Jul 31, 2019 6:46 AM
صحف

الطائف في دائرة الصراع: بري قلق من ان تكون رسالة عون فاتحة لتعديلات دستورية

في خضم الازمات المتناسلة والمتفاقمة، يبدو البلد منزلقا الى مزيد من التعقيدات، في ظل ما يقبل عليه بعض الفريق الحاكم من خطوات تزيد مروحة الشكوك والاعتراضات. واذا كان الوزير سليم جريصاتي، كما أفادت مصادر قريبة منه، نقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري ترحيبه بالرسالة التي ينوي رئيس الجمهورية ميشال عون توجيهها الى المجلس لتفسير المادة 95 من الدستور وفقاً لما تنص عليه صلاحياته، فان الترحيب الشكلي لا يعبر عن القلق الذي ينتاب بري من ان تكون الرسالة فاتحة للدعوة الى تعديلات دستورية تقابل بتعديلات أخرى، ما يطيح اتفاق الطائف، أو يدخل البلاد في دوامة من الصراعات والمطالب والشروط المتقابلة. في المقابل، تبدي رئاسة الحكومة مع رؤساء الوزراء السابقين حذراً حيال "انقلاب على الطائف" يعيد عقربي الساعة الى الوراء. وقد عبر عن الامر امس النائب السابق محمد قباني عندما طالب الرئيس بري بـ " الانتقال باتفاق الطائف والسير به الى الامام وليس الى الوراء". 

ومن المنتظر ان يوجّه رئيس الجمهورية رسالة الى مجلس النواب من اجل توضيح المادة 95 من الدستور التي تنص على الغاء الطائفية السياسية والتي لم تطبّق بعد، كخطوة اعتراضية أولاً، هدفها محاولة حسم الجدل الدائر باستمرار حول طائفية الوظائف. وفي الوقت نفسه، يوقع الرئيس ميشال عون وينشر قانون الموازنة مع قانون امهال الحكومة ستة اشهر لتقديم قطوعات الحسابات المالية. 
وأوضحت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية لـ"النهار" أن توجيه رئيس الجمهورية رسالة الى مجلس النواب اجراء في صلب صلاحياته المنصوص عليها في الدستور. فمن وجهة نظره، ثمة خلل شاب الموازنة في الفقرة المضافة الى المادة 80، وعلى رغم ذلك فإنه ليس في وارد رد الموازنة أو الطعن فيها، لكن المادة 95 من الدستور التي يفسّرها البعض في شكل خاطئ في مثل هذه الحالات يجب أن توضّح في مجلس النواب . وإلى أن تطبق المادة 95 يجب الحفاظ على مقتضيات العيش المشترك، والمناصفة والتوازنات الطائفية في البلد. 

رئيس الجمهورية الذي أوفد الوزير سليم جريصاتي، الى عين التينة، توافق مع رئيس المجلس على الخطوات التي ينوي القيام بها. ونقل جريصاتي أيضاً من الرئيس بري الى الرئيس عون، أفكاراً لم يكشفها. الا أنه علم ان الرئيس بري أبدى كل ايجابية حيال الرسالة الرئاسية كما حيال اقتراح القانون المعجل المكرر الذي ينوي "تكتل لبنان القوي" تقديمه مع حلفائه من أجل شطب الفقرة المضافة الى المادة 80 في الموازنة، والتي نصت على انه "يحفظ حق الناجحين في المباريات والامتحانات التي أجراها مجلس الخدمة المدنية بناءً على قرار مجلس الوزراء وأعلنت نتائجها حسب الأصول بتعيينهم في الإدارات المعنية". 
واستغربت المصادر لحظ هؤلاء الفائزين في مجلس الخدمة وعددهم لا يتجاوز الاربعمئة، فيما أكثر من 800 فازوا في دورة الجمارك وجمّد توظيفهم غير ان يحفظ حقهم، كذلك لم يحفظ حق من فازوا في مباراة الكتاب العدول حيث التوازن الطائفي قائم. 
وأضافت ان الشراكة الوطنية الحقيقية يجب ان تقوم على التكافؤ والتوازن بين الشريكين على كل المستويات.وهذا هو المنطلق الذي يفترض ان يكون تكريساً لاتفاق الطائف وللدستور الذي أنتجه الطائف، وتالياً لا يمكن القول ان رئيس الجمهورية يسعى الى تجاوز الطائف لأن ما يقوم به من صلب الطائف ومن يتجاوزه هو من يحاول تفسير نصوصه على هواه. 

