May 02, 2019 11:11 AM
اقتصاد

افتتاح "منتدى الاقتصاد العربي" بمشاركة 600 من 23 دولة
الحريري: مصرّون على الإصلاحات المطلوبة رغم الصعوبات
مدبولــي: مصـر بدأت جنـي ثمـار الإصــــــلاح

المركزية- اعتبر رئيس الحكومة سعد الحريري أن "التحدي الأبرز المشترك اليوم بين الدول العربية، هو كيفية تحفيز النمو وتنويع مصادره لإيجاد فرص عمل لشبابنا"، معتبراً أنه "أصبحت لدينا جميعاً قناعة تامة بأن هذا الأمر لا يمكن تحقيقه من دون تنفيذ إصلاحات من شأنها تطوير اقتصاداتنا الوطنية وتحديثها، وجميعنا مقتنع بأنه من دون تحديث إجراءاتنا وقوانينا وإداراتنا وتعزيز الحوكمة والشفافية، لا يمكن للقطاع الخاص تحقيق إمكاناته وبالتالي، لا نمو ولا ازدهار ولا استثمارات". وقال "وضعنا رؤية متكاملة للنمو وفرص العمل، ولدينا إصرار، رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب وأنا، على القيام بالإصلاحات المطلوبة بالرغم من كل الصعوبات الموجودة لانها تصبّ في النهاية في مصلحة الوطن وتطوير الاقتصاد وتوفير فرص عمل للشباب"، مشدداً على ضرورة الاستفادة من التجربة المصرية التي حصلت في السنوات الماضية في هذا الخصوص.

وقائع المنتدى: استضافت بيروت افتتاح الدورة 27 لـ "منتدى الاقتصاد العربي"، في حضور راعي المنتدى الرئيس الحريري، ورئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، على رأس وفد مصري رفيع من القطاعين الحكومي والخاص، باعتبار أن مصر ضيف شرف المنتدى، حيث ضم الوفد وزراء الاستثمار سحر نصر، وزير البترول والثروة المعدنية طارق الملا، وزير الكهرباء والطاقة الجديدة والمتجددة محمد شاكر المرقبي، وزير التجارة والصناعة عمرو نصار، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عمرو طلعت، وزير القوى العاملة محمد سعفان، ورئيس اتحاد الغرف المصرية أحمد الوكيل.

وحضر حفل الافتتاح أكثر من 600 مشارك من 23 دولة، يتقدمهم الرئيس فؤاد السنيورة، وزراء ونواب لبنانيون حاليون وسابقون، وسفراء، ورؤساء مصارف وشركات لبنانية وإقليمية ودولية ورجال أعمال من مختلف أرجاء البلدان العربية.

الحريري: وألقى الرئيس الحريري كلمة جاء فيها: "أرحّب بكم جميعاً في بيروت ويشرفني بهذه المناسبة الترحيب بالأخ والصديق الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس وزراء جمهورية مصر العربية  وبأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط وبكل الوزراء والقياديين ورجال الاعمال والمصرفيين العرب، الذين أعتدنا في كل عام على لقائهم في هذا المنتدى الكريم.

ينعقد هذا المنتدى في وقت لا تزال منطقتنا العربية تمر في مرحلة دقيقة جداً تتطلب منا رفع مستوى التواصل وتعزيز التعاون المشترك فيما بيننا.

واجتماع اللجنة العليا اللبنانية المصرية المشتركة غداً في بيروت يصب في اتجاه إرساء الأسس لمزيد من التعاون والتنسيق بين لبنان ومصر لتعزيز التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة.

ان التحدي الأبرز المشترك بين دولنا اليوم هو كيفية تحفيز النمو وتنويع مصادره لإيجاد فرص عمل لشبابنا. وأنا أعتقد بأنه أصبح لدينا جميعاً قناعة تامة بأن هذا الامر لا يمكن تحقيقه دون تنفيذ الاصلاحات التي من شأنها تطوير اقتصاداتنا الوطنية وتحديثها. فمن منا اليوم لا يرى في الإصلاح مدخلاً لاقتصاد وطني قوي ولغد أفضل لشبابنا.

