Aug 31, 2019 6:54 AM
صحف

الدخول المُبكر لـ"البنك المركزي"حصر تفاعلات العقوبات على "جمّال ترست بنك"..وحمّود يُطمئن

تصدرت قضية "جمّال ترست بنك" وشركات التأمين الأربع التابعة له قائمة الاهتمامات اللبنانية أمس بعد اتهامه رسمياً من قبل مكتب مراقبة الأصول الخارجية الأميركي (OFAC) بتقديم خدمات مالية لصالح "حزب الله"وبعض مؤسساته، وإدراجه بالتالي ضمن لوائح العقوبات الأميركية أو اللائحة السوداء المعتمدة من قبل وزارة الخزانة.
واقتضى هذا التطور تدخلاً فورياً من قبل السلطة النقدية التي يمثلها مصرف لبنان (البنك المركزي) وهيئاته المعنية بهدف احتواء التداعيات التلقائية وضمان عدم تعريض الجهاز المصرفي لأي ضغوط موازية. ذلك أنه للمرة الأولى يتم توجيه مثل هذا الاتهام إلى كيان مصرفي لبناني بكل مكوّناته، بينما درج المكتب الأميركي سابقاً على إدراج شخصيات ومؤسسات حزبية ضمن لوائح العقوبات. مع الإشارة إلى اتهام "البنك اللبناني الكندي" في عام 2011 بعمليات غسل أموال، مما فرض بيعه ودمجه بالكامل لصالح مصرف "سوسيتيه جنرال في لبنان".
وأكد رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود لـ"الشرق الأوسط" أن جميع الحقوق الخاصة بالمودعين في "جمّال تراست بنك" محفوظة، تحت إشراف السلطة النقدية. وستتم تلبية أي سحوبات في مواعيد استحقاقها. كما أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن (البنك المركزي) يتابع عن كثب قضية البنك بعد إدراجه على لائحة (أوفاك)، وكل الودائع الشرعية مؤمنة في وقت استحقاقاتها حفاظاً على مصالح المتعاملين مع المصرف. كذلك فإن السيولة مؤمنة لتلبية متطلبات المودعين الشرعيين للمصرف".
وافادت "الشرق الأوسط" بأن الدخول المبكر لـ"البنك المركزي" عشية عطلة إدارية تمتد حتى صباح الثلاثاء المقبل، وحتى قبل صدور العقوبات علنياً، نجح أولاً في حصر التفاعلات في المؤسسة ذاتها، ثم أمّن عبر مفوضين من قبله المباشرة بمعالجة الذيول داخلها، مما أشاع أجواء اطمئنان لدى المودعين الذين تلقوا تأكيدات بضمان أموالهم وصرفها لهم عند استحقاقها.
وفي المقابل، أسفت «جمعية مصارف لبنان» لإدراج وزارة الخزانة الأميركية المصرف على لائحة العقوبات، وأكدت أن «هذا الإجراء لن يؤثر على القطاع المصرفي في أي شكل». كما طمأنت إلى سلامة أموال المودعين لدى «جمّال تراست بنك»، وأبرزت «قدرة مصرف لبنان على اتخاذ كل التدابير اللازمة لمعالجة الوضع مثلما حصل في مواقف سابقة».
ويؤكد مسؤولون في السلطة النقدية أن «البنك المركزي» سيتولى الإشراف على إدارة المرحلة الانتقالية بمعاونة إدارة البنك وأقسامه كافة، على أن يتم لاحقاً تحديد الخيار الأنسب قانونياً وإجرائياً الذي ستؤول إليه المؤسسة، من ضمن احتمالين رئيسيين يشملان التصفية الذاتية تدريجياً أو الاندماج مع مصرف عامل. كذلك معالجة أي تمويلات نقدية أو تسهيلات حصل عليها البنك بضمان جزء من أسهم الملكية، وهي عمليات معتادة بين المصارف. ويسهم تدخل البنك المركزي أيضا في استيعاب أي عراقيل مستجدة لدى البنوك الخارجية المراسلة وشركات البطاقات المصرفية ذات العلاقة.
وأعلنت إدارة البنك التزامها بتلبية جميع طلبات أصحاب حسابات التوطين من خلال تسهيل عمليات سحب معاشاتهم من صناديق فروع المصرف. فيما توفرت معلومات لـ«الشرق الأوسط» بأنه يتم التشاور لإعادة تفعيل البطاقات المصرفية الخاصة بالبنك بالليرة اللبنانية فقط، بهدف تسهيل معاملات زبائن البنك، ومن دون تجاوز الإجراءات التي تعتمدها شركتا «فيزا» و«ماستر كارد» اللتان تلتزمان تلقائياً بإيقاف أي تعاملات مالية مع أي مؤسسة أو أشخاص يتم إدراجهم على لوائح العقوبات المالية الأميركية والدولية.
وأسهم في الاحتواء السريع للأزمة وتداعياتها، الحجم الصغير نسبياً للبنك كونه يملك حصة سوقية توازي نحو 0.4 في المائة من إجمالي المؤشرات الأساسية العائدة للقطاع المصرفي، وبالأخص لجهة الأصول ورأس المال. وهذا ما يسهل مهمة البنك المركزي في ضمان حقوق المودعين البالغة نحو 900 مليون دولار وفقاً للبيانات العائدة لنهاية العام الماضي، مقابل تسليفات تبلغ نحو 535 مليون دولار، وأموال خاصة تبلغ نحو 85 مليون دولار، إضافة إلى أصول عقارية مملوكة من بينها المركز الرئيسي في العاصمة (منطقة العدلية).