الرسالة حق دستوري: وأوضحت مصادر مقربة من بعبدا لـ "اللواء" ان توقيع الرئيس عون لقانون الموازنة بين لحظة وأخرى أمر مفروغ منه، وهو منفصل عن توجيه الرسالة إلى مجلس النواب وقالت ان الرئيس عون بقي يراجع بعض الأمور قبل توقيع لقانون، خاصة وان التوجه ما زال قائماً بخصوص نشر الموازنة قبل غد الخميس، حيث ستكون له كلمة لمناسبة الاحتفال بعيد الجيش في الفياضية. 
ولفتت المصادر إلى ان توجيه الرسالة إلى مجلس النواب حق دستوري لرئيس الجمهورية، وهو سبق ان استعمل صلاحياته الدستورية في تجميد عمل المجلس النيابي لمدة شهر كامل، وكانت الأولى في تاريخ رؤساء الجمهورية، الذين دأبوا على توجيه رسائل مماثلة، مثل الرسالة التي وجهها الرئيس الراحل الياس الهراوي في العام 1998 وطلب فيها وضع آلية تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، والتي تنص عليها المادة 95 تمهيداً لدراسة مقترحات وسبل إلغاء الطائفية. 
كذلك رسالة الرئيس السابق اميل لحود عام 2000 التي حثّ فيها المجلس على اجراء انتخابات نيابية بمواعيدها الدستورية في ظل قانون يؤمن أفضل تعبير عن إرادة الشعب، في محاولة لحسم الجدل الدائر في شأن قانون الانتخاب. 
كما ان الرئيس عون سبق ان وجّه رسالة في نيسان من العام 2018 يطالب فيها المجلس بإعادة النظر في نص المادة 49 من قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة للعام 2018 والتي تقضي بمنح إقامة إلى كل عربي أو أجنبي يشتري وحدة سكنية في لبنان بالشروط التي حددتها المادة المذكورة. 
اجراءات الرسالة: ومعلوم انه عندما يرغب رئيس الجمهورية بتوجيه رسالة الى مجلس النواب عملا باحكام الفقرة 10 من المادة 53 من الدستور تطبق الاجراءات الاتية: 
1- اذا كانت رسالة رئيس الجمهورية مباشرة يبادر رئيس المجلس الى دعوة المجلس الى الانعقاد خلال ثلاثة ايام من تاريخ ابلاغه رغبة رئيس الجمهورية. 
2- بعد استماع المجلس الى رسالة رئيس الجمهورية يرفع رئيس المجلس الجلسة لمدة 24 ساعة تستأنف بعدها الجلسة لمناقشة مضمون الرسالة واتخاذ الموقف او الاجراء او القرار المناسب. 
3- اما اذا كانت الرسالة موجهة بواسطة رئيس المجلس فعليه ان يدعو المجلس للانعقاد خلال ثلاثة ايام لمناقشة مضمون الرسالة واتخاذ الموقف او الاجراء او القرار المناسب. 
وفهم من المصادر أن البحث في المادة 95 لا يعطل الأعتراض على الفقرة الأخيرة من المادة 80 موضع اللغط، واشارت مصادر وزارية الى ان لا بد من ازالة الإلتباس، خصوصا في ما يتعلق بما ورد في موضوع التوازن، علما ان هذه المادة لم تطبّق ومن اجل ما عرف بمقتضيات الوفاق الوطني تم اختراع 6 و6 مكرر انما لم يتم وضعها بهذا الأسلوب. 

الاولوية القصوى: وأسفت مصادر سياسية مطلعة للتأزّم السياسي الحاصل على أكثر من مستوى وصعيد، من حادثة البساتين، إلى تعطيل جلسات الحكومة، وصولاً إلى نبش الملفات التي تثير الحساسيات الطائفية وفتح نقاش في "جنس الملائكة" على غرار تفسير المادة 95 من الدستور، وكأنّ هناك من يريد عن سابق تصور وتصميم تسخين الوضع السياسي لسبب او بلا سبب. واستغربت المصادر عبر "الجمهورية" هذا التفسير المستجد للمادة 95 خلافاً للتفسير المعطى منذ إقرار "اتفاق الطائف" إلى اليوم، وكل ذلك من أجل إثبات وجهة نظر معينة، بما يُذكّر بالمطالعة القانونية التي أثارت ما أثارته من ردود فعل حول صلاحيات رئيس الحكومة المكلّف إبّان فترة تأليف الحكومة. وتخوفت المصادر نفسها من عودة الفرز الطائفي والمذهبي، والذي أطلّ برأسه في أكثر من محطة في الأشهر الأخيرة، من الكلام عن السنّية السياسية والمارونية السياسية، إلى رفض تأجير المسلمين في الحدث، وصولاً إلى المادة 80 في الموازنة والمادة 95 في الدستور، في محاولة لإحراج المسلمين من زاوية انّ كل من لا يتبنى التفسير المستجد هو ضد التعايش، وكذلك إحراج المسيحيين من زاوية انّ كل من لا يماشي هذا التفسير هو متخاذل. 
واعتبرت هذه المصادر، "ان الأولوية القصوى في المرحلة الحالية يجب ان تكون إنهاء التعطيل الحكومي، الذي يشكّل المدخل الوحيد لإعادة الاستقرار السياسي تمهيداً لترسيخ الاستقرار الاقتصادي الذي اهتزّ كثيراً بسبب اهتزاز الانتظام المؤسساتي، خصوصاً انّ الوضع الاقتصادي سيئ وكانت الأنظار مشدودة الى ترجمة موازنة 2019 باستقطاب استثمارات "سيدر" ووضع موازنة 2020، فإذا بالبلاد تعود أدراجاً إلى الوراء من خلال عودة نغمة التعطيل في لحظة دقيقة اقتصادياً". 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o