Apr 28, 2019 7:04 AM
صحف

ماذا يحصل بين جنبلاط و"حزب الله"؟

كتبت صحيفة الحياة تقول: أخذ السجال بين رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" النائب السابق وليد جنبلاط وبين خصومه من حلفاء "حزب الله" والقيادة السورية على خلفية قوله أن مزارع شبعا ليست لبنانية، وأن (الرئيس السوري) بشار الأسد "أكبر كذاب في العالم" كاشفا أن ديبلوماسيا روسيا أبلغه أن الأسد بعث رسالة إلى إسرائيل عن أن قيام دولة علوية في سورية لن يكون معاديا لها، أبعادا سياسية جديدة في اليومين الماضيين، ما حمل أوساطا سياسية عدة على التأكيد ل"الحياة" أن العلاقة بين "حزب الله" ومعه النظام السوري، وبين رئيس "الاشتراكي" دخلت مرحلة من التوتر العالي. 



ورأت الأوساط السياسية المراقبة لتصاعد التوتر بين الجانبين أن عوامل كثيرة اختلطت مع بعضها البعض لتسبب تصعيدا في هذا التصاعد، المعطوف على الخلاف بينه وبين الحزب حول إلغاء وزير الصناعة وائل أبو فاعور ترخيص سلفه حسين الحاج حسن (حزب الله) لشركة "إسمنت الأرز" العائدة إلى آل فتوش (النائب السابق نقولا فتوش وأشقائه المقربين من القيادة السورية. فالحزب اتخذ قرارا بالقطيعة مع جنبلاط إثر قرار أبو فاعور، معتبرا أنه "إهانة" مباشرة له، بعد أشهر من التوتر الخفي بين الجانبين تدرج وتفاقم منذ الانتخابات النيابية في أيار (مايو) الماضي، قبل زهاء سنة، حيث دعمت قيادة الحزب خصوم جنبلاط، وأمنت الرعاية والحماية لهم في الجبل والبقاع الغربي، وصولا إلى تهريب مطلوبين للقضاء نتيجة اعتدائهم على مناصري الاشتراكي إلى سورية، والتدخل لدى القضاء من أجل الإفراج عن آخرين قاموا بعراضات مسلحة ضد مناصري جنبلاط والعمل على تكتل هؤلاء الخصوم للقيام بحملات على جنبلاط... 

وتعاطت الأوساط القيادية في "الاشتراكي" مع حكم مجلس شورى الدولة قبل 3 أيام، بإبطال قرار الوزير أبوفاعور إلغاء ترخيص آل فتوش، على أنه جاء نتيجة ضغوط على القضاء، ويراكم المؤشرات إلى أن هناك توجها لكسر جنبلاط. فالحزب أبدى انزعاجه من مواقفه الانتقادية ضد الأسد واتهامه بارتكاب بقتل السوريين، فيما لم تخلُ تغريداته على "تويتر" من الملاحظات اللاذعة إزاء "محور الممانعة"، مستعيضا بها عن انتقاد القيادة الإيرانية بعدما طالبته قيادة "حزب الله" بتجنب التعرض لها. وترى مصادر متابعة لمواقف جنبلاط أن انتقاداته هذه كانت تتزايد بموازاة الحملة على حزبه من رموز النظام السوري في مناطق الجبل، ومقابل إمعان "حزب الله" في التدخل في الساحة الدرزية لتشكيل تكتل من معارضيه في مواجهته. وهو ما اعتبره مناصرو جنبلاط توجها قياديا لدى الحزب يهدف إلى إضعاف "الاشتراكي" عبر أدوات تتحرك في الجبل تحت مظلة نفوذه الأمني والسياسي. 

وتعاملت الأوساط المتتبعة لمسار التوترات بين جنبلاط و"حزب الله" وحلفائه مع موقفه من موضوع مزارع شبعا، واعتباره أنها ليست لبنانية، على أنه في سياق المواجة الكامنة بين الجانبين نتيجة تراكمات الأشهر الماضية، بعد أن فشلت الاتصالات من أجل ترطيب الأجواء بين الجانبين بعد إلغاء ترخيص مصنع آل فتوش، الذي يقع في منطقة جبلية تخضع للنفوذ الجنبلاطي. 

