Aug 02, 2019 6:38 AM
صحف

حادثة البساتين: مساعي الحل عادت الى الصفر...وفبركة ملف في "العسكرية"!

مع طي الشهر الاول من أزمة تعليق جلسات مجلس الوزراء "قسراً" تجنباً لانقسام يتهدد الحكومة بسبب تداعيات حادث البساتين وبدء الشهر الثاني من الأزمة، بدا مثيراً للقلق الشديد امعان أفرقاء سياسيين وشركاء في الحكومة في طرح شروط تعجيزية لمعاودة الجلسات، الامر الذي بدأ يرسم خطاً بيانياً خطيراً حيال مجمل الوضع الداخلي. ذلك أن إصرار معظم أطراف تحالف ما كان يعرف بـ8 آذار باستثناء "حركة أمل" على اقحام تداعيات حادث البساتين في الواقع الحكومي من باب الاصرار على طرح إحالة هذا الحادث على المجلس العدلي على التصويت في مجلس الوزراء، اتخذ في الساعات الاخيرة دلالات تتجاوز الإطار المألوف للتعقيدات بعدما أجهضت تقريباً المساعي الحثيثة المتقدمة التي تولاها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم وأوحت بإمكان حصول اختراق في جدار الأزمة، خصوصاً بعد الاجتماع الذي عقد في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفي حضور النائب طلال ارسلان والوزراء صالح الغريب والياس بو صعب وسليم جريصاتي واللواء ابرهيم، لكن هذه المساعي سرعان ما اصطدمت بالتصلب نفسه الذي برز من خلال الاصرار على طرح إحالة حادث بشامون على المجلس العدلي والتصويت عليه في مجلس الوزراء. 
وأفاد بعض المصادر المعنية بالحركة السياسية الجارية أن مساعي الحل عادت الى نقطة الصفر، فيما أكد البعض الآخر إن الاتصالات مستمرة لكن في شأن طرح جديد بعدما سقط خيار التصويت على المجلس العدلي في مجلس الوزراء. لذلك لن تعقد جلسة لمجلس الوزراء هذا الاسبوع. ويجري العمل على عقد جلسة الاسبوع المقبل قبل حلول عيد الأضحى، وذلك مرتبط بنجاح المخرج الجديد الذي يقوم على المصالحة. 
وأكدت المصادر المواكبة لحركة الاتصالات انه ليس صحيحاً ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط هو وحده من رفض أي بحث في التصويت على المجلس العدلي في مجلس الوزراء، بل كذلك رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي نقل عنه ابلاغه اللواء عباس ابرهيم عدم حماسته لخيار يرى انه قد يؤدي الى خراب البلد، كما يرفضه أساساً رئيس الوزراء سعد الحريري المقتنع بأن التصويت سيكون طرحاً انقسامياً يقسم كل البلد وليس فقط حكومة الوفاق الوطني. 
وأشارت المصادر المطلعة الى ان التفاوض توقف حول الطرح الأخير بالتصويت على المجلس العدلي، أما المسار القضائي لحادث البساتين فمحسوم استمراره في المحكمة العسكرية على رغم ان للحزب التقدمي الاشتراكي ملاحظات واعتراضات وتتحدث أوساطه عن تدخلات من وزراء وجهات سياسية في شؤون المحكمةً وضغط على قضاة ونقل ملف البساتين من قاض الى قاض آخر، فضلاً عن عدم تسليم الحزب الديموقراطي المطلوبين لديه. 
وعلم ان الاتصالات مستمرة للانتقال الى المرحلة الجديدة وعنوانها تحقيق مصالحة حقيقية لنزع فتيل المشكلة تماماً، قبل دخول الجميع مجلس الوزراء، والعمل على المصالحة قد يحتاج بعض الوقت لترتيبها، مع اقتناع لدى غالبية القوى السياسية بأن المصالحة وحدها أصبحت المخرج. 
الاحتدام "قضائياً"!
غير ان الخطير في التطورات التي طرأت في الساعات الاخيرة تمثل في معلومات عن تدخلات أدت الى اقحام العامل السياسي في المسار القضائي بعدما يئس الافرقاء الضاغطون لاحالة الملف على المجلس العدلي من محاولاتهم. ففي ظل رفض جنبلاط هذه الاحالة وتضامن الرئيسين بري والحريري معه، كشفت أوساط قريبة من الحزب التقدمي الاشتراكي لـ"النهار" ان الخطة البديلة برزت مع فبركة أشياء مريبة وغير قانونية ومورست ضغوط على القاضي كلود غانم لإصدار ادعاء لا علاقة له بالتحقيقات التي أجرتها شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي. ومع ان القاضي طلب معلومات من الاجهزة الأخرى وأبرزها مديرية المخابرات في الجيش، فإن أي معلومات جديدة لديها لم تتوافر وما توافر كان مطابقاً لتحقيقات شعبة المعلومات. وقالت هذه الأوساط إن الادعاء الذي صدر يعتبر ادعاء سياسياً تحت ضغط فريق وزاري للعهد. وتحدثت عن شمول الضغوط نفسها قاضي التحقيق الاول فادي صوان "واجباره على التنحي عن الملف ونقله الى القاضي مارسيل باسيل"، ونسبت الى أحد الوزراء المعنيين مباشرة بهذه الاتهامات قوله "نريد قاضياً مطيعاً"، كما تحدثت عن فضيحة في نقل الملف أيضاً لان القاضي باسيل هو غير مناوب في العطلة القضائية وخلصت إلى "ان المعركة انتقلت بكل تدخلاتها السافرة الى المحكمة العسكرية". 

