Aug 10, 2019 6:01 AM
صحف

مصافحة فمصارحة ثم مصالحة... لقاء اتسم بالمسؤولية والحرية

بالرغم من التكتم الشديد مساء امس على مجريات اللقاء الخماسي في قصر بعبدا، افادت المعلومات ان المصالحة قامت على الاساس الذي عمل عليه رئيس مجلس النواب نبيه بري واللواء عباس ابراهيم منذ مدة، اي على اساس ان تتابع المحكمة العسكرية تحقيقاتها وتقرر بناء لذلك اي قضاء سيتابع جريمة البساتين، فيما يكون مجلس الوزراء قد استأنف اعتبارا من اليوم جلساته لمتابعة المواضيع التي توقف عندها قبل اربعين يوماً، تاريخ جريمة البساتين في 30 حزيران وتعذر انعقاد جلسة مجلس الوزراء في 2 تموز، خاصة ان اللقاء جاء عشية سفر رئيس الحكومة الى واشنطن بعد عطلة العيد التي سيمضيها مع عائلته في السعودية، وجاء بعد بيان السفارة الاميركية في بيروت، الذي حث الاطراف ضمنا على المعالجة السياسية والقضائية المستقلة، فيما الهاجس الاهم في كل هذه التحركات والمواقف هو انقاذ الوضع الاقتصادي والمالي للبلد، ووقف التوتير الامني والسياسي.

 وعُلم انه بعد فشل مساعي الخميس التي لم تنجح، جرى تواصل بين الرئيسين عون وبري تم خلاله الاتفاق على مواصلة المسعى وتكليف بري بمتابعتها وطرح بري ان تعقد جلسة المصارحة تليها المصالحة.

 وجرت الاتصالات مجددا الى ان وافق جنبلاط وارسلان مقابل ضمانات او تطمينات للرجلين، يجري الاتفاق عليها في الاجتماع. بما يُطمئن جنبلاط الى عدم استهدافه، ويُطمئن ارسلان الى عدم طي ملف الجريمة ومحاسبة المرتكبين. وشارك حزب الله بالاتصالات مع ارسلان.

 الى ذلك، امتنعت مصادر الحزب الديموقراطي عن التعليق وقالت: انها ستصدر الموقف المناسب في الوقت المناسب. لكن لوحظ ان النائب ارسلان خرج من اللقاء مبتسما ومرتاحا..

وقالت مصادر مطلعة لـ"اللواء" ان اجتماع "المصارحة والمصالحة" كما اتفق على وصفه في قصر بعبدا اتسم بالمسؤولية والحرية، فكانت المصافحة والمصارحة ثم المصالحة، لكن الرجلين لم يتبادلا القبلات، واقتصر لقاؤهما على المصافحة لدى مشاركتهما في الاجتماع الخماسي، مع العلم انهما قبيل انعقاد اللقاء انتظرا كل منهما في قاعة جانبية، وشوهد أرسلان يحمل معه مغلفاً أصفر اللون. على أن يعقد مؤتمراً صحفياً اليوم.

وأفادت المصادر نفسها ان الاجتماع تناول المواضيع المرتبطة بحادثة قبرشمون - البساتين والوضع الذي نشأ على الأرض وكل التفاصيل، واصفة ما جرى بجلسة المصارحة بالصمت.

وأشارت هذه المصادر إلى ان القضاء العسكري سيتابع تحقيقاته وهو أمر متفق عليه، ويرضي المطلب القضائي، في حين ان مطلب عدم إحالة حادث قبرشمون إلى المجلس العدلي يرضي الحزب التقدمي الاشتراكي، لكن المصادر نفسها أوضحت ان عودة انعقاد جلسات مجلس الوزراء هو مطلب الرؤساء عون وبري والحريري بعدما بلغ ما بلغ إليهم من معطيات ورسائل وتحذيرات من بقاء البلد من دون حكومة.

ونفت المصادر ان يكون الاجتماع قد تناول أي إسقاط للحق الشخصي.

وعلم ان اتصالات ليلية قادها المعنيون استمرت حتى فجر أمس بهدف إنجاح مبادرة المصالحة، وتم الاتفاق في الاتصال الليلي الذي تمّ بين الرئيسين عون وبري على تفعيل ما كان طرحه رئيس المجلس سابقاً في موضوع إنجاز مصالحة بين جنبلاط وارسلان في موازاة التحقيقات التي تجرى في قضية قبرشمون.