أضاف: طموحنا في لبنان،  كما هو طموح مصر، هذه العدوى يجب ان تنتقل الى كل الدول العربية بالفعل، بالانفتاح  وتطوير الاقتصاد، وعلينا ان نتحدث مع الناس بصدق حول ما يجري في البلد والمشاكل التي يتعرض لها ، ونرى ونتعلم ماذا حصل في الدول التي كانت تعاني من الفساد والهدر وعدم توفر فرص العمل وأصبحت اليوم في مصاف الدول المتقدمة. اليوم بعد تسلم الرئيس عبد الفتاح السيسي سدة الرئاسة امسك بيده زمام الامور، وقرر مع فريق عمل ومع رئيس الوزراء والوزراء تغييّر وجهة مصر وهذا ما حصل. أحيانا التغيير يواجه صعوبات، لان الناس تعودت على وجودهم في وضع امن محدد لا يريدون الخروج منه، ومرتاحون على أوضاعهم، ويرفضون التغيير. ولكن  بعد الأحداث التي حصلت في مصر ووصول الرئيس السيسي، اكتشف الى اي مدى مصر متأخرة، كما نحن اليوم في لبنان من حيث قوانينا القديمة وانفتاحنا وطريقة العمل التي يجب ان نعمل بها ، لذلك يجب علينا تحديث كل القوانين في لبنان مثل ما نعمل عليه اليوم وكما فعلت مصر في السنوات الاخيرة وهم مستمرون بذلك.

وقال: لذلك علينا الاستفادة من الخبرة والتجربة المصرية التي حصلت، ان كان في مجالات الكهرباء او الاتصالات  او الغاز والبترول  وغيرها من القطاعات، ما نحاول ان نقوم به اليوم في لبنان فعليا كما فعلت مصر،  ولكن الفرق ان مصر عانت في مرحلة من المراحل اقتصاديا اكثر من لبنان. لدينا اليوم خيار في لبنان اليوم هل نريد الوصول الى مكان نسقط فيه اقتصاديا؟ او ننظر الى دولة كمصر ورئيس مثل الرئيس السيسي والرئيس مدبولي ونقول هذه هي التجربة التي يجب ان نطبقها؟ هذا هو التغيير الذي يجب ان نقوم به، وكما  قال الرئيس مدبولي، نحن ننظر الى الصين ونرى الى اين وصلت، فهي تعمل منذ ثلاثين سنة على التغيير في برامجها وأخذت قرارا بانها تريد ان تكون اول دولة متقدمة في العالم بالنسبة الى الذكاء الاصطناعي.   وكما أخذت مصر قرارا بانها تريد تطوير نفسها خلال العشر سنوات او الخمسة عشر عاما المقبلة وتعود بلدا متطورا  كما كانت في الماضي.

أضاف: نحن في لبنان نريد القيام بذلك، هذه العدوى بدأت ربما في الخليج ، حيث هناك تغييرات وانفتاح، اليوم نراها في مصر، وان شاء الله تمتد هذه العدوى الى كامل العالم العربي، حتى نكون جميعا فريقا واحدا نعمل سويا. ان اللجنة العليا اللبنانية -المصرية تسير بشكل فعلي على هذا الطريق، واذا كان طريق الحرير سيمر على كل منطقتنا، علينا ان نبني نحن طريق الدول العربية، حتى يكون لدينا انتشار في كل هذه الدول العربية، كذلك لكي ينتشر اقتصادنا ويتطور فيها.

اخيرا، اشكر الرئيس مدبولي واشكركم جميعا، في لبنان ومن المؤكد ان هناك تحديات كبيرة تواجهنا ولكن ما استطيع ان اقوله لكم هو ان رئيس الجمهورية وانا وايضا رئيس مجلس النواب، لدينا اصرار على القيام بالاصلاحات المطلوبة على الرغم من الصعوبات الموجودة وهي مهمة ليست سهلة ، خاصة اذا اردنا محاربة الفساد والهدر، وفعليا اقول ان الهدر يمكن انه هو مصيبة المصائب لدينا في الدول العربية، والفساد والهدر الحقيقي هو في الوقت الذي نضيعه سدى كل يوم من دون تطوير قوانيننا، وعندما تصل فاتورة الكهرباء لدينا الى 40 مليار دولار فهذا هو الهدر والفساد ايضا. لذلك نحن ننفذ خطط اصلاحية متفائلة. البعض يتسأل كيف يمكننا تنفيذ هذه هذه الاصلاحات؟ واقول ان هذه الاصلاحات هي لمصلحة المواطن اللبناني والشباب والشابات الذين لا يجدوا وظائف في الوقت الحالي.

اشكر الرئيس مدبولي وان شاء الله سنكمل العمل،  ووعدي لكم كما كان يفعل الرئيس الشهيد رفيق الحريري عندما اتى الى لبنان ولم يكن هناك غير الدمار فأعاد أعمار البلد ونحن سنكمل بهذه الطريق".

