوزيف عون، وذلك من خلال تحميل حاكمه رياض سلامة وزر الازمات المتناسلة التي لا تتحمل مسؤوليتها الا جهة واحدة، لا غير، الطبقة السياسية من ألفها الى يائها.
في زمن انهيار المعايير الجادة للقيم وصعود الدعائيات الفارغة، بات الامر يستدعي اعادة ابراز الحقائق الاساسية المتصلة بمن أوصل البلاد الى ما هي عليه. فإذا كان ثمة من يبذل آخر مساعيه في اتجاه اشاحة النظر عما اقترفت ايديه برمي كرة نار الانهيار في اتجاه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والايحاء شعبياً بأن سياسة "المركزي" مسؤولة عما وصلنا اليه من سوء حال، دافعا اللبنانيين الى الشارع في مخطط غير بريء الاهداف، فإن الجهات الدولية الساهرة على لبنان ليست في وارد ترك الساحة لمن يحاول وضع اليد على نقد البلد وماله واقتصاده لاستكمال سيناريو المخطط المرسوم اقليميا في هذا الاتجاه.
الرئاسة تتحرك: في مواجهة الحملة التي يرى زوار قصر بعبدا ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون غير مستثنى منها لا بل هو مستهدف من خلالها لافشال عهده بكل الوسائل المتاحة وتحميله تبعات ما اقترفه مَن سبقوه في الحكم والحكومة من "موبئات" دفعت البلاد الى الهاوية، فتح الرئيس عون خطوط الاتصالات بين بعبدا وكل المسؤولين الماليين والاقتصاديين في مقدمهم وزير المال علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة اللذين دعا الاعلاميين فور عودته الى بيروت امس من نيويورك الى سؤالهما عن الوضعين النقدي والمالي باعتبارهما مسؤولين عنهما، للبحث في مآل الاوضاع وسبل العلاج خصوصا بالنسبة الى ازمة نقص الدولار في الاسواق وانعكاساته السلبية على قطاعات المحروقات والطحين والادوية، التي شكلت ظاهرة الاقبال الشعبي على محطات الوقود امس الاول، مؤشرا إضافيا للاختناقات الاجتماعية والاقتصادية التي تسببت بها الازمة والتي تنذر بالتفاقم في مرحلة تراكم الأزمات القديمة منها والطارئة.
عون –الحريري: هذا الواقع قد يحمل كبار المسؤولين الى الالتقاء مجددا لا سيما على المستوى الرئاسي، حيث يتوقع ان يزور رئيس الحكومة سعد الحريري رئيس الجمهورية للتشاور في الازمة ومتفرعاتها قبل ان يتوجه الى باريس للمشاركة في مراسم جنازة صديق لبنان الراحل الرئيس جاك شيراك يوم الاثنين المقبل، بعدما اصدر امس مذكرة تقضي بالحداد الرسمي في لبنان الاثنين.
جنبلاط...من المسؤول؟ وفي السياق، سأل رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط عبر "تويتر" عن المسوؤل عن الأزمة. وكتب "من المسؤول عن ازمة الدولار؟ في هذا الجو من تقاذف الاتهامات، يبقى الاساس الاصلاح المنشود الذي ننتظره منذ باريس 3 وبدايته المعالجة الجدية للكهرباء".
لا سياسة تضييق: في مجال آخر، اكد وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان "ان لا وجود إطلاقا لسياسة حكومية ممنهجة في لبنان للتضييق على النازحين السوريين، كما ان لا وجود لأي سياسة تخلي عن حقوقهم او لأي محاولة لغض النظر عن اي انتهاكات او عنف وتمييز في حقهم"، مشيراً الى "ان ممارسات كهذه لا تمثل إلا مرتكبيها، كما أنها لا تسهم في العودة، إنما في إثارة النعرات والغرائز".