وأشارت "النهار" إلى "ان جنبلاط الذي كان أول المنصرفين، اكتفى بالقول للصحافيين: "نعم مرتاح للمصالحة".
ثم خرج الرئيس الحريري الذي وقف في مدخل القصر الجمهوري في محادثة جانبية مع جنبلاط قبل ان يستقل كل منهما سيارته.
اما الرئيس بري، فاكتفى بالقول باسماً ومرتاحاً: "انه انجاز".
ولم يشأ ارسلان التعليق وابتسم مخبئاً وجهه في الملف الأصفر الذي حمله الى بعبدا. وأكثر من بدا عليه الارتياح هو رئيس الوزراء الذي تلا بيانين أولهما عن الاجتماع المالي الذي شارك فيه للمرة الاولى الرئيس بري، وثانيهما عن لقاء المصارحة والمصالحة والذي توجّه بدعوة مجلس الوزراء الى عقد جلسة في الحادية عشرة قبل ظهر اليوم السبت في قصر بعبدا.

وعلمت "الشرق الأوسط" من مصادر وزارية رفيعة، أن الرئيس عون رأى أن تعذّر انعقاد مجلس الوزراء كما كان مقرراً عصر أمس سيُقحم البلد في أزمة سياسية مديدة، وأن لا مصلحة لجميع الأطراف بتعطيل العمل الحكومي، وبالتالي فإن انعقادها سيكون متعذّراً على خلفية أن جنبلاط يتعامل مع "السيناريو" الذي وُضع لمعاودة الجلسات على أنه في حاجة إلى تعديل ولا يؤمّن الضمانات المطلوبة في مقابل إصرار أرسلان على موقفه إزاء حادثة قبرشمون.

وكشفت المصادر الوزارية، عن أن رئيس الجمهورية في ضوء الاتصالات المفتوحة التي بقيت محصورة في بادئ الأمر بكل من بري والحريري، اقتنع بإعادة تعويم مبادرة رئيس المجلس، خصوصاً أن هناك صعوبة في عقد جلسة للحكومة من دون احتضانها في ظل إصرار جنبلاط وأرسلان على مقاطعتها، ومن موقع الاختلاف حول "السيناريو" الذي يجب أن يتّبع لمنع الحكومة من الانفجار ومن الداخل.

وقالت بأن جنبلاط يتعامل مع مبادرة بري على أنها وحدها خريطة الطريق لتحقيق المصالحة، ومن خلالها معاودة جلسة الحكومة، وأكدت أنه يؤيد ما يطرحه بري لجهة إسقاط الحقوق المدنية (الحقوق الشخصية) في حادثتي قبرشمون والشويفات وحصرها بالحق العام. كما أن جنبلاط لا يبدي حماسة للمسار العام للمحكمة العسكرية المكلفة بالنظر في حادثة قبرشمون في ضوء حديثه الدائم عن حصول مداخلات من قبل الفريق الوزاري المحسوب على رئيس الجمهورية، وبالتالي يدعم بلا تحفّظ ما يطرحه بري في هذا الخصوص بأن تكون الحادثتان من اختصاص القضاء المدني (أي إسقاط الحقوق الشخصية).

كما أن جنبلاط يشترط حصر جلسة الحكومة باستكمال البنود التي كانت مدرجة على جدول أعمال الجلسة السابقة، إضافة إلى أنه يفضل انعقادها برئاسة الحريري بحثاً عن مزيد من الاطمئنان ولا يشجع أن تكون برئاسة عون في ضوء ما تردد بأنه سيختتم الجلسة بكلام عن حادثة قبرشمون سيضطر وزيري "اللقاء الديمقراطي" إلى الرد عليه، وفي حال لم يُسمح لهما بالكلام فإن أكرم شهيب ووائل أبو فاعور سيخرجان فوراً من الجلسة، وسيكون لجنبلاط الموقف المناسب الذي قد يفاجئ به الوسط السياسي. كما أن أرسلان يصرّ على عدم تسليم المتهمين ويتشدّد في مطالبته بموقف واضح من مجلس الوزراء حول حادثة قبرشمون. وهذا ما دفع الرؤساء الثلاثة إلى البحث عن مخرج يؤمّن انعقاد الجلسة، ويحول دون إقحام الحكومة في اشتباك سياسي متعدّد الأطراف.

