Sep 09, 2019 7:11 AM
صحف

تفاهمات عين التينة واللقلوق تؤسس للخروج من الازمة...هل فُتحت طريق التعيينات؟

هل احتوت الطبقة السياسية ممثلة بالثلاثة الاقوياء، في الرئاسات وفي طوائفهم، الشخصية الرابعة في النظام السياسي اللبناني: وليد جنبلاط؟
مؤشرات ما بعد حادث قبرشمون، تعكس تطورات إيجابية، خلافاً للتقديرات الجنبلاطية: مجلس الوزراء عاد للانعقاد من دون إحالة ملف قبرشمون إلى المجلس العدلي، التقارب العوني - الجنبلاطي، الذي تدرجه الأوساط القريبة من التيار الوطني الحر بـ"الحكم القائم على شراكة الاقوياء، وبقوة تمثيلهم لطوائفهم".. لا سيما وان اللقاء جاء بدعوة من رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل لرئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط.
بالتزامن كان الرئيس نبيه بري يُعيد وصل ما انقطع بين حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي بمصالحة أعادت الأوضاع إلى ما قبل احداث قبرشمون، على ان يكون للقضاء كلمة الفصل في الملف الأمني.
وضمن هذه التطورات، باتت الطريق مفتوحة امام التعيينات في نواب حاكم مصرف لبنان، والتي تعثرت بسبب الخلاف على الحاكم الدرزي، فضلاً عن التعيينات في المراكز القضائية الشاغرة.
صفر مشاكل
وفي تقدير مصادر مطلعة، ان عناوين الأسبوع الطالع لا تختلف عن الموضوعات التي شغلت الاهتمام الرسمي والسياسي في الأسبوع الماضي، سواء على صعيد المعالجات الجارية للأزمة المالية التي يواجهها البلد، أو متابعة الاستحقاقات المصيرية بما يتعلق بترسيم الحدود البحرية والبرية، لكن الأهم من كل ذلك سياسياً هو استثمار المصالحات التي انتهى إليها الأسبوع الماضي، سواء بين "حزب الله" و"الحزب التقدمي الاشتراكي"، أو بين هذا الأخير و"التيار الوطني الحر"، بحيث يصل لبنان، ومع القيادات السياسية إلى مرحلة صفر مشاكل، على حدّ تعبير الوزير وائل أبو فاعور، فتفتح أبواب الحوار السياسي والاقتصادي بين الفرقاء بما يؤسّس لمرحلة جديدة بالكامل من الوئام والسلام، تكاد تكون أشبه بالحلم الذي سرعان ما يندثر عند طلوع الصباح.
وبحسب هذه المصادر، فإن لقاء رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل ورئيس كتلة "اللقاء الديمقراطي" النائب تيمور جنبلاط يوم الجمعة الماضي في اللقلوق، بدعوة من باسيل، وبعده اللقاء القيادي يوم السبت بين "حزب الله" و"الحزب التقدمي الاشتراكي" في عين التينة برعاية وحضور الرئيس نبيه برّي حمل مؤشرات مهمة سياسية وحكومية على تفاهمات بين قوى سياسية وأساسية مؤثرة في صنع القرار وتنفيذه على كل المستويات، من شأنها اراحة الحكم والحكومة والرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، ما لم تحصل مناكفات من أطراف أخرى متضررة، أو معترضة على طريقة مقاربة الملفات بدأت تظهر مؤشراتها، في إلغاء زيارة رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع التي كانت مقررة للشوف يوم السبت، رغم نفي "القوات" لهذا الاحتمال، وتأكيد جعجع ان السبب ليس سياسياً وليس أمنياً، وان كان تحفظ عن ذكر السبب، مؤكداً ان الزيارة ارجئت ولم تلغَ، وانها ستتم حتماً في وقت لاحق، وانه كان سيلتقي زعيم الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط في المختارة.