مدبولي: رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أشار في كلمته إلى أن "لبنان يواجه حاليا تحديات شبيهة لما واجهناه، وبالعمل الدؤوب، سيتمكن لبنان من تجاوز كل هذه التحديات"، وعرض أهم الجهود التي بذلتها مصر خلال السنوات الأخيرة لتحقيق الاصلاح الاقتصادي في سبيل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الشاملة والمستدامة، فمُنذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة البلاد في يونيو 2014 ، رُسِمَت ملامح واضحة للانطلاقة كان أساسها تثبيت أركان الدولة وضمان استقرارها وأمنها داخلياً وخارجياً، ثم تلا ذلك ملفات خاصة بأبعاد اجتماعية؛ لضمان الاستقرار الداخلي الذي تزامن مع برنامج طموح لإصلاح الاقتصاد وتبنيه لإجراءات اتصفت بالجرأة والوضوح، وأضاف أن "المخطط المصري يضع لأول مرة البُعد المكاني كمكون أساسي في خطط التنمية، جنباً إلى جنب مع البعد الزمني للخطة والتغيرات القطاعية؛ فقد كان التركيز على خلخلة الكثافة السكانية وضخ استثمارات ضخمة من خلال إطلاق 20 مجتمعاً جديداً؛ وهو ما أدى بالفعل إلى اتساع الطاقة الاستيعابية للاستثمار في مصر، والذي رصدته وأكدت عليه التقارير الدولية. وتحدث عن استراتيجية التنمية المستدامة والتي جاء في إطارها برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الذي بدأت الحكومة في تنفيذه اعتباراً من نوفمبر 2016".

وأكد مدبولي أنه "رغم صعوبة التحديات، إلا أن مصر بدأت بالفعل تجنى بعض الثمار والنتائج الايجابية للإصلاحات والجهود المبذولة خلال الفترة الأخيرة، وجاء أهمها في تحقيق الاقتصاد المصري أعلى معدل نمو سنوي منذ عشر سنوات بلغ 5,3 في المئة خلال العام المالي 17/2018، ونمت الصادرات غير البترولية من 15 إلى 17 مليار دولار، بنسبة زيادة 12,7 في المئة في عام 17/2018، كما حقق ميزان المدفوعات فائضاً بلغ نحو 12,8 مليار دولار، وارتفع كذلك حجم احتياطيات النقد الأجنبي من 14,9 مليار دولار في يونيو 2014 ليصل إلى 44 مليار دولار في فبراير 2019؛ لتُغطي حوالى ثمانية أشهر من الواردات السلعية بعد أن كانت تغطي ثلاثة أشهر فقط".

وأضاف مدبولي: تستهدف الحكومة أيضاً رفع معدلات النمو الاقتصادي بشكل تدريجي من 5,3 في المئة في العام 17/2018 إلى 8 في المئة بحلول عام 21/2022، وتعزيز دور الاستثمار الخاص في دفع هذا النمو بمواصلة الجهود المبذولة لتحسين بيئة الأعمال، خاصةً ما يتعلق بميكنة إجراءات تأسيس الشركات وتبسيطها وخفض تكلفتها، والتوسع في المناطق الحرة وإنشاء 12 منطقة استثمارية جديدة، وتأسيس منصة شاملة لتحفيز بيئة ريادة الأعمال، من خلال أربع ركائز أساسية هي: التمويل، وتأهيل رواد الأعمال، ومراكز خدمة ريادة الأعمال، والإصلاحات التشريعية والتنظيمية الجديدة، وكذا الاستمرار في تحديث الخريطة الاستثمارية، وتحديث بيانات الفرص الاستثمارية، بما ينعكس على جذب استثمارات خاصة تقدر بحوالي 200 مليار دولار خلال السنوات الأربع المقبلة، وزيادة صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بحوالي 47 مليار دولار.

وأشار إلى أن "الحكومة تُولي كذلك أهمية بالغة لتعزيز تنافسية قطاع الصناعة، بما يحقق زيادة معدل النمو الصناعي من 6,3 في المئة 18/2019 ليصل إلى 10,7 في المئة 21/2022، وذلك بالتركيز على إتاحة الأراضي الصناعية بأسعار تنافسية، وتبسيط إجراءات التراخيص الصناعية، والتوسع في المجمعات الصناعية المتكاملة بإنشاء 13 مجمّعاً صناعياً جديداً".

