Dec 13, 2018 3:19 PM
خاص

إصلاحات ماكرون تحت مجهر "سبت خامس": 4 مخارج مرّة
هل تتكيف ليبرالية "الرئيس الشاب" مع التقديمات الاجتماعية؟

المركزية- على رغم رفع السلطات الفرنسية من مستوى التأهب والاستنفار الكبير لقوات الشرطة بعد هجوم ستراسبورغ، ودعوة الحكومة المحتجين إلى الامتناع عن التظاهر السبت، إلا أن "السترات الصفراء" تواصل التعبئة لسبت خامس من الاحتجاجات (أوقعت لغاية اليوم 6 قتلى) في ظل كلام عن أن حادثة ستراسبورغ اعتداء مزعوم، في إطار "مؤامرة" تحيكها الحكومة لثني المحتجين عن التظاهر. عندما وصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى السلطة، كان عازما على تطبيق أجندة إصلاحية ليبرالية فأحدث تغييرات ضرائبية عديدة وصولا الى فرض ضريبة مقطوعة على الوقود، التي شكلت النقطة التي فاضت بها الكأس، فنزلت حركة "السترات الصفراء" الى الشارع رفضا لسياسات الرئيس الاجتماعية والاقتصادية، مطالبة بتنحيه. معارضة أظهرت على رغم افتقارها لقائد أنها أكثر فاعلية من الاحزاب المنظمة، ما دفع اليمين المتطرف وأقصى اليسار الى "ركوب الموجة" وحذو حذوها. لكن دعوة ماكرون المتظاهرين الى الحوار والتنازلات التي قدمها بعد ثلاثة أسابيع من التظاهرات وأعمال الشغب، اعتبرت متأخرة وغير كافية. فالاصلاحات التي أعلن عنها لم تقنع 59 في المئة من الفرنسيين، طالما أن "رئيس الاغنياء" كما يصفونه، مصر على رفض فرض ضريبة على الثروة، خصوصا وأن التكلفة الكلية للتخفيضات التي اعتمدها تصل الى نحو 10 مليارات يورو.

مصادر دبلوماسية ِأشارت عبر "المركزية" الى أن "في الانطباع العام قد يميل البعض الى الاعتقاد بأن هناك عاملا خارجيا يحرك الاحتجاجات، وأصحاب هذا الرأي يستندون الى التوتر القائم بين الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا، على خلفية التعاون التكنولوجي والتجاري بين باريس وبكين الذي يحدّ من آثار الحرب التجارية الاميركية على الصين. فضلا عن انزعاج الرئيس الاميركي دونالد ترامب العلني من مساعي ماكرون لانشاء قوة أوروبية".

ولفتت الى أن "هذه العوامل موجودة لكنها ليست كفيلة بتحريك الشارع الفرنسي، والرئيس ماكرون نفسه لم يتكلم عن مؤامرة خارجية واعترف بأحقية مطالب المحتجين في بعض جوانبها"، مشيرة الى أن "هناك غضباً شعبياً حقيقياً لدى الشعب الفرنسي والفئة الشابة جراء تزايد الضرائب وانخفاض القدرة الشرائية".

وقالت "لم يعد بمقدور فرنسا مواصلة دفع المتوجبات المالية للمكتسبات الاجتماعية للمواطنين أي تمويل سياستها الاجتماعية (مجانية الطبابة والتعليم..) التي تتطلب وفرة مالية غير متوفرة في ميزانية الحكومة، وبالتالي فالحكومة أمام خيارين: زيادة الضرائب للمحافظة على هذه المكتسبات أو تقليص المكتسبات للمحافظة على ضرائب منخفضة"، مشيرة الى أن "هذه ليست المرة الاولى التي يفرض فيها رئيس فرنسي مزيدا من الضرائب في محاولة لاتباع نهج أكثر ليبرالية على الطريقة الاميركية، لكن في كل مرة كانت المحاولة تصطدم بالتظاهرات الشعبية، والتجربة الأخيرة كانت في العام 2010 ".

ولفتت الى أن "هناك طرفين أساسيين يقودان التظاهرات: الشباب "العفويون" الذين يرزحون تحت ضغوط معيشية كبيرة، وحزبا اليمين المتطرف وأقصى اليسار اللذان تلقفا الغضب الشعبي ضد ماكرون، بهدف حل مجلس النواب واجراء انتخابات نيابية مبكرة تنتزع منه الاكثرية، في محاولة للاستثمار بضعف الرئيس تمهيدا لازاحته من الحكم على غرار ما فعلت الاحزاب المتطرفة في إيطاليا وبولونيا...".، مضيفة أن "الطرفين لا مصلحة لهما بالتراجع على رغم الاصلاحات التي أعلن عنها ماكرون. فتمويل التقديمات الاجتماعية مسألة معقدة جدا في ظل تراجع عائدات الصادرات الخارجية لفرنسا، وبالتالي لا مفر من الضرائب".

واعتبرت أن "السبت الخامس سيشكل محطة أساسية، على أساسها سيتحدد مصير حركة "السترات الصفراء"، بين أن تنكفئ وتتراجع أعدادها بعد هجوم ستراسبورغ، أو تواصل بالزخم نفسه الذي بدأت به ما يشكل ضغطا إضافيا على ماكرون يضعه أمام 4 مخارج أحلاها مر: إجراء استفتاء على الاصلاحات الجديدة، أو تغيير الحكومة وسياستها، أو حل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة، أو الاستقالة".

وإذ أكدت أن "فرنسا ليست بحالة عجز مالي"، أشارت الى أن "سياسة الحكومة الاجتماعية والاقتصادية باتت على المحك وتتأثر بالعوامل الخارجية كالهجرة والوضع الاقتصادي العالمي".

وعن انعكاس التطورات الداخلية على الاتحاد الاوروبي، خصوصا أن موجة "السترات الصفراء" تتوسع ووصلت الى بلجيكا وهولندا، قالت "أوروبا تشهد هزات متتالية منذ صعود اليمين المتطرف في عدد من البلدان كإيطاليا وهنغاريا"، مشيرة الى أن "الموجة تتوسع والكل يحذر منها، لكن لا خوف على الاتحاد الاوروبي ما دامت العلاقات الفرنسية-الالمانية القائمة على مصلحة مشتركة متماسكة، فباريس وبرلين تشكلان جوهر الاتحاد وأساس وجوده، وطالما أن رأسي الهرم في كلا البلدين مؤيدان للاتحاد ويعملان على تعزيزه كما يفعل ماكرون والمستشارة الالمانية أنجيلا ميركل، سيبقى متماسكا بأعضائه الـ27".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o