لقاء ودّي وصريح: وقالت مصادر عين التينة لــ"الجمهورية"، ان اللقاء الذي حضره المعاون السياسي للامين العام لـ"حزب الله" حسين خليل ورئيس وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا، والوزير وائل ابو فاعور والوزير السابق غازي العريضي، وشارك فيه الوزير علي حسن خليل ومستشار رئيس المجلس احمد بعلبكي، كان ودياً، وصريحاً، وتمّ استعراض كل جوانب سوء التفاهم بين الطرفين، وبدا واضحاً توجّه وفد الحزب ووفد التقدمي في اتجاه ازالة الغيوم من اجواء العلاقة بينهما، والتأكيد على المصالحة التي من شأنها ان تُنهي كل الذيول والالتباسات.
غيوم سوداء تبددت! وقال الرئيس بري لـ"الجمهورية": "ان اللقاء كان مُريحاً، وحقق المراد منه، ويمكن القول ان الغيوم السوداء قد تبدّدت".
وابلغت مصادر معنية بمصالحة "حزب الله" والتقدمي "الجمهورية" قولها: "ان مصالحة عين التينة، يمكن اعتبارها محطة تأسيسية لعلاقة متجددة بين الطرفين، وانّ لها استكمالات لاحقة، ولقاءات تنسيقية على مختلف الصعد، بدءاً بإعادة احياء اللقاءات الدورية التي كانت تُعقد بين الطرفين، وتوقفت بفعل التوتر الذي ساد العلاقة بينهما حول بعض العناوين، وتحديداً كسارة عين دارة".
ولم تستبعد المصادر حصول تطور بارز على صعيد علاقة "حزب الله" والتقدمي، يتمثل في لقاء قد يُعقد في وقت لاحق بين السيد حسن نصرالله ووليد جنبلاط. الا انّ المصادر لفتت، الى انّ لقاء من هذا النوع، لم يتم طرحه في الوقت الراهن، ولكنه احتمال قوي في المرحلة المقبلة، ومن الطبيعي ان يأتي تتويجاً للمسار الايجابي الذي قرّر الطرفان سلوكه معاً في هذه المرحلة، خاصة في ظل الاجواء الضاغطة على لبنان، سواء لناحية الوضع الاقتصادي، او من قبل اسرائيل.
لقاء اللقلوق: وبحسب المعلومات فإن لقاء اللقوق، والذي لم يعلن الا بعد أن كشف النقاب عنه عضو تكتل "لبنان القوي" النائب سيزار أبي خليل، أسفر عن تجاوز أزمة جريمة قبرشمون - البساتين قبل ثلاثة أشهر، بالتوافق على وضعها بيد القضاء وعدم التدخل السياسي في مساره، علماً ان المحكمة العسكرية ستعاود اليوم استجواب الموقوفين في الحادثة التي ذهب ضحيتها اثنان من مرافقي الوزير صالح الغريب.

لكن الأهم، حسب مصادر المجتمعين، ان "لقاء اللقلوق" تناول كل الملفات بصراحة وشفافية وعبّر كل طرف عن وجهة نظره حيالها، واسهم في التوافق على شراكة سياسية - وانمائية في الجبل، حيث يتواجد الطرفان نيابيا ويتمثلان حكوميا، ما يعني ان الطرفين توافقا على تكريس تهدئة مستدامة تريح منطقة التواجد الشعبي المشترك، وتقدم لها مشاريع إنمائية بدفع من الطرفين، سواء في المجلس النيابي او في الحكومة، وهو ما شدّد عليه النائب أبي خليل الذي نشر على حساب عبر "تويتر" صورتين للقاء، مؤكداً ان محوره كان "بناء المستقبل لشبابنا معاً على أسس الشراكة في السياسة والادارة والانماء".