وتلازم اقتناع عون بضرورة إعطاء الفرصة لمبادرة بري مع قول الحريري - بحسب مصادره - أن لا ضرورة لدعوة مجلس الوزراء في ظل هذه الأجواء، وأن لا مانع من إعطاء فرصة أخيرة للاتصالات.
وعلمت "الشرق الأوسط" أن القناعة التي خلص إليها الرؤساء الثلاثة بعدم جدوى انعقاد الجلسة من دون أن تسبقها صدمة إيجابية تفتح ثغرة في جدار الأزمة لمصلحة إعادة تفعيل العمل الحكومي كانت وراء تكثيف الاتصالات في كل الاتجاهات بدءاً من ليل أول من أمس، أي فور تعذّر انعقاد الجلسة.

في هذا السياق، نجح بري والحريري في الحصول من جنبلاط على موافقته على السير بالمصالحة برعاية عون بعد أن كان يفضّل أن تتم برعاية رئيس المجلس، بذريعة أن عون ومن خلفه، يريدون الانتقام منه.
ومع أن جنبلاط أبلغ موافقته هذه ليل أول من أمس، فإن أرسلان الذي ظل على تواصل مع عون والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم تريّث في إعطاء جوابه النهائي إلى ظهر أمس.

من جهة أخرى، علمت "الشرق الأوسط" أنه كان لـ"حزب الله" دور في تهيئة الأجواء لإتمام المصالحة وطي صفحة استمرار تعطيل الجلسات التي فعلت فعلها في تأزيم الوضع السياسي، والسير إلى الأمام بمبادرة رئيس المجلس. وهنا لا يمكن تجاهل الجهد المميز للرئيس نبيه بري في تواصله مع "حزب الله" الذي لم يعترض في الأساس على مبادرته، ورأى من خلال تواصل قيادته مع عون وأرسلان أن هناك ضرورة لوضع البلد أمام مرحلة سياسية جديدة.

تفاصيل الاتصالات: كشفت مصادر سياسية مطلعة أن المصالحة أنضجها الثنائي بري - الحريري، فيما كان الرئيس ميشال عون منفتحاً ومرناً على الحلول، وكان من المفترض أن تُعقد جلسة المصالحة صباحاً، وجلسة الحكومة بعد الظهر، لكن تأخر النائب طلال أرسلان في إعطاء جواب على المبادرة أخرها إلى ظهر أمس.

وفي تفاصيل الاتصالات التي أفضت إلى المصالحة منذ أول من أمس، قالت المصادر لصحيفة "الشرق الأوسط" إن رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب السابق وليد جنبلاط تعاونا على إقناع الرئيس سعد الحريري ليل الخميس - الجمعة، فأعطى الحريري ضمانات لجنبلاط بأنه لن يكون هناك أي طرح للملف على المجلس العدلي، ولا تصويت عليه في الحكومة، وطمأن جنبلاط حول هواجسه بأنه لا حل للقضية إلا سياسياً، وهو أمر متفق عليه بين بري والحريري، وأن المصالحة هي مدخل لتنفيس الاحتقان، وإعادة تفعيل الحكومة.

ولفتت المصادر إلى أن الحريري الذي كان له دور لافت وأساسي في التسوية، لعب دوراً في إقناع الرئيس عون بأن المدخل لحل الأزمة هو المصالحة التي اقترحها بري، وأشارت إلى أن عون كان متجاوباً مقتنعاً باستعادة كل الأمور عبر المصالحة، منعاً لأن يذهب البلد إلى المجهول، واقتنع من الحريري بذلك بعد تقييم الأمور.

وقالت المصادر إن الاتصالات امتدت إلى ما بعد منتصف الليل مع الرئيس عون، وحتى الفجر مع جنبلاط، فيما فوض "حزب الله" بري "على بياض" ببلورة الحل، على قاعدة المصالحة التي يدعمها الحريري بلا شروط. وقالت المصادر إن الحريري اتصل بوزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب، ودخل حزب الله بثقله على خط الضغط على أرسلان لحسم الوضع، فيما كانت له بالتوازي اتصالات مع الرئيس عون.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o