مخالفات ام ظلم؟! استغربت مصادر مصرفية كيف يقع «جمال ترست بنك» في هذه المشكلة الآن، لافتةً الى أنّ المصرف عانى منذ فترة من بعض المشاكل الإدارية، ما استدعى تدخّل مصرف لبنان الذي عيّن مديراً عاماً جديداً للمصرف هو الأمين العام للجنة الرقابة على المصارف سهيل جعفر.

وأكّدت المصادر لـ«الجمهورية»، أنّ سهيل جعفر يُعدّ الرجل الثاني في لجنة الرقابة على المصارف منذ 30 عاماً، وهو قدّم استقالته من اللجنة بمعرفة الحاكم وتولّى إدارة المصرف لتنظيم أعماله من جديد. وهنا السؤال المطروح، هل يُعقل أن تمرّ عليه هذه المخالفات أم أنّ هناك ظلماً في حق المصرف؟

ورجّحت المصادر أن يسعى الحاكم الى بيع موجودات البنك، وأوضحت انّه بعد ان تتمّ عملية البيع ستحقق الادارة الجديدة بكل حساب على ان يتم اغلاق كل حساب مشبوه تباعاً.

مرقص: أما في الشق القانوني، فقد أوضح رئيس منظمة «جوستيسيا» الحقوقية المحامي بول مرقص، انّ من السيناريوهات المطروحة حالياً ان يتم شراء المصرف بحقوقه وموجباته (سواء الحقوق او الديون العائدة له) من قبل مصرف ثانٍ او اكثر من مصرف محلي، ولكن دون ذلك بعض الصعوبات، لأنّ تجربة استحواذ المصارف المحلية الاخرى على ودائع من اللبناني الكندي لم تكن مشجعة، بسبب محاذير اشارت اليها الجهات الخارجية يومها حيال هذه الخطوة.

كذلك هناك صعوبة حالياً في بيع موجودات وديون المصرف بسبب الاوضاع القائمة، وخلافاً لما كان عليه الوضع مع اللبناني الكندي، خصوصاً انه توجد دعوى في حق المصرف المُدرج في نيويورك. وبالتالي، من المفترض ان تترّيث المصارف المحلية في الاستحواذ على هذه الودائع الى حين جلاء الموقف مع مصرف لبنان، الذي يتعامل بحكمة ودراية مع هكذا اشكاليات، وربما يكون من المأمول ان يجترح مصرف لبنان آلية بالتشاور مع وزارة الخزانة الاميركية لكيفية انتقال هذه الودائع الى المصارف المحلية، وهذا الامر سيتطلب بعض الوقت وربما إجراء دراسة دقيقة لهذه الودائع للتحقّق منها.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o