وأوضح أن "كل هذه الجهود المستهدفة في مجال تحسين بيئة الأعمال، تستهدف بالدرجة الأولى توفير حوالي 900 ألف فرصة عمل سنوياً، وقد نجحت الحكومة خلال السنوات الاربع الماضية في توفير 4 ملايين فرصة عمل، أسهمت في خفض معدلات البطالة إلى حوالي 8٫9 في المئة، لافتاً إلى أن الحكومة تولي أيضاً أولوية لتحسين مستوى معيشة المواطنين، بإنشاء 14 مدينة جديدة من مدن الجيل الرابع على مساحة 450 ألف فدان، بما يؤدي إلى زيادة الانتشار العمراني وتخفيف الضغط على الخدمات المتوفرة في المدن القائمة، إلى جانب الانتهاء من تطوير جميع المناطق غير الآمنة، والتي ستنتهى هذا العام، بتوفير 200 ألف وحدة سكنية تقريبا، لأهالينا سكان هذه المناطق، إضافة إلى التوسع في تقديم وحدات الإسكان التي تلائم مختلف فئات المواطنين بإنشاء 750 ألف وحدة سكنية بمشروع الإسكان الاجتماعي، إضافة إلى حوالي 400 ألف وحدة أخرى بالإسكان المتوسط، وتنفيذ 5000 كم بشبكة الطرق القومية، وتحسين خدمات مياه الشرب بتنفيذ 265 مشروعا، فضلاً عن 594 مشروعاً لتطوير خدمات الصرف الصحي، والتوسع في شبكات الأمان الاجتماعي بتغطية 60 في المئة من السكان تحت خط الفقر في برنامج "تكافل وكرامة" بحوالي 18 مليون مواطن".

كما أشار رئيس الوزراء إلى أن تعزيز الابتكار وتطور بيئة الأعمال هو أهم ممرات العبور بالاقتصاد المصري نحو الاندماج الفعّال في الاقتصاد العالمي، ولذا فتسعى الحكومة المصرية للانخراط في الثورة الصناعية الرابعة. وقال: إلى جانب الإجراءات والإصلاحات التشريعية والمؤسسية التي تم اتخاذها لتهيئة بيئة الأعمال الداعمة للشراكة مع القطاع الخاص، تعمل الحكومة كذلك على خلق الفرص وفتح مجالات متعددة للاستثمار المشترك، ومن بين هذه المجالات برنامج الطروحات الحكومية الذي تسعى الحكومة من خلاله لطرح 23 شركة حكومية في البورصة في مدة تتراوح بين 24 و30 شهراً، بإجمالي حصيلة متوقعة تصل إلى حوالي 4,5 مليار دولار، في إطار المرحلة الأولى من البرنامج وبقيمة سوقية تصل إلى ما بين 2 - 3 مليارات دولار.

وأشار مدبولي إلى أن "الدولة أنشأت صندوق مصر السيادي؛ حيث صدر في شهر أغسطس الماضي قرار السيد رئيس الجمهورية بإصدار القانون رقم 177 لسنة 2018 بإنشاء صندوق مصر السيادي (برأس مال مرخص به 200 مليار جنيه ورأس مال مدفوع 5 مليارات جنيه مصري)، وتستهدف الحكومة المصرية أن يكون هذا الصندوق إحدى الآليات الفاعلة لتعزيز الاستثمار المشترك مع الصناديق السيادية والمؤسسات المالية الكبرى الدولية؛ لضخ رؤوس الأموال وتوفير التمويل للمشروعات الداعمة لتحقيق التنمية المستدامة".

وأضاف: التمويلات الموجهة للشركات الناشئة في السوق المصرية واصلت نموها بشكل ملحوظ، وبلغ إجمالي التمويلات التي جرى ضخها في الشركات الناشئة بمصر خلال العام الماضي وفق تقرير نشره موقع "باتريك أفريقيا" نحو 67 مليون دولار، مقارنة بحوالي 36,9 مليون دولار في 2017.. وتقترب مصر من سدّ الفجوة التمويلية القائمة بينها وبين الدول الأخرى الرائدة إقليمياً.

وأشار إلى أن "مصر في الوقت نفسه تؤمن بأهمية التكامل بين مبادرات التنمية المختلفة، وأن تأتي جهود الدول منسجمة وداعمة لهذه المبادرات، وفي هذا الاطار تقدم مصر للعالم المنطقة الاقتصادية لقناة السويس كمركز لوجستي واقتصادي عالمي يسهم بفاعلية في تطوير حركة الملاحة والتجارة الدولية، ويفتح آفاقاً استثمارية رحبة في مجالات متنوعة وواعدة، خاصة في قطاعات: النقل والطاقة، والبنية التحية، والخدمات التجارية؛ ليكون محور قناة السويس رابطاً تجاريا واقتصادياً يتكامل مع مبادرة الحزام والطريق ويربطها بإفريقيا. من هنا، فإن مصر بالتالي تُعد محور الانطلاق، ليس فقط للسوق المصري والاقليمي، وإنما لخدمة أسواق كبيرة في المنطقة تشمل إلى جانب المنطقة العربية إفريقيا وأوروبا وبعض الشركاء، وذلك بحكم الاتفاقات والمعاهدات التجارية مع هؤلاء الشركاء".