كلام قيومجيان جاء خلال استقباله في مكتبه في الوزارة، وفد "مبادرة المدافعين عن حقوق اللاجئين"، حيث قال "جميعنا نؤيّد عودة النازحين السوريين إلى وطنهم، لكن العودة مرتبطة بسلسلة إجراءات تطمينية على النظام السوري القيام بها، بحيث تضمن عدم ابتزاز اللاجئين لناحية التجنيد الإجباري، وتكفل حريتهم وأمنهم، كما تسهّل حصولهم على صكوك الملكية العقارية وتسجيل الولادات".
شينكر في بيروت مجددا: وسط هذه الاجواء، علمت "المركزية" ان الموفد الأميركي لترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل السفير ديفيد شنكر، الذي حلّ مكان ديفيد ساترفيلد في وساطة التفاوض سيحطّ في بيروت مجددا في 14 تشرين الاول المقبل لاستكمال وساطته في هذا الاطار، بعدما جاءت زيارته الاولى للتعارف الى المسؤولين ونقل بعض الرسائل الاميركية في اعقاب الاعتداء الاسرائيلي بطائرتين مسيرتين على الضاحية الجنوبية لبيروت. الزيارة هذه المرة تهدف الى الاطلاع على ما لدى المسؤولين من اجابات في شأن استئناف الوساطة وتسريع المسار التنفيذي الذي يشكل حاجة للبنان عشية بدء عمليات التنقيب عن الغاز والنفط في مرحلته الاستكشافية خلال شهرين.
قاووق يشيد بعون: في الاثناء، إعتبر عضو المجلس المركزي في "حزب الله" الشيخ نبيل قاووق "ان العدو وبعد أن يئس من الحروب العسكرية التكفيرية، يشنّ علينا حروبا مالية وإقتصادية، ولن يحصدوا من عقوباتهم المالية والإقتصادية إلا الخيبة والحسرة"، واصفا مواقف رئيس الجمهورية في نيويورك بـ"الوطنية الشريفة والشجاعة". وقال خلال حفل تأبيني في حسينية بلدة ميدون في البقاع الغربي، "رغم كل أشكال الضغط على مؤسسات وأشخاص وعلى شعب بأكمله، رغم كل ذلك لن يستطيعوا النيل من عزم وإرادة المقاومة شيئا، ولن يغيروا شيئا من مواقفنا، وإنما سنكمل طريقنا رغم الصعوبات وننتصر الانتصار تلو الإنتصار". اضاف "في زمن ذروة العقوبات الأميركية ردّت المقاومة على العدوان وأجبرت العدو أن يختبئ أكثر من أسبوع وراء الجدران، بل ثبتت المعادلات التي كانت في الـ2006 وصنعت معادلات جديدة تتصل بإسقاط المسيرات الإسرائيلية، يعني في ذروة العقوبات المقاومة تراكم الإنجازات الجديدة مما يعني فشلا ذريعا لكل الرهانات على العقوبات المالية والإقتصادية على حزب الله".
بين الشعار والمواقف: في المقابل، اعرب المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، الذي انعقد برئاسة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان وحضور الأعضاء، عن "الالم الشديد جراء الإنقسامات المناطقية التي اتخذت طابعا طائفيا بغيضا حتى من مشاريع تنموية عامة" مبديا أسفه "لإرتفاع حدة اللغة الطائفية في الوقت الذي تقر فيه الأمم المتحدة مشروع إعلان لبنان مركزا دوليا للحوار".وقال في بيان : "ان التناقض بين شعار لبنان الرسالة والمواقف والتصريحات ذات المضمون الطائفي الانقسامي البغيض، يبعث على الألم الشديد، ويعطل ليس فقط محاولات الإنعاش الاقتصادي، ولكنه يعطل أيضا دور لبنان الرسالة".ودعا القيادات الوطنية المختلفة الى "الترفع فوق مصالحها الشخصية والمناطقية الضيقة، والعمل معا بصدق وإخلاص وتفان من أجل إنقاذ لبنان من محنته، ومن أجل التأكيد على صدقية رسالته ودوره، وطنا واحدا لجميع أبنائه".