الملكية والسيادة والخرائط 


وبالعودة إلى السجال حول لبنانية مزارع شبعا التي تشكل حجة رئيسة ل"حزب الله" تبرر بقاء سلاح المقاومة لتحرير الأرض، فقد استعان جنبلاط أمس ردا على الحملة ضده بالتخلي عن أرض محتلة، بما نص عليه قرار "هيئة الحوار الوطني" في شأن العمل على تحريرها. وقال عبر"تويتر": "قبل هذا السيل من الاتهامات والتهجمات أذكر بالتالي. بعد التحرير عام 2000 كان لي نفس الموقف عندما طالبت بإعادة التموضع للجيش السوري. آنذاك جرى التخوين واليوم أيضا. قد تكون هناك أراض يملكها لبنانيون في مزارع شبعا وكفرشوبا وغيرها لكن الملكية شيء والسيادة شيء آخر بعد أن حرّفت الخرائط". 

اضاف: "واثناء الحوار الذي دعا اليه الرئيس (نبيه) بري عام 2006 جرى الاتفاق بالاجماع على المحكمة الدولية أولا، ثم ترسيم أو تحديد الحدود ومعالجة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات والعلاقات الديبلوماسية مع سورية. وفي ما يتعلق بمزارع شبعا أجمعنا آنذاك على اتخاذ كل الإجراءات لتثبيت لبنانيتها من خلال التحديد وفق الاجراءات والاصول المعتمدة والمقبولة لدى الأمم المتحدة، الأمر الذي لم يجر، كما أن الحكومة السورية رفضت إعطاء لبنان الأوراق الثبوتية حول لبنانية المزارع فكان أن بقيت السيادة مبهمة حتى هذه اللحظة لكن ربحنا سفارة. إنها النظرية القديمة الجديدة بتلازم المسارات". 

وسأل جنبلاط: "هل هذا التذكير التاريخي كاف أم أنه ممنوع التفكير والتذكير؟. على أية حال خذوا راحتكم بالتخوين والتحليل. سنكمل المسيرة بهدوء ونترك لكم منابر القدح والذم والسلام عليكم". 

وكان ملفتا، حسب قول مصدر سياسي بارز ل"الحياة"، أن جنبلاط شبه المرحلة الراهنة بمرحلة مطالبته بإعادة تموضع الجيش السوري في لبنان، عام 2000 ، من جهة، واستشهاده بعبارة "أجمعنا في قرارات هيئة الحوار) على اتخاذ كل الإجراءات لتثبيت لبنانية مزارع شبعا من خلال التحديد وفق الاجراءات والاصول المعتمدة والمقبولة لدى الأمم المتحدة، الأمر الذي لم يجر". والعبارة مستقاة من النص الحرفي الذي أذاعه الرئيس بري في أيار (مايو) عام 2006 . وضيف مصادر في "الاشتراكي" ل"الحياة" إن إشارة جنبلاط في حديثه لمحطة "روسيا اليوم"، إلى حصول تزوير في الخرائط من الجانب اللبناني، استند إلى ما أبلغته الأمم المتحدة في حينها عن أن هذه الخرائط التي التي تسمتها من لبنان لبنانية المزارع، جرى التلاعب به، وأن الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، الراحل كوفي أنان ذكر بكتابه عن توليه منصب الأمين العان واقعة تزوير الخرائط، وأنه بعث برسالة بهذا المعنى إلى رئيس الجمهورية إميل لحود وأحد الضباط المعنيين، بذلك، رافضا الأخذ بهذه الخرائط. 