باسيل في المختارة: وبحسب مصادر الطرفين لـ"الجمهورية"، فإن الودّية الكاملة، هي التي طبعت اللقاء من كافة جوانبه، وتخلّله استعراض لقضايا مختلفة، اكّد انّ نقاط الالتقاء بين الجانبين اكثر بكثير من نقاط الاختلاف، وجرى التوافق على لقاءات لاحقة، قد تندرج فيها زيارة مماثلة يقوم بها باسيل الى المختارة وهو امر مطروح في اي وقت.
ورفضت المصادر التشبيه الذي اطلقه البعض على اللقاء بانّه لقاء مصالحة، بل الأصح هو لقاء يندرج في سياق تكريس المصالحة التي تمّت في القصر الجمهوري غداة حادثة قبر شمون، والتي اعقبها الجو الانفتاحي الذي عبّر عنه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في اتجاه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، والذي استُتبع باستقبال اشتراكي حاشد لرئيس الجمهورية في بيت الدين. وبالتالي فإن لقاء اللقلوق، ليس لقاء مصالحة، بل هو تكريس للمصالحة والبناء عليها لما هو افضل للطرفين، وللبلد.

ولقاء عين التينة: وعلى خط مواز، كان لقاء المصالحة في عين التينة السبت يصب في السياق ذاته بتكريس حالة تهدئة دائمة بين الحزب التقدمي الاشتراكي و"حزب الله"، وقد طرح الرئيس برّي، بحسب مصادر المجتمعين، كل الملفات الخلافية، مقترحاً حلولاً لها، بحيث اتفق على ان تبقى معالجة مشكلتي كسارة عين دارة وجريمة البساتين ضمن المسار القضائي، وإعادة تنظيم الخلاف بين الطرفين حول الملفات الاقليمية الخلافية، لا سيما حول سوريا، مع بقاء كل طرف على وجهة نظره، لكن ضمن حدود معالجة اي اشكالية بالحوار.
وافادت "اللواء" ان الحزب الاشتراكي وافق على اقتراح برّي عدم إثارة موضوع لبنانية مزارع شبعا، مؤكداً امام المجتمعين انها لبنانية لبنانية.
وعلى هذا الاساس تقرر ان تُستأنف الاجتماعات بين الطرفين على مستوى قيادي، الى حين توافر الظروف لعقد لقاء بين الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله وبين رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط.

التأسيس للخروج من الازمة: وفي رأي المصادر السياسية المتابعة، ان أهمية ما حصل، في المحصلة السياسية، يكمن في ان تفاهمات عين التينة واللقلوق تؤسس لمرحلة الخروج من الأزمة السياسية القائمة على انعدام التواصل من جهة، وانعدام وجود رؤية موحدة للقوى الاساسية لكيفية مقاربة الاوضاع الصعبة القائمة، واذا استمر هذا النمط من التشاور والتوافق على خطوات عملية تنفيذية تتم ترجمتها في البرلمان والحكومة، ولو"بالقطعة" وحسب كل ملف،فإن قطارالحلول سينطلق بزخم.
وبعيداً من حسابات الربح والخسارة، فإن وليد جنبلاط كرّس نفسه بالمعادلة السياسية عنصرا بارزا لا يتخطاه احد، وذلك بإرسائه تفاهمات مع القوى الاساسية، كالرئيس بري و"التيار الحر" و"حزب الله"، اضافة الى تحالفه الثابت مع "القوات اللبنانية"، وهو ما اكده التقدمي و"القوات". وكذلك ارسى "التيار الحر" معادلة وجوده في الجبل كقوة سياسية نيابية وشعبية لا يمكن بعد الان تجاوزها، وهو امر من المفترض ان تتم ترجمته عبر استكمال الوزير باسيل جولته في الجبل التي لم تتم فصولا في حزيران الماضي نتيجة جريمة البساتين، وذلك بعد عودته من جولته الاوروبية، والتي تشمل برلين ولندن، والاميركية التي تشمل واشنطن ونيويورك وعشر ولايات تقريباً".

