Jul 29, 2019 6:11 AM
صحف

لماذا تمّ إجهاض المبادرة الجديدة لحلّ أزمة "البساتين"؟

وصلت معالجات أزمة حادثة قبرشمون- البساتين إلى جدار عال من الاسمنت سميك نتيجة تمسك طرفي الأزمة بمواقفهما حيال إحالة الجريمة إلى المجلس العدلي أو إلى القضاء العسكري، ما دفع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الذي يرعى مبادرات الحل إلى تحميل جميع الأطراف المسؤولية لما آلت إليه الأمور، فيما ذهب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى حدّ رفض اقتراح عقد لقاء مع رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان في قصر بعبدا، فيما بدا واضحا ان المختارة اتخذت خيار المواجهة بدل الاستسلام، على حدّ تأكيد مصادر "مستقبلية". 

وقال جنبلاط في حديث إلى موقع مجلة "المدن" الالكتروني: "ما يجري عملية ابتزاز وتخويف كبيرة.. ولن أذهب إلى بعبدا لالتقي أرسلان.. وإذا كان لا بد فمع مندوب مباشر للسيد نصرالله". متسائلاً عن أسباب انتقال تنظيم الخلاف السياسي (مع حزب الله) إلى عداء سياسي في هذه المرحلة؟ 

أضاف: "يريدوننا ان نكون اما معهم أو ضدهم، وربما ما يجري هو في سبيل الضغط على سعد الحريري لأن نكون في صفوفهم، أو ان نصطف معهم في ظل المواجهة الكبرى بينهم وبين الأميركيين.. لكن لا يُمكن القبول بالاستسلام". 

وكان جنبلاط يرد على ما تردّد عن اقتراح جديد طرحه اللواء إبراهيم بمبادرة من الرئيس نبيه برّي بتسوية لحادثة قبرشمون يقوم على عقد لقاء خماسي في بعبدا يحضره الرؤساء الثلاثة مع جنبلاط وارسلان لتسوية المشكلة، بالتلازم مع عودة مجلس الوزراء إلى الانعقاد من دون الوزيرين اكرم شهيب (عن الاشتراكي) وصالح الغريب (عن الديمقراطي)، لكن الرئيس الحريري أكّد انه ليس في وارد الموافقة على ربط دعوة مجلس الوزراء للانعقاد بالمسار الذي ستسلكه مبادرة إبراهيم، أو ان لا تشمل الدعوة ايا من الوزراء. 

وعزت مصادر حكومية سبب عدم موافقة الحريري إلى ان هناك من يحاول التعامل مع اللقاء الخماسي المقترح في بعبدا وكأنه المرجعية التي سيناط بها تحديد الإطار العام للعناوين التي ستناقش في مجلس الوزراء، كما ان القبول ببعض مضامين الاقتراح يعني ان الحريري قرّر بملء ارادته التنازل عن صلاحياته لجهة توجيه الدعوة لعقد الجلسة وتحديد جدول أعمالها بعد التشاور مع رئيس الجمهورية، بحسب "اللواء". 

ورأت ان مجرّد تعليق دعوة مجلس الوزراء على اجتماع سياسي يقع خارج حدود الدستور ولن يلقي تأييدا من الحريري، فكيف إذا أريد منه ان يوجه دعوة مبتورة لعقد الجلسة. 

وفي هذا السياق، نقلت محطة L.B.C عن مصادر الحريري قولها ان الدعوة لعقد جلسة للحكومة ما زال مخططا لها. موضحة بأن "الكلام المتداول حالياً عن استقالة الحريري جرّاء تراكم الأزمات ليس سوى تمنيات، ولم يتم التطرق إليه ابداً، وقالت: "نحن نسمع من رئيس الحكومة كلاماً عن قرف وانزعاج وعدم رضى، لكننا لم نسمع كلاماً عن استقالة". 

وأشارت إلى ان الحريري "يعمل على تهدئة الأمور في ملف حادثة قبرشمون، ولم يصل إلى حائط مسدود"، لافتة إلى ان "الخلاف ليس مع الرئيس ميشال عون بل مع "التيار الوطني الحر" الذي يدرج كل أسبوع مشكلة جديدة على قاعدة "علِّي وخود جمهور" كما حصل في زحلة. 

الا ان تصريح اللواء إبراهيم لمحطة "الجديد" أوحى ان الاقتراح الجديد لم يجد طريقة إلى القبول، لا من الحريري ولا من جنبلاط وارسلان، حيث قال إبراهيم لـ"الجديد": "انا أعمل للقاء مصالحة تسبقه مصارحة، لكن يبدو ان كل الأطراف لا تريد المصارحة"، إلا انه أبلغ الرئيس ميشال عون والمعنيين انه مستمر في اتصالاته في الساعات 48 المقبلة لتحريك الأمور والتوصل إلى نتائج إيجابية. 

ورد ارسلان فورا على جنبلاط عبر تغريدة قائلاً: "لن ألتقي جنبلاط على حساب دم الشهداء علاء أبي فرج ورامي سلمان وسامر أبي فرّاج... القاتل واحد والحقد واحد والضغينة واحدة واللي بيوقع من السما بتستلقي الأرض... زمن اللعب بدم الأبرياء قد ولّى وسنكون بالمرصاد لأي تحرك مشبوه مهما كلّف الثمن". 

وعلى خط آخر علمت "اللواء" ان مسؤولي وكالة داخلية الحزب الاشتراكي في منطقة عاليه يجولون منذ مدة على العائلات والفعاليات المسيحية في المدينة والمنطقة في سبيل طمأنتهم الى سلامة وجودهم وعدم المس بهم بعد الاحداث التي حصلت بموازاة حادثة قبرشمون، وقد عقد امس لقاء موسع في منزل مدير "مركز ستاتيستيك ليبانون" ربيع الهبر في الحي الغربي بعاليه، حضره عضوا وكالة داخلية الحزب هشام الريس ويوسف دعيبس ونحو خمسين شخصا من اهالي عاليه المسيحيين، ووصفت مصادر متابعة هذه اللقاءات بأنها ايجابية ومُطمئِنة. 

الى ذلك علمت "اللواء" ان المبادرة لمعالجة حادثة قبرشمون لم تعلق، وانه يتم انتقال من واحدة الى اخرى انما الوضع يضغط وقالت مصادر مواكبة لما يجري لـ"اللواء" ان الحكومة مدعوة الى الاجتماع لاتخاذ قرارات في عدد من الملفات، مشيرة الى ضرورة ان يضع القضاء المختص يده على كل جريمة وفقا لتوصيفها الجرمي، على ان الكلام عن الخوف من تحويل مجلس الوزراء الى ساحة خلاف بسبب التصويت للاحالة الى المجلس العدلي ليس في محله، لأن الحكومة هي المساحة لبت اي خلاف والا اين تترك الخلافات هل في الشارع فنجد البساتين رقم 2 انطلاقا مما جرى امام منزل الوزير صالح الغريب. 

وقالت انه ليست نهاية العالم اذا أحيلت الحادثة الى المجلس العدلي كما انه ليست نهاية العالم اذا لم تحال مذكرة بكيفية نتيجة حسم التصويت في حال تم. 

واوضحت انه في حال لم تحصل كل تلك الأمور فإن القضاء العسكري المختص ينظر بحادثة البساتين فيما القضاء العادي ينظر بحادثة الشويفات. 

وكررت القول ان على مجلس الوزراء الانعقاد من اجل معالجة الملفات المؤجلة. 

إلى ذلك، اكّد مسؤولون اشتراكيون لـ"الجمهورية"، انّ خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله بما تضمنه، صبّ الزيت على النار، واستبطن المنحى التطويعي والتحجيمي الذي يتم سلوكه ضد وليد جنبلاط، ومن شأن هذا المنحى ان يؤدي الى عواقب غير محمودة، وخصوصاً انّ الجو الدرزي في اكثريته الساحقة، في اعلى درجات التشنّج والاحتقان إن في اتجاه "حزب الله" او في اتجاه "التيار الوطني الحر". علماً انّ جنبلاط ردّ بموقف قاسٍ على نصرالله واتهمه بأنه "نصّب نفسه محققاً وقاضياً وابرم الحكم سريعاً".

وعلمت "الجمهورية"، انّ الساعات الثماني والاربعين الماضية، شهدت حركة اتصالات مكثفة لاحتواء الموقف، ولكن من دون ان تظهر اي علامات تقدّم في هذا الاتجاه، وقاد جانباً اساسياً منها، رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي اجرى سلسلة اتصالات في اكثر من اتجاه، والتقى في الوقت نفسه الوزير السابق غازي العريضي. واكّد بري خلال هذه الاتصالات انّ "الأزمة القائمة لا بدّ ان تُحتوى وتُعالج بالتفاهم والمصالحة، ذلك انّ تفاقم الامور سيقود البلد الى سلبيات خطيرة، ما يوجب على الجميع تداركها قبل حصولها".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o