وبينما رأتى المصدر ل"الحياة" أن جنبلاط سعى إلى توضيح موقفه، لأن لبنان لم يحصل على الوثيقة التي كان أقطاب السياسة اللبنانية اتفقوا على ضرورتها "لتثبيت" هوية المزارع من الجانب السوري، وأنها ليست لبنانية بالنسبة إلى المنظمة الدولية، خصوصا أنها موضوعة تحت مراقبة لجنة الأمم المتحدة لمراقبة اتفاق خط وقف الاشتباك (أندوف) وليست ملحقة بالقرار 425 الذي ينص على الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبناية المحتلة، ووافقت الحكومة اللبنانية في حينها على أن هذا القرار جرى تطبيقه، بينما "أندوف" تعنى بخطوط الحدود بين سورية وإسرائيل في إطار القرار الرقم 242 و338 . 
 

الانباء الكويتية

ومن جهتها، اوردت صحيفة "الأنباء الكويتية" ان المواجهة  بين جنبلاط وبين حزب الله تتقدم بخطى متسارعة، منذ تبنى الحزب وغذى، بالدعم المتعدد الوجوه، بعض الشخصيات الدرزية المحسوبة على خط دمشق في لبنان، كالنائب طلال أرسلان والوزير السابق وئام وهاب، وفرض على الحكومة، وتاليا على جنبلاط وزيرا درزيا لشؤون النازحين السوريين، معروف بعلاقته الوثيقة بالحكم في سورية وحلفائه في لبنان.

وجاء القرار المستعجل لمجلس الشورى بكسر قرار الوزير أبوفاعور حول معمل الاسمنت بمنزلة القشة التي قسمت ظهر العلاقة بين الحزب وجنبلاط الذي بادر الى الإمساك بالحزب في أكثر الأماكن الموجعة له، وهي مزارع شبعا، من خلال إنكار لبنانيتها التي هي مبرر وجوده المسلح في لبنان، كحزب مقاوم لتحرير أرض لبنانية محتلة، علما بأنه لا الأمم المتحدة، ولا بالتالي إسرائيل اعترفت حتى الآن بلبنانية هذه المزارع، والسوريون يقولون إنها لبنانية، لكنهم يتهربون دائما من إثبات ذلك أمام الأمم المحتدة رغم المراجعات اللبنانية الرسمية.
 

ولا شك أن موقف جنبلاط هذا أربك الجميع في لبنان كما في سورية، واللافت انه لا رئيس الجمهورية ولا رئيس الوزراء، ولا حتى رئيس مجلس النواب، ردوا بما يدحض كلام جنبلاط، حتى حزب الله نفسه تجاهل واجب الرد والنفي بانتظار اطلالة جديدة لأمينه العام السيد حسن نصرالله الخميس المقبل، مع الاكتفاء بفك الحظر عن أداء نائب الحزب المشاكس نواف الموسوي، الذي كان مقدرا لسنة كاملة.

مصادر سياسية متابعة قرأت في موقف جنبلاط من المزارع وبالتالي عن حزب الله، ما هو أبعد من حدود الأسباب المباشرة للخلاف، فهو بتطرقه الى هوية المزارع يضع اليد على مصير شرعية المقاومة للاحتلال التي يتسلح بها حزب الله ليبرر سلاحه، وبالتالي تفرده بقرار الحرب والسلم في لبنان الى جانب الإمساك بزمام السلطة في الداخل اللبناني.

ورأت المصادر لـ «الأنباء» ان إعلان جنبلاط المواجهة مع حزب الله من قناة «روسيا اليوم» تحديدا، يسمح بالاعتقاد ان وراء الاكمة الإقليمية ما وراءها، وليست المسألة مجرد خلاف على رخصة معمل أسمنت او توزير احد الأشخاص، وفي رأي المصادر ان حديث وزير الدفاع إلياس بوصعب عن مبادرة قريبة للرئيس ميشال عون لجمع الفرقاء على طاولة حوار لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية، فات أوانها، بعد طعن احد الزعماء اللبنانيين بشرعية مقاومة حزب الله.
وربطت المصادر بين هذا المستجد اللبناني، وبين التغييرات التي طرأت على مستوى قيادة الحرس الثوري الإيراني لتصل الى الاستنتاج بأن المنطقة مقبلة على تغييرات حاسمة.

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o