ولفت مدبولي إلى أن "السفير أحمد أبوالغيط، أمين عام جامعة الدول العربية، أوضح فى كلمته بالمنتدى، أن الدول الآسيوية وعلى رأسها الصين تقدمت كثيرا في الأربعين عاما الماضية، ويبقى التساؤل بين شعوبنا العربية، متى نتقدم مثل هذه الدول؟ والإجابة واضحة جدا، فهذه الدول كانت تعمل طوال هذه السنوات بانضباط، شديد، وجدية، تصل إلى حد القسوة في بعض الأوقات، ولذا نحن ليس أمامنا إلا العمل بجدية وانضباط، وأن يكون هدفنا هو الوطن، ثم الوطن، ثم الوطن، وليس أي مصالح شخصية أخرى".

 

أبو الغيط: أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط لفت إلى أن "ثمة محاولات تجري في عدد من دول المنطقة لتحويل الإمكانيات العربية، وهي كبيرة وواعدة، إلى "معادلة نجاح". والأهم أننا نلمس جميعاً تصاعد الإدراك، لدى الحكومات والشعوب، بأن التنمية والنجاح الاقتصادي هما قضية بلادنا وأمتنا في هذا العصر، فمن دون تنمية تأخذ هذه المنطقة إلى أفق جديد من النمو والازدهار ستظل المجتمعات العربية بعيدة عن الاستقرار الحقيقي، وسيبقى أمننا مُهدداً، إذ أن التنمية هي خط الدفاع الحقيقي للحفاظ على تماسك المجتمعات واستقرارها".

أضاف: هناك اقتناع  بأن الشباب هم قلب هذه التنمية العربية، هم الإمكانية الحقيقية لهذه المنطقة، إن بقيت معطلة تعطلت مسيرتها، وإن تم تحريكها وتحفيزها وإطلاقها انطلقت المنطقة إلى فضاء الإنجاز والتفوق. فالعالم العربي شاب في معظمه، هذه حقيقة ديموغرافية، لكنها لا تجد ترجمة لها في  الواقع الاقتصادي والتنموي، إذ لا زال الشباب العربي طاقة كامنة تنتظر من يوظفها. ولا يكفي خلق الوظائف، مع أن المنطقة في حاجة إلى نحو 50 مليون وظيفة بحلول منتصف هذا القرن، وإنما ينبغي خلق الوظائف الملائمة لتعليم الشباب وخبراتهم، إذ أن نسب البطالة ترتفع بشدة في أوساط شباب المتعلمين، وهي ظاهرة لا يمكن أن نقف إزاءها مكتوفي الأيدي، ذلك أن أبعادها تتجاوز كفاءة الاقتصاد إلى ضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلدان العربية. والثابت أن الاقتصاد الجديد في عصر ما يُعرف بالثورة الصناعية الرابعة يرتكز في الأساس على الابداع والابتكار كمولد للقيمة المضافة، والمدن العربية مدن شابة وبإمكانها أن تكون مدناً مبتكرة، لكن ذلك يحتاج هذا إلى إصلاحات مؤسسية جوهرية في نظم الاقتصاد العربية من أجل إطلاق المنافسة، وتوفير التمويل للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وجذب الاستثمار في المجالات الإنتاجية التي تُساعد على نقل التكنولوجيا والخبرات، وليس فقط تحقيق الأرباح السريعة. وإن غايتنا المنشودة هي منتج عربي يحمل قيمة مضافة معتبرة، وقابل للتصدير والمنافسة عالمياً.

وأشاد أبو الغيط بأن "هناك إدراكاً متزايداً بأهمية تطوير آليات العمل التنموي المشترك على صعيد العالم العربي، وهو ما انعكس في مجموعة القرارات الصادرة عن كل من أعمال القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الرابعة والتي عقدت في بيروت، وإن المبادرات والاستراتيجيات التي أقرتها قمة بيروت تمثل رقماً هاماً في معادلة النجاح الاقتصادي العربي، كوضع رؤية عربية مشتركة في مجال الاقتصاد الرقمي، واعتماد الميثاق الاسترشادي لتطوير قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، وذلك إيماناً بالدور الحيوي الذي تلعبه هذه المؤسسات في تنمية الاقتصاد".