حسين خليل: وقال الحاج حسين خليل لـ"الجمهورية": "هذا الوضع رغم صغر حجمه على المستوى الجغرافي الّا انه كبير ما يكفي لسعة كل الافرقاء السياسيين، وقيمته بهذا التنوع".
وأضاف: "مما لا شك فيه ان تاريخاً كبيراً من العلاقة بيننا وبين الحزب الاشتراكي عمره عشرات السنوات من ايام 17 ايار والانتفاضة وحرب الجبل وغيرها... هذه العلاقة عبرت بمراحل كثيرة صعوداً وهبوطاً وكانت رهن الموضوعات والملفات والمواقف، واختلفنا كثيراً في الفترة الاخيرة بمقاربة الملف السوري والاقليمي والايراني، لكننا كنا نجد دائما هواجس كبيرة في الداخل للالتقاء حولها والتنسيق كان على نفس القواعد التي تحكم العلاقة بيننا في السابق والموضوعات التي نختلف عليها كنا نسعى الى تنظيم الخلاف فيها".
وأشار الى أنّه "في ملف عين دارة طلب الرئيس بري من الطرفين ترك الموضوع للقضاء، ونحن قبلنا بهذا الامر، وسنسلّم للقضاء وبما يحكم، ووافقنا على هذا الامر وبالتالي لم تعد مشكلة عين دارة مطروحة او اساسية بيننا".
ولفت الى أنّه "في ملف قبرشمون، وبعد مصالحة بعبدا تمّ الاتفاق في بعبدا على ثلاثة مسارات نحن بصمنا عليها، لن نلزم احداً بمواقفنا ولكن سنرى كيف يمكن ان نرتّب الخلاف في ما بيننا في المرحلة المقبلة".
ورداً على سؤال حول ما اذا كانت العلاقة بين "الاشتراكي" و"حزب الله" ستؤثر على علاقة الحزب بالمير طلال ارسلان، اجاب خليل: "على الاطلاق، الفرق في العلاقة انّ المير طلال والحزب الديموقراطي حليف استراتيجي لنا بكل ما للكلمة من معنى، وهناك تطابق بالرؤية في الموضوع الاقليمي، وهو جزء لا يتجزأ من محور المقاومة. وان شاء الله لن تكون هناك حوادث امنية إضافية. قناعاتنا وسعينا الدؤوب دائما هو حقن الدماء وازالة كل اسباب التوترات الداخلية، والآن عادت العلاقات طبيعية".
وعمّا اذا كان جنبلاط سيلتقي قريباً السيد حسن نصرالله، أشار الى أنّ "العلاقات عادت طبيعية والتواصل اصبح دورياً، واللقاء متروك للظروف والاحداث. ولا شيء يمنع اللقاء المباشر والتواصل المباشر بين جنبلاط والسيد نصرالله بعد لقاء عين التينة".

توافق على التعيينات! وكشفت مصادر واسعة الإطلاع لـ "الجمهورية"، ان التحضيرات تنتهي اليوم للبتّ بجدول اعمال جلسة مجلس الوزراء العادية المقرّر عقدها الخميس المقبل في قصر بعبدا للبحث في شؤون عادية والتعيينات القضائية التي أُنجز قسم كبير منها، على ان تُستكمل التحضيرات للتوافق عليها جميعها، خصوصا ان المعوقات ما زالت من ضمن وزراء البيت الواحد في "تكتل لبنان القوي".
وقالت مصادر معنية لـ"الجمهورية"، ان التوافق تمّ على عدد من المواقع القضائية والعدلية الخمسة المطروحة. وفي وقت تمّ فيه التفاهم على بديل من رئيس مجلس القضاء الأعلى، ما زال الخلاف قائماً على رئاسة هيئة الإستشارات والتشريع.
وفي معلومات "الجمهورية"، انه ولو نجحت الإتصالات الجارية، فقد يتمّ التفاهم على التعيينات في مجلس الإنماء والإعمار او على مستوى نواب حاكم مصرف لبنان، في تسوية تجري بن القوى الخمس المتحكمة بأكثريتين نيابية ووزارية، كما قال مرجع معني بالإتصالات الجارية لإتمام التعيينات.
 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o