ازمة لا ثقة! وقالت مصادر مطلعة لـ"الجمهورية"، انه كان من المنتظر أن يتحرّك رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في اتجاه رئيس مجلس النواب نبيه بري إذا شهدت الأزمة حلحلة، لكن ما حصل ان جنبلاط انتقل من منزله في بيروت الى قصر المختارة في الشوف، فيما سيغادر رئيس الحكومة سعد الحريري خلال الساعات المقبلة الى الخارج في اطار زيارة عائلية، على ان يعود مطلع الاسبوع المقبل. الامر الذي دلّ الى ان الازمة ما زالت عصية على المعالجة وان التوافق بين المعنيين ليس متاحاً بعد. 
وأكّدت هذه المصادر، "ان مساحة كبيرة من اللاّثقة لا تزال سائدة بين الأفرقاء المعنيين، وأن ما يعوق الاتفاق بينهما على المعالجة المطلوبة هو ما يسمّى الضمانات التي يطالب بها البعض، إذ كان هناك تعويل على اللقاء الذي انعقد برئاسة رئيس الجمهورية في قصر بعبدا امس الاول، وكذلك على مسعى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، لكن زيارة الوزير وائل ابو فاعور للحريري موفداً من جنبلاط مساء أمس الأول اعادت السلبية الى الأجواء، ما أبقى مقترحات الحلول تترجح بين إحالة الى المجلس العدلي مرفقة بضمانات، أو إبقاء القضية في عهدة المحكمة العسكرية، وتنفتح في حال استدعت التحقيقات على مجلس عدلي، لكن في ظل مساحة اللاثقة الكبيرة السائدة بينهما عاد الفريقان المعنيان بالأزمة، أي جنبلاط ورئيس "الحزب الديموقراطي اللبناني" طلال ارسلان الى رفع السقف، خصوصاً جنبلاط، الذي ينظر الى المرحلة الراهنة بكثير من القلق والإرتياب، خصوصا في ضوء التطورات الجارية في اليمن ومنطقة الخليج عموماً. 

مبادرة ابراهيم: وافادت "الشرق الأوسط" من مصادر وزارية أن إبراهيم لم يقرر التحرك لتسويق مبادرته الجديدة إلا بعد تلقيه إشارات إيجابية من الرئيس عون وقيادتي "حزب الله" و"التيار الوطني الحر". وقالت المصادر إن اللواء إبراهيم نقل ما سمعه لجهة ضرورة انعقاد مجلس الوزراء إلى رئيسي البرلمان نبيه بري والحكومة سعد الحريري وجنبلاط، وإنه لقي منهم تشجيعاً لمعاودة تحركه في اتجاه جميع الأطراف.
وكشفت المصادر عن أن إبراهيم انطلق من تسويق مبادرته المتجددة في ضوء إعلامه من رئيس الجمهورية بأنه سيتولى شخصياً إقناع أرسلان بوجوب التجاوب مع الطرح الذي أعده إبراهيم، وينص على التلازم بين معاودة جلسات مجلس الوزراء، والاحتكام إلى القضاء العسكري الذي ينظر حالياً في ذيول ومضاعفات حادثة الجبل. وأكدت المصادر أن ما طرحه إبراهيم لا يأتي على ذكر إحالة الحادثة إلى المجلس العدلي على الأقل في الوقت الحاضر، بل التريّث إلى حين الانتهاء من التحقيقات التي تجريها المحكمة العسكرية. ولفتت أيضاً إلى أن الاحتكام إلى مجلس الوزراء للتصويت على هذه الإحالة سُحب من التداول بسبب رفض الحريري وجنبلاط، فيما يفضّل الرئيس بري عدم الغوص في الوقت الحاضر في مثل هذه المغامرة، وبالتالي من الأفضل الوصول إلى تسوية بدأت تشق طريقها من خلال المحكمة العسكرية.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o