عبده سعيد: رئيس اتحاد الغرف العربية محمد عبده سعيد أشار إلى أنه "في الوقت الذي ما تزال فيه دول عربية تخوض غمار التغيير، حققت العديد من البلدان العربية قفزة هامة على صعيد التنمية المستدامة عبر اعتماد سياسة التنويع الاقتصادي، خصوصا لجهة التركيز على القطاعات عالية القيمة المضافة والقطاعات التصديرية وقطاعات الاقتصاد المعرفي، لمواكبة الثورة الصناعية الرابعة. وفي الواقع إن القرارات المهمة التي صدرت عن القمة الاقتصادية التنموية والاجتماعية الرابعة التي احتضنتها بيروت مطلع هذا العام، تشكل أرضية خصبة للانطلاق، كونها فتحت الطريق مجددا نحو رسم معالم الخارطة الاقتصادية العربية الجديدة".

وأضاف: يحتاج العالم العربي، إلى تعزيز الاستثمار في الطاقات البشرية، لاسيما في والصحة والطاقات الشبابية الواعدة، كما ولا بد من تعزيز الاعتماد على الاقتصاد الرقمي الذي من شأنه أن يسهم بأكثر من 3 تريليونات دولار في نمو الناتج المحلي العربي. لذا هناك ضرورة لوضع موضع التنفيذ رؤية الاقتصاد الرقمي العربي التي تم إقرارها في قمة بيروت وتم إنشاء صندوق لها بقيمة 200 مليون دولار.

مختتماً بالقول: لا بد للحكومات العربية من تعزيز دور القطاع الخاص ليكون المحرك والمشغل الأكبر للأيادي العربية، أيضا لا بد للعالم العربي أن يغير من نهجه الاقتصادي وأن يبني تحالفات اقتصادية عربية – عربية من أجل تأمين تنمية متوازية قد توفر لشعوبنا حياة أفضل ضمن الصراعات العالمية.

طربيه: بدوره، ألقى طربيه الكلمة الآتية: "يأتي منتدى الاقتصاد العربي لهذا العام في ظل استمرار الاضطرابات المتنقلة التي تهز بعض أجزاء العالم العربي، حيث تطغى المستجدات الاقليمية والدولية بتداعياتها وحالات عدم اليقين التي تولدها، على جدول اي أعمال اخرى.  فمنطقتنا تتموضع اليوم في أعالي سلم نقاط الاستقطاب العالمي بفعل حجم ثرواتها وصراع المصالح عليها.

في ضوء التطورات الحاصلة والمرتقبة، من المتوقع ان تستمر الضغوطات والتحديات للمصارف العربية المتمثلة في استمرار التباطوء في نمو الودائع والتراجع في نوعية الاصول.  كما يعاني عالمنا العربي بشكل عام من معدلات منخفضة من التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية وخاصة في بلدان الاضطرابات، حيث تفاقم حجم التحديات التي كانت فيها قبل الاحداث، وكذلك ازدادت معدلات البطالة وخاصة بين الشباب والتي كانت أصلاً من اعلى معدلات البطالة في العالم.  اضف الى ذلك الارتفاع في معدلات الفقر والتراجع في مستوى المعيشة والتعليم.  هذا عدا عن دفع رؤوس الاموال العربية الى المزيد من الهجرة، وترسيخ البيئة الطاردة للاستثمار في الوطن العربي؛ في وقت تشكل مستويات الديون السيادية خطراً حقيقياً في ظل اتجاه أسعار الفوائد الى الإرتفاع عالمياً ومحلياً.  امام هذا الواقع، علينا ان نعيد صياغة خطط التنمية الاقتصادية والاصلاح في منطقتنا، وذلك من خلال تنويع مصادر النمو، والدخول في جيل جديد من الاصلاحات.  فتحسين بيئة الاستثمار يمر حتماً من خلال تعزيز الحريات الاقتصادية وحكم القانون والادارة الرشيدة والشفافية.  وان بناء السلم الدائم للمنطقة يتطلب تنمية دائمة تقوم على سياسات خلق فرص عمل تضمن مستقبل الشباب العربي وتشجع تنمية ريادة الاعمال وتعزيز مصادر التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة والمشاريع الناشيئة وتنمية اقتصاد المعرفة كمحرك اساسي للنمو.

ان الهدف النهائي للتنمية الاقتصادية هو خلق فرص عمل للشباب والاجيال الصاعدة، ومعالجة تركة الحرمان البشري والفقر وتمكين الناس في المنطقة العربية من المشاركة الفعلية في عالم القرن الحادي والعشرين.  وانه لو سألنا أياً من ملايين الشباب على مساحة الوطن العربي عن مخاوفهم بالنسبة للمستقبل، سنجد من الارجح ان اجابتهم تنصب في قلقهم على العثور على وظيفة.  واننا لن نستطيع انهاء التطرف والحراك المهدد للاستقرار دون معالجة قضية بطالة الشباب.

إن معظم دولنا زاخرة بجيل الشباب وتملك الموارد وكل ما تحتاجه هي وضع السياسات السليمة واعطاء الافضلية لمعالجة هذه المشكلة، وهي ليست مشكلة بسيطة اذ ترتبط بتحقيق منظومة كاملة من السياسات والآليات لتحسين تنافسية الاقتصادات التي من شأنها توسيع فرص العمل، وهي تتناول توفير بيئة اعمال مستقرة، وتفعيل دور الموارد البشرية عن طريق نوعية التعليم، واكتساب المهارات، لتلبية حاجة الصناعات، وتحسين جودة المنتجات، ودعم قدرتها على مواجهة المنافسة العالمية، وتحقيق المزيد من التنويع للهيكل الانتاجي، وتعزيز الابتكار ونقل التكنولوجيا.

لا بد ان تتضمن كلمتي اشارة الى ما يقوم به لبنان حالياً من اصلاحات في اقتصاده وماليته العامة ومحاربة الفساد وتحسين مستويات الحوكمة.  ان لبنان يواجه في الواقع استحقاقات ملحة على صعيد المالية العامة للدولة اذ الحقت الاضطرابات السياسية والنزاعات العسكرية في المنطقة وتدفق ما تجاوز المليون لاجئ سوري اليه هرباً من اتون الحرب في بلادهم اضراراٍ فادحة في الاقتصاد اللبناني، مما ادى الى ضغوط هائلة على البنية التحتية المتداعية، وانخفاض الانتاجية وتفاقم ظاهرة التنافس مع الأيدي العاملة اللبنانية وانتشار الاقتصاد غير الشرعي.  ولا يزال لبنان يناضل ليسترد عافيته من ثقل هذه الاحداث حيث باتت الخزينة اللبنانية مثقلة بالديون التي تفاقمت وتيرتها في السنوات الاخيرة مما يتطلب معالجات قاسية بدأت الحكومة اللبنانية بمناقشتها من خلال مشروع الموازنة العامة المرجو أن تتمثل فيه حزمة التدابير التي تتخذها للتخفيف من نسبة العجز.  إن المطلوب اجراءات تؤدي الى تغيير مهم في جانبي النفقات والواردات من الموازنة من شأنها، من جهة، تحقيق خفض جوهري في الانفاق العام، وخاصة لجهة اعتماد سياسة تقشف حقيقية وترشيد الانفاق ووقف الهدر، ومن جهة ثانية اتخاذ تدابير إجرائية من شأنها تحسين الايرادات الضريبية وضبط التهرب الضريبي وتحسين الجباية.

وعلى هذا الصعيد نشير الى ما يلي:

اولاً: ان القطاع المصرفي في لبنان يأمل ان تنجح الدولة الللبنانية بتعهداتها باقرار الموازنة العامة الإصلاحية الموعودة؛ مع التحسب لحجم الصعوبات التي تواجهها من مختلف المتضررين من التدابير الجديدة.

ثانياً: ان التصحيح المالي يتطلب خفض عجز الموازنة الى مستويات مقبولة جرى التعهد بها في خطة سيدر واستطراداً تأمين التوازن المالي، مما يستوجب اعادة هيكلة القطاع العام وخفض حجمه وترشيد انفاقه وتحديثه لزيادة فعاليته ومكافحة الفساد وتحسين الجباية.

ثالثاً: لا يجب ان يشعر المجتمع المالي، ومن خلاله المودعون في المصارف، او حاملي سندات الدين السيادي اللبنانية، ان البلاد مطية للشعبوية، اشارة الى الاصوات التي ترتفع بين حين وآخر، مطالبة بصورة مباشرة او غير مباشرة بجدولة الدين العام او اعادة هيكلته او ما شابه ذلك من آليات عدم التسديد عند الاستحقاق، او مخالفة القواعد المتبعة في الاسواق المالية الدولية.  ان ايفاء لبنان بالتزاماته المالية هي ركن اساسي من سياسته المالية، وهو من اكدته اعلى مراتب السلطة في لبنان ومنها البيان الرسمي لوزير المالية الصادر عن اجتماع بعبدا بتاريخ 13/1/2019 والذي ورد فيه بالحرف: "إن الدولة اللبنانية ملتزمة تاريخياً وحاضراً ومستقبلاً المحافظة على حقوق المودعين والمصارف وحاملي مختلف سندات الدين السيادية وذلك تقيداً بتسديد الاستحقاقات والفوائد في التواريخ المحددة لذلك من دون أي إجراء آخر".

رابعاً: ان القطاع المصرفي في لبنان هو اللاعب الاساسي في حياة لبنان الاقتصادية، فالتمويل الذي قدمه للدولة اللبنانية امن استمرار قدراتها، والتمويل الذي قدمه للإقتصاد الوطني يتجاوز حجم الناتج القومي، وهو أخيراً وليس آخراً من عزز بايداعاته احتياطات مصرف لبنان بالعملات الاجنبية، مما ساعد على الحفاظ على الاستقرار النقدي طيلة ربع القرن الماضي ولجم التضخم وحفظ القوة الشرائية للرواتب والاجور واصحاب الدخل المحدود.  لذلك يجب عدم استسهال التعرض للنظام المصرفي وودائعه بالضرائب الموسمية عند كل مناسبة كما حصل في العام الماضي، عند فرض الازدواج الضريبي على تكليف دخل المصارف من الفوائد، وكذلك رفع معدل الضريبة على فوائد الودائع الى 10% هذا العام، مما يؤثر على تدفقات راس المال الى لبنان، ويضعف من قدرة القطاع المصرفي في تأدية دوره التمويلي، وينعكس سلباً على أسعار الفوائد وعلى كلفة تمويل الاقتصاد اللبناني، ويعطّل نموّه".

أبو زكي: رئيس "مجموعة الاقتصاد والأعمال" رؤوف أبو زكي قال من جهته: نتوقف أمام الوضع المتأزم للمالية العامة في لبنان والذي أصبح موضع قلق شامل، وقد توافقت القوى السياسية على ضرورة الإسراع في إيجاد الحلول التي تبدأ بإقرار موازنة اصلاحية عادلة في اعباءها على الجميع وبالتالي وضع حد للأزمة قبل أن يقع السقف على الجميع. لكن ما يبعث على التفاؤل قرب بدء أعمال الحفر والتنقيب عن النفط والغاز، والسعي الحثيث لإطلاق مشاريع "سيدر" لتطوير البنية التحتية والقطاعات الإنتاجية والتي ستشكل قاطرة لاقتصاد لبنان الحديث. علماً أن هذه المشاريع بانتظار الإصلاحات التي يسعى الرئيس سعد الحريري، الذي يمثل قيم الوسطية والاعتدال ويواجه التحديات الجمة بإرادة صلبة، وبدعم من فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس مجلس النواب لإنجازها. ولا بد هنا من توجيه التحية لسعادة حاكم مصرف لبنان الأستاذ رياض سلامة للدور الكبير الذي لعبه ولسنوات طويلة في الحفاظ على الاستقرار النقدي ودعم النمو الاقتصادي.

وختم: إن العالم العربي يمر بمرحلة غير مسبوقة من عدم الاستقرار، وأصبحت خريطة المنطقة مختلفة عمّا نعهده وعما كنا نحلم به، وسبب ذلك أن القوى الطامعة حوّلت المنطقة إلى ساحات نزاع واستنزاف للموارد وإحباط للأجيال المقبلة. لكن إذا أردنا أن ننظر إلى الوجه الآخر للعملة، نجد الكثير من التطورات الإيجابية. ويأتي في مقدمة هذه التطورات النهضة الكبيرة في السعودية وما حققته من إصلاحات جريئة، كما نتطلع إلى مصر ونهوضها الثابت بفضل القيادة الشجاعة للرئيس عبد الفتاح السيسي، ويكفي التنويه بأن مساحة العاصمة الإدارية الجديدة توازي سبعة أضعاف مساحة العاصمة الفرنسية ومؤهلة لتستوعب أكثر من ستة ملايين نسمة. كذلك نتابع باهتمام التطورات الحاصلة في دول الخليج، وهناك الجهود العراقية الجادة لإصلاح الحكم ومكافحة الفساد وإعادة الإعمار وتوطيد المصالحة الوطنية، ونتمنى أن يؤدي كسر الجمود الطويل في كل من الجزائر والسودان إلى بداية مرحلة ازدهار ونموّ مستدام. كما نتمنى جميعاً عودة السلام والاستقرار إلى سوريا وليبيا واليمن.

 ُيذكر أن حفل افتتاح المنتدى شهد تكريم كل من: الحريري، مدبولي، أبو الغيط، رئيس اتحاد مصارف الكويت عادل الماجد، الأمين العام التنفيذي لمنظمة "إسكوا" رولا دشتي.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o