May 03, 2019 7:30 AM
صحف

حكومة بثلاثة وزراء مال! والمجلس امام مهمة صعبة!

إهتزّت الموازنة "العملاقة" في جلسة مناقشتها الثانية الاربعاء الفائت، لكن الارباك والخوف من عدم إنقاذ الدولة منع سقوطها وشكّلت "فَشّة خلق" وزير المال علي حسن خليل قبل انعقادها، ردّاً على التسريبات وما بات يُعرف بالشعبوية في التعاطي مع بنودها، والاجراءات التقشفية المقترحة شكّلت رافعة لعودة الأمور إلى السكة.
وكشفت مصادر وزارية "ان خليل ذهب أبعد من "فشّة الخلق"، وكان مجلس الوزراء أمام خطر الإطاحة بالموازنة على خلفية السجال الحاد بين خليل ووزراء "التيار الوطني الحر"، والذي هدّد وزير المال نتيجة حِدّته بالانسحاب من الجلسة لولا تدخل رئيس الحكومة سعد الحريري الذي حاول تهدئة الجو وبلهجة عالية طالباً توحيد الخطاب، الأمر الذي رفضه خليل في اعتبار أنّ الحكومة لا تضم وزيرين أو 3 لوزارة المال، قائلاً: "فليعلم القاسي والداني، أنا وزير مالية لبنان وأنا مَن يتحمّل هذه المسؤولية، وكفى مزايدات وتطاولاً وعراضات".
وانتهى السجال بمصارحة وبتأكيد وزير الخارجية جبران باسيل أنه لا يناور، وأنه مع الاجراءات التقشفية والى جانب رئيس الحكومة ووزير المال في اتخاذ القرارات، ما مَهّد لعودة النقاش في الموازنة الى الهدوء وحصره علمياً وتقنياً وبالأرقام.
فجاءت جلسة الأمس بمناخات ودية.

لا موازنة قبل الاحد: ونُقل عن مصادر وزارية قولها "انها تستبعد الانتهاء من مناقشة مشروع الموازنة الأحد، واضافت أنه على رغم التشنّج الذي ساد الجلسة السابقة الّا أنها كانت أسرع، في حين أن جلسة الأمس كانت أبطأ "الى حدّ مضيعة الوقت على مواضيع استطرادية يمكن الاستغناء عنها لأننا نناقش على تَماس مع الوقت، والرئيس الحريري أبلغنا نيته الانتهاء مساء الأحد، وإرسال الموازنة الى رئيس المجلس النيابي ليحيلها الى اللجان، ومن ثمّ الى الهيئة العامة لإقرارها قبل نهاية هذا الشهر".

مهمة صعبة: في هذه الاثناء بَدا واضحاً للمراقبين ان مجلس الوزراء أمام مهمة صعبة، فهو من جهة مضغوط بالاعتراضات التي طاولت مشروع الموازنة، وكذلك بالتحركات الاحتجاجية التي بدأتها القطاعات العمالية والنقابية والتي تلوّح برفع مستوى التصعيد، الى حد الاضراب المفتوح وتعطيل المؤسسات والادارات وشَلّ الدولة بكاملها إذا ما استمر هذا المنحى، وتجاهل الابواب الاساسية الطبيعية التي يجب ولوجها لخفض العجز في الخزينة.
ومجلس الوزراء مضغوط أكثر من جهة ثانية، بما وصفت "موازنة أرقام" لا أكثر ولا أقل، تفتقد في رأي الخبراء في عالم المال والاقتصاد الى الرؤية الحقيقية لمعالجة الأزمة الاقتصادية الخانقة، والآيلة الى الاستفحال أكثر في غياب هذه الرؤية التي يفترض ان تحدد خريطة الطريق الى إنقاذ اقتصادي سليم وسريع، وليس باللجوء الى سياسة حقن المريض بالمسكنات على ما هو معتمد في مشروع الموازنة الذي يبحث فيه مجلس الوزراء خلال جلساته الحالية. وخطورته أنه بمجرّد زوال مفعول هذه المسكنات سيعود المريض الى وجعه ويتفاقم مرضه ونعلق في الدوامة نفسها مجدداً، وعلى نحو أخطر من السابق.

حلقة الأرقام
واللافت انّ النقاش في مجلس الوزراء، يدور في حلقة الارقام فقط، وفي جَوّ شديد من التوتر ملفوح بكثير من المزايدات المتبادلة التي تزيد الرؤية غباشة وتعقيداً. واذا كان وزير المال قد أكد انّ بنود الموازنة التي أعدّها ليست مقدسة، وبالتالي يمكن إدخال تعديلات عليها بما يؤدي الى تحسينها، فإنّ ما يلفت الانتباه هو انّ النقاش الوزاري يعكس عدم توافر أيّ رؤية جدية للمعالجة الاقتصادية، وهنا تكمن العقدة، لا بل المشكلة الكبرى، على ما يقول الخبراء الاقتصاديون الذين يؤكدون أنّ خفض العجز الى ما دون 9% هو أمر مهم، ومن شأنه أن يوجّه رسالة جيدة الى الخارج مفادها أنّ لبنان جدي في السعي الى إنقاذ نفسه وخفض العجز المالي الذي يعانيه، الّا انه يبقى بلا اي جدوى إن لم يكن هناك أساس متين يرتكز عليه لتحقيق النمو المطلوب، فالارقام وحدها، سواء أكانت على شكل زيادات أو على شكل تخفيضات، لا تحلّ المشكلة، إن لم يقترن ذلك بالرؤية الاقتصادية التي تشكل وحدها الوصفة الطبية اللازمة للمرض الاقتصادي